اهتم الدكتور فتحى سرور بقضية المواطن المنتحر عبده عبدالمعبود.. وطالب لجنة الشكاوى والاقتراحات بفحص مشكلته، واعتبر وجوده أمام البرلمان كأنه جاء يشكو إليه.. الله الله يا دكتور سرور.. كان هناك آلاف المتظاهرين أمام البرلمان، ولم تسمعوا إليهم.. وكان هناك آلاف المحتجين من العمال.. ولم يخرج إليهم أحد.. وتركتم العمال «يتسلّوا» فى عز البرد.. وهرب رئيس الوزراء إلى مكتبه بالقرية الذكية! فما الذى جرى فى قضية عبده عبدالمعبود؟.. حنّت القلوب ورقّت.. أم أن الحريق كاد يطال البرلمان؟ بعد ثورة تونس؟.. نريد أن نعرف.. لماذا ذهب وزير الصحة، بعد دقائق، إلى المستشفى، حيث يرقد مواطن قيل إنه مريض نفسياً؟.. هل كان الوزير يشكو من الفراغ.. أم أن المسؤولية الوزارية تقتضى منه أن يتحرك فوراً من أجل مواطن مصرى له حق الاهتمام.. كأى مواطن مصرى؟! هل الاهتمام الرسمى يكشف عن حالة جديدة من الاهتمام بالمواطن.. أم أنها حالة من الخوف السياسى بدأت تنتاب الأجهزة المختصة بعد أحداث تونس؟.. هل هناك إحساس لدى المواطن بأنه فاض به؟.. وهل الحل يكمن فى ثورة جماهيرية، على غرار ما جرى فى تونس؟.. هل اهتمام «سرور» و«الجبلى» من ناحية.. وتجاهل «الشريف» و«شهاب» من ناحية أخرى، يعكس حالة الارتباك فى الدوائر العليا؟! هل كنا فى غنى عن الشماتة.. وكنا فى غنى عن التلويح بالثورة.. وكنا فى غنى عن الإسقاطات الصحفية.. لو كانت المؤسسات تقوم بدورها؟.. هل يشعر الغرب بأنهم يحتاجون إلى محمد بوعزيزى، كما نحتاج عشرات مثله فى الشرق؟.. الإجابة لا.. والسبب بسيط هو أن المؤسسات فى الغرب تمارس مهامها.. والمواطن هناك هو صاحب القول الفصل.. أما هنا فهو لابد أن «يولّع» فى نفسه حتى يأخذ حقه! المؤسسات هنا لا تقوم بواجبها.. ولا تعرف مسؤوليتها.. وأذكر فى واحدة من جلسات مجلس الشعب، أن انبرى النواب يوجهون الشكر للوزراء.. مع أن الأصل أن النائب يحاسب ويحاكم ويراقب.. لكنه عندنا يشكر الوزير.. ويتوسل إليه، ويرجوه توقيع الطلبات.. على طريقة المعلق الرياضى، الذى كان يبدأ تعليقه بأن يشكر المحافظ، ويشكر الوزير، ويشكر الأمن.. لا يستثنى منهم أحداً! ولأن شكر النواب للوزراء كان لافتاً، قال «سرور» للنواب: «لما انتوا جايين تشكروا الوزراء.. بتقدموا طلبات إحاطة ليه؟».. ولم يسأل رئيس البرلمان: كيف وصل نواب من هذه العينة إلى البرلمان؟.. ولم يقل لنا من الذى أتى بهم إلى هنا؟.. ولم يقل لنا: كيف تحول النائب من نائب يحاكم الوزراء إلى نائب يشكر الوزراء؟.. الحكاية لأن النائب يقدم ولاءه لمن أتى به.. فلابد أن يشكر الوزراء ويشكر الأمن! فماذا تنتظر من نائب يشكر الوزير؟.. وماذا تنتظر من نائب يشكر الأمن؟.. هل تنتظر منه أن يقدم استجواباً؟.. هل تنتظر منه أن يحل مشكلة عبده عبدالمعبود؟.. هل تنتظر منه أن يتدخل لدى الوزير أو المحافظ لإنقاذ مواطن قبل أن «يولّع» فى نفسه؟.. لا شىء يمكن أن تنتظره منه، لأنه لا يعرف حقوقه ولا يعرف واجباته.. لأنه نائب معين اختاره النظام، فى الوقت الذى استبعد فيه آخرين.. مغضوباً عليهم! فلا تستبعدوا أن يظهر ألف عبده عبدالمعبود.. ولا تستبعدوا أن يظهر ألف «بوعزيزى» مصرى.. فعندنا حزب واحد «حاكم»، ومجلس شعب «حكومى».. منزوع المعارضة.. المعارضة التى لا يحسبون حسابها أبداً.. هى نفسها التى تشارك فى الحكم وتشكل الوزارة.. وتضع ساقاً على ساق.. فى حالة واحدة فقط.. تحدث فى تونس الآن! المصرى اليوم