هل يجب أن تسقط الأسقف حتى ينظر الناس بعضهم إلى بعض؟... هل لابد من ضربة قدر أو قنبلة حتى يتحاور الخُرس؟ هذه الكلمات وردت في إحدى الأغنيات الفرنسية ولم يكن بالقطع مؤلفها يقصد مصر في شئ ولكني أراها تعكس بدقة الوضع بين المسلمين والأقباط في مصر بعد أحداث الإسكندرية الأخيرة... هل يجب أن تسقط الأسقف حتى ينظر الناس بعضهم إلى بعض؟... هل لابد من ضربة قدر أو قنبلة حتى يتحاور الخُرس؟ هذه الكلمات وردت في إحدى الأغنيات الفرنسية ولم يكن بالقطع مؤلفها يقصد مصر في شئ ولكني أراها تعكس بدقة الوضع بين المسلمين والأقباط في مصر بعد أحداث الإسكندرية الأخيرة...فبعد الإنفجار المروع الذي اهتزت له أرجاء الوطن كله وانعصرت له قلوب المصريين جميعا حزنا على الضحايا الأبرياء الذين أُخذوا غدرا أثناء تأديتهم للصلاة, تحركت مشاعر الشعب المصري كله مسلمين ومسيحيين وشعر كل فرد أن العدوان قد أصابه شخصيا... فتسابق المسلمون على إظهار روح التضامن والمشاعر الطيبة لإخوانهم المسيحيين, وتلاحمت السواعد وتوحدت المشاعر, وكما بادر المسلمون بالتضامن مع المسيحيين, كذلك المسيحيون أبدوا سعادة غامرة بهذه المبادرة, ربما تكون قد أنستهم حزنهم الشديد على فقدائهم... وقد لمسنا ذلك تحديدا في ليلة السابع من يناير حيث توجه المئات من المسلمين لحماية الكنائس بأجسادهم وبأرواحهم بينما كان الأقباط يؤدون صلواتهم. أسعدني كثيرا أني كنت ضمن هؤلاء المسلمين الذين ذهبوا للكنائس ليمدوا يدا مملوءة بالحب والأخوةلإخوانهم المسيحيين. وما زاد من سعادتي وسعادتنا جميعا هي الحفاوة والمشاعر الصادقة التي أظهرها المسيحيون والتي أشعرت كلا الطرفين أن هذه هي الحلقة المفقودة التي كانت تنقصنا جميعا... وكأن المسيحيين كانوا ينتظرون من المسلمين لفتة كهذه ليفتح كل منهم قلبه للآخر. حتى أن أحد الأقباط قال لنا عند مغادرتنا للكنيسة "ياريت تتكرر على طول مش لازم لما تحصل حاجة" وهذا المعنى هو ماعبرت عنه الأغنية التي بدأت بها مقالي ولكن لابد أن نتفق في البداية على أن الشعب كيان والنظام وحاشيته كيان آخر وغالبا ماتكون مصالح الكيانين مختلفة وإن بدت عكس ذلك فماذا كان موقف الدولة من ذلك؟ بدايةً توقع النظام أن الحادث سوف يستثير مشاعر الغضب لدى الأقباط ضد المسلمين ولكنه فوجئ بأن المظاهرات التي أقيمت كانت الهتافات فيها كلها ضد الحكومة وبالتحديد وزارة الداخلية لتراخيها في حماية الكنائس وخصوصا بعد تهديدات القاعدة.. ولم تأت المظاهرات بما كان النظام يتوقعه من نزاع بين أقباط مصر ومسلميها بل على العكس استيقظت مشاعر لدى الطرفين كاد البعض أن ينساها من جراء أزمات سابقة كانت الدولة هي غالبا المتسببة فيها وقبل يوم 6 يناير وبعد أن أبدى المسلمون رغبتهم في إقامة دروع بشرية لحماية الكنائس أعلنت الصحف أن الأمن يرفض مبادرة الدروع البشرية التي يعتزم عليها المسلمون ويؤكد أن دور الشعب هو تزويده بالمعلومات فقط !!! رغم أن الجميع كان على استعداد للتفتيش وإبراز إثبات الشخصية لعدم عرقلة العملية الأمنية وتعطيل رجال الشرطة عن أداء واجبهم .. ورغم هذا الإعلان لم يتراجع المسلمون عن مبادرتهم و ذهبوا بالفعل لمساندة المسيحيين وشعر طغت مشاعر الحميمية على الليلة برمتها فكانت بحق عرسا للوحدة الوطنية... ولكن أجهزة الأمن المصرية لم يرضها أن يبات الجميع قرير العين كان لابد وأن نستيقظ على كابوس ... بالفعل, استيقظنا على خبر وفاة الشاب "سيد بلال" المسلم السلفي بعد أن تم احتجازه في قسم الشرطة على جراء الحادث لمدة 24 ساعة ذاق فيها أهوال التعذيب حتى لقي حتفه...والكارثة أن القبض عليه قد تم دون إذن من النيابة وأن شقيقه أكد أن سيد لم يكن له أي نشاط سياسي فبأي ذنب يتم تعذيبه حتى الموت؟ ... وهذه الواقعة تجعلنا نتمعن في نوايا النظام !!! أليس من الممكن أن قتل سيد كان متعمدا بغرض إثارة غضب المسلمين الذين تضامنوا مع الأقباط بعد حادث الانفجار, فأصبح من الضروري إعادة الفجوة بين المسلمين والمسيحيين حتى لايتلاحم نسيج الشعب المصري ويقوى على مواجهة النظام؟ ياله من تفكير شيطاني .. ولكن لم العجب؟ ألم نعتد على تلك الألاعيب الذي أتقنها النظام لتفرقة الشعب؟ وإذا كان النظام حسن النوايا فليثبت لنا ذلك بتسوية حقوق الأقباط حتى تهدأ النفوس ويشعر الجميع أن له وطن