إلى متى سيستمر هذا الهراء؟ إلى متى تستمر مأساة الشعب الحزين الذي يحيى ليحصد الكوارث الواحدة تلو الأخرى؟ من هو المسئول؟...القاعدة؟... إسرائيل؟... جماعة متطرفة مجهولة الهوية؟ ... لا أحد يعرف حتى الآن ولكن الكارثة قد وقعت بالفعل ولم نستطع كالعادة إلا البكاء على اللبن المسكوب ماذا ينتظر الرئيس لإقالة وزير الداخلية؟... خالد سعيد.. صابر عبد السميع .. أحمد شعبان.. وغيرهم العشرات وربما المئات و السيد وزير الداخلية لايزال ينعم بمنصبه والنظام لا يزال متمسكا به لأنه حامي الحمى الذي أثبت كفاءته في قمع كل من يتجرأ بفتح فمه, أما اليوم فالجريمة جديدة من نوعها
من المفترض أن جهاز الأمن المصري هو الجهاز الوحيد الذي يتسم بالقوة والصلابة. فهو لايتهاون في كبح جماح أي متظاهرين من القوى السياسية تحت أي بند, ولا يترك مظاهرة سلمية أو وقفة احتجاجية أو حتى محاولة لجمع التوقيعات على بيان التغيير إلا وتدخل فيها بالقمع والضرب والإعتقال مبررا ذلك بقانون الطوارئ الذي يحظر أي تجمعات. وهاهو قانون الطوارئ قد تم تعديله بحيث يقتصر على الإرهاب والمخدرات فقط, فأصبح جهاز الأمن يستخدمه لتلفيق التهم للنشطاء السياسيين فلا يتسع وقته للإهتمام بالأمن القومي والتصدي للكوارث الحقيقية التي تشعل الجحيم في البلاد ... فهل نجح قانون الطوارئ في تلافي هذا الحادث كما ينجح دائما في إجهاض أي مظاهرة أو احتجاج؟ لن نتحدث عن الفاعل الذي لانستطيع أن نجزم بهويته حتى الآن ولكن المهم هو ماينتظر هذه الأمة من مصائب لاحقة نتيجة الفتنة الطائفية التي قد استعرت بالفعل. فالمسيحيون لن يقفوا متفرجين, والفاعل لن يكتفي بذلك, والفتنة لن تتوقف عند هذا الحد
سمعت بالأمس عبارة غاية في الخطورة من سيدة مسيحية في برنامج العاشرة مساءا, قالت السيدة "إشمعنى احنا اللي بيحصل فينا كدة؟" أقول أنها عبارة في غاية الخطورة لأنها توجز المشكلة... فهذا هو مايدور بخلد كل مسيحي في مصر اليوم... فالمسيحيون يرون أنهم لايحصلون على حقوقهم في هذا البلد.. والمسلمون منهم من ينساق عن جهل وراء من ينادي بازدراء الأديان الأخرى معتقدين أن في ذلك إعلاء لراية الإسلام ومدلول على التمسك بمبادئ الدين ولا يعون أنهم على العكس يسيئون لصورة الدين الاسلامي بما فيه من سماحة حيث أن الرسول الكريم كان شديد الحرص على احترام الأديان الأخرى ولنا في ذلك الكثير من القصص المأخوذة عن السيرة النبوية وقصص الصحابة بل والآيات القرآنية :"( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة:82) ؟
إذن فمن أين أتت هذه الكارثة ولمذا في مصر تحديدا؟ الإجابة بسيطة وهي أن القوى المسئولة عن تلك المجزرة تعلم جيدا أن المجتمع المصري مهيأ لها ... مجتمع متشرذم, بين أجهزة أمنية مشغولة بمطاردة الناشطين السياسيين من أجل حماية النظام الفاسد... نظام يفتقد النزاهة ولايكترث إلا ببقائه في الحكم فيحاول دوما بث الرعب لدى الأقباط من تولي الإخوان المسلمين... أقباط واقعون في شرك النظام الذي يوهمهم بأنه الوحيد القادر على توفير الحماية لهم, علاوة على أنهم لا يحصلون على حقوقهم في بناء الكنائس فيشعرون أنهم أقلية مضطهدة حقوقها منقوصة مما يزيدهم احتقانا من المسلمين ... مسلمون واقعون تحت تأثير الجهل الديني فهم يستمعون إلى من ينفرهم من الأقباط ... إذن فالمجال خصب لإشعال الفتن
ومما يثير الإنتباه أن يقع هذا الحادث بعد أيام قليلة من مولد أبو حصيرة, هذا الإحتفال المشين الذي لا تخجل الحكومة المصرية من رعايته والتصدي لكل من يحاول الإحتجاج عليه ... هذا الإحتفال الذي يقيمه على الأراضي المصرية نفس الصهاينة الذين استولوا على المسجد الأقصى ويهددون بهدمه !!!! ...أيتها المتناقضات, هل من مزيد!!؟؟ لعل الرسالة تكون قد وصلت لكل من هاجم الدكتور البرادعي واتهمه بالعلمانية لمجرد أنه نادى بحرية الأديان الأخرى وبإقامة دولة مدنية تحترم العقائد ولاتفرق بين مسلم ومسيحي. تلك هي المواطنة التي كانت موجودة بالفعل في مصر سلفا ولكنها أصبحت مجرد شعار أجوف يتغنى به رجال الدولة في الأحاديث الصحفية وأمام الكاميرات ... بينما المجتمع يصرخ بغيابها