باستطلاع تعليقات المصريين على الانتخابات فى المواقع الالكترونية المختلفة يمكن الزعم بأن هذه الانتخابات سيكون لها أثر سلبى للغاية على الجيل الحالى من الشباب. وطالما أن الشعوب تكتسب ثقافتها السياسية من الخبرات التى تمر بها، فأعتقد أن إدارة الدولة لهذه الانتخابات كانت أقرب إلى دورة مكثفة فى: التربية على السلبية: فقد اطمأن معظم المصريين الذين رفضوا المشاركة فى مسرحية انتخابية ككومبارس إلى صدق توقعاتهم فشاهدوا المسرحية دون المشاركة فيها. ولكن المعضلة أن الذين قادوا مجتمعاتهم للديمقراطية (جورجيا وأوكرانيا مثالان) لم يكونوا من المشاهدين وإنما كانوا ممن صوتوا وتم تزييف أصواتهم، فاعتصموا وثاروا من أجل حقهم فى انتخابات حرة ونزيهة، ولم يكتفوا بالتعليق على مواقع الانترنت. إذن عدم المشاركة يسجل موقفا سياسيا بعدم الاكتراث، لكنه لا ينقل المجتمع إلى الأمام. التربية على الرشوة: ورغما عن أن أغلب المصريين رفضوا أن يبيعوا أصواتهم وحافظوا على كرامتهم لكن هذا لا ينفى أن الراشى والمرتشى والرائش كان لهم دور واضح فى هذه الانتخابات. التربية على عدم احترام فكرة المنافسة وحقوق الغير: فقد جاء فى خبر أن بركان غضب تفجر بلجنة مدرسة كمال الشاذلى الإعدادية بدائرة الباجور، وذلك فور وصول وفد من أنصار مرشح الوفد على مقعد الفئات. لأن النائب الراحل أوصى قبل وفاته بألا يأتى على مقعده سوى أحد أبناء الباجور. رحمة الله على النائب الراحل، ولكن من يوصى بماذا؟ من حكم فى ماله فما ظلم، ولكن كيف يوصى إنسان بمقعده الانتخابى من بعده؟ هذا ليس ملكية شخصية. أو هذا هو المفروض. التربية على الادعاء: وهذه هى المهارة الأساسية لمن خرجوا سعداء بهذا «العرس الانتخابى» على حد تعبير أحدهم. وعود وتصريحات وردية وتكنولوجيا عصرية من قيادات تحمل أحدث تليفونات وأمامهم أحدث أجهزة كمبيوتر، والمنتج النهائى شوم وسكاكين وتسويد بطاقات انتخابية ومنع للمندوبين، ورشاوى انتخابية من الوزراء للناخبين. نتحدث عن انتخابات وديمقراطية وتصويت، فى حين أن كل التفاصيل تؤكد أننا أمام حزب حاكم لا يريد الديمقراطية ولا يعمل لها ولا يحرص عليها، ولكنه يحتفى بوجودها! هذه هى حالتنا: تقدم مظهرى وتخلف هيكلى. أخشى أن الحزب الحاكم يدفع قطاعا من المصريين دفعا إلى الانتقال من حالة «التطنيش» التى اعتادوا عليها لعقود إلى حالة من العصيان المدنى باعتبار أن مطالبهم بالتغيير وفقا للقانون تقابل بالتزوير والادعاء . بقلم: معتز بالله عبد الفتاح - الشروق