«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطار حلوان .. قصة طويلة بدأت عام 1873(3-4)
نشر في صوت الأمة يوم 21 - 08 - 2011

بحلول عام 1915، استلمت مصلحة السكك الحديدية المصرية خط حلوان بصفة نهائية من شركة سكك حديد الدلتا بعد دفع المبلغ المتفق عليه. واستمرت الحكومة في تحسين حالة الخط ومحطاته وصرفت حتي عام 1925 حوالي 35 ألف جنيه، وساهم إنفاق تلك الأموال في تحسين الخدمة بالخط. في الوقت ذاته قامت الحكومة بإنشاء المزيد من المخازن الفرعية لخدمة الشركات والمؤسسات ومنها مخزن الحربية بالمعادي وامتداد لمخزن شركة الأسمنت بالمعصرة ومخزن شركة الأسمنت بكفر العلو ومخازن شركة الأسمنت بمحطة التحويلة بطرة ومخزن شركة مصبغة بنك مصر علي خط كفر العلو ومخزن شركة سيجورات بالمعصره ومخازن الطيران البريطاني بحلوان. أضافت الحكومة أيضاً بعض المواقف علي الخط عند كوتسيكا وشركة الأسمنت بتحويلة النيل بطره كما أنشأت كباري علوية لعبور المشاة بين الأرصفة كما تم تعديل محطة المعادي وأضيف لها رصيف للبضائع في عام 1931 علاوة علي إضافة العلامات الإرشادية علي طول الخط. قامت الكومة أيضاً بإلغاء محطة الساحل القبلي وأزالت مخزن السباخ في تلك المنطقة وسلمت أرضه لأملاك الميري وخصم ثمنه من رأس مال الشركة. ولأن خط حلوان يمر بمنطقة صحراوية، عمدت مصلحة السكك الحديدية إلي إنشاء مجاري لتصريف مياه السيول من الجبال الشرقية إلي الجهة الغربية أسفل الخط كيلا تجرفه السيول.
في تلك الفترة، كانت الجهة الغربية في المنطقة المحصورة بين محطة تحويلة النيل بطره الأسمنت والمعصره قد تم تقسيمها للبناء عليها وبدأ الناس بالفعل في البناء فصار لزاماً علي مصلحة السكك الحديديه أن توجد ممراً جامعاً للسيل وتوصله بترعة الخشاب الموجودة غرب خط حلوان حتي لا يضر السيل بمباني الأهالي. وفي عام 1937، رأت المصلحة أن يتم قطع الاتصال بين خط عين الصيرة وخط حلوان بمنطقة السيدة زينب وصارت نهاية خط عين الصيرة عند منطقة السلخانة.
وفي عام 1933، تم إنشاء كوبري علوي لمرور القطار دفعت تكلفته مصلحة السجون عند خط محاجر طره الذي كان يقطع خط حلوان عند منطقة طره. وربما كانت التحسينات التي أدخلت علي الخط خلال تلك الفترة من أفضل ما شهده منذ إنشائه.
في واقع الأمر ساهم هذا الخط في تطور المنطقة، فكما ذكرنا ساهم الخط في إنشاء ضاحية المعادي كما ساعد علي زيادة عدد سكان حلوان وعلي إنشاء ضاحية المعصرة. وأسهم هذا الخط أيضاً في تطور الصناعة بالمنطقة، ففي عام 1900 تم إنشاء شركة الأسمنت بالمعصره وبعدها في طره وكفر العلو بينما اقتصر النشاط الصناعي قبل ذلك علي جباسة عنان. في نفس الوقت، أنتشرت بتلك المنطقة بعد مد الخط صناعات قطع الأحجار والبلاط بالمعصرة وطره وحلوان حيث كانت تنقل تلك المنتجات إلي مختلف أنحاء مصر من خلال طره إلي محطة الميدان أو إلي محطة مصر عن طريق العباسية ومن محطة مصر إلي باقي أنحاء البلاد.
في تلك الفترة، كانت مصلحة السكك الحديدية تحصل مبلغاً قدره 184797 جنيهاً في العام علي البضائع الصادرة علاوة علي 66082 جنيها هي إيرادات تذاكر واشتراكات الركاب خلال عام 1940. ولو كانت الحكومة قسمت أراضيها الواقعة بين محطتي مار جرجس والمدابغ وبين طره وحلوان وعرضتها علي الجمهور بأسعار مناسبة مثلما فعلت مع أراضيها الواقعة علي خط المطرية، لتغير شكل المنطقة خلال تلك الفترة. الطريف أن الأرقام تشير إلي أنه حتي عام 1940 لم يكن هناك في المسافة بين محطة المدابغ وحلوان سوي 3 ضواحي فقط وهي المعادي التي لم يتجاوز عدد سكانها حينذاك 9122 نسمة وطره التي وصل سكانها إلي 12857 نسمة والمعصرة وعدد سكانها 5158 نسمة أما حلوان فكانت تتمتع بالكثافة السكانية العالية التي بلغت 14365 نسمة.
وتجدر الإشارة إلي أنه حتي تلك الفترة، كان طريق طره العباسية باب الحديد وطره المواصله الميدان كان يستخدم لنقل البضائع في أوقات السلم ونقل الجيوش في حالة الحرب وهو اليوم الخط الحربي المهجور. أما خط حلوان فكان يستخدم لنقل البضائع في المنطقة من طره وحتي المدابغ. حتي عام 1945 كان طول خط باب اللوق حلوان حوالي 25 كيلومتر وكان الخط بالكامل مزدوجاً وتقع عليه 10 محطات أساسية وثلاث محطات ثانوية وكانت المسافة بين المحطة والاخري تتراوح بين 712 متر إلي 7،33 كيلومتر. وكان للخط سبع مزلقانات داخل المدينة في الجزء الواقع بين باب اللوق وفم الخليج و9 مزلقانات علي باقي الخط. كان الخط يمر علي حوالي 4 أنفاق أرضية و7 كباري. وبلغ الفرق في المنسوب بين حلوان وباب اللوق حوالي 38 متراً أي أن نسبة الميل بلغت نحو 1 : 653. حتي منتصف الأربعينيات كان خط حلوان هو خط المواصلات الرئيسي بين القاهرة وحلوان وما بينهما من ضواحي صغيرة. وكان يوجد طريق يسير موازياً تقريباً للخط الحديدي إلا أنه لطول المسافة وضيق الطريق وإحاطته بالأشجار العالية ولإقامته علي جسر مرتفع كثيراً عن الأراضي المجاورة له، لم يكن لهذا الطريق أهمية كبيرة كطريق سريع للسيارات.
في تلك الفترة، تدهورت مكانة حلوان كضاحية القاهرة الأولي وتجاوزت مكانتها الكثير من الضواحي الجديدة وعلي رأسها مصر الجديدة والمعادي التي بلغ عدد ركابها بالنسبة لخط باب اللوق ضعف ركاب حلوان. جاء ذلك بسبب قرب المعادي نسبياً من القاهرة حيث لا تتجاوز المسافة بين المعادي ووسط المدينة 10 كيلومترات كما أسهم في شهرة تلك الضاحية الجهود التي بذلتها شركة المعادي في تجميل المدينة وتوفير وسائل الترفيه فيها.
خلال تلك الفترة زاد الحديث عن كهربة خط حلوان وكان الحديث عن هذا المشروع قد بدأ قبل ذلك بقترة ولكنه لم يحدث سوي في عام 1956.
بدأت دراسات كهربة الخط أي جعله يعتمد علي الطاقة الكهربية لتسيير القطارات بدلاً من الفحم أو الديزل علي يد السير فيليب داوسون في عشرينيات القرن الماضي حيث بدأ إجراءات لتنفيذ مشروع كهربة الخط بتكاليف قدرت بحوالي 300 ألف جنيه مصري. وتم إجراء مناقصة علي أساس مواصفات داوسون وكان هو الخبير الذي اختارته الحكومة المصرية لهذا الغرض. كان لهذا المشروع مواصفات خاصة منها استخدام قطارات ثقيلة ذات سرعات عالية واستخدام تيار مستمر بضغط قدره 1500 فولت للأسلاك الهوائية ووضع كل محركين معاً لكي يكون الضغط العالي علي كل محرك 750 فولت فقط. وكانت خطوة ذكية أمكن لداوسن من خلالها التوفيق بين الضغط العالي للأسلاك الهوائية والجهد المناسب للمحركات كي تكون النفقات أقل ما يمكن. واختار داوسون محولات للتيار المتغير ذي الضغط العالي إلي التيار المستمر والتي تعرف بإسم "المحولات الدائرة".
اقترح داوسون إقامة محطتين كهربيتين فرعيتين الأولي عند محطة مار جرجس والثانية عند محطة المعصرة. وبالفعل تقدمت بعض الشركات بعطاءات بناءاً علي تلك المواصفات ولكن اللجنة التي كلفت بفحص المشروع واتخاذ قرار بشأنه لم توافق عليه وكانت أهم أسباب الرفض هي عدم بين مقدار الأرباح التي تعود علي خزينة الدولة مقابل صرف 300 ألف جنيه لكهربة الخط علماً بأن مناقشات المؤيدين للمشروع كانت قائمة علي أساس زيادة الإيراد لانتشار العمران في هذه المنطقة قياساً علي ما حدث في أحوال مشابهة بمصر ودول أخري والنفع الكبير الذي ينتج عن ارتفاع أثمان الأراضي الواقعة علي جانبي الخط. وعملاً بما أشار إليه الخبير الفني من أنه كلما تعددت نواحي الانتفاع بالكهرباء في منطقة واحدة وكثرت المشروعات التي تستعملها كمصدر للطاقة كانت الفائدة أكبر والنفع أعم، رأي البعض ضرورة إعادة بحث المشروع ودراسة ما يتصل به.
في عام 1934 ظهر مشروع لنائب برلماني يدعي حسين بك سعيد وضعه أثناء عمله كمدير لسكك حديد الرمل الكهربائية بالإسكندرية (ترام الرمل) لكهربة خط حلوان.
اتفق مشروع حسين بك سعيد مع مشروع السير داوسون في نوع التيار الكهربي وجهده ولكنه اختلف في نوعية القطارات حيث رأي أن تكون قطارات ذات حجم أصغر ووزن أخف. ورأي النائب أنه يمكن التضحية بجزء من سرعة القطارات الكهربية في مقابل توفير جزء كبير من نفقات كهربة الخط نتيجة خفة وزن القطارات. ورأي أيضاً أن تصنع عربات هذا الخط وشاسيهات تلك العربات في ورش سكك حديد الرمل الكهربائية بالاسكندرية لما لها من خبرة في تلك الأعمال. وقدر حسين بك سعيد تكاليف هذا المشروع بنحو 160 ألف جنيه بأسعار تلك الفترة يتم إنفاق أكثر من نصفها في مصر أي أنه استطاع خفض تكاليف كهربة خط حلوان إلي النصف. ولم توافق الحكومة علي المشروع والسبب هو العربات الصغيرة التي أصر عليها النائب.
وفي نفس العام، استعان وزير المواصلات بخبير إنجليزي وهو السير فيلكس بول لدراسة الأمر وخلص إلي أهمية كهربة خطوط الضواحي بما فيها خط ثالث وهو خط القاهرة - القناطر الخيرية. وفي 4 نوفمبر 1935 تم تشكيل لجنة من كبار موظفي المصلحة لإعادة فحص المشروع وبعدها في عام 1936، دعت مصلحة السكك الحديديه خبير بريطاني يدعي المستر كيب ليفحص مقترح كهربة خط حلوان، وخلص الرجل إلي كتابة تقرير عرض علي مسئولي الهيئة وجاء فيه أن حركة النقل علي خط حلوان خلال تل الفترة لا تبرر سواء في وقت كتابة التقرير أو في المستقبل القريب ما تستدعيه كهربة الخط من نفقات. وأضاف أنه إذا لم يصحب مشروع الكهربة مشروع اتصال خطي حلوان والمطرية بطريق حديدي أرضي، فلن يكون مشروع الكهربة مفيداً من الناحية المالية. وأضاف أن فكرة الحل الوسط بين الوضع الراهن ومشروع الكهربة بإدخال وسائل نقل أخري مثل مركبات الترام لا تجدي. وأضاف أن كهربة الخط لا بد أن تبدأ من خط المطرية حيث يمتد الخط مخترقاً العاصمة إلي باب اللوق. واقترح بصفة مبدئية لتحسين خط حلوان أن يتم ازدواجه بين باب اللوق والسيدة زينب ومده تحت الأرض، علي أن يعتبر هذا جزء من مشروع كهربة الخط في المستقبل وإلا فأن المشروع يصبح غير ذي جدوي. وأضاف مأمور الحركة في السكك الحديدية المصرية أن فكرة إنشاء محطة تحت الأرض في باب اللوق لا تستحق الإنفاق عليها إذا لم يكن الغرض منها كهربة الخط، فإذا ما تمت كهربة الخط يمكن أن يسير تحت الأرض أما إذا كانت القطارات لا تسير بالكهرباء فلا بد في تلك الحالة أن تسير أعلي الأرض لتصاعد الدخان. وختم مستر كيب تقريره باقتراح أن تكون نهاية خط حلوان عند محطة السيدة زينب كمحاولة لتحسين الأداء علي الخط مع رفع القضبان من شارع منصور بين السيدة زينب وباب اللوق واستخدام الشارع كطريق للسيارات.
قامت المصلحة بعد ذلك باتخاذ قرار بتشغيل قطارات تعمل بالديزل بدلاً من البخار علي خط حلوان في عام 1936. يقضي بتسيير قطارات ديزل سريعة بين حلوان والسيدة زينب وبسرعة بطيئة توزاي سرعة الترام بين السدة زينب وباب اللوق. وبالفعل اشترت 10 قطارات كل منها مكون من عربتين. وكان المسئولون يعتقدون أن هذ العدد يكفي علي اساس أن يعمل علي الخط 7 قطارات بينما يبقي قطارين في العمرة والإصلاح ويتم الاحتفاظ بالقطار الباقي كقطار احتياطي. تم تقدير نفقات مشروع القطارات الديزل بحوالي 100 ألف جنيه مقابل 160 ألف جنيه وفقاً لمشروع كهربة الخط الذي وضعه حسين بك سعيد. كما قدرت النفقات المبدئية لاستهلاك الديزل سنوياً بحوالي 4 ألاف جنيه. الغريب أنه تم شراء وحدات الديزل في عام 1936 بتكاليف 156 ألف جنيه كما أن قيمة استهلاك الديزل التي قدرت في البداية تبين أنها لم تكن سوي جزء بسيط من تكاليف صيانة قطارات الديزل. ورغم أن السرعة التي سارت بها مركبات الديزل قد قللت من زمن الرحلة وأصبحت مريحة للركاب فضلاً علي أنه لم يكن لها دخان أو صوت يزعج سكان الأحياء التي تمر بها القطارات، غير أن تلك المركبات لم تحقق الهدف الذي تم شرائها من أجله إذ تبين بعد شتغيلها بسنوات قليلة أن أكثر من نصف عددها يحتاج دائماً إلي الإصلاح بحيث لا يمكن للعدد الباقي منها القيام بالخدمة المطلوبة خصوصاً مع تضاعف عدد الركاب في تلك الفترة الأمر الذي أجبر مصلحة السكك الحديدية علي إكمال العدد اللازم من القطارات بإضافة عربات بخارية وقطارات بخارية عادية. وكان السبب في كثرة أعطال قطارات الديزل هو تكرار وقوفها وتحركها في المحطات خلال فترات قصيرة الأمر الذي تسبب في استهلاك أجزاء محركات تلك القطارات بشكل كبير لم يمكن لها احتماله. وتسبب ذلك في زيادة مصروفات صيانتها وكانت تلك المركبات في واقع الأمر أصلح للاستخدام علي الخطوط الطويلة. ولتشغيل الخط بقطارات ديزل فقط، أشارت التقديرات إلي أن الأمر يحتاج لشراء 8 قطارات أخري بقيمة 130 ألف جنيه الأمر الذي رفع التكلفة الإجمالية لقطارات الديزل إلي 286 ألف جنيه مقابل مشروع حسين بك سعيد الذي قدمه للمصلحة في عام 1934.
في تلك الفترة، دفع اللتفكير في كهربة الخط ببعض المهندسين إلي التفكير في وصل خطي حلوان والمرج. ربما تلك هي المفاجأة، فهذا الخط الذي يعتبره البعض إنجاز من إنجازات مبارك بدأ التفكير فيه ووضع الدراسات لتطبيقة منذ عهد الملك فاروق وتحديداً في أوائل أربعينيات القرن الماضي.
في الواقع لا يمكن الحديث عن خط حلوان دون التطرق إلي خط المرج. فهذا الخط يبلغ طوله 14 كيلومتراً وهو خط كان في تلك الفترة مزدوجاً حتي محطة عين شمس التي تقع علي مسافة 11 كم من القاهرة وبعدها يسير الخط منفرداً حتي المرج. لاحظ المخططون خلال تلك الفترة أن العمران علي خط حلوان يتركز في نهايات الخط بينما يزيد العمران بالقرب من بداية خط المرج ويقل تدريجياً كلما وصل الخط إلي نهايته. ولاحظوا أيضاً أن عدد الركاب السنوي علي خط المرج أكبر منه علي خط حلوان، علاوة عل أن الكثافة الكيلومترية المنقولة يومياً علي خط المرج أكبر منها في حالة خط حلوان. ولهذا اتجهت الأراء إلي أهمية كهربة خط المرج بدلاً من خط حلوان أضف إلي ذلك أن متوسط المسافة بين المحطات علي خط المرج أصغر منها علي خط حلوان فهي علي خط المرج تبلغ حوالي 1270 متراً بينما تصل إلي 2800 متر علي خط حلوان. وربما كان العيب المشترك بين الخطين حينذاك أن كلاهما ينتهي عند أطراف المدينة، فخط حلوان ينتهي بالقرب من جنوب المدينة ويبعد عن المراكز الهامة فيها بينما ينتهي خط المرج عند شمال المدينة، الأمر الذي كان يجبر ركاب الخطين علي الاستعانة بمواصلات إضافية للانتقال بين مراكز أعمالهم.
اعتمدت تلك الدراسات علي إحصائيات رسمية عن أعداد الركاب علي كلا الخطين ومتوسط الكثافة الكيلومترية اليومية. فوجدنا بالنسبة لخط حلوان أن عدد الركاب عام 1937 بلغ 6،7 مليون انخفضت في عام 1938 إلي 6،2 مليون راكب وزادت في العام التالي إلي 7،1 مليون راكب ثم قفزت في عام 1940 إلي 8،3 مليون راكب. عدد الركاب اليومي علي خط حلوان بلغ 18350 عام 1937 وصل إلي 17 ألفاً في العام التالي وزاد في عام 1939 إلي 19450 راكب وقفز إلي 22750 راكب في العام التالي. أما متوسط الكثافة الكيلومترية علي هذا الخط يومياً فبلغت 734 راكب في عام 1937 وانخفضت إلي 680 في العام التالي ثم صعدت إلي 780 في عام 1939 وقفزت إلي 910 في عام 1940.
أما بالنسبة لخط المرج فإن عدد الركاب بلغ عام 1937 حوالي 11 مليون راكب ولم يتغير الرقم في العام التالي ولكنه زاد في عام 1939 إلي 12 مليون راكب وانخفض في عام 1940 إلي 9،6 مليون راكب. وعلي هذا الخط بلغ عدد الركاب اليومي في اليوم الواحد حوالي 29650 راكب عام 1937 زادت إلي 30200 راكب عام 1938 وواصلت الزيادة في العام التالي إلي 30700 راكب يومياً ولكنها انخفضت في عام 1940 إلي 27100 راكب. وبالنسبة لمتوسط الكثافة الكيلومترية فقد بلغت 2120 راكب في عام 1937 ووصلت إلي 2160 في العام التالي وزادت بشكل طفيف لتبلغ 2190 في عام 1939 ثم انخفضت إلي 1935 في عام 1940.
من تلك الأرقام يتأكد أن خط المرج كان بالنسبة لمصلحة السكك الحديدية أهم من خط حلوان. ولكن وجدت المصلحة أن التفكير في توصيل الخطين ببعضهما البعض سيسهم في توفير خدمات أفضل وسيزيد من عائداتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.