د. حسين خالد يكتب: جودة التعليم العالى (2)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم بعد انخفاضه في البنوك    المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يعلن اليوم معدل التضخم لشهر أبريل    ذهب وشقة فاخرة وسيارة مصفحة، كيف تتحول حياة البابا ليو بعد تنصيبه؟    جوجل توافق على دفع أكبر غرامة في تاريخ أمريكا بسبب جمع بيانات المستخدمين دون إذن    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في احتفالات عيد النصر في موسكو    دوي انفجارات في مدينتي أمريتسار وجامو الهنديتين وسط تصاعد التوترات    بعد 8 ساعات.. السيطرة على حريق شونة الكتان بشبرا ملس    نشرة التوك شو| البترول تعلق على أزمة البنزين المغشوش.. وتفاصيل جديدة في أزمة بوسي شلبي    طحالب خضراء تسد الفجوة بنسبة 15%| «الكلوريلا».. مستقبل إنتاج الأعلاف    الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    شعبة الأجهزة الكهربائية: المعلومات أحد التحديات التي تواجه صغار المصنعين    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    برلمانية: 100 ألف ريال غرامة الذهاب للحج بدون تأشيرة    جيش الاحتلال يصيب فلسطينيين بالرصاص الحي بالضفة الغربية    طريقة عمل الخبيزة، أكلة شعبية لذيذة وسهلة التحضير    عقب الفوز على بيراميدز.. رئيس البنك الأهلي: نريد تأمين المركز الرابع    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بعد آخر تراجع بمستهل تعاملات السبت 10 مايو 2025    الشقة ب5 جنيهات في الشهر| جراحة دقيقة بالبرلمان لتعديل قانون الإيجار القديم    استشهاد قائد كتيبة جنين في نابلس واقتحامات تطال رام الله    العثور على جثة متفحمة داخل أرض زراعية بمنشأة القناطر    زعيم كوريا الشمالية: مشاركتنا في الحرب الروسية الأوكرانية مبررة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    الهند تستهدف 3 قواعد جوية باكستانية بصواريخ دقيقة    الترسانة يواجه «وي» في افتتاح مباريات الجولة ال 35 بدوري المحترفين    ملك أحمد زاهر تشارك الجمهور صورًا مع عائلتها.. وتوجه رسالة لشقيقتها ليلى    «زي النهارده».. وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي 10 مايو 1937    تكريم منى زكي كأفضل ممثلة بمهرجان المركز الكاثوليكي للسينما    «ليه منكبرش النحاس».. تعليق مثير من سيد عبدالحفيظ على أنباء اتفاق الأهلي مع جوميز    «غرفة السياحة» تجمع بيانات المعتمرين المتخلفين عن العودة    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    «صحة القاهرة» تكثف الاستعدادات لاعتماد وحداتها الطبية من «GAHAR»    حريق ضخم يلتهم مخزن عبوات بلاستيكية بالمنوفية    عباسى يقود "فتاة الآرل" على أنغام السيمفونى بالأوبرا    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    حدث في منتصف الليل| ننشر تفاصيل لقاء الرئيس السيسي ونظيره الروسي.. والعمل تعلن عن وظائف جديدة    تعرف على منافس منتخب مصر في ربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب    رايو فاليكانو يحقق فوزا ثمينا أمام لاس بالماس بالدوري الإسباني    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    عمرو أديب بعد هزيمة بيراميدز: البنك الأهلي أحسن بنك في مصر.. والزمالك ظالم وليس مظلومًا    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    يسرا عن أزمة بوسي شلبي: «لحد آخر يوم في عمره كانت زوجته على سُنة الله ورسوله»    انطلاق مهرجان المسرح العالمي «دورة الأساتذة» بمعهد الفنون المسرحية| فيديو    أسخن 48 ساعة في مايو.. بيان مهم بشأن حالة الطقس: هجمة صيفية مبكرة    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    بسبب عقب سيجارة.. نفوق 110 رأس أغنام في حريق حظيرة ومزرعة بالمنيا    النائب العام يلتقي أعضاء النيابة العامة وموظفيها بدائرة نيابة استئناف المنصورة    هيثم فاروق يكشف عيب خطير في نجم الزمالك.. ويؤكد: «الأهداف الأخيرة بسببه»    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    ضبط تشكيل عصابي انتحلوا صفة لسرقة المواطنين بعين شمس    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جوائز لجنة التحكيم لا تخلو من التوازنات
طارق الشناوي يكتب من مهرجان كان:
نشر في صوت الأمة يوم 28 - 05 - 2011

· خيم الموقف المعادي للمخرج "لارس فون تراير" علي الأجواء في "كان"، حيث شعر نا بأن المهرجان الذي يعلي من شأن الحرية يتراجع أمام كلمات أخذت ملمح
لا تستطيع أن تعزل ما يجري في المهرجان أي مهرجان عن لجنة التحكيم وكواليسها ومداولاتها وأيضاً حساباتها نعم المفروض نظرياً أن التقييم الفني ليس له أي مرجعية أخري غير الإبداع إلا أن التجربة أثبتت دائماً أنه كما أن القانون يعرف في بلادنا "زينب" فإن نتائج لجان التحكيم حتي في اعتي المهرجانات فيها أيضا " زينب"!!
لا تستطيع أن تعزل ما يجري في المهرجان أي مهرجان عن لجنة التحكيم وكواليسها ومداولاتها وأيضاً حساباتها نعم المفروض نظرياً أن التقييم الفني ليس له أي مرجعية أخري غير الإبداع إلا أن التجربة أثبتت دائماً أنه كما أن القانون يعرف في بلادنا "زينب" فإن نتائج لجان التحكيم حتي في اعتي المهرجانات فيها أيضا " زينب"!!
خيم الموقف المعادي للمخرج الدنماركي "لارس فون تراير" من قبل إدارة المهرجان علي الأجواء في "كان"، حيث شعر العديد من النقاد والفنانين بأن المهرجان الذي يعلي من شأن الحرية يتراجع أمام كلمات أخذت ملمح السخرية أدلي بها "تراير" ثم أعلن بعد ذلك التراجع والاعتذار لليهود الذي قال مستطرداً في محاولة لامتصاص الغضب إنه يهودي بالميلاد حيث إنه كان يعتقد ذلك قبل أن يكبر ويكتشف أن أباه اليهودي ليس هو أباه الحقيقي كما أن زوجته يهودية وأبناءه بالتبعية يهود ورغم ذلك صدر قرار لجنة إدارة المهرجان برئاسة "جيل جاكوب" باعتبار أن المخرج الدنماركي شخصية غير مرغوب في وجودها داخل مهرجان "كان" وذلك بعد إعلانه في المؤتمر الصحفي الذي عقد بعد عرض فيلمه "مانخوليا" أنه يتعاطف مع هتلر!!
إلا أن السؤال الذي تردد وقتها ما هو مصير الفيلم "مانخوليا" أو "كآبة" الذي شارك في المسابقة الرسمية هل صار أيضاً فيلماً غير مرغوب فيه.. الأمر هنا كان من الممكن أن ينعكس بالسلب علي مصداقية المهرجان في الزمن القادم وليس فقط هذه الدورة وهو ما تجاوزته الإدارة عندما قالت إن هذا لا يعني أن يتم إقصاء الفيلم من التسابق علي الجوائز وبالفعل كان الفيلم واحداً من الأفلام المرشحة للجوائز وذلك من خلال الترشيحات والأرقام التي تصاحب عادة أفلام المهرجان في المجلات السينمائية مثل "سكرين" و "فاريتي" و"فيلم فرانسيس" إلا أنه لم يكن هو الفيلم الأقرب للجائزة أو الأوفر حظاً تفوقت عليه بعض الأفلام الأخري وأتصور أن هذا هو المأزق الذي عاشته لجنة التحكيم التي رأسها النجم "روبرتو دي نيرو"!!
لم يكن فيلم "مانخوليا" هو الوحيد المرشح للجائزة كانت هناك أفلام أخري تنافسه بقوة وعلي رأسها الفيلم الأمريكي الذي حصد السعفة الذهبية "شجرة الحياة" للمخرج "تيرانس ماليك" في حدث نادر التكرار، حيث تتوافق آراء لجنة التحكيم مع ترشيحات النقاد في المهرجان و"ماليك" مخرج مقل جداً في تقديم الأفلام هذا هو فيلمه الروائي الخامس رغم أنه يقترب من السبعين.. الفيلم بطولة "براد بيت" و "شين بين" ويقدم رؤية للحياة أقصد فلسفة الحياة كلها، أنت في الفيلم لا تتابع عائلة رب الأسرة "براد بيت" يعامل الابن الأكبر بدرجة من الجفاء ولا يعنينا الإطار الزمني الذي يتحرك فيه الفيلم الخمسينيات من القرن الماضي ولكن هناك تطلع لرؤية تتعمق في الحياة عبر بدء الخليقة إلي اليوم تتساءل عن جدواها ومعناها نشاهد أنفسنا في نسيج هذا الفيلم.. المخرج التركي "نوري بيلجي سيلان" حصل مناصفة علي الجائزة الكبري مع الأخوين "داردين لوك" و "جان" الجائزة الكبري تلي في الأهمية السعفة الذهبية.. فيلم "نوري" عنوانه "كان يا ما كان في الأناضول" يسخر فيه المخرج من الحياة والموت... الحياة لا تقهرها تجربة الموت حتي لمن هم الأقرب والجسد الذي رأيناه تحت الأرض عرضة لكي تأكله الكلاب الضالة يتحول أمام الطبيب الشرعي أثناء التشريح إلي مجرد أجزاء تتناثر الدماء علي وجه الطبيب الذي صاحب الجسد منذ بدء اكتشاف الجريمة .. وفي رحلة اكتشاف الجريمة وإلقاء القبض علي المجرم نكتشف أيضا الشخصيات التي تتواجد داخل الدائرة سواء رجال الشرطة أم القاتل ونقترب من تفاصيل حياتهم.. ننتقل عادة من حكايات الشخصيات إلي الحياة التي تستمر برغم كل شيء لأن نداءها أكبر من الموت هذا المعني نراه مباشرة في اللقطة الأخيرة من الفيلم حيث نشاهد المرأة التي فقدت زوجها مع طفلها في طريق عودتهما للمنزل وعلي البعد كان هناك أطفال يلعبون الكرة تصل إلي الصبي يقذفها إليهم مرة أخري ويواصل اللحاق بأمه ما حدث ذات يوم في الأناضول هو ما يحدث دائماً في حياتنا ولكن المخرج العبقري أحال العادي المألوف إلي حالة إبداعية!!
أما فيلم الأخوين "داردين" فإنهما يلتقطان في فيلم "الصبي صاحب الدراجة" حكاية الطفل الذي تركه أبوه وتبنته امرأة تعمل كوافيرة.. الأب يريد أن يقطع تماماً الصلة مع الابن وكأنه لم يكن يري كيف أن الابن يمارس العنف علي الجميع ويستغله أحد الأشقياء في السرقة بالإكراه ويسرق أباً وابنه ويلقي القبض عليه ويتسامح الأب ويرفض الابن التسامح مع الجاني ويعتقد أثناء مطاردته له أنه قد لقي حتفه وتنتهي الأحداث بنهاية سعيدة وهي أن الطفل لم يقتل ويعود مرة أخري إلي دراجته.. المخرجان بشفافية وألق خاص يقدمان لنا معني التسامح حتي مع تجاوزات الآخرين بالتأكيد أن كل الجرائم التي شاهدناها تنتهي بالتصالح بين الجاني والضحية وهي بالتأكيد مبالغات درامية لو أننا حللنا الفيلم ببعده الأول المباشر ولكن في المعني الكامن هو يريد ألا ندين أحداً الكل مخطئ ومذنب وفي نفس الوقت التسامح هو القيمة التي علينا أن نضعها أمامنا حتي تستمر الحياة!!
حصدت الممثلة "كريستين دانست" الجائزة عن فيلم "مانخوليا" للمخرج "لارس فون تراير" وأتصور أن هذه الجائزة تحمل رسالة واضحة وهي أن اللجنة لم تستبعد الفيلم من الترشيح للجوائز بعد أن استبعد المهرجان المخرج ولم تكن الممثلة هي الأفضل كانت الممثلة البريطانية "تيلدا سوينتون بطلة فيلم «تحتاج للحديث عن أن كيفين» هي التي تستحق الجائزة!!
وتبقي جوائز فيلم "درايف" أفضل مخرج دنماركي "نيكولاس يندينجرفين" المليء بالعنف والدماء والجائزة أتصورها انحازت لقدرة المخرج فقط علي ضبط الإيقاع.. ومن الأفلام التي حصلت علي جائزة لا تستحقها جائزة الإخراج لفيلم "بوليس" للمخرجة الفرنسية "مايوين" الفيلم يفضح ممارسات الشرطة لكنه لا يقدم رؤية إبداعية تؤهله لتلك الجائزة.. جائزة أفضل ممثل للفيلم الفرنسي "الفنان" حصل عليها "ميشال هازافانيسيوس" الفيلم كان يستحق جائزة لجنة التحكيم الخاصة لأنه يتناول مرحلة فارقة في تاريخ السينما في العالم وهي تلك الواقعة بين نهاية العشرينيات ومطلع
***************
«صدق أو لا تصدق».. مخرج إسرائيلي يدافع عن القرآن!
في آخر أيام المهرجان عرض الفيلم رقم "20" آخر أفلام المسابقة الرسمية لم يحمل الفيلم أي احتمال للحصول علي جائزة ولكن سبقته اعتراضات وتساؤلات عن مخرجه الفرنسي اليهودي الذي يحمل أيضاً الجنسية الإسرائيلية والفيلم شاركت المغرب في إنتاجه اسمه "عين النساء" المقصود هو العين التي تتفجر منها المياه وتحصل من خلالها القرية التي تجري فيها الأحداث علي شريان الحياة وهي المهمة التي تتولاها نساء القرية.. في هذا الفيلم الذي تجري وقائعه في إحدي قري شمال أفريقيا متاخمة لوسط أفريقيا حرص المخرج علي ألا يحدد المكان بالضبط يقدم الفيلم العلاقات المتشابكة التي تجمع أهل القرية المسلمة وكيف أن البعض من الرجال وخاصة شيوخ تلك القرية يحملون الإسلام وزر النظرة المتخلفة للنساء التي لا تعبر حقيقة عن الإسلام وذلك لأنهم يرددون دائماً آيات من القرآن تدعو المرأة إلي الخضوع لزوجها!!
الغريب أن المخرج الفرنسي والذي يحمل في نفس الوقت الجنسية الإسرائيلية "راديو ميهالينيو" هو الذي تصدي لتلك القضية الحساسة وقدم فيلماً يستند فيه إلي القرآن من خلال الآيات التي تدعو للمساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات ولا تفرق بينهما.. وكان المخرج قد حرص علي أن يقدم تنويعات للظلم الذي تتعرض له النساء من الرجال حيث يجبرن علي العمل ويتولين مسئولية جلب الماء من العين ولهذا حمل الفيلم هذا العنوان "عين النساء" وتتعدد أوجه الازدراء للمرأة.. مثلاً الحقوق الشرعية للرجل يأخذها عنوة من زوجته ولا يعنيه أن أبناءه في نفس الحجرة يشاهدون ويسمعون.. المرأة هي المتهمة والمدانة دائماً لو أنها لم تنجب طفلاً أو لو تعرض الطفل للموت.. الأطفال كثيراً ما يموتون بعضهم في عمر صغير وبعضهم أثناء الولادة وتضطر المرأة للكذب وأحياناً للاحتفال بميلاد طفل لاقي حتفه ورغم ذلك فإن المرأة عليها أن تتحمل بمفردها النتائج وأن تواجه موت الطفل بالغناء والرقص للمولود الذي لم يعش الحياة.. تقرر النساء التمرد بإعلان الإضراب الجماعي فلن يجلبن الماء من المنبع ولن يمارسن الجنس مع الزوج إن معني الماء هنا صار مرادفاً للحياة التي لن تمنحها نساء القرية للرجال!!
وبين الحين والآخر نشاهد المرأة في لقطة تؤكد أنها لن تستسلم.. يرتكن المخرج إلي القرآن الكريم في إيجاد الحجة للدفاع عن الإسلام ونظرته للمرأة لأن أيضاً بعض الرجال يجتزئون آيات من القرآن من أجل التأكيد علي أن الشرع يسمح لهم بقهر المرأة.. كان المخرج يحطم أحياناً حالة الفيلم الواقعي وهو يقدم أغنيات فلكلورية نجد فيها نساء القرية وهن يرتدين زياً وكأنه مصنوعاً لتلك المناسبة ويضعن مكياجاً صارخاً مثل أفراد فرقة غنائية استعراضية راقصة مدربة علي الأداء كل ذلك من أجل أن يمنح فيلمه تلك الحالة الفنية التي تتجاوز كونه عملاً واقعياً ولكن بدون أن نجد علي المقابل صياغة فنية موازية لأننا نتعامل كمشاهدين مع الواقع الذي يصطدم بالطبع مع هذا الادعاء الفني!!
الفيلم علي المستوي الفني أراه متواضعاً ولا يحمل أي إضافة إبداعية إلا أنه فكرياً يصب في صالح المرأة العربية والمسلمة.. كان عدد من بطلات الفيلم المغربيات قد أعلن أن المخرج خدعهن ولم يقل إنه بالإضافة إلي كونه يحمل الجنسية الفرنسية وهي الجنسية المعلنة في كتالوج المهرجان فإنه أيضاً يحمل الجنسية الإسرائيلية بعد أن اكتشف ذلك عدد من المثقفين في المغرب وبدأت حملة ضد بطلات الفيلم اللاتي وافقن علي العمل في فيلم لمخرج إسرائيلي.. والغريب أن أغلب بطلات الفيلم الغاضبات أمثال "ليلي بختي" و"حفظة هيرزي" حرصن علي التواجد في المؤتمر الصحفي الذي أعقب العرض صباح السبت الماضي ثم حرصن أيضاً علي الصعود علي السجادة الحمراء قبل العرض الرسمي في المساء.. فهل كن يزايدن علي الجماهير الغاضبة في المغرب خاصة أن الفيلم إنتاج فرنسي مغربي مشترك أي أنه من الناحية القانونية من الممكن اعتباره فيلماً مغربياً.. ويبقي الحديث عن المخرج الفرنسي الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية لماذا يقدم فيلماً عن وضع المرأة في الإسلام.. لا أستطيع أن أتحدث عن النوايا ولكن أغلب الظن أن الهدف المضمر هو تقديم فيلم مليئ بالمشاهد الفلكلورية التي ترضي المشاهد الأجنبي من طقوس الولادة والاحتفالات المصاحبة لها وقهر المرأة اجتماعياً وجسدياً في العالم العربي بدعوي العادات والتقاليد وهي بضاعة درامية مضمونة في تسويق الأفلام أوروبياً إلا أن المخرج كان يخشي في نفس الوقت أن يتهم بالتشهير بالإسلام بسبب ديانته اليهودية المعروفة وجنسيته الإسرائيلية غير المعلنة التي من الممكن أن تصبح أداة للتساؤل
*****************
عندما هتف الصحفيون «راؤول» ..«راؤول» !
عدت إلي القاهرة بعد رحلة استغرقت 15 يوماً قضيتها في "كان" ما بين قاعات العروض والمركز الصحفي، حيث صار يصاحبني دائماً "اللاب توب" بعد أن قلت وداعاً للقلم والورقة.. ما أحلي الرجوع إليه أقصد إلي مهرجان "كان" هذه هي الدورة رقم "64" من عمر المهرجان وهي الدورة رقم 20 بالنسبة لي التي أحضر فيها فعاليات هذا المهرجان الذي يعتبر هو المهرجان الأشهر علي مستوي العالم أجمع!!
المهرجانات تتلاحق وأنا أترك نفسي نهباً لها فاتحاً دائماً ذراعي لإرادتها.. جداولها هي جداول حياتي.. أصحو طبقاً لعرض أول فيلم وأنام بعد مشاهدة الفيلم الأخير.. مواعيد المهرجانات هي دستوري الدائم الذي لا أستطيع أن أخالفه مهما كانت الأسباب!!
أستقل قبل أن يبدأ المهرجان بأربعة وعشرين ساعة الطائرة الفرنسية "آيرباص" المتجهة إلي باريس ومنها انتقل إلي طائرة صغيرة متجهة إلي مدينة "نيس" ثم أتوبيس إلي "كان" وأصعد إلي غرفتي المتواضعة التي أقطن بها علي مدي 10 سنوا ت.. الفندق ليس له من النجوم سوي اثنتين فقط لا غير الغرفة تحتوي فقط علي سرير ومنضدة ودولاب وثلاجة وكرسي.. وملحق بها حمام لا يسمح بالاستحمام إلا فقط واقفاً.. منذ عام 1992 لم أتخلف دورة واحدة عن حضور مهرجان "كان" رغم ما أتكبده من نفقات يزداد معدلها عاماً بعد عام بسبب قوة "اليورو" أمام ضعف الجنيه المصري وهوانه علي كل العملات الأجنبية.. أتابع في المهرجانات الأفلام والندوات وأيضاً الوجوه.. وجوه البشر وأري كيف يرسم الزمن بصماته التي لا تمحي علي وجوه زملائي وأقول من المؤكد أنهم يشاهدون الزمن وهو ينطق بل يصرخ علي ملامحي ولكني أطمئن نفسي قائلاً ربما يكون الزمن كريماً معي أو بتعبير أدق أظن ذلك وأرجو ألا يخيب ظني.. أري شحاذة في مدينة "كان" منذ 20 عاماً وهي تحمل طفلاً عمره عام وبعد مرور 19 عاماً لا يزال الطفل في عامه الأول إنها تذكرني بالشحاذين في بلادي عندما يؤجرون طفلاً رضيعاً ويظل للأبد رضيعاً.. أري القاعات والأشخاص حتي الذين لا أعرفهم شخصياً فأنا أراهم باعتبارهم من ملامح حياتي.. في مهرجان "كان" استمع إلي هتاف يسبق عرض أي فيلم ويتردد اسم "راؤول" ناقد فرنسي راحل تعود أن ينطق بصوت مسموع باسمه قبل عرض الأفلام وبعد رحيله بأكثر من 20 عاماً لا يزال زملاؤه القدامي يهتفون بمجرد إطفاء نور القاعة قبل العرض "راؤول".. في المهرجانات نكتب عن الأفلام والندوات واللقاءات وحتي الكواليس بكل تفاصيلها لكننا لا نكتب عن أنفسنا وعما نشعر به لأننا لسنا آلات تذهب لتغطية المهرجانات.. إننا بشر وأعترف لكم بأن أسوأ مشاهدة للأعمال الفنية هي تلك التي نجد أنفسنا مضطرين لحضورها في المهرجانات.. لأننا متخمون بكثرة الأفلام التي تتدفق علينا في اليوم الواحد قد يصل كم المشاهدات أحياناً إلي خمسة أفلام.. هل هذه عدالة؟! بالطبع لا نحن نظلم أنفسنا بقدر ما نظلم الأفلام.. لأنك بعد أن تشاهد الفيلم ينبغي أن تعايشه ليشاهدك الفيلم ويتعايش معك ولكن كيف يتحقق ذلك وأنت تلهث من فيلم إلي آخر.. ثم بعد أن نعود من السفر ينبغي أن تستعيد نفسك قليلاً قبل أن تشد الرحال إلي مدينة أخري ومهرجان آخر ووجوه تلتقي بها كثيراً ووجوه تشاهدها لأول مرة.. أسعد بالأيام وأشعر بالشجن علي الزمن الذي يسرق من بين أيدينا.. نعم المهرجان يعني عيد وفرحة وبهجة وهو بالنسبة لي يحقق كل ذلك إلا أنه أيضاً يخصم من أعمارنا زمن.. أشعر بمرارة الأيام والسنوات المسروقة.. يقول "عبد الوهاب" أنا من ضيع في الأوهام عمره.. أما أنا فأقول أنا من ضيع في المهرجانات عمره.. ولا أجد فارقاً كبيراً بين الأوهام والمهرجانات.. اليوم في "كان" وبعد أسابيع انتقل ربما إلي بيروت أو الدوحة أو دبي أو وهران ولا تزال المهرجانات تواصل سرقة أعمارنا ولا يزال يتردد في أعماقي هتاف النقاد والصحفيين في كان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.