أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر في بداية التعاملات    أسعار والخضروات والفواكه واللحوم اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر    معاشات المعلمين 2025.. مواعيد الصرف بعد الزيادة الجديدة (احسب معاشك كام)    محكمة استئناف أمريكية ترفض السماح لترامب بعزل ليزا كوك من منصبها في المجلس الاحتياطي الفيدرالي    60% زيادة سنوية.. غرفة التطوير العقاري: لا ركود والمبيعات قفزت 40%    مستشار وزير المالية: ندرس طرح تشغيل عدد من المطارات للقطاع الخاص    قائمة كاملة ب أعلى شهادات الادخار في البنوك 2025    نقاش عاصف خلال اجتماع إسرائيلي الأحد: زامير يرفع صوته على نتنياهو وبن غفير وديرمر    ترامب: نتنياهو لم يتواصل معي قبل تنفيذ الضربة التي استهدفت قطر    حماس: تصريحات ترامب تجسيد صارخ لازدواجية المعايير وانحياز سافر ل إسرائيل    رسائل القيادة المصرية في قمة الدوحة الاستثنائية    «الإصابات تصدم النحاس».. تأكد غياب 7 نجوم عن الأهلي أمام سيراميكا    172 يوم دراسة فعلية.. خريطة العام الدراسي الجديد 2025/2026    نقابة السينمائيين تكشف النتائج النهائية لتقييم الأعمال الدرامية لعام 2025    متحف سيد درويش ومناشدة لوزير الثقافة    رئيس لجنة مكافحة كورونا: هناك انتشار للفيروسات النفسية لكنها لا تمثل خطورة    بعد فشل النحاس في لملمة الجراح، قناة الأهلي تفجر مفاجأة حول المدرب الجديد (فيديو)    قلبك يدفع الثمن، تحذير خطير من النوم 6 ساعات فقط كل ليلة    الساحل الشمالى يختتم صيف 2025 بحفلات «كامل العدد» لنجوم الغناء    قرارات التعليم بشأن الكتب المدرسية 2025.. تسليم دون ربط بالمصروفات (تفاصيل)    وزير العمل يُصدر قرارًا لتحديد ضوابط وآليات اعتماد «الاستقالات العمالية»    «سويلم» لمجموعة البنك الدولي: «سياسات حديثة لمنظومة الري»    السيطرة على حريق التهم شقة سكنية بالدخيلة في الإسكندرية    خالد جلال وكشف حساب    تفاصيل حالة لاعبا "سبورتنج" و"سموحة" الصحية بعد تحطيم زجاج النادي عقب الخسارة بإحدى السباقات    الأهلي يعلن عودة ياسر إبراهيم وعمر كمال لتدريبات الأهلي الجماعية.. واستمرار تأهيل عبد القادر    إبراهيم صلاح: فيريرا كسب ثقة جماهير الزمالك بعد التوقف    أهمها الثلاجات والميكروويف.. 6 عوامل رئيسية تُساعد على ضعف شبكة الإنترنت في المنزل    ترامب يقترح توسيع الضربات ضد مهربي المخدرات من البحر إلى البر    ارتفاع سهم تسلا بعد شراء ماسك 2.5 مليون سهم بمليار دولار    عاجل القناة 12: إجلاء 320 ألفًا من سكان غزة يفتح الطريق أمام بدء العملية البرية    أول رد رسمي من بيراميدز على مفاوضات الأهلي مع ماييلي    صور.. حفلة تخريج دفعة بكالوريوس 2025 الدراسات العليا تجارة القاهرة بالشيخ زايد    لقاء تاريخي في البيت الأبيض يجمع البطريرك برثلماوس بالرئيس الأمريكي ترامب    تحية العلم يوميًا وصيانة شاملة.. تعليمات جديدة لضبط مدارس الجيزة    فيديو أهداف مباراة إسبانيول و مايوركا في الدوري الإسباني الممتاز ( فيديو)    ليت الزمان يعود يومًا.. النجوم يعودون للطفولة والشباب ب الذكاء الاصطناعي    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الكلب طاهر.. وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    بسبب المال.. أنهى حياة زوجته في العبور وهرب    أبرزها استبدل البطارية.. 8 خطوات سهلة تجعل جهاز آيفون القديم جديدًا    مسيحيون فلسطينيون في مؤتمر أمريكي يطالبون بإنهاء حرب غزة ومواجهة الصهيونية المسيحية    الشيبي: نريد دخول التاريخ.. وهدفنا مواجهة باريس سان جيرمان في نهائي الإنتركونتيننتال    الاحتلال يكثف غاراته على مدينة غزة    مسئول صينيى: عزم الصين على حماية حقوقها المشروعة أمر لا يتزعزع    اكتشاف أول حالة إصابة ب إنفلونزا الطيور في الولايات المتحدة    أهمها قلة تناول الخضروات.. عادات يومية تؤدي إلى سرطان القولون (احذر منها)    سيطرة مصرية في ختام دور ال16 ببطولة مصر المفتوحة للإسكواش    تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد تُناشد: «حافظوا على سلامتكم»    «مشاكله كلها بعد اتنين بالليل».. مجدي عبدالغني ينتقد إمام عاشور: «بتنام إمتى؟»    مهرجان الجونة السينمائي يكشف اليوم تفاصيل دورته الثامنة في مؤتمر صحفي    الوقت ليس مناسب للتنازلات.. حظ برج الدلو اليوم 16 سبتمبر    تحذير من تناول «عقار شائع» يعطل العملية.. علماء يكشفون آلية المخ لتنقية نفسه    شيخ الأزهر: مستعدون للتعاون في إعداد برامج إعلامية لربط النشء والشباب بكتاب الله تعالى    محافظ الغربية: الثقة في مؤسسات الدولة تبدأ من نزاهة وشفافية أداء العاملين بها    ما حكم أخذ قرض لتجهيز ابنتي للزواج؟.. أمين الفتوى يوضح رأي الشرع    كيفية قضاء الصلوات الفائتة وهل تجزئ عنها النوافل.. 6 أحكام مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    أستاذ بالأزهر يحذر من ارتكاب الحرام بحجة توفير المال للأهل والأولاد    المجلس الأعلى للنيابة الإدارية يعقد اجتماعه بتشكيله الجديد برئاسة المستشار محمد الشناوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكريات مع جهاز أمن الدولة (1)
د. عصام العريان يكتب:
نشر في صوت الأمة يوم 20 - 03 - 2011

· قضيت عامًا كاملاً منذ سبتمبر 1981 وبعد اغتيال السادات لقينا تعذيبًا وحشيًا
· أعيننا يتم عصبها وأيدينا يتم تكتيفها ونقاد مثل السوائم مع الشتم والضرب
سبحان المعز المذل.. سبحان ذي القوة والجبروت.. سبحان الذي يمهل ولا يهمل.. أخيرا تنفس المصريون الصعداء.. وبدأ نسيم الحرية يتدفق إلي صدورهم.. دمعت عيون من الفرحة، ودمعت عيون من الأسي علي السنين التي مرت تحت إرهاب ذلك الجهاز الرهيب الذي بث الرعب في قلوب ملايين المصريين.
والحقيقة التي لا يمكن إغفالها أن ذلك الجهاز المرعب تدخل في حياة كل المصريين وفي كل قطاعات الدولة ولم يكن ضحاياه من الإسلاميين فقط كما يتصور البعض، فالثأر بينه وبين كل مصري ومصرية، بل أكاد أقول إن الفرحة عمت عموم رجال الشرطة من خارج ذلك الجهاز الذين كان زملاؤهم من رتبٍ أدني بكثير يتعالون عليهم ويتعاملون معهم باستخفاف وازدراء.. حساب هؤلاء الضباط علي جرائمهم الخطيرة يجب أن يبدأ فورا، فلا يكفي حل الجهاز الجرائم التي لا تسقط بالتقادم وتلك التي أغلقت ملفاتها دون استكمال.
القتل خارج القانون، التعذيب حتي الموت، إحداث عاهات مستديمة بالأفراد، المادية والوحشية في المعاملة ... إلخ.
ملفات بعض هذه القضايا موجود بالفعل وهناك بلاغات سيتم تقديمها، والمحاكمة يجب أن تكون أمام القضاء العادي وبعدالة كاملة حتي لا يظلم أحد ولا يفلت أحد من العقاب.
الحقيقة الكاملة يجب أن تظهر للعيان قبل المصالحة مع ذلك الجهاز الذي تسبب في تشويه صورة الشرطة المصرية.. تجارب الشعوب والدول من قبلنا يمكن الاستفادة منها مثل "جنوب أفريقيا" المهم عدم تكرار ما حدث في التاريخ المصري الحديث خلال ستين سنة من القسم المخصوص إلي البوليس السياسي إلي المباحث العامة إلي جهاز أمن الدولة مارس ضباط الأمن السياسي قمعا للمعارضين السياسيين وتنصتوا علي كل مكالماتنا وتجسسوا علي بيوتنا وراقبوا تحركاتنا، بل عدوا علينا أنفاسنا.. كان أخي د. سناء عبدالله أبو زيد رحمه الله يتلذذ بإرهاق مراقبين من ضباط أمن الدولة، بينما كنت لا ألقي بالا لهم، وأتصرف بكل حرية لأني كنت وما زلت أعتقد أن تصرفات السياسي في العلن يجب أن تتفق مع حركاته الخاصة، وأنه وإن كانت لديه خصوصيات ويتحلي بالكتمان إلا أن ذلك لا يجب أن يقيد حركته ونشاطه أبدا، وأتصور أن ملفي في "أمن الدولة" الحقيقي وليس الذي تسربت منه أوراق من أضخم الملفات لأنه بدأ منذ أربعين سنة يوم دخلت ساحة النشاط الطلابي ثم النقابي ثم السياسي ثم الفكري ، حيث انتهت المراقبة بأسئلة حول أفكاري حتي في تحقيقات نيابة أمن الدولة في السنوات الأخيرة.. تراكمت لدي ذكريات أصبحت ملكا للجميع اليوم بعد أن كانت مثار حديث بيني وبين أسرتي أو بيني وبين إخواني.. أول سجن لي - وهذا للعجب - كان في مقر المجموعة (75) بالمخابرات العامة بسبب مذكرة من أمن الدولة عندما داهموا البيت الذي أقيم فيه لتفتيش شقة صهري صلاح الدين فضل رحمه الله، فدخلوا شقتي المجاورة للبحث عنه، وأنا زوج شقيقته، فوجدوا أوراقا أعد منها نشرة صحفية وفكرية لطلاب الجامعات سميتها "أضواء" فكأنهم وجدوا كنزا علي غير ترتيب كنت وقتها مجندا بالقوات المسلحة، سلاح الخدمات الطبية، في مستشفي للتأهيل بالهرم.
أرادوا القبض علي واصطحابي فرفضت لأني مجند، وكانت هناك مشكلة وقتها بين الجيش والشرطة... بعد أيام قليلة تم استدعائي للمخابرات التي سجنتني عدة أيام ثم طلبني من سجني نائب رئيس المخابرات الذي حدثني عن الدور الوطني للمخابرات والجيش ثم خرجت وأنا أفكر في مصير مدة تجنيدي التي قاربت علي الانتهاء، فقد قضيت سنة تقريبا، أخبرني بعدها مقدم المخابرات الذي اصطحبني إلي اللقاء أن خدمتي قد أنهيت بالجيش، وهذا ما حدث بالفعل بعد شهر تقريبا مع تقدير "خدمة حسنة" كان تقرير أمن الدولة هو السبب في إنهاء خدمة العلم الوطنية.
بعد سنة ونصف السنة تقريبا كانت المداهمة الثانية لنفس منزلي ولكن بعد منتصف ليل 3سبتمبر 1981 (الإثنين).
ومن الدار إلي التحفظ في مكان أمين سجن الاستقبال بطرة مع 536 من رموز السياسة والدين والفكر والنقابات في مصر ازداد عددهم بعد مظاهرات غاضبة يوم الجمعة إلي 1531 فأصبحوا خليطا عجيبا يستحق أن تروي قصتها علي مهل بعد ذلك.. قضيت سنة كاملة من سبتمبر 1981 إلي نهاية أغسطس 1982 مرت خلالها أحداث جسام أبرزها اغتيال الرئيس السادات في 6 أكتوبر 1981م.. بدأت تجربة جديدة مع "أمن الدولة" كانت مريرة لأنها كانت تعذيبا وحشيا في التحقيقات الخاصة باغتيال السادات.. تردد اسمي كثيرا في التحقيقات الأولية، بسبب نشاطي الواسع في الجامعات المصرية من 1971 - 1981، وبسبب نشاطي السياسي والعام بعد تخرجي في دعم الجهاد الأفغاني الذي بدأ عام 1979 ضد الاحتلال السوفييتي لأفغانستان وبداية الكتابة في المجلات والصحف ورحلاتي المتكررة، دعويا وسياسيا من الإسكندرية إلي أسوان وكانت معارفي عديدة من كل التيارات خاصة شباب الجماعة الإسلامية بالمنيا وأسيوط.. كنا في سجن استقبال طرة تتطور بنا الأحوال تدريجيا حتي اتفقنا علي نظام معقول للتريض، واتفقنا علي تصور ليوم وقفة عرفات وعيد الأضحي مع العقيد محسن السرساوي، فإذا بنا قبيل ظهر يوم عرفات نفاجأ بإغلاق السجن نهارا ومنع التريض ولم ندر ماذا حدث لأننا لم يكن لنا أي اتصال بالعالم الخارجي سوي الجرائد القومية التي كانت إدارة السجن تحضر منها نسخة واحدة إلي زنزانتنا 1/2.. ليلا تم القبض علي مجموعات من الشباب عقب الاغتيال، وتم اقتياد بعضهم إلي سجن الاستقبال بطرة، وأودعوا في عنبر التأديب، وهناك صرخ أحدهم: لقد قتل السادات.
هاج السجن وتم كسر عدد من أبواب الزنازين، ولم تتم إعادة الهدوء إلا بعد تعب، وتم إحضار راديو ترانزستور إلي زنزانتنا لمتابعة الأحداث، وكنت أقوم بعد قراءة الجرائد وسماع الأخبار من لندن والبرنامج العام المصري بقراءة نشرة أخبار لمدة 10-12 دقيقة مرتين أو ثلاث يوميا، وتم إغلاق السجن تماما لا تريض ولا فسح.. في يوم 16/10 تم النداء علي مجموعة بالاسم أذكر منهم : عصام العريان، حلمي الجزار، أحمد عمر، عبدالحليم مسلم، مجدي وردة، وتم اقتيادنا إلي عنبر التأديب، وبدأت مرحلة جديدة من علاقتي مع أمن الدولة عنوانها التعذيب البشع في عنبر تأديب سجن الاستقبال لعدة أيام ثم أسبوعين تقريبا في سجن المرج ثم أكثر من شهر في سجن القلعة، كله كان للوصول إلي الحقيقة بشأن علاقتي والإخوان بحادث اغتيال السادات ومدي الارتباط بيني شخصيا مع تنظيمات عديدة ظهرت للعيان بعد عمليات القبض العشوائية أو التي تداعت بسبب التحقيقات والتعذيب.
كانت بداية التعذيب بالصفع والركل والإهانات البشعة لأن سجن الاستقبال لم يكن مهيأ لممارسة تعذيب منهجي، ولأن جهاز أمن الدولة كان توقف عن ممارسة التعذيب لبضع شهور أو سنوات، مما أدي إلي تعليق المسئولية علي اللواء عليوة زاهر رئيس الجهاز في ذلك الوقت وتمت إقالته، وتولي اللواء حسن أبو باشا مسئولية الجهاز بعد أن قد أُبعد عنه.. كانت أعيننا يتم عصبها وأيدينا يتم تكتيفها ونقاد مثل السوائم مع الشتم والضرب والركل إلي حجرات التعذيب، وكانت الأسئلة تدور حول علاقتي بالشباب في أسيوط والمنيا، وكذلك يتردد اسم عبود الزمر لأنه من ناهيا، بلدي.. لم تمر سوي أيام قليلة حتي تم اقتيادنا إلي جهة لم نعلم بها إلا بعد وصولنا وكانت سجن المرج شمال القاهرة.. وهناك كان التعذيب علي صورة أخري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.