يكفيني فخراً ما فعلته بشارع المعز لدين الله الفاطمي هل من مهام مسئوليتي الوزارية حراسة الآثار؟! قد تتفق أو تختلف معه.. ولكنه يتميز بالسماحة وعدم الغضب.. ويتقبل النقد ولو كان قاسياً أو مؤلماً.. لكنه يرفض التجريح ولأنه بحكم عمله يكون دائماً في بؤرة المتناقضات ولابد أن يقبل النقد لأن الثقافة علي حد تعبيره هي «حراك» وحالة من الناتج الاجتماعي بكل ما فيه من ابداعات وآراء وانتقادات. في بداية حواري معه سألت الفنان فاروق حسني: ما كل هذه التناقضات التي تشهدها الساحة الثقافية في مصر؟ - قال الوزير: من وجهة نظري أن المتناقضات والآراء المتضاربة التي تؤدي إلي الحراك أري أنهافي صالح الوزير الذي يقوم ويؤدي عملاً نافعاً للجميع فهو الذي يحفز الآراء التي تنطلق سواء كانت «مع» أو «ضد».. مثلاً عندما توليت الوزارة كان يوجد المجلس الأعلي للثقافة وكان يديره الموظفون وهذا لا يستقيم مع المفكرين وكان لابد أن تكون هناك شخصية محترمة تخدم كل الأطراف لأن لهذا المجلس أهميته وهو عنصر فاعل في عمل الوزير.. فمثلاً وجدنا أنه لا يصح أن تكون كافة التيارات الفكرية اليسارية علي الرصيف الآخر في الوقت الذي يوجد من يمجدون في الدولة، فكان لابد من أن يكون هناك تواؤم لأن الدولة واحدة للجميع وعليه كان لابد أن يحتوي هذا المجلس كل أطياف الفكر والثقافة.. الكل يدلو بدلوه لكون المجلس الأعلي للثقافة هو «برلمان» ثقافي لابد أن يكون فيه النقاش والرؤي المستنيرة والواعية دون الخروج عن موروثنا الثقافي عبر كل العصور فلا نقلل من قدر أي أحد وأيا كان هذا الأحد.. الكل فكر واجتهد وخرج برؤاه وأفكاره وهناك من يستطعمها ويهضمها وهناك من يمقتها ويرفضها!! ومن هنا تولد الحراك الثقافي ومن ينسي مشاجرات وانتقادات الهجاء بين جرير والفرزدق شعراً وفي هذا المجلس الحوار يشتد ويتفاعل ويسود الرأي الغالب الذي هو رأي الأغلبية وهذا في صالح الجميع. واستفسرت عما يجب أن تؤديه الثقافة الجماهيرية لأن دورها باهت.. فعقب الوزير فاروق حسني بقوله: بالعكس دورها خطير وكبير ولابد أن تكون سياساتها مخططة وعلي أسس واقعية وفعلية ويتولي أمورها الآن شاب طاقاته خلاقة وهو صديق للجميع وعليه عامل كبير جداً من خلال تحركاته واتصالاته السريعة في المواقع المختلفة ليكون هناك الحراك الكبير لمؤسساتنا الثقافية في مصر وفي اعتقادي أنها الحزب الحقيقي لهذا الوطن.. والحياة الثقافية في مصر هي رمز كبير وواضح وظاهر ولا يستطيع أحد أن ينكرها لأن «مصر» الثقافية هي الشمس التي تدور في فلكها الكواكب والنجوم الثقافية العربية ولكون هذا هو قدر مصر العظيمة بناسها وبتراثها وبثقافتها عبر آلاف السنين. قلت: وزارة الثقافة غالبيتها من الموظفين والإداريين ومن المفترض أن تكون الغالبية في الأعمال الوظيفية من المثقفين فقال الوزير: فعلا يوجد ترهل وظيفي في كل قطاعات الوزارة وهذا أكبر معوق للتقدم في العمل الثقافي والذين يعملون في وزارة الثقافة هم ندرة قليلة جداً هم «المثقفين» - بكسر القاف - الذين يقدمون لهذا المجتمع هذا الناتج.. فالعمل الثقافي حرفة.. ولكن ممكن أن يكون هناك مثقف كبير جداً ولا يجيد إدارة الثقافة وهذا ليس نقصاً فيه ولكن إدارة الثقافة تحتاج بالفعل لمن يفهم قيمة المثقف! وحول ما يتردد بين كل آونة وأخري عن سرقة الآثار وآخرها سرقة لوحات قصر محمد علي بشبرا الخيمة ابتسم الوزير وقال: ما تقرأه في الصحف هو «مضبوطات» أثرية وليست سرقات وأنا أرفض الاتهامات التي توجه لوزارة الثقافة بأنها مقصرة في حراسة وتأمين المتاحف من السرقات لأن المتاحف الأثرية «مؤمنة» بل إن جميع متاحفنا سواء القديم أو الحديث منها به كاميرات مراقبة.. وأضاف الوزير ضاحكاً: ان لصوص ال9 لوحات وهي عبارة عن «بورتريهات» لم يفطنوا إلي أنها لا تمثل قيمة تجارية ومن رسموها ليسوا من الفنانين المشاهير وقد تكون القيمة في انها مملوكة للدولة ثم هناك من يردد أن هذه «اللوحات» التي عادت ليست هي اللوحات الأصلية!! «يعني معقول» يتم ايجاد البديل لها وبالضبط في ظرف اسبوع؟! هذه هي اللوحات التي سرقت وعادت من جديد والتعرف عليها سهل وبسيط وأي دارس مبتدئ بامكانه أن يعلم إذا كانت هذه اللوحات مقلدة أو أصلية وقد قمت بدوري كوزير مسئول حيث تم ابلاغ جميع المنافذ الحدودية البحرية والجوية والبرية بسرقة هذه اللوحات من قصر محمد علي بشبرا الخيمة لمنع تهريبها إلي خارج البلاد بل وقمنا بنشر وتعميم صور اللوحات علي صالات المزادات في العالم وفي الصحف لتحذير الناس من شرائها وهي لوحات لأشخاص ليسوا من المشهورين بل قمنا بابلاغ «الانتربول» وسبق أن قمنا بترميم هذه اللوحات وكانت مخزنة ومهملة والحمد لله عادت اللوحات ومن أقدم علي هذه الفعلة إنسان غير أمين! ولقد تعجبت من قيام البعض بالولولة والصراخ والبعض طالب بمحاكمتي وكأنني أنا الذي أخفيتها فهل من وظيفتي أن أقوم بمهام الحراسة؟ وكل ما أرجوه ألا يتحول الهجوم إلي التجريح الشخصي لأن هناك من لهم أغراض وكما تعلم فإن الغرض «مرض» وأدعو الله أن يشفي كل مريض من هذا المرض ما دام من ينتقد يبتعد عن الموضوعية ولا هم له سوي صب غضبه علي وزير الثقافة.. عموماً أنا لا تخيفني مقالة صحفية أو حملة مدبرة لأنني كما قلت أرجب بالنقد الهادف والبناء حتي ولو تعارضت واختلفت الرؤي لطالما تعرضت لحملات قاسية فصمدت لأنني لم أعرها اهتماماً لأنني مكلف بمهام ومسئوليات ويكفيني فخراً ما قدمته الوزارة من اعادة البهاء والجمال لأقدم شارع في العالم وهو شارع المعز لدين الله الفاطمي الذي أصبح تحفة ومزاراً رائعاً لمكان يؤكد عظمة الأبنية الإسلامية والمساجد ذات التصميمات والرونق الجمالي والإسلامي والتي تشهد علي عظمة الفن والبناء ذي الطابع الإسلامي المتميز.. هذا الشارع أصبح متحفاً مفتوحاً وعلي من ينتقد بسهام الكلام أن يكون موضوعياً ويقوم بزيارة شارع المعز ليدرك أننا نعمل في صمت خصوصاً أن الصمت أبلغ من أي «كلام»! وعن مشوار الترشيح لرئاسة منظمة اليونسكو وخطوات الصمود لتولي رئاستها.. سألت هل هناك جديد؟ قال الوزير: هي مهمة صعبة جداً وهي في النهاية «قدر» لو «مصر» هي التي تبوأت المنصب.. والانتخابات هي الانتخابات في النهاية وتتم باقتراع سري لابد أن نضعه في الاعتبار.. فكما أن هناك النجاح هناك أيضاً الفشل.. وعموماً نحن في وضع «كويس» ولو المسائل تمشي بدون تدخل خارجي.. فمصر سوف تفوز.