مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يوافق على إنشاء مستشفى جامعي جديد بالعبور    تراجع كمية المياه المستخدمة فى رى المحاصيل الزراعية ل37.1 مليار متر مكعب خلال 2024    12 منظمة حقوقية إسرائيلية: 2025 العام الأكثر فتكا بفلسطين منذ 1967    زيلينسكي: مفاوضون أوكرانيون وأمريكيون نقحوا إطار عمل لاتفاق سلام    موقف الكرتي وبنتايك.. تشكيل المغرب أمام جزر القمر    يلا كوورة.. السعودية تواجه عمان في قمة نارية بالمجموعة الثانية لكأس العرب 2025    موعد مباراة برشلونة وأتلتيكو مدريد والقناة الناقلة    استعدادات قصوى بالإسكندرية... جولة لرئيس الصرف لمتابعة فرق الطوارئ    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    بدء نوة باقى المكنسة فى الإسكندرية بأمطار غزيرة ورياح شديدة تكنس البحر    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    جامعة بنها تنظم قافلة طبية ضمن مبادرة "من أجل قلوب أطفالنا" بكفر شكر    تحرير 141 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    إسرائيليون يتظاهرون أمام منزل نتنياهو للمطالبة برفض العفو عنه    بابا الفاتيكان: الطريق لتحقيق السلام في لبنان يبدأ بتجاوز الخلافات العرقية والسياسية    الصناعات الغذائية المصرية تحقق إنجازا تاريخيا جديدا بصادرات تتجاوز 5.8 مليار دولار حتى نهاية أكتوبر 2025    وزير الاستثمار يعلن اعتماد "إعلان القاهرة للتجارة"    محافظ المنوفية يطلق إشارة بدء التشغيل التجريبى لمشروع صرف صحى منشأة السادات    سلوت: محمد صلاح سيظل لاعبًا محترفًا من الطراز الرفيع    محمود ناجى حكما لنهائى كأس ليبيا بين أهلى طرابلس وبنى غازى غدا    كأس العرب - مؤتمر مدرب العراق: مواجهة البحرين صعبة.. ونستعد بالبطولة للملحق العالمي    هيمن عبد الله: دعم المشروعات المتعثرة يضمن تعظيم الاستفادة من الأراضي الصناعية    وزير العمل يسلّم 25 عقد توظيف في مجال النجارة والحدادة والبناء بالإمارات    الوفد: الإجراءات الانتخابية الجديدة تحفز المواطنين على النزول بكثافة.. فيديو    القصة الكاملة لجدل تعيين سامح حسين بجامعة حلوان.. كيف تحولت الزيارة إلى شائعة؟    هي المسؤول الأول.. محامي تلاميذ "ALS" المعتدى عليهم يطالب بمحاسبة إدارة المدرسة    مصرع شاب غرقا بترعة النعناعية فى المنوفية    مكالمة السقا بين ذكريات الأصحاب وعتاب الأحباب!    عم حارث ضيف حلقة فضفضت أوي غدا    لأول مرة في الدراما .. محمد سراج يشارك في مسلسل "لا ترد ولا تستبدل"    محمية رأس محمد تستقبل فتيات الملتقى الثقافي ال22 ضمن مشروع "أهل مصر"    ماسح الأحذية.. قضية إنسانية تفوز بأفضل عرض في مهرجان شرم الشيخ المسرحي    "الأوقاف": حجم مشاركة غير مسبوق في مسابقة القرآن الكريم العالمية    ترامب يتدخل فى انتخابات هندوراس بسبب تيتو عصفورة.. اعرف القصة    مدرب الجزائر يحذر من مفاجآت كأس العرب أمام السودان    فوائد تمارين المقاومة، تقوي العظام والعضلات وتعزز صحة القلب    فيتامينات طبيعية تقوى مناعة طفلك بدون أدوية ومكملات    أحمد بنداري: التعامل وفق القواعد القانونية يُعزز الثقة في العملية الانتخابية    حوادث المدارس والحافز.. مشاهد تُعجل بنهاية "وزير التعليم" في الوزارة.. دراسة تحليلية.. بقلم:حافظ الشاعر    محافظ المنوفية يتفقد الموقف التنفيذي لعدد من مشروعات الخطة الاستثمارية لعام 2026/2025    أمين عمر حكما لمباراة الجزائر والسودان في كأس العرب    وزير الخارجية يؤكد على ضرورة تكاتف أبناء الوطن لدعم الاقتصاد الوطني    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام فولهام.. موقف مرموش    ضبط 379 قضية مواد مخدرة فى حملات أمنية    الاحتلال يفجر منزل أسير بنابلس ويقتحم بلدة برام الله.. وتحذيرات من تفاقم الأزمة بغزة    الفيشاوي وجميلة عوض يعودان للرومانسية في فيلمهما الجديد «حين يكتب الحب»    بسبب الشبورة المائية وأعمال الصيانة، ارتفاع تأخيرات القطارات على خط بورسعيد    أسعار اللحوم في أسواق محافظة أسوان — يوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    «وزير الري»: الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة    لإشعال الثورة البوليفارية، مادورو يعلن عن قيادة جديدة للحزب الاشتراكي في فنزويلا    طقس اليوم: معتدل نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 23    البديل الألماني يطرد عضوا من كتلة محلية بعد إلقائه خطابا بأسلوب يشبه أسلوب هتلر    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    كيف تكشف المحتوى الصحي المضلل علي منصات السوشيال ميديا؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"محمد خان" المصرى الذى ينتظر الهوية 70عاما
نشر في صوت الأمة يوم 08 - 03 - 2014

* محمد خان من المخرجين الذين يملكون روح المقاومة وهكذا من المستحيل أن يلقى بسلاحه قبل أن يحقق حلمه
* شكل خان فى الثمانينيات حالة خاصة مع أبناء جيله مثل الراحل عاطف الطيب
* عدد من المواقع الاليكترونية والجمعيات السينمائية تُطالب بمنح الجنسية المصرية لخان
السينما هى عشقه وحياته ولا اتصوره سوى انه والفيلم وجهان لعملة واحدة، محمد خان هو أكثر الوجوه المصرية الذى يتكرر تواجده دائما ضيفا على مهرجان دبى، سواء عُرض له فيلم أو كان عضوا بلجنة التحكيم أو ضيف شرف يشارك فى ندوة عن السينما، فهى عشقه الاسير بعد أن صار هو الأسير، فهو اكثر مخرج سينمائى التقيته على مدى ثلاثة عقود من الزمان مشوارى فى الصحافة سواء فى الداخل أو الخارج، يحرص على متابعة التعبير الأدق مطاردة الافلام، وكنت قد لاحظت حالة الشغف التى تنتاب خان عندما نقرأ عن فيلم ونجد صعوبة فى الحصول على تذكرة للدخول، على الفور تنشط بداخله كل أسلحة البقاء التى تدفع الانسان للحرص على الحياة فى مواجهة الخطر المحدق بها، ويبدأ فى البحث عن وسيلة للحصول على التذكرة، و يكاد يخرج لى لسانه ملوحا بالتذكرة وقبل ان يشعر بزهو الانتصار افاجئه باننى تمكنت من الحصول أيضا على واحدة وأرد عليه بتذكرة أخرى فى جيبى.
الوصية التى طلبها من المقربين إليه انه عندما يصبح عاجزا عن الذهاب للأفلام ان تذهب الافلام إليه، ويعرضونها امامه، كل الافلام التى شاهدها يريد ان يحظى منها برؤية اخرى وأخيرة، قال لى خان إنه قرأ عبارة دائما ما تداعبه وهى ان الانسان يمشى فى البداية على اربع مستخدما يديه وقدميه ثم فى شبابه على اثنين وبعد ذلك ثلاثة عندما يستعين بالعصا، ثم يصل الى الاربعة مرة اخرى، وسوف يواصل شغفه السينمائى حتى اخر نفس.
قبل عام أيضا فى جلسة لنا بمهرجان «دبى» قال لى إنه يحلم بانجاز ثلاثة افلام وليس من بين هذه الافلام بالمناسبة سيناريو «نسمة فى مهب الريح» الذى كان يحلم به قبل 15 عاما وتتابع على بطولته ليلى علوى وعبلة كامل ثم كان احد مشروعات سعاد حسنى وهى فى سنوات الغربة، ورحبت فى البداية ثم تراجعت وقبل خمس سنوات تحمست غادة عادل لبطولته وتحمس زوجها مجدى الهوارى لانتاجه ثم فجأة فتر الحماس وتوقف المشروع أسقط محمد خان هذا المشروع من حساباته، وقال لى كتبت السيناريو وحلمت بالشريط السينمائى ولكنى الان لم يعد هذا الفيلم يشغلنى على الاطلاق، كدت أن أصاب بأزمة قلبية بسببه فإبتعدت عنه.
لدى خان سيناريو عنوانه «استانلى» مشروع تناقلته اكثر من شركة انتاج وتتابع على الترشيح له محمود عبد العزيز وخالد صالح ثم توقف، بينما ثورة 25 يناير دفعته لوضع بذرة لحلمه الثانى عن رجل تجاوز الستين مصرى قبطى عاش وهو طفل ثورة 52 ووصل فى كهولته الى ثورة 25يناير، من المؤكد سيضيف لها تبعا لمجريات الأحداث ثورة 30 يونيو، أما مشروعه الثالث فهو «فتاة المصنع» الذى تحول من حلم الى حقيقة وشاهدناه فى المسابقة الرسمية للمهرجان.
لايتوقف خان عن الحلم ولا اتصوره مكتفيا فقط بهذه الافلام الثلاثة ولكنه بالتأكيد يرى السوق السينمائى الان فى مصر معاكس تماما لأى طموح فنى خارج الصندوق، قال لى انه احيانا يتذكر مشروعاً اقتصادياً جمعه مع المخرج الكبير صلاح ابوسيف عندما التقاه فى لندن فى منتصف السبعينيات، واقترح ابوسيف او لعله خان هو الذى اقترح، ان يشرعا معا فى إنشاء دكان لبيع الفول والطعمية «، وتم الاعداد للمشروع ثم وقعا فى حبائل نصاب وماتت الفكرة، وظل كلما التقى مع ابوسيف قالا معا «مش الطعمية كانت أحسن»، المخرج لايعتزل واتذكر ان صلاح ابوسيف عندما وصل الى شاظئ الثمانين قال لى انه سيعتزل الاخراج ورغم ذلك وضع شرطا واحدا لعودته وهو ان توافق الرقابة على مشروع تقدم به اليها عن البرودة الجنسية بين الازواج، واطلق على القصة السينمائية التى تقدم بها للرقابة اسم «مدرسة الازواج»، والغريب ان الرقابة وافقت بعد رحيله على الملخص وقدمه ابنه محمد باسم «النعامة والطاووس».
محمد خان من المخرجين الذين يملكون روح المقاومة وهكذا من المستحيل أن يلقى بسلاحه قبل أن يحقق حلمه، وفيلمه «فتاة المصنع» يستكمل به جزءاً من مشروعه، بعد ان ظل 6 سنوات يحلم بالعديد من الأفكار، شكل خان فى الثمانينيات حالة خاصة مع أبناء جيله مثل الراحل عاطف الطيب وخيرى بشارة وداوود عبد السيد وكان النجم الاسمر أحمد زكى هو القاسم المشترك لأغلب تلك الافلام، أحمد زكى كان يصف علاقته بمحمد خان مهما شابها من توتر قائلا إنهما توأم من نفس البويضة الفنية.
فى مصر الآن عدد من المواقع الاليكترونية والجمعيات السينمائية تُطالب بمنح الجنسية المصرية لخان، فهل من الممكن لأحد سوى أن يرى مصر فى كل لقطات أفلامه، سيظل خان فى موقعه يبدع ويلهث فى مطاردة الافلام وكعادته سيلوح لى بيديه لفيلم هام قائلا «التذكرة لا تزال فى جيبى» وسيظل دائما قادرا على أن يدهشنا ويبعث لنا الطمأنينة فى أفلامه وأحدثها ولا أقول آخرها «فتاة المصنع».
فى فيلمه «زوجة رجل مهم» كنا نُطل على الاحداث من شباك ميرفت أمين، امتزجت نظرات عيونها بصورة ثابتة تستدعى إلينا زمن وعبق ورائحة اغنيات عبد الحليم حافظ، عشنا بمشاعر ميرفت امين تلك الحالة من العشق مع اغانى العندليب ورغم ذلك ظلت قسوة وتراجيدية الحدث هى المسيطرة علينا.بينما فى فيلمه الاخير «فتاة المصنع» كان الالم حاضرا بقوة ورغم ذلك كانت السخرية وروح المقاومة هى المسيطرة، تُشبه حياة سعاد حسنى التى أهدى اليها المخرج محمد خان الفيلم، انتهت حياتها بمأساة ليس مهما إذا كانت انتحرت أم قُتلت فى الحالتين مأساة ورغم ذلك فإن ما يتبقى من سعاد ليس الدموع ولا الأحزان ولكن حالة من البهجة يرسلها إلينا صوتها وهى تردد «الدنيا ربيع والجو بديع قفلى على كل المواضيع».
عشنا حالة فنية مختلفة مع تلك الاغانى التى كانت هى لسان حال البطلة و هى الموجة التى ضبطها المخرج لتغلف الاحداث لتصبح هى شفرة التواصل التى نتابع من خلالها الشريط السينمائى.
وكأننا أمام مخرج فى عز شبابه وجنوحه وجموحه وأيضا جنونه، هكذا رأيت خان فى «فتاة المصنع» يجدد مرة أخرى شباب خان، الفيلم ينتمى بقوة الى عالمه الخاص ولكنه فى نفس اللحظة يرقص سينمائيا على إيقاع هذا الزمن، به وقار يليق بكهل فى السبعين بقدر ما به من «روشنة» لا يُقدم عليها سوى شاب فى العشرين.
لا يوجد لدى المخرج شخصيات ولا احداث معلبة، كل شئ طازج بنار الفرن، هناك حالة من الانسيابية فى التتابع يبدو الفيلم متحررا من كل تلك القيود.
أرى دائما أن الابداع هو الشباب لا يوجد إبداع كهل أو عجوز أو طاعن فى العمر السنوات تمضى وكلنا نكبر ويترك الزمن بصمة ويخصم الكثير من قوانا الطبيعية ولكن الفنان إذا ظهرت على ملامحه الابداعية علامات الشيخوخة وتجاعيد الزمن يصبح عجوزا، وخان اراه فى «فتاة المصنع» فى عز شبابه.
هناك حالة من المزج اللاشعورى بين سعاد حسنى برغم انه يهدى الفيلم إليها، اغانيها صوتها حياتها افلامها وخاصة «السفيرة عزيزة» للمخرج طلبة رضوان حيث تخللت الفيلم بعض لقطات من هذا الفيلم، انها الروح التى عليها الفيلم ثم ما يلبس بين الحين والآخر أن يحلق بنا فى اجواء كلثومية، وكأن صوتها آلة اخرى تقدم تنويعة على نفس النغمة.
للكاتبة الشابة وسام سليمان منذ ان رأيتها فى فيلمها الأول «احلى الاوقات» للمخرجة هالة خليل، بصمة خاصة تؤكد فى افلامها دائما أن الحياة سوف تستمر وأن الهزيمة ليست فى أن تخسر جولة ولكن أن تستسلم وتفقد إصرارك على البقاء، وهكذا دائما أرى أبطالها منتصرين حتى ولو كانوا بحساب الورقة والقلم خاسرين.
أبطال «فتاة المصنع» يشكلون الاغلبية بين المصريين الذين يعيشون بيننا نحن لانرى طبقة أخرى حتى البيت الثرى الذى تذهب إليه بطلة الفيلم الوجه الجديد ياسمين رئيس لمساعدة خالتها فى التنظيف مقابل أموالا إضافية، لا يعنينا من هؤلاء ولا توجد حتى كلمات حوار بين صاحبة البيت وفتاة المصنع لا شئ فقط وسيلة لرزق اضافى تلجأ البطلة للعمل من أجل بضعة جنيهات ولكن لا تواصل، حبيبها هانى عادل هو أيضا واحد من الفقراء حتى لا يدخلنا الفيلم فى صراع آخر بين الولد الثرى والبنت الفقيرة. الفقراء تتنازعهم كل المتناقضات ولكنهم فى نهاية الامر يتمسكون بقدرتهم على الحياة مهما عاندتهم الظروف، حتى مشهد الانتحار هو ليس انتحارا، تذكروا نهاية سعاد حسنى التى تعددت فى تفسيرها الدوافع والأسباب انتحار أم قتل، البطلة تابعت حبيبها فى الحارة بعد أن أخذوه عنوة ليعقد قرانه عليها ولم تتحمل المشهد وأمسكت بالسور الخشبى للشرفة ووقع بها ولم ينقذها من الموت سوى حبل غسيل الجيران، كل الفقراء فى الفيلم بما فيهم البطلة ليسوا ناصعى البياض ولكنهم مثل البطلة لديهم الحرص على الحياة والرغبة والشرف والجدعنة والنخوة والخيانة، الخوف من الغد وانتظار يد الإله وهى تحنوا عليهم فى اللحظات الاخيرة وفوق كل ذلك لم يفقدوا روح المقاومة.
هل هناك حكاية ما فى الفيلم؟ ستجهد نفسك كثيرا لو فكرت فى الحكاية لأنها فى الحقيقة مثل كل الحكايات ولكنها ايضا ليست مثل كل حكاية.
الفتاة الفقيرة ياسمين رئيس التى تخشى من وصولها الى رقم 21 من عمرها والذى يعنى مبادئ العنوسة فى مجتمع يترقب دائما لحظة الزواج التى تعنى الحماية للمرأة وإخراس كل الألسنة. والتتابع الذى نعرفه كلنا من قبل ان نراه فهى تحب شاب وسيم هانى عادل تعبر عن مشاعرها بايجابية، تتمتع بروح ايجابية فى مطاردة الحبيب ويهرب منها بعد قبلة عابرة وتُتهم بأنها قد فرطت فى عرضها وتنتهى الاحداث بان ترقص فى يوم فرحه بعد أن يكتشف اهل الحارة جميعا انها ابدا لم تفقد عذريتها، رقصة ياسمين تذكرنى برقصة سعاد فى فيلم «خاللى بالك من زوزو» عندما رقصت وتحدت الجميع الذين كانوا يسخرون من أمها تحية كاريوكا، شئ من هذا وجدته فى رقصتها الأخيرة، فهى ليست كما قال الشاعر كالطير يرقص مذبوحا من الألم ولكنها حملت أيضا شئ من الانتصار تهزم به ملامح الانكسار.
أرى المرأة فى هذا الفيلم تعبر عن الايجابية بمعناها الاعمق فهى تسعى لتحقيق حلمها ولا تنتظر ان يأتى فارس الاحلام يخبط على الباب، الحارة المصرية الساحرة بكل التفاصيل اختارت عين محمد خان من الواقع المصرى دلالاته الحياتية وكلماته وروحه ومع رسم متقن للاضاءة لفنان يصعد بقوة مدير محمود لطفى، الذى شاهدت له من قبل فيلمه «الخروج للنهار» لهالة لطفى، الحالة الابداعية ليست ان تصور فى الواقع ولكن ان تنقل روح الواقع، خفة الظل فى اختيار كلمات الاغانى المعبرة ليست عن الحدث ولكن الاهم عن الاحساس العام بالشخصية والموقف.
تضافرت العناصر الفنية مونتاج دينا توفيق وموسيقى جورج كازازيان مونتاج دينا فاروق ويحصل المخرج من ممثليه على درجة عالية جدا من الطبيعية وخاصة هانى عادل وسلوى محمد على وسلوى خطاب والوجه الجديد ابتهال الصريطى، الادوار الصغيرة والكومبارس الكل على الشاشة يساهم فى تعميق هذا الاحساس وهو انهم لا يمثلون.
ويبقى رهان المخرج الصائب على الممثلة ياسمين رئيس، وجه يملك حضوراً وتلقائية وأظنها ستصبح هدفا قادما للمخرجين، شاهدتها من قبل فى «واحد صحيح» اول اخراج لهادى الباجورى وكانت قادرة على الجذب هذه المرة تفجرت موهبتها امتلأت بالشخصية فنضحت على ملامحها وروحها بحضور طاغ امام الكاميرا، اخذت فرصة عمرها مع خان وكانت بالفعل تستحق هذه الفرصة. هل بعد ذلك من الممكن ان يتساءل أحد عن جنسية محمد خان التى تنطق بها الشاشة على مدى يقترب من أربعة عقود من الزمان.
نشر بعدد 679 بتاريخ 16/12/2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.