· عقوبات الفيفا معناها أن مصر هي الجاني والجزائر هي المجني عليها.. مصر هي الجلاد والجزائر هي الضحية.. مصر هي المعتدي والجزائر هي المعتدي عليها تقول الحكمة: التاريخ يكتبه المنتصرون، وأضيف من عندي إلا في مصر حيث يكتبه المهزومون والفاشلون الذين يحاولون إقناعك ليلاً ونهاراً سراً جهاراً بأن الانتكاسات هي قمة الانتصارات وأن الهزائم هي أعلي مراتب المكاسب والغنائم.. مجرد إدانة الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» لمصر ومعاقبتها بنقل مباراتين خارج القاهرة مع تغريمها مائة ألف فرنك سويسري يعني أن مصر هي الجاني والجزائر هي المجني عليها.. مصر هي الجلاد والجزائر هي الضحية.. مصر هي المعتدي والجزائر هي المعتدي عليها.. مجرد إدانة الفيفا لنا حتي لو كانت العقوبات خفيفة تعني أننا لم ننهزم فقط في معركة أم درمان معركة الصعود إلي كأس العالم، ولكننا انهزمنا أيضا في معركة الكرامة والمصداقية.. فطوال الفترة الماضية ونحن نحاول إقناع العالم بأننا ضحايا الاعتداءات الجزائرية والحرب الإعلامية القذرة.. جنرالات الإعلام عندنا الذين أشعلوا الفتنة كانوا يبررون مواقفهم بأن الجزائر هي التي بدأت بالاعتداء سواء بالشتائم أو بضربنا في شوارع أم درمان.. عقوبات الفيفا في منتهي الخطورة لأنها لا تؤكد فقط أننا الطرف المعتدي ولكنها أعطت مبرراً أيضا لاعتداءات بعض الجزائريين المتعصبين علي الأتوبيسات المصرية في السودان.. فالجزائريون قالوا إنهم فعلوا ذلك انتقاماً للاعتداء علي أتوبيس الفريق الجزائري في القاهرة وكان المسئولون الرياضيون وجنرالات الإعلام الرياضي عندنا ينفون حدوث أي اعتداءات، والآن جاء الاتحاد الدولي ليؤكد حدوث الاعتداءات، تهكمنا علي دماء اللاعبين الجزائريين التي سالت ووصفناها بأنها صلصة أو كاتشب مع أننا لو خرجنا وأعلنا بصراحة وبشفافية أن بعض المشجعين المتعصبين قذفوا أتوبيس الفريق الجزائري بالطوب ونحن نعتذر عن ذلك ولا نقبل أي اهانة توجه للضيوف الجزائريين لانتهي الأمر ولكنها ثقافة الصلصة التي تسيطر علي عقولنا.. وصل الفريق الجزائري إلي مطار القاهرة ولم يستقبله أي مسئول رياضي مصري وتعلل المسئولون المصريون بأن الرئيس مبارك كان يزور معسكر المنتخب المصري مع أنه مبرر مؤسف فالأولوية لاستقبال الضيوف ولكن المسئول الرياضي في مصر يهمه في المقام الأول أن يقف إلي جوار الرئيس.. إحدي القنوات التليفزيونية الفرنسية تعاقدت مع الجزائر لتصوير كل ما يتعلق بالكواليس وبتدريبات المنتخب الجزائري وكانت كاميراتهم تصور وتسجل داخل الأتوبيس في اللحظة التي قذف فيها بعض المتعصبين الأتوبيس الجزائري بالحجارة.. صوروا كل شيء بما في ذلك اصابات اللاعبين الثلاثة الذين سالت دماؤهم.. ثم إن أعضاء الفيفا أنفسهم كانوا في المطار وقت وصول الفريق الجزائري وبعد الحادث تم نقلهم إلي فندق الفريق الجزائري ورأوا بأعينهم أن الاصابات التي لحقت باللاعبين الجزائريين إصابات حقيقية، وقتها قال لي السفير الجزائري عبدالقادر حجار: أخذنا مفاتيح الأتوبيس من السائق المصري حتي لايتم استبدال الاتوبيس الذي تعرض للقذف بالحجارة بأتوبيس آخر سليم وبذلك يضيع دليل رئيسي تعتمد عليه الجزائر، هكذا تصرف الجزائريون.. صوروا كل شيء وركزوا علي الأدلة القانونية وليس علي الجعجعة، أما نحن فكانت تصرفاتنا مثيرة للسخرية والشفقة.. لقد وصل الأمر بالمسئولين الرياضيين في مصر إلي حد أنهم جاءوا بسائق ليتحدث إلي كل الصحف والقنوات الفضائية علي أنه سائق أتوبيس الفريق الجزائري وأخذ السائق يؤكد أن الأتوبيس تهشم من الداخل وأن اللاعبين الجزائريين هم الذين فعلوا ذلك لتعريض مصر للعقوبات.. غلطة واحدة كشفت الأكاذيب المصرية فالسائق الذي جاءوا به ليتحدث للفضائيات له شارب كثيف «شنب»، أما السائق الأصلي الذي صورته كاميرات القناة الفرنسية وهو يقود الأتوبيس فلم يكن له شارب وافتضحت الأكاذيب لأننا لانعرف حتي فنون التآمر والكذب تقول القاعدة «إذا كتب كذوبا فكن ذكوراً» نسينا أن السائق بدون شارب.. ما أقوله ليس نكتة ولكنها وقائع وأسرار حواها الملف الجزائري. الذين جعلوا مصر هي الجاني والجزائر هي المجني عليها وحولوا مصر إلي جلاد والجزائر إلي ضحية يستحقون أن نحاكمهم ونضعهم داخل القفص فالاستقالة وحدها لم تعد كافية.