«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصف كترمايا أهلاوي والنصف الآخر زملكاوي ..وصور عبد الناصر تنتشر في معظم المنازل .. و12مصريا يعيشون فيها ولم يمسهم سوء و8 من المتهمين بالتمثيل بالجثة سلموا أنفسهم حتي الآن
وائل الإبراشي يكتب:
نشر في صوت الأمة يوم 15 - 05 - 2010

· 8 متهمين في مأساة التمثيل بجثة العامل المصري سلموا أنفسهم بعد أن أقنعناهم بذلك
· رئيس بلدية كترمايا: الرئيس اللبناني قال لنا لابد من تسليم المتهمين بالتمثيل بالجثة لأن الأمر يتعلق بسمعة لبنان
فجأة ودون سابق تفكير أو ترتيب أو تخطيط، قررت السفر إلي لبنان ودخول قرية كترمايا.. صرخ في وجهي المقربون والأصدقاء: انت مجنون، تذهب إلي قرية الموت.. قرية التمثيل بالجثث .. قرية الوحشية والهمجية والدموية.. سوف يستقبلونك بالسكاكين، وسنراك في نشرات الأخبار القادمة جثة معلقة علي عمود الكهرباء.. هكذا قالوا.. قبل أن يضيفوا: لقد شهدت القرية في أقل من 24 ساعة مذبحتين متتاليتين، تم التمثيل فيهما بجثث خمسة أشخاص، في الأولي ذبحت طفلتان وجدتهما وجدهما والأربعة من سكان القرية ويحملون الجنسية اللبنانية، وفي الثانية قتل أهل القرية المشتبه به أو المتهم المصري الجنسية محمد سليم مسلم، ومزقوا جثته وقطعوها، ثم علقوها علي أحد الأعمدة الكهربائية انتقاما منه.. قلت لمن يحذرونني: طقت في دماغي ولن أتراجع، فالصحفي يختلف عن غيره في أنه يجب أن يكون في موقع الأحداث ولايكتفي بمتابعتها من خلال شاشات التليفزيون ومن منازلنا ومكاتبنا المكيفة.. ثم إننا لايجب أن نختزل بلدا أو مجتمعا في مذبحتين.. لايجب أن نحكم عليه من خلال 24 ساعة فقط شهدت أحداثا دموية.. سألت السفير المصري في لبنان أحمد البديوي قبل أن أغادر القاهرة إلي بيروت، فخذرني من دخول القرية وقال لي: الأوضاع مازالت مشتعلة ولايستطيع أحد أن يضمن سلامتك.. قلت لنفسي: لن أتراجع فالدبلوماسية تفضل الهدوء وتكره والاقتحام.. تميل إلي السكون وتبتعد عن العاصفة، سألت هبة شقيقة القتيل المصري محمد سليم من الأم، وهي لبنانية عاشت حياتها في كترمايا قبل أن تنتقل إلي بيروت بعد الزواج: هل دخول القرية في الوقت الحالي خطر؟ وكانت إجابتها محبطة: حتي لو دخلت في حراسة قوي الأمن الداخلي اللبنانية، فلن تحميك، وإلا كانوا حموا أخي محمد وأنقذوه من الأهالي.. قلت لنفسي: أنا مصمم ولن أتراجع.. بل وقررت السفر دون تنسيق مع السفارة المصرية في لبنان ولا حتي أجهزة الأمن اللبنانية، فكلاهما سينصحان ويحذران من الدخول.. اتصلت باثنين فقط هما واسطتي لدخول كترمايا.. الأول مأمون ملك ابن خالة السيدة رنا أبو مرعي أم الطفلتين المذبوحتين وابنة العجوزين المقتولين، وهم اللبنانيون الأربعة الذين انتقم لهم الأهالي بالتمثيل بجثة المواطن المصري محمد سليم، والثاني المحامي الشاب أحمد حسن والذي عرفني عليه السياسي اللبناني والصديق كمال شاتيلا رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني.. وبينما أنا أستعد للسفر حدث تطور مفاجئ.. اتصل بي الأستاذ أحمد حسن ابن قرية كترمايا يوم الجمعة الماضية وقال لي: هل يمكن أن تؤجل مجيئك أسبوعا؟!.. سألته: لماذا؟ قال: حدثت تطورات سلبية اليوم الجمعة واشتعلت الأوضاع من جديد.. المخابرات اللبنانية اعتقلت ثلاثة لبنانين من أهل القرية من المشتبه بأنهم هم الذين قتلوا الشاب المصري ومثلوا بجثته.. رصدوهم وراقبوهم وانقضوا عليهم بشكل مفاجئ حتي لاتحدث مقاومة ونقلوهم إلي أحد السجون، فغضب أهالي كترمايا وخرجوا من جديد إلي الشوارع وأغلقوا الطريق المؤدي إلي القرية مطالبين بالإفراج عن المعتقلين.. قلت له: جهزت نفسي للسفر غدا ورتبت كل أموري ولا مجال للتراجع، فقال لي: لا أستطيع أن أضمن سلامتك في ظل الوضع الجديد، فلا أحد يستطيع أن يتحكم في انفعالات بعض الشباب المتحمسين والغاضبين الذين أغلقوا الطرق، خاصة أنهم يعتقدون أن الحكومة المصرية والإعلام المصري نجحا في الضغط علي السلطات اللبنانية وإجبارها علي القبض علي المتهمين بالتمثيل بجثة المواطن المصري.. قلت لنفسي: إذا كان واسطتي لدخول كترمايا يحذرني من المجيء الآن ومن قبله السفير المصري في لبنان وأخت القتيل المصري اللبنانية الجنسية ومعظم الأصدقاء والمقربين، فكيف أجازف وأسافر رغم كل هذه التحذيرات؟! ثم علمت بعد ذلك أن ثورة القرية ازداددت اشتعالا وأن الأهالي هناك يرفعون شعار: اسجنوا كترمايا كلها ولا تسجنوا اثنين أو ثلاثة من قتلة القاتل المصري.. قلت لنفسي: سأسافر حتي لو أعلنت كترمايا استقلالها وانفصالها عن الجسد اللبناني.. وفي لبنان اكتشفت أن التمثيل بجثة المواطن المصري لم يؤثر فقط علي نظرة غير اللبنانين إلي كترمايا، وإنما أثر أيضا علي نظرة اللبنانيين أنفسهم الذين أصبحوا ينظرون إلي كترمايا بحذر وقلق، لدرجة أن أعضاء فريق التصوير التليفزيوني الذي اتفقت معه كان لديه بعض المخاوف مع أنهم لبنانيون، بالإضافة إلي سائق السيارة الذي قال لي: أهل كترمايا دمهم حامي وربنا يستر وقال لي لبناني آخر: يسمونها تكساس العربية علي اعتبار أن ولاية تكساس الأمريكية مشهورة بالعنف الزائد وارتفاع نسبة الجريمة.. بل والمفاجأة أنني بعد دخولي إلي كترمايا اكتشفت أن المذبحتين «مذبحة اللبنانيين الأربعة والتمثيل بجثة المصري» أثرت علي أهالي كترمايا أنفسهم.. قال لي أحدهم: أصبحنا نخشي علي أطفالنا بعد المذبحة التي راح ضحيتها اللبنانيون الأربعة، أحكمنا إغلاق بيوتنا ولم نعد نسمح للأطفال بالخروج، لقد أصابنا الفزع جميعا.. قبل أن أصعد إلي كترمايا التي ترتفع عن سطح البحر -45 مترا وتبعد عن بيروت العاصمة 35 كيلو مترا، كان لابد أن أعرفها جيدا وأفهم تركيبة سكانها وطبيعة أهلها وجذورها التاريخية، وأعتقد أن أكبر مشاكلنا أننا لانقرأ بعضنا البعض، ولانحاول فهم الآخر ولا نكلف أنفسنا عناء المعرفة.. معرفة تركيبة من نختلف .. ولو فعلنا ذلك لتفادينا أزمات ومآسي كثيرة كنا في غني عنها، مثلما حدث مع الجزائر.. لقد وصل الجهل بالبعض في مصر إلي حد الادعاء بأن أهالي كترمايا مثلوا بجثة المواطن المصري ردا علي الحكم القضائي بحبس أعضاء شبكة حزب الله في مصر مع أنهم لو تعبوا وبحثوا قليلا لعرفوا أن كترمايا قرية سنية وهي إحدي مناطق النفوذ السياسي لتيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الحكومة سعد الحريري، والذي وصلت الخصومة السياسية له مع حزب الله إلي حد العداء، حتي وقت قريب قبل المصالحة المؤقتة أو الهشة التي قد لاتدوم، وبعدما دخلت كترمايا تأكد لي أن معظم سكانها يؤيدون حزب الله كحركة مقاومة، ولكنهم يعارضونه بشدة وحدة فيما يتعلق بالأوضاع الداخلية في لبنان.. والمفاجأة التي تتعارض مع مشهد التمثيل بجثة العامل المصري أن التيار القومي العروبي أي المتمسك بالقومية العربية وبالعروبة هو السائد والمهيمن والمنتشر في كل أرجاء كترمايا التابعة لإقليم الخروب التابع لقضاء الشوف التابع لمحافظة جبل لبنان.. وكان السياسي اللبناني الشهير الزعيم الراحل كمال جنبلاط- والد وليد جنبلاط- يدغدغ العواطف في خطبه وهو يصرخ: بأقليم الخروب- يا إقليم العروبة- يا إقليم عبدالناصر- هكذا كان يسمي الأقليم الذي كان يتمتع فيه بشعبية كبيرة وكترمايا جزء من هذا الإقليم.. المفاجأة الأكثر أهمية أن أهالي كترمايا مثلهم مثل سكان الإقليم كله، يعشقون الزعيم الراحل جمال عبدالناصر إلي حد الهوس، لدرجة أن صوره تنتشر في منازلهم وتتصدر مداخلها وبعض البيوت فيها تماثيل لعبدالناصر.. وحينما دخلت منزل المهندس محمد نجيب حسن رئيس بلدية كترمايا وجدت تمثالا لعبد الناصر وأكثر من صورة، وفي منزل الأستاذ نزيه السيد رئيس منتدي إقليم الخروب الثقافي الاجتماعي في كترمايا، وجدت تمثالا لعبد الناصر ومعرض صور للزعيم الراحل منذ ثورة يوليو وحتي وفاته، وفي منزل الأستاذ رياض حسن أحد أهالي كترمايا صورة كبيرة قديمة ترجع إلي أيام عبدالناصر، مازال يحتفظ بها في صدارة البيت.. بل إن السيدة رنا أبومرعي التي يمكن أن نعتبرها المحور الرئيسي للمأساة وللمذبحتين، فهي أم الطفلتين المذبوحتين وابنة العجوزين المقتولين تركتني وذهبت إلي المنزل الذي حدث فيه المذبحة والمغلق بالشمع الأحمر من قبل السلطات الأمنية والقضائية لإحضار صورة تعتز بها موجودة في الدور الأعلي الذي لم يخضع للتشميع وعادت بها بعد وقت طويل.. وقد فوجئت أن الصورة لأمها السيدة كوثر، وهي في شبابها مع الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.. قالت السيدة رنا وهي تبكي: قطعت أمي كل هذه المسافات من كترمايا إلي دمشق سيرا علي الأقدام لكي تري عبدالناصر وتلتقط صورة معه وحققت حلمها، ومازلنا نحتفظ بالصورة، لذلك أقول .. والكلام للسيدة رنا للشعب المصري ولمصر: نحن نحبكم فلماذا ركزتم علي ما حدث للقاتل المصري ولم تركزوا علي ما حدث لطفلتي وأمي وأبي.. وأضافت: والله لو كان القاتل من أهلي ومن قريتي ما تغير في الأمر شيء وانفعل به الغاضبون نفس ما فعلوه في المصري..
قالت لي رنا أبومرعي ومحاميها مأمون ملك: الدليل علي أن العملية ليست موجهة ضد المصريين أنه يعيش بيننا في سلام ووئام 12مصريا متزوجين من لبنانيات من كترمايا ولم يمسهم أحد بسوء لأنهم أهلنا.. قابلت بعض المصريين الذين يعيشون في كترمايا.. طارق عبد العال من كفر الشيخ يعمل في محل نجارة ومتزوج من السيدة ألفت منصور وتعمل مدرسة في مدرسة ابتدائية .. من المصريين المقيمين في كترمايا أيضا سيد عراقي مهني من الشرابية في بالقاهرة ومتزوج من لبنانية من كترمايا .. وهناك أيضا صلاح العزاوي من الدرب الأحمر ويعمل نجارا ومتزوج من سيدة لبنانية من كترمايا اسمها سوسن علي سعد.. كلهم أكدوا أنهم يعيشون في أمان في كترمايا ولم يطالب أهالي القرية بملاحقتهم أو مطاردتهم قضيتهم مع محمد سليم فقط بغض النظر عن جنسيته..
وقال لي الأستاذ حسان ملك.. مدير إحدي المدارس.. : هل تعرف أن قرية كترمايا مرتبطة رياضيا وفنيا بمصر.. سألته : كيف؟! .. أجاب : نصفنا أهلاوي متعصب ونصفنا زملكاوي أكثر تعصبا.. أنا مثلا .. والكلام لحسان : زملكاوي متعصب، في حين أكد نزيه السيد - رئيس منتدي إقليم الخروب الثقافي والاجتماعي في كترمايا - أنه أهلاوي.. وأضاف حسان مالك : نتشاجر مع بعضنا البعض علي المقاهي بسبب الأهلي والزمالك، وقال مأمون ملك المحامي : القرية أيضا نصفها يحب أم كلثوم والنصف الآخر يحب عبد الوهاب.. وتساءلوا جميعا : هل يوجد ارتباط أكثر من ذلك بمصر وبالشعب المصري؟! كيف نتهم في النهاية بأننا قتلنا ومثلنا بجثة محمد سليم لأنه مصري؟!..
قلت لهم : السؤال يمكن أن يكون معكوسا علي الشكل التالي : إذا كنتم تحبون مصر وترتبطون بها وتعشقون عبد الناصر إلي هذا الحد، لماذا لم تراعوا كل ذلك وأنتم تقتلون مواطنا مصريا حتي، لو كان مجرما، فمكانة المحكمة، ولماذا لم تفرملوا أنفسكم وبعضكم يمثل بجثته ويلعقها علي عمود كهرباء؟!
يتفق الجميع في كترمايا علي أن قوي الأمن الداخلي هي سبب المأساة.. كان الأهالي يستعدون لاستلام جثث اللبنانيين الأربعة «الطفلتين والجد والجدة» من المستشفي وإذا بهم يجدون المشتبه به أو المتهم بالقتل أمامهم ومعه فقط ثلاثة جنود وسائق يؤكدون للأهالي الغاضبين أنه اعترف بالقتل وأن الدلائل كلها ضده فانتزعه الغاضبون من بين أيدي الجنود وعذبوه وقطعوا جسده ومثلوا بجثته وطافوا بها في شوارع القرية وزفوها علي سيارة قبل أن يعلقوها علي عامود كهرباء وهو المشهد الذي أثار الفزع في كل أنحاء العالم..
إذن.. أجهزة الأمن اللبنانية هي القاتل الذي أشعل الفتنة وحول جريمة قتل إلي مأساة يندي لها الجبين، حيث وضعت البنزين إلي جوار النار وقدمت المتهم محمد إلي جموع الغاضبين، لذلك لمست بنفسي حرص السلطات الأمنية علي تقديم المتهمين في جريمة التمثيل بجثة المواطن المصري إلي العدالة لدرجة أن الملف في يد رئيس الجمهورية ميشال سليمان.. سألت رئيس بلدية كترمايا المهندس محمد نجيب حسن : علمت أنكم شكلتم لجنة وقابلتم السفير المصري في لبنان أحمد البديوي ثم رئيس الجمهورية ميشال سليمان ثم رئيس الحكومة سعد الحريري.. ما الذي دار في هذه اللقاءات؟!.. أجاب : كلها تتعلق بضرورة : تسليم المتهمين إلي السلطات اللبنانية ورئيس الجمهورية هو الأكثر تصميما علي ذلك، وقال لنا : الموضوع متعلق بسمعة لبنان في الخارج، حيث تشوهت بسبب الحادثة وقال أيضا تسليم المتهمين سيؤكد أنه لا أحد يستطيع أن ينتزع لنفسه دور الدولة وأن الفكرة «المأخوذ» عن لبنان أن الدولة لا تستطيع فرض سيطرتها غير مقبولة ولابد أن نصححها.. قلت له : كم عدد المطلوبين من أهالي كترمايا؟ أجاب : 11 شخصا .. أربعة سلموا أنفسهم ثم أربعة آخرين منذ ساعات «ونحن نجهز للطبع» أي ثمانية حتي الآن وكانت السلطات قد ألقت القبض من قبل علي ثلاثة تبين أن اثنين منهم لا علاقة لهما بالتمثيل بجثة محمد، وبالتالي أصبح عدد المعتقلين تسعة أشخاص ويتبقي اثنان من المطلوبين قد يسلما نفسيهما خلال ساعات أو أيام «انتهي كلام رئيس البلدية».
مشكلة كترمايا أن كل فريق تعصب لدم ابنائه واستهان بدماء الآخرين في حين أن الدم واحد حرم الله سبحانه وتعالي استباحته .. علينا أن نرفع شعار لا للمذبحتين.. لا لأي نقطة دم تسيل.. نعم لمحاكمة كل من أهدر واستباح دما.. حق اللبنانيين الأربعة لا يجب أن يضيع وحق المواطن المصري محمد سليم يجب أن يظل محفوظا حتي لو كان مجرما فالقصاص منه داخل المحكمة.
كترمايا واحدة من أشهر القري التي استهدفتها اسرائيل بالمذابح الوحشية ففي عام1982 وأثناء الاجتياح الاسرائيلي للبنان ارتكبت اسرائيل مجزرة دموية وقصفت المنازل في كترمايا فسقط 48 شهيدا و200جريح.. وظلت كترمايا طوال فترة الاحتلال بوابة للمقاومة ضد اسرائيل فكيف تصبح الآن عنوانا للهمجية والدموية والتمثيل بالجثث؟
كترمايا المتمسكة بالقومية والعروبة العاشقة لعبد الناصر وللشعب المصري المنقسمة إلي أهلاوي وزملكاوي لا تستحق هذه الاتهامات يجب أبدا ألا نختزلها في مذبحتين ونختصرها في التمثيل بجثة.
الأسبوع القادم : أسرار جديدة
وثائق ومستندات القضية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.