فيلم «قاطع شحن» يقوم النصف الثاني منه علي مغامرة ومطاردة بوليسية، إلا أننا لانري أي مشاهد بوليسية لسببين هما ضعف حرفية المخرج والفقر الإنتاجي للفيلم من ناحية في الستينيات، قدمت السينما مجموعة من الأفلام «الشبابية» اللطيفة والناجحة، وعرضت من خلال عناوين متنوعة، ولكن بقي في الذاكرة منها تلك التي حملت كلمة «الثلاثة» مثل الشياطين الثلاثة، والاصدقاء الثلاثة، والمساجين الثلاثة.. وهكذا. كانت هذه الأفلام الشبابية تقدم في إطار الاعمال الاستهلاكية المسلية، وكان سر نجاحها جماهيريا أنها تنقل «روح» شباب هذه المرحلة، وأنها كانت تقدم بدرجة معقولة بل وجيدة من الحرفة السينمائية، وأنها ثالثا تعتمد علي نجوم شباب يحبهم الناس سواء من فتيان الشاشة أو فتياتها، ومنهم رشدي اباظة وسعاد حسني وأحمد رمزي وناهد شريف ويوسف فخر الدين ومحمد عوض وحسن يوسف ونوال أبوالفتوح وغيرهم... ثم اختفت هذه النوعية من الافلام، وعادت في أواخر التسعينيات من خلال فيلم «اسماعيلية رايح جاي»، والثلاثي محمد فؤاد ومحمد هنيدي وخالد النبوي، وبعد ذلك في «صعيدي في الجامعة الامريكية» من خلال هنيدي وأحمد السقا وطارق لطفي.. ولكن سرعان ما اختفت مرة أخري مع ظاهرة النجم الاوحد صاحب الايرادات الكبيرة. ويأتي فيلم «قاطع شحن» كمحاولة استنساخ لهذه النوعية من الافلام، وكان المخرج سيد عيسوي قد قام بمحاولة «سابقة في فيلم «بحبك وبموت فيك» منذ خمس سنوات، وفي المحاولتين قدم فيلمين بائسين نتيجة ضعفه علي مستوي الحرفة السينمائية من ناحية، وعدم ادراكه أو احساسه بروح شباب هذا الجيل - رغم أنه شاب فيما أظن- لقد حاول فقط التقليد، فخرجت تجربته الثانية بنفس درجة بؤس الأولي.. لماذا؟! تدور الأحداث من خلال فايز «عمر حسن يوسف» وكريم «شادي شامل» الأول شاب عاطل تائه ولكنه موهوب في فن النحت، ولايتم اكتشاف طاقاته وموهبته إلا من خلال رئيس عصابة للتهريب والاتجار في الآثار.. والثاني لا يفكر إلا في السفر ويعمل في احد المطاعم حيث يقوم بتوصيل الطلبات للمنازل، ويرتبط بقصة حب مبتورة مع فتاة تعمل كوافيرة «ياسمين الجيلاني» ويحب الشاب الأول زميلة هذه الكوافيرة «شذي» من طرف واحد. والمهم أن الأربعة في النهاية يدخلون مغامرة بوليسية للقبض علي العصابة التي تتاجر في الآثار، وذلك من خلال تفاصيل في غاية السذاجة والعبط. ورغم أن فيلم «قاطع شحن» يقوم النصف الثاني منه علي مغامرة ومطاردة بوليسية، إلا أننا لانري أي مشاهد بوليسية لسببين ضعف حرفية المخرج والفقر الانتاجي للفيلم من ناحية، ولأن ابطال الفيلم بلا لياقة بدنية أو قدرة علي الاداء، وحضورهم علي الشاشة باهت «عمر حسن يوسف وشذي وشادي شامل وياسمين الجيلاني» .. ومن هنا اتجه المخرج سيد عيسوي إلي الورقة الثانية التي يمكن من خلالها تحقيق النجاح وهي أن لديه مطربة ومطرباً «شذي وشادي شامل»، وقد منح الفرصة كاملة لكليهما في غناء منفرد ووسط الجموع علي طريقة الفيديو كليب.. وهنا ظهر ضعف اللياقة «الصوتية» لكليهما، من خلال حضور «بليد وفاتر». ماذا تبقي إذن من هذا الفيلم البائس؟! بقي اسم الفيلم «قاطع شحن» ونعرف أنه تم اختياره لان البطل «عمر حسن يوسف» عندما يغضب من والده ويترك البيت، يحاول الاب أن يصالحه بعد تدخل الأم، فيقوم بالاتصال به علي المحمول، ولكن للأسف يكون محمول البطل فاصل أو قاطع شحن.. يا حول الله!.. عموما بعد مشاهدة الفيلم سوف نكتشف فعلا أن الفيلم نفسه «قاطع شحن» سواء مع الجمهور الذي تجاهل عرضه، فخرجت كل حفلات اسبوعه الأول بلا جمهور تقريبا.. أما علي المستوي «الموضوعي» فهو قاطع شحن مع الشباب من هذا الجيل، فهو لايعرف عنهم طموحا ومغامرة ونزوات ورغبات واحلام أي شيء.. إنه عمل بلا روح. الأمر الثاني أو الآخر أن المخرج سيد عيسوي والمؤلف أسامة رؤوف أرادا تقليد سينما الشباب في الستينيات، ولكن طبقا لقواعد وشروط سينما اواخر التسعينيات التي اتخذت شعار« السينما النظيفة» حيث الحب والعواطف مع وقف التنفيذ، وهناك دائما مسافة مكانية لاتقل عن نصف متر بين شذي وعمر حسن يوسف من ناحية، وياسمين الجيلاني وشادي شامل من ناحية أخري.. إذن سقطت كل اوارق السينما الشبابية: لا مغامرات بوليسية أو ضاحكة، واغاني واصوات خالية الحس والاحساس والصوت الجميل، وقصص الحب بلاهمس أو لمس أو حتي نظراتي علي راي نجاة «شيء مؤسف أو بمعني أدق فيلم مؤسف»!.