علي الرغم من تصدي وزارة الخارجية المصرية لإيقاف نشاط المعهد الجمهوري الأمريكي عام 2006بسبب ممارسته نشاطا دون تصريح رسمي من الجهات المختصة داخل مصر، فاجأ «إئتلاف شركاء من أجل التغيير» الحكومة مؤخرا بالإعلان عن تشكيله بدعم من المعهد الجمهوري الأمريكي علي أن تضم الأمانة العامة للائتلاف ثلاث مؤسسات حقوقية رئيسية هي مركز العدالة والمواطنة لحقوق الإنسان بالمنيا وجمعية حقوق الإنسان بأسيوط وجمعية مجتمعنا للتنمية وحقوق الإنسان بالجيزة وتسعي الأمانة العامة لضم أكبر عدد من المنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني، وأعلن الائتلاف أن الهدف من تشكيله هو مراقبة الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة لذا دعا عددا من ممثلي بعض الأحزاب المصرية في المحافظات للمشاركة في دورة تدريبية عقدها المعهد في الأردن استمرت 6 أيام، ومن بين الأحزاب التي شاركت في الدورة حزب الجبهة الديمقراطية والحزب الدستوري وحزب الإصلاح والتنمية «تحت التأسيس» وحزب الغد. المعهد الجمهوري الأمريكي لايزال يمارس نشاطه داخل مصر رغم قرار الخارجية بتجميد أي أنشطة له بدعوي أنه يعمل بمنهج العمل بعيدا عن الشاطئ، كما يصفه القائمون عليه. وقد بدأ عمله في أغسطس 2005 لتقييم الانتخابات البرلمانية والرئاسية ثم عمل علي اختراق الأحزاب السياسية وحثها علي تقديم برامج مستقبلية نشطة، كما نظم ورش عمل وفق المنهجية التي يسميها العمل بعيدا عن الشاطئ، حيث قام بتدريب عدد كبير من الأفراد لمراقبة انتخابات المجالس المحالية 2008 ، فضلا عن الاتصال بالكوادر الحزبية. وأثناء الانتخابات المحلية في الولاياتالمتحدة استقبل المعهد وفدا مصريا من ممثلي الهيئات غير الحكومية والأحزاب السياسية لمراقبة الانتخابات الأمريكية وتدريبهم علي طرق مراقبة الانتخابات وكيفية إجراء عمليات الفرز. المعهد الجمهوري الأمريكي يستند في نشاطه علي ما قاله الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان في خطابه أمام البرلمان البريطاني عام 1982 «دعنا نبدأ الآن جهدا رئيسيا لضمان أفضل حملة صليبية للحرية التي ستشعل الإيمان لأجل السلام والعدالة، دعنا نتحرك نحو عالم فيه كل الناس أحرار لتقرير مصيرهم الخاص»، ويعتبر القائمون علي المعهد الجمهوري الدولي «IRI» أن ما قاله ريجان هو الملهم الذي أدي إلي إنشاء ما يسمي بمؤسسة المعهد الجمهوري لمساعدة أولئك الذين أرادوا الحرية والديمقراطية حول العالم. وبناء علي ما نادي به ريجان أنشيء الكونجرس عام 1983 «الهيئة الوطنية للديمقراطية» لدعم الديمقراطيين الطموحين حول العالم ، لإنشاء معاهد ديمقراطية غير حزبية أو ربحية وهي «المعهد الجمهوري الدولي والمعهد الديمقراطي الوطني للشئون الدولية، والمركز الدولي للعمل الحر والمركز الأمريكي لضمان العمل الدولي». ويعمل المعهد الجمهوري الأمريكي في 100 دولة وينشط بشكل ملحوظ في 65 بلدا ومازالت مصادر تمويله تثير جدلا واسعا حتي الآن بالرغم من أنه أعلن عنها من خلال موقعه الالكتروني، حيث أكد أن الخارجية الأمريكية تموله بنسبة 57% والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بنسبة 33% والهيئة الوطنية الديمقراطية بنسبة 11% إضافة إلي تبرعات خاصة للمعهد. ومازال القائمون علي المعهد ينفون تلقيه أي مبالغ مالية من الحزب الجمهوري وكذلك صلتهم به في الوقت الذي يعرف الكثيرون أن المعهد تابع للحزب الجمهوري، كما يتبع المعهد الديمقراطي الوطني للشئون الدولية الحزب الديمقراطي الأمريكي. كما يمول المعهد من قبل المنظمة القومية للديمقراطية «NED» وهي إحدي المنظمات التي تمول من الكونجرس والمخابرات الأمريكية لمناصرة قضايا الديمقراطية والجماعات التي تدعو إلي الديمقراطية في مختلف أنحاء العالم. فضلا عن تلقيه تمويلا من منظمة الوقف الأمريكي للديمقراطية وهي إحدي الأدوات الأمريكية المهمة لاختراق المجتمعات الأجنبية، التي تسعي أمريكا لاحكام قبضتها عليها عن طريق خلق جماعات سياسية وحقوقية تهدف إلي تطبيق الأهداف الأمريكية. ومن المعروف أيضا أن المؤسسات الأمريكية التي شكلها الكونجرس عقب خطاب ريجان جاءت بعد افتضاح الدور القذر لوكالة المخابرات الأمريكية في تدبير الانقلابات والتدخل في شئون الدول بما يعني أن المعهد الجمهوري الأمريكي وغيره من تلك المؤسسات ليس إلا واجهة أو غطاء للمخابرات الأمريكية التي تقوم بدورها بتقديم الدعم للمنظمات غير الحكومية مقابل تقديم الأخيرة التقارير هذا وقد تلقت بعض المنظمات المصرية عام 2003 أكثر من 600 ألف دولار من المعهد الأمريكي الذي يعرف عنه الانفاق بسخاء علي استطلاعات الرأي ورصد الأحزاب المصرية والحركة النقابية في مصر. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف تصمت الحكومة ولا تتخذ مواقف حاسمة ضد نشاط المعهد الذي يعرف في كثير من الدول بأنه سييء السمعة، حيث أنه أعد للانقلاب العسكري الذي وقع عام 2002 في فنزويلا للاطاحة برئيسها شافيز، كما قدم الدعم ليوشنكو في الانتخابات الأوكرانية وإلي متي تتجاهل الحكومة نشاط المعهد التخريبي في مصر؟!