بل إن ما قد يبدو مفاجئا للغالبية التي تتابع مسار تحركات جمال ومناوئيه علي السواء، فعل الدعاية والدعاية المضادة ,هو ان الحزب الوطني لديه بدائل للرجل تخضع حاليا للدراسة المعمقة داخل أروقته الاستراتيجية لضمان عدم خسارة معركة الرئاسة, والتي ستعني حال خروجها من بين يدي الحزب لصالح اي قوي مهما كانت, سقوطا مروعا لنظام ومراكز نفوذ وجماعات مصالح لا تتورع عن القتال من اجل استمرارها علي قيد جني المكاسب والاوضاع المميزة,وليس سقوطا لآل مبارك فقط.. وقد لايكون سرا تداول اسم منظر النظام الماكر علي الدين هلال في هذا الصدد. علي الضفة المقابلة..حيث الحديث المحموم عن الإصرارعلي بتر ذيول هذا النظام الذي تسبب في افقار شعب وتراجع مكانة امة في محيطها العربي والدولي..وتأمين خلافة رئاسية من خارج الحزب الوطني "الفاسد"..تبدو المعارضة الشرعية والمحظورة علي السواء(اذا صح تصديق تعامل الدولة مع الاخوان علي انهم جماعة محظورة بمعني الكلمة) في موقف ولا أغرب ولا نبالغ اذا قلنا انه ولا ادعي للشك والريبة تجاه نجل الرئيس. فهؤلاء يدفعون باتجاه جعل جمال مبارك مرشح مصر - وليس الحزب الوطني فقط- الوحيد المقبول عقلا ونقلا عن لسان حال كل الطوائف والفئات المطحونة التي يفترض ان يدافع هؤلاء عن مصالحهم بالوقوف ضد مجئ جمال مبارك. شئ غريب يحدث في كواليس ملعونة ..ولننحي نظرية المؤامرة- رغم تطبيقاتها الكثيرة مؤخرا - جانبا. هل تتذكرون معي كلمات سبرتاكوس الاخيرة -عفوا- اقصد كلمات أيمن نور الاولي بعد خروجه من السجن.."لم اخرج لأنتقم ومستعد للحوار مع اي قيادة في الحزب الوطني وعلي الاخص جمال مبارك الذي لم التق به مطلقا ولكني واثق من اننا نتفق في اشياء كثيرة"..عن الدهشة لا تسأل من هذا الكلام الغريب علي مسوق نفسه بانه فرس رهان مصر من أجل الخلاص من نظام مبارك وانجاله. لا يظن أقل العقلاء حظا ان نور كان يمكنه الانتقام من نظام مبارك بالقوة عدا بأسلوب واحد فقط صندوق انتخابات يطيح فيه بحلم رئاسي لنجل الرئيس بعد أن قارب - بزعمه- علي الاطاحه بحلم ابيه في اول انتخابات رئاسية عام 2005جاءت به وصيفا وتاليا لمبارك بنتائج رفض نور في حينه الطعن عليها بالتزوير. اذن لماذا يتخلي نور عن سلاحه الوحيد للانتقام لنفسه ولمصر في آن واحد من نظام غشوم ومستبد ويعلن انه يرحب بالحوار مع من يراه رأس الحربة في امتداد هذا النظام ربما لعقود قادمة يتصدرها اسم مبارك الاب والابن وربما الحفيد في وقت لاحق؟ لنلاحظ معا عدد الحركات التي اطلقها شباب قريبون من نور ضد جمال مبارك خلال فترة وجيزة من خروجه الشرطي من السجن..والتي انتهت الي حد رفع شعار هزلي سخيف في موضع الجد تبناه نور شخصيا هو"مايحكمش"..ولنعد الجبهات والحركات التأسيسية والتجمعات الحزبية لمناهضة جمال خلال نفس الفترة لنكتشف انها قاربت علي التسعة في أقل من سبعة اشهر بمعدل حركة" مكشوفة باهتة هزيلة" كل شهر لقطع الطريق علي مرشح آل مبارك المحتمل الذي يعمل بجد منذ 7 سنوات ووراءه صفوف كاملة من اجهزة ومؤسسات الدولة وقبلها حزب يهمه ان يبقي مستفيدا في دوائر الحكم للأبد. حركات انتهت - في رأينا- نهايتها الفاضحة ,عندما تبادل مؤسسو آخر الجبهات ضد جمال مبارك التهم علنا بالعمالة للمخابرات الامريكية تارة(عبدالحليم قنديل واصفا أيمن نور) اوالعمالة لمخابرات عربية ونظم حكم مستبدة مثل سوريا (نوروحسن نافعة واصفين قنديل) مما فجر هذه الجبهة المعارضة لجمال في يوم وليلة بعد اقل من اسبوعين فقط من تأسيسها ..بينما جمال مبارك يتفرج هانئ البال علي العروض المميزة التي يقدمها خصومه العلنيون فيما يشبه الخدمات السرية لمساعدته - بلا أدني شك- في الوصول لرئاسة مضمونة وسهلة لمصر اذا ما قرر وقررت الدوائر القريبة منه ذلك ..استنادا لحقيقة واحدة هي انه اقل المرشحين المحتملين لرئاسة مصر تورطا في التهريج..خدمة ولا اروع يقدمها نجوم "المعارضة شو" الي نجل الرئيس ثم يخرجون ليقنعوننا ليل نهار انهم ضد خلافة النجل للاب..طب إزاي؟ في إطار هذه العروض المميزة.. تأتي حملة ترشيح محمد البرادعي الموظف السابق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية لرئاسة مصر لإسقاط النجل جمال..والتي اكسبها البرادعي نفسه مذاقا اضافيا من السخرية والتهريج عندما قدم شروطا لم يقدمها سعد زغلول نفسه قبل ثورة 19فراح يربط قبوله ترشيح "المجهولين حتي الآن واللي يعرفهم يدلني" لرئاسة مصر بتقديم ضمانات لنزاهة الانتخابات المقبلة بعد رفض الرجل "المشكور" العروض السخية للأحزاب الصغيرة لانضمامه لصفوفها والترشح باسمها..بينما راحت الاحزاب الكبيرة التي يفترض بها تقدم جحافل الرافضين لجمال تسحب نفسها في اداء ولا أسرع من الترحيب بالبرادعي معلنة ان لديها مرشحيها (الوفد والناصري مثلا)..في حين جلس أيمن نور بانتظار فكرة جديدة لرفع شعبية جمال مبارك بين مرشحين هزليين بالايحاء لعدد من فتيات المعارضة الليبرالية بإطلاق مجموعة علي موقع فيس بوك تحت إسم"مزز ضد التوريث"..فيما يبدو انه تعبير أصاب الهدف والواقع في مقتل. كل الطرق تؤدي إلي جمال مبارك..تبدو هذه النتيجة متجاوزة..غريبة..متفائلة اكثر من اللازم حتي لدي نجل الرئيس الأصغرالذي يبذل قصاري جهده في صعود سياسي مستمر منذ 7 أعوام نحو سدة الحكم..غير انه لا يكاد يجزم بإنجاز أكيد في حلم خلافة الأب في رئاسة مصر. قريبون من الشاب الطموح في أمانة سياسات الحزب الوطني قالوا لي إنهم يدركون تماما أن مشروع مد أجل النظام السياسي في مصر بعد مبارك لا يصح ارتهانه لمحاولة وصول للحكم - مازالت محفوفة بالحسابات المعقدة والمخاطر- يقودها جمال حاليا اذا جد الجد بغياب مفاجئ أو غير مفاجئ للرئيس.