طبعا لم تكن فرنسا في حاجة إلي فتوي من شيخ الأزهر وبقية المشايخ الذين شايعوا الإمام الأكبر في إقرار أن النقاب ليس فريضة إسلامية علي المرأة المسلمة! كذلك أيدت وزارة التعليم العالي الفتوي لتمنع ارتداء الفتيات النقاب في كلياتها ومدنها الجامعية للبنات، أسوة بمنع النقاب في معاهد ومدارس الفتيات التابعة للأزهر، لم تكن فرنسا في حاجة إلي هذه الفتوي، حيث هي لم تكن معنية لا هي ولا غيرها من البلدان الأوروبية بالتدقيق كثيرا في مدي إسلامية النقاب والحجاب حتي تترك الفتيات المسلمات بهذا الزي أو ذاك في جامعاتها ومدارسها، فالقوانين عندهم كفيلة بالمنع! ولعلكم جميعا تتذكرون أن هذا المنع في فرنسا وبعض بلدان أوروبا قد لقي مقاومة شرسة من مشايخ العالم الإسلامي التي رأت في هذا المنع مصادرة لحق من حقوق الإنسان! وكأن بلدان العالم الإسلامي ومشايخه أحرص ما يكون علي حقوق الإنسان التي تهدر جهارا نهارا متحدية كل ما تأتي به المنظمات الدولية والمحلية من رصد لقطائع سحق حقوق الإنسان! وقد ثارت زوبعة عاتية تدين فرنسا وغيرها عندما منعت الفتيات المسلمات المهاجرات من أصول غير أوروبية من دخول المدارس والجامعات بالنقاب والحجاب! ومنعهن علي الأبواب من الدخول، حيث المنع من المنبع! حتي لايحدث خلل في النسق العام الذي تسير عليه أوروبا من القوانين العلمانية التي تمنع التمييز بداية بالأزياء إلي غير ذلك من مظاهر التمييز، الآن ما قولكم في هذه الفتوي التي صدرت من بلد الأزهر تفيد فرنسا وغيرها من البلدان الأوروبية فيما ذهبتت إليه من منع الحجاب والنقاب!، وما قولنا الآن إذا أصبحنا لا نستطيع فرض الحجاب والنقاب علي السلطات الفرنسية والأوروبية إزاء الفتيات المسلمات أبناء الأسر المهاجرة وقد منعنا النقاب والحجاب في معاهدنا وجامعاتنا ومدارسنا أزهرية وغير أزهرية؟ ونحن قد فوجئنا جميعا بفتوي شيخ الأزهر وغيره من علماء الدين التي صدرت فجأة علي غير توقع! وفي أعقاب زيارة شيخ الأزهر لمدرسة الفتيات الأزهرية وما ساقه الإمام الأكبر للفتاة في غلظة لم تكن لائقة بالإمام الأكبر في مواجهة بنت حديثة العمر تصادف أنها ليست جميلة كما رأي الشيخ! فكان الانتقاد له باعتبار أن ما صدر منه نقيض للتلطف المنتظر منه! ولكن الشيخ رأي وضع حد لهذه المسألة التي سكت عنها هو وغيره في الأزهر وغير الأزهر! فتقادم العهد علي النقاب وملحقاته من الاسدال وتحريم مصافحة الرجال! إلي ضرورة لبس «الجوانتي» في اليد إذا كانت هناك ضرورة للمصافحة! فانتشر كل ذلك وشاع! وقامت علي ذلك تجارات وصناعات تفننت في أشكال وألوان من منظومة النقاب والحجاب تفرق فيها بين ما هو شرعي وما هو غير شرعي! سنوات طويلة استقرت هذه الأزياء بمفاهيمها ومباريات الاجتهاد في الحلال والحرام فيها! ولم يكن لمؤسساتنا الدينية أي صوت يفتي في الأمر بما يهدي الناس! حتي غدت شوارعنا ومؤسساتنا المختلفة عبارة عن كرنفالات و«ديفيلهات» متنقلة لأردية قادمة من مجتمعات بعيدة في آسيا! وأصبح الاحتشام فقط لايكفي المرأة والفتاة لإثبات الواحدة منهن أنها ملتزمة بدينها وفرائضه وآدابه! بل رأي المحتالون والقتلة في كرنفال هذه الأزياء فرصة لارتكاب الجرائم! ولم تسلم المنتقبة ولا المحجبة من حوادث التحرش، حيث ظن البعض أن جرائم التحرش وحتي الاغتصاب لها سبب أساسي هو ما ترتديه النساء! وظلت المؤسسة الدينية صامتة إزاء كل ذلك! ولكنها وجدت مؤخرا أنه لابد أن يكون لها رأي في الأمر، فكانت فتوي عدم شرعية النقاب! وأن وجه المرأة وكفيها ليسا عورة! فماذا نقول لغيرنا إذن؟