ساحة فسيحة تبدو للجمهور على أنها قطعة من الخلاء ولكن ثمة شيء ينقض ذلك وهو وجود كرسي فخم ضخم يقع في منتصف المسرح تماماً يجلس عليه الرئيس مرسي بلاحراك ،المكان معتم ويلتمع فيه النقوش المذهبة على الكرسي بينما الجالس عليه يرتدي جلباباً بسيطاً أبيض اللون ..تتلاعب الإضاءة بين الخفوت والسطوع بحيث يصعب تحديد الوقت ..ويبدو أنه لاوقت هناك ..بحيث تُسمع دقات نمطية لساعة ضخمة عتيقة بدون عقارب عن يمين المسرح ..الساعة تدق خمسة وعشرين مرة .. يرفع الرئيس رأسه فجأة فيُراع ويتوجه إلى الجمهور كأنما يخاطب نفسه الرئيس : أنا فين ؟.. ايه اللي جابني هنا؟ (يلحظ جلبابه الأبيض ثم الكرسي الضخم) ايه ده؟ ..أكونش مُت ..(يتحسر) أكيد مُت ..( يبتهل باكياً) يارب ..يا... ( هنا يُسمع قرع طبول يقترب شيئاً فشيئاً ثم يدخل على إثر ذلك من يمين المسرح رجل أنيق يقرع على طبلة كأنه يمهد لقبول شخصية هامة يبدو أنه لايبالي بما حوله ..يعترضه مرسي) مرسي : ممكن أعرف احنا فين؟ الرجل يمضي في طريقه مطبلاً.. مرسي (يعترضه من جديد) جاوبني لو سمحت ..احنا في دنيا ولا ف اخرة ؟ الرجل يمضي في طريقه مطبلاً..حتى يخرج من المسرح .. مرسي :هو ايه اللي بيحصل (هنا يُسمع ضجة وهتافات متداخلة يظهر خلالها من يمين المسرح شيخ عجوز أبيض اللحية يرتدي زياً تركياً قديماً كما يبدو مهيباً قوياً ..يتقدم ناحية مرسي فيتراجع الآخر خطوة ثم يقرر أن يستوقفه) مرسي : انت راجل عاقل وكبارة ..بلله عليك تقولي احنا فين ؟ الرجل : (يهمس في استنكار) كبارة؟ ..(لمرسي) احنا في أرض الله .. مرسي: وحضرتك مين ؟ الرجل :انا صاحب النهضة ..في هذا البلد .. مرسي (يدور حول نفسه معجباً) وهل هناك للنهضة صاحب سواي! أكيد بتهزر ..إنت مين؟! الرجل : أنا محمد علي باشا ..والي مصر ..وبانيها ..بل قل لي ..من أنت؟ (يتراجع مرسي ذاهلاً كأنما أيقن أنه في عالم الموتى أو عالم الأحلام حتى يصطدم بالكرسي بينما يقترب محمد علي منه حتى يصبح كلاً منهما في وضع المواجهة تماماً وبينهما الكرسي ) مرسي (يهدأ ثم يقول متجاسراً) وأنا محمد مرسي أول رئيس منتخب ..جئت بارادة الشعب وبعد ثورة عظيمة ..أسقطت مبارك وأذنابه بعد أن أفسدوا البلاد والعباد .. محمد علي : وأنا أول باشا منتخب ..انتخبني زعماء ومشايخ الشعب ..بعد اسقاط خورشيد الوالي الظالم ..فعملت واجتهدت ..ونميت الزراعة وشيدت المصانع ..وجيشت الجيوش ..ووحاربت وانتصرت حتى جعلت مصر من بعد قرون التخلف دولة فتية يخشاها الجميع ..فماذا فعلت لمصر أنت؟ مرسي : (وقد قلت جسارته) وأنا ..أسقطت حكم العسكر ..وحيدت مؤسسة الجيش .. وعملت على استقلال القضاء ..وشجعت الاستثمار ..و .. محمد علي (بنبرة تهكم): وهل هذا..كاف لنهضة البلاد؟ هل حققت الرخاء.. هل طورت التعليم ؟هل وهل ؟؟ مرسي : لايمكن الحكم على تجربتي سوى بعد إتمامها وإنما نحن في البداية.. (يضع يداً على الكرسي) محمد علي : البدايات تقود للنهايات ..أيها المنتخب ! أما بداياتك.. ( يقهقه فيُستفز مرسي ويقرر الهجوم) مرسي : مهما يكن فلم أجعلها عزبة ولم أحتكر أي شيء أو اعتبر نفسي كل شيء .. محمد علي :(هادئاً) كانت تلك ضماناتي للنهضة وزمانك غير زماني ..انا اختزلت مصر في نفسي وانت اختزلتها في جماعتك (يضع يده هو الاخر على الكرسي) مرسي : (يتلعثم) مهما يكن ..فلم أؤسس " الأسرة العلوية " ..و لم أولِ الأهل والأقارب ! محمد علي : وما فرق بين ولاية الأهل والأقرباء ..وبين ولاية الجماعة والعشيرة؟ ..ومن يدري فلعلك تؤسس " الأسرة المرسية" أيضاً ! مرسي : حاشالله...مرسية ايه؟ (يتشبث بالكرسي أكثر ويحاول الجلوس عليه فيحول محمد علي دون ذلك مواصلاً كلامه) محمد علي : وهذا الذي تريد الجلوس عليه سوف يسقط بك مثلما سقط بمن قبلك ..وبي ..ويبقى ذكرك في العالمين ..(يدفعه ليجلس هو) فتصبح في أعلى عليين ..(يتأرجح بالكرسي فيسقط عنه) أو أسفل سافلين !! (يقوم) ثم نصير مثلاً يُذكر أو أضحوكة في كتب التاريخ (يخرج) مرسي : (يلوذ بالصمت لحظة بينما تدق الساعة ثلاث مرات ويدخل الرجل الأنيق من اليسار مطبلاً ليمهد مرة أخرى ) مرسي (مستشرفاً القادم من اليمين متضجراً ) مين تاني جاي ..مفيش !!( يعود ليجلس على الكرسي ويواصل إغفائته فتدخل فجأة مجموعات كبيرة من البشر من جميع الأعمار والفئات تغشى المسرح تماماً فيختفي ورائها مرسي ..والكرسي) المجموعات (تهتف في لحن وقوة ولكن بغير نظام ) احنا الشعب ..احنا الشعب !! ستار