· المنقلبون أردو ا إعدام الديكتاتور ويفشل الانقلاب ويعود الديكتاتور وابنه للحكم ولا فرق بين ديكتاتور موجود وآخر عائد لقد وجدت الرقابة أن أفضل عقاب لفيلم «الدكتاتور» أن تجعله يمر دون حذف أو اعتراض، رغم أنه فيلم سياسي ملئ بالايحاءات!. أمتع ما في فيلم «الدكتاتور» هو تلك «الدقيقة» التي قدمت كإعلان للفيلم في التليفزيون، فقد أوهمتنا بأنه كوميديا سياسية ساخرة، خاصة أن عنوانه «الدكتاتور» يوحي بذلك.. ولكن ما ان تنتهي المشاهد الأولي من الفيلم التي يتم فيها التعريف بجمهورية «بامبوزيا» التي تدور فيها الاحداث والتي يعيش شعبها مطمئنا وساكنا تحت قيادة «الدكتاتور» الذي يعيش في «كابوس» أن تجري في بلاده انتخابات ديمقراطية، تبدأ الاحداث في التخبط، ويقع صناع الفيلم في مآزق: ما الذي نريد أن نقوله بالضبط؟!.. لنكتشف مع مرور الدقائق أنه ليس لديهم أي شيء يقولونه، وأن الفكرة الوحيدة الجيدة التي يمكن أن تقدمها المعالجة تسربت منهم برعونة شديدة، دون أن ينتبهوا اليها!. حاكم جمهورية «بامبوزيا» الدكتاتور «حسن حسني»، اعتلي العرش بعد أن قتل حاكمها السابق، وعاش مستمتعا بالسلطة وتزوج وأنجب ولدين توأم «يصبح كلاهما خالد سرحان»، الابن الأول يسعي لأن يكون الوريث، ويمارس الحكم بالفعل ويبيع كل شيء في البلد حتي كوب الشاي «الماج» الذي يحمل صورة والده، وأكثر من ذلك يبيع قصر الرئاسة الذي يسكنه مع والده... ومايفعله هذا الابن يمثل مفارقات ساخرة والمفروض أنها مضحكة، ولكننا لانضحك.. أما الابن الثاني فهو يلهو طوال الوقت مع الفتيات وبنات الليل، ويعيش في سرداب تحت الأرض يمارس فيه ملذاته، ويخشي الاب الدكتاتور أن تنفضح فضائح ابنه، فيقرر أن ينفيه إلي سفارة بلاده في مصر ... والمفروض أن مغامرات الابن مع النساء، ومسألة السرداب ثم النفي قد صنعت من أجل الاضحاك، ولكننا لا نضحك!. المهم يحدث انقلاب، وقرر المنقلبون اعدام «الدكتاتور»، ولكن أحد مواطني دولة بامبوزيا يقوم بخدعة تجعله يأسر الدكتاتور وابنه، أنه يريد أن يعذبهما وينتقم منهما ليذوقوا مرارة ما فعلاه بالشعب، ويبدأ في ذلك بالفعل «يقوم بالشخصية ضياء الميرغني» .. وسرعان مايفشل الانقلاب، ويعود الدكتاتور وابنه للحكم، دون أن يخرج من هذه التجربة بأي موعظة، والمعني أنه ليس هناك أي فرق بين دكتاتور كان أو دكتاتور موجود أو دكتاتور عائد وكأن لا أحد يتعلم، لا الدكتاتور ولا الشعب، فالدكتاتور ابن شرعي للشعب الذي سمح له أن يكون كذلك.. ولا ينسي الفيلم بأن يذهب إلي الابن الغائب العائش في مصر والذي عاني من الفقر والطرد بعد أن ترك أبوه الحكم، لتشفق عليه مدرسة التاريخ المصرية «مايا نصري»، وقبل أن يتزوجها يعود أبوه للعرش، فيتركها ويعود لنزواته وفتيات لهوه. الفيلم لا يشير إلي أي شيء لممارسات هذا الدكتاتور، وكأنه اكتفي بالعنوان وتركنا نتصور مانشاء، اننا نري «دكتاتور» بلا شعب، وسطوة مفترضة، وظلما واستبدادا متخيلا، وليس له أي سند أو ممارسة في معالجة وصراع ودراما العمل.. فقد افترض الفيلم أن قصته خيالية، فتركنا نتخيل مانشاء، ولم ينشغل بتقديم قصة أو أحداث، واكتفي بتقديم مفارقات وإفيهات دون ضابط أو رابط! من هناك جاء ذكاء الرقابة التي سمحت بعرض الدكتاتور ، فليس هناك فيلم أصلا، وديمقراطية الرقابة تسمح دائما بعرض الأفلام التي تخلو من الفن والامتاع مهما كانت القضية التي تطرحها، لأنها سوف تظل بلا تأثير.. والخطأ هنا في أن السيناريست ميشيل نبيل في أول أعماله السينمائية ظن أن المفارقات التي يصنعها في حلقات الست كوم التي يكتبها ويضحك عليها الناس من الممكن أن تصنع فيلما، وأن الناس سوف تضحك بالايحاء من جمهورية بامبوزيا، وتصوراتهم عن الدكتاتور.. فكانت المحصلة فيلما عبيطا، ولا أقول ساذجا. جانب التوفيق المخرج إيهاب لمعي في فيلمه الخامس، ولم ينجذب لطبيعة الفيلم الكوميدية، ولم ينجح في صناعة دراما مترابطة... فالمشكلة الأكبر في هذا الفيلم تتعلق بفكر ووعي ورؤية ميشيل نبيل وإيهاب لمعي وخالد سرحان فهم شركاء في كل شيء، فقد تصدوا لقضية أكبر وأعمق من ثقافتهم السياسية والاجتماعية، فجاءت النتيجة مؤسفة.. ولم يستفد الفيلم من مايا نصري المطربة والممثلة فكان الاداء بدون توجيه وعشوائي.. أما خالد سرحان فمازلت أظن أنه يملك اداء يحمل الكثير من خفة الظل ويحظي بحالة من القبول، ولكنه يحتاج إلي سيناريو ومخرج يجعلان من ظني واقعا يتحقق في هذا الممثل الشاب.