أخذوا من طمي النيل الأسمر لونهم فقد التصقوا به عقودا طويلة إلي أن تم ابعادهم عنه بشكل تراجيدي أثر علي نمط حياتهم وطريقة معيشتهم ومنذ ذلك الوقت وهم يناضلون للعودة إلي أراضيهم إلي أحضان النهر الذي قدسوه وعشقوه وغنوا له وأفجعتهم مصيبة البعد عنه وهي المصيبة التي تحملوها لتنفيذ مشروع السد العالي العظيم الذي أنقذ قري مصر من الغرق وأمد البلاد بالكهرباء.. إنهم أهالي النوبة الذين تجاهلتهم الدولة لسنوات طويلة ثم انتبهت مؤخرا وبدأت في النظر لمشاكلهم لاستخدامها في الدعاية السياسية للحزب الحاكم. وهو ما ذهب من أجله جمال مبارك في زيارة هي الأولي لمنطقة نصر النوبة تلك الزيارة التي خيبت آمال النوبيين خاصة بعد تصريحات نجل الرئيس التي أكدت أن هناك صعوبات تمنع عودة أهل النوبة إلي أراضيهم، مما دفع النادي النوبي العام لاعداد بيان احتجاجي ضد هذه التصريحات جاء فيه أن القضية النوبية تتعرض الفترة الأخيرة لموجات من المد والجزر وكلما شارفوا علي الوصول لحل مرض هوت بهم أقوال بعض المسئولين إلي أسفل حيث نقطة الصفر وتابع البيان: المجلس الاستشاري الأعلي للجمعيات النوبية هاله واصابته الصدمة بما نسب في الصحف إلي السيد جمال مبارك أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني خلال جولته الأخيرة في قرية عنيبة النوبية بمحافظة أسوان، فقد صدم النوبيون بالنتائج التي تمخضت عن الزيارة والمؤتمر الذي عقده وهو مؤتمر حزبي ضم أعضاء الحزب الوطني فقط.. لذا فإن المجلس الاستشاري يخاطب الرئيس مبارك للتدخل السريع وحسم عودة النوبيين إلي أراضيهم بقرار جمهوري. «جمال مبارك ذهب إلي النوبة لأنه يعلم أنها لاتميل إلي الحزب الوطني» هكذا تحدث إلينا «مسعد هركي» رئيس نادي النوبة العام بالقاهرة مشيرا إلي أن زيارة نجل الرئيس والمؤتمر الذي عقده خضعا لاجراءات أمنية قاسية فقد تم اختيار 120 شخصا فقط لحضور المؤتمر ومنع الكثيرون من النوبيين الذين كانوا يريدون مواجهة نجل الرئيس بمشاكلنا صراحة وإغفال الحكومة والمسئولين لها وأكد هركي أن المؤتمر ضم نشطاء نوبيين موثوق فيهم مثل «خبيري جمال» الذي عاصر التهجير ويعلم جيدا معاناة أهل النوبة منذ تهجيرهم، إلا أنه مع ذلك لم تكن الزيارة لصالح أهل النوبة بل عادت بهم للوراء فرغم اصدار قرارات من وزارات عديدة بالموافقة علي عودة النوبيين لأراضيهم وهي قرارات تم الحصول عليها بعد رحلة معاناة شديدة لتوصيل مطالب الأهالي للمسئولين بعد هذه القرارات يأتي جمال مبارك ليقول إن هناك صعوبات تمنع رجوع النوبيين إلي أرضهم وعليهم التعايش مع الأمر الواقع وهو التصريح الذي يضرب عرض الحائط بمطالب النوبيين!! وأشار «مسعد هركي» إلي أن هناك خمسة مطالب عرضها الأهالي علي المسئولين، أولها فصل دائرة نصر النوبة عن دائرة كوم أمبو ليتسني للنوبيين دخول مجلس الشعب والشوري، وثانيها بناء 5221 منزلا للذين لم يتم تعويضهم حتي الآن، وأن يتم البناء علي ضفاف بحيرة ناصر، وثالثها تسليم النوبيين 10 آلاف فدان منها 3500 فدان للذين لم يعوضوا منذ التهجير والباقي منحة من الرئيس مبارك لشباب الخريجين. ورابعها تسكين النوبيين فقط في القري التي تكفلت منظمة العون الغذائي ببنائها وعددها 10 قري تضم كل قرية 400 منزل تم بناء 3 قري منها،لكن النوبيين فيها لايمثلون سوي 10% فقط من السكان ! علما بأن هذه الأرض هي أرض النوبة قديما والأولوية للنوبيين فيها،والمطلب الخامس والأخير الغاء سياسة الإحلال والتجديد بعد أن ثبت عقمها وفشلها منذ التهجير حتي الآن، فقد دأبت الدولة علي تكرار عمليات التدمير للمنازل في النوبة مما كلفها ملايين الجنيهات نظرا لسوء الأرض التي يقيم عليها النوبيون وقد تم الاتفاق- كما يقول هركي- مع وزارة الإسكان لبناء ثلاثة آلاف منزل في مناطق العودة بدلا من إحلالها بنصر النوبة خاصة أن تكلفة البناء للوحدة الأخيرة تبلغ 120 ألف جنيه، بينما في الأراضي القريبة من البحيرة 150 ألف جنيه فقط وهو فارق كبير يوفر للدولة ملايين الجنيهات. وأكد رئيس نادي النوبة أن أحمد المغربي وزير الإسكان ذهب إلي النوبة أكثر من مرة وأعطي قرارا بالموافقة علي إنشاء المنازل علي ضفاف البحيرة بعد أن تفهم مطالب النوبيين، وهذه المنازل تم البدء في بنائها بالفعل وتابع هركي أن النوبيين يعانون منذ نصف قرن من آلام التهجير فقد كانت نسبة المالكين للأراضي منهم 53% قبل 1964 تقلصت الآن إلي 5% وعند التهجير كان تعدادهم 17 ألف أسرة يعيشون في 350 كيلو مترا، أما الآن فوصل عددهم إلي 105آلاف أسرة يعيشون في 50 كيلو فقط في أرض لاتصلح للبناء! ووصلت البطالة بين النوبيين إلي 45% بدلا من 9% وهي النسبة الموجودة بكل محافظات مصر ووصلت نسبة العنوسة إلي 35% نتجت عن عدم وجود مشروعات أو مصانع بالمنطقة التي يوجد بها النوبيون واختتم هركي حديثه قائلا: لانريد اهتماما من جمال مبارك أو الحزب الوطني لكننا نريد اهتماما من الحكومة.