سقط أول شهيد أمام قصر الاتحادية فى نهاية «جمعة الخلاص» وهو «محمد حسين قرنى» 23 عاما إثر تلقيه رصاصة فى الصدر بينما بلغ حصاد الجرحى 32 شخصا معظمهم أصيبوا بجروح قطعية بالرأس والوجه جراء حرب الطوب والزلط بين المتظاهرين وقوات الحرس الجمهورى، كان مشهد اشتعال النيران فى اشجار قصر الاتحادية جراء قنابل المولوتوف والشماريخ التى أطلقها المتظاهرون، وحشود سيارات الاسعاف هو المشهد الختامى فوق مسرح الاحداث فى جمعة الخلاص وهو مشهد أحيط بالغموض والالتباس حول بعض المشاركين فيه والمحرضين عليه! ويقول الصحفى المخضرم والناشط السياسى اليسارى مدحت الزاهد إن وجوها غريبة كانت تشارك فى مظاهرة الاتحادية «ربما تكون من رجال الأمن».. وبعض رجال الإخوان! ويروى «مدحت الزاهد» كشاهد عيان ان بعض هؤلاء كانوا يحرضون الاخرين على اقتحام قصر الاتحادية، ولو ربطنا ذلك بتأكيد جماعة الاخوان عبر متحدثهم الاعلامى وعدد من متحدثيهم الرسميين من أن شباب الاخوان لن يذهبوا لقصر الاتحادية، فيمكن تفسير ما جرى وهو أن أحداث الاتحادية كان خطة مدبرة من الاخوان لتلفيق تهمة اللجوء للمولوتوف والعنف والحرائق للمعارضين خصوصا جبهة الانقاذ وهو أسلوب قديم وعقيم طالما لجأت إليه أجهزة مبارك البوليسية التى يعيد نظام مرسى انتاجها ولكن بصورة عبيطة ومفضوحة! ولذلك حرصت القوى الوطنية على تبرئة نفسها من المشاركين فى أحداث الاتحادية التى كانت نهاية لجمعة الخلاص التى شهدت تظاهرات سلمية شارك فيها عشرات الآلاف فى القاهرة ساروا فى مسيرات تجمعت بميدان التحرير بخلاف مئات الآلاف فى محافظات مصر. الظاهرة اللافتة للنظر فى ميدان التحرير هى رفض الثوار رفع أعلام ولافتات حزبية باستثناء علم مصر وصور الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وترديد هتافات ضد الاخوان المسلمين من نوع «لو كان عبدالناصر عايش.. كان لبسكوا طرح وغوايش» لم يمنع سوء الاحوال الجوية والامطار مسيرات القوى المدنية والسيدات التى حملت لافتات منددة بحكم الاخوان المسلمين والمطالبة بمحاكمة «محمد مرسى» على جريمة قتل المتظاهرين، وجرائم العدوان على السلطة القضائية وخطف الدستور وسوء الاوضاع المعيشية وتدهور الحالة الاقتصادية! توافدت اعداد كبيرة من ميدان مصطفى محمود والسيدة زينب وتمركز المتظاهرون أمام المنصة الوحيدة التى نصبت فى مدخل شارع محمد محمود وادى المتظاهرون صلاة الجمعة بعدما افترشوا أرض الميدان بالاغطية وألقوا القبض على أحد الملتحين يحمل سلاحا ناريا وقاموا بتقييده بالحبال وتسليمه للشرطة ورددوا هتافات «بسقوط حكم المرشد» وشن خطيب الجمعة بالميدان هجوما على حكم الاخوان الذى يتسم بغياب العدالة وتحقيق حد الكفاية، فى حين بدأ الرأسماليون المتوحشون فى تجبرهم ونهبهم للمال العام وطالب بمحاكمة نظام مرسى على جرائم قتل المتظاهرين، وأشار الى وجود تحالف إخوانى صهيونى أمريكى قطرى من أجل السيطرة على مصر. وقال إن جماعة الاخوان تمد قطر بمعلومات عن الجيش المصرى وتهدد الامن القومى من خلالها بيعها للبنوك التى يودع بها رجال القوات المسلحة اموالهم فيها وانطلقت مسيرات من التحرير لمجلس الشورى ومحافظة القاهرة فى حين تواصلت الحرب الدائرة فى محيط كوبرى قصر النيل وفندق سميراميس وكثفت قوات الامن من القنابل المسيلة للدموع ولوحظ ظهور عدد من مجموعات «البلاك بلوك» بميدان التحرير دخلوا بشكل منظم وقاموا بتأمين مداخل ومخارج الميدان وأقاموا حاجزا بشريا لحماية النساء اللاتى شاركن فى التظاهرات منعا لتعرضهن لتحرشات من قبل البلطجية المندسين فى الميدان، كانت هتافات المسيرات: الشعب يريد اسقاط النظام، وبعد سقوط الامطار «السما بتمطر حرية.. يسقط حكم الاخوانجية».. و«عاوزين حكومة حرة العيشة بقت مرة»، ووصفوا فى هتافاتهم قرض صندوق النقد «جوع ومذلة وغلا أسعار» ولم ينس المتظاهرون التنديد بالداخلية وهتفوا «اوعى تنسى وخليك فاكر.. الداخلية قتلت جابر» كما لم ينسوا هتاف: «هما اثنين مالهمش أمان العسكر والاخوان» وظهرت شخصيات عامة كثيرة فى المسيرات مثل الفنانة تيسير فهمى والدكتور أحمد حرارة أيقونة ثورة يناير والمستشار ممدوح حمزة والناشط الحقوقى خالد على والفنانة شيريهان وعدد كبير من الادباء والفنانين، وقال الدكتور ممدوح حمزة أحد قادة المسيرة التى انطلقت من مسجد النور العباسية الى قصر الاتحادية انه يطالب باسقاط نظام حكم الاخوان الذى يتسم بالجهل والديكتاتورية وقال إن هذا النظام يستقوى بجماعة حماس على الشعب المصرى. ويستعين برجال أعمال قطر على رجال أعمال مصر والخبراء الاتراك على الخبراء المصريين، ورفض حمزة مبدأ الحوار مع هذا النظام وقال «لا حوار مع مستعمر وأدان دعوة جبهة الانقاذ للحوار وقال إنها لا تمثل إلا نفسها وأن كل واحد من رموزها لا يمثل الا الكرسى الذى يجلس عليه، بينما وصف خالد على ما حدث لمدن القناة بالجريمة بحق المتظاهرين، مشيرا الى أن الاسلوب الذى استخدمه مرسى مع مدن القناة يعنى أن «القمع» هو السمة الرئيسية لحكم الاخوان وهى وسيلة لا تصلح والا كانت نجحت مع نظام مبارك القمعى وقال: إن كل المبادرات المطروحة مصيرها الى الفشل لانها تلتف على مطالب الثورة وتنصب المشانق لشباب مصر ووصف مبادرة شيخ الأزهر بانها سيئة وتساءل: أين كان شيخ الأزهر أيام قتل المتظاهرين بقصر الاتحادية وأيام حصار المحكمة الدستورية وحصار مدينة الانتاج الاعلامى، لافتا إلى التوقيت الذى جارت فيه المبادرة للتخديم على السلطة وعلى الاخوان المسلمين وحدهم دون غيرهم! وقال والد شهيد مجلس الوزراء مصطفى حلمى السيد انه يشارك فى المسيرة من أجل استعادة ثورة يناير المسروقة وطالب المصريين بعدم منح اصواتهم للاخوان بعد الآن، وقال: لا يصلح أن نخلص من رئيس مستبد وحرامى الى دولة لانعرف من الذى يحكمها، بينما قال «أحمد ماهر» المنسق العام لحركة 6 أبريل. انسحبنا من قصر الاتحادية بعدما قامت مجموعة بإلقاء قنابل المولوتوف الحارقة داخل سور القصر، وقال إنه يشجب جميع أنواع العنف مؤكدا أنه متضامن مع مطالب الشعب فى ضرورة تعديل الدستور واقالة النائب العام وتقنين وضع جماعة الاخوان المسلمين وذلك بجميع الطرق السلمية. وأبدى العديد من المتظاهرين دهشتهم لتكليف النائب العام لجهاز الامن القومى بمعرفة مصادر تمويل جماعة «البلاك بلوك» فى حين يتجاهل تماما مصادر تمويل جماعة الاخوان المسلمين! وفوق منصة التحرير أعلن الفنان التشكيلى صلاح عنان اقتحام المتظاهرين لقصر الاتحادية فصفق المتواجدون فى الميدان وهتفوا «ارحل ارحل» واقترح عدد من المتظاهرين حصار مجلس الشورى وقصر الاتحادية وقالوا إن الحصار لو استمر يومين سوف يسقط حكم الاخوان، وصفق المتظاهرون مرة أخرى حين أعلن صلاح عنان أن الاتحاد الاوروبى يساند الثورة المصرية ضد جماعة الاخوان الاستبدادية وقال إن هذا الخير تلقاه الآن. وأعلن الشيخ «محمد نصر» إنه سيقود حصار الشورى فإما النصر وإما الشهادة! وفى الميدان دارت أغنية عبدالحليم حافظ أحلف بسماها وبترابها لتشعل حماس المتظاهرين الذين رددوا الاغنية مع العندليب الراحل الذى كان صوت ثورة 23 يوليو. نشر بتاريخ 4/2/2013 العدد 634