غدًا.. دينية النواب تستكمل مناقشات قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    خوفا من الإلحاد.. ندوة حول «البناء الفكري وتصحيح المفاهيم» بحضور قيادات القليوبية    وزارة التخطيط: 13.8 مليار يورو استثمارات البنك الأوروبي في مصر (إنفوجراف)    زراعة الشيوخ توصي بسرعة تعديل قانون التعاونيات الزراعية    قوات الاحتلال تشن غارة جوية على منطقة البقاع في لبنان    سفير العراق يشيد بدور مصر فى دعم العراق.. ويؤكد: نسعى لبناء عاصمة إدارية    محمود عاشور وحسام عزب حكما تقنية الفيديو لمباراة غانا والسنغال    الرئيس عبد الفتاح السيسي يصل مقر بطولة العالم العسكرية للفروسية رقم 25 بالعاصمة الإدارية "بث مباشر"    عاد من الاعتزال ليصنع المعجزات.. كيف انتشل رانييري روما من الهبوط؟    حيثيات الحكم بالسجن المشدد 7 سنوات ل 3 متهمين تسببوا في وفاة شخص بحقنة برد في المقطم    تصل ل 40.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة غدًا وخلال الأيام المقبلة في مصر    الإعدام للمتهم بقتل والدته خنقا بالقليوبية    محمد محمود.. طفل الشاشة العجوز!    ابرزهم هند عاكف وهالة سرحان.. نجوم الفن يساندون كارول سماحة في عزاء وليد مصطفى    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    صحة الشرقية: جميعة يتفقد وحدة عوض الله حجازي بالزقازيق    محافظ سوهاج يفتتح المبنى البديل لمستشفى المراغة المركزي لحين الانتهاء من المستشفى الجديد    «لسنا على مستوى المنافسة».. تعليق مثير من لاعب إنتر ميامي قبل مواجهة الأهلي    يديعوت أحرونوت: 4 مليار دولار تكلفة توسيع إسرائيل للحرب في غزة    محافظ السويس يشهد ندوة وجعل بينكم مودة ورحمة لتوعية الشباب بأسس تكوين الأسرة    يونيسيف: قطاع غزة ينهار والأطفال والنساء يموتون جوعا    "الرعاية الصحية" تنظّم فعالية عن الوقاية من الجلطات الوريدية في مرضى الأورام    عقب زيارة «زيلينسكي».. التشيك تعلن دعم أوكرانيا بالذخيرة والتدريبات العسكرية    وفاة نجم "طيور الظلام" الفنان نعيم عيسى بعد صراع مع المرض    لاوتارو يعود للتدريبات قبل موقعة برشلونة وإنزاجي يترقب حالته النهائية    «جبران»: تصديق الرئيس السيسي على قانون العمل في عيد العمال قرار تاريخي    وزير العمل: وقعنا اتفاقية ب10 ملايين جنيه لتدريب وتأهيل العمال    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الثاني| صور    أيرلندا تحذر من توسيع إسرائيل حربها على غزة: ما يتعرض له الفلسطينيون مقزز وعديم الرحمة    محافظ المنوفية: تعزيز منظومة إنتاجية القطن والارتقاء به    مصر تحصد 62 ميدالية بالبطولة الأفريقية للمصارعة بالمغرب وتتصدر كؤوس المركز الأول    وصلت لحد تضليل الناخبين الأمريكيين باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي.. «التصدي للشائعات» تناقش مراجعة وتنفيذ خطط الرصد    الغرف السياحية: التأشيرة الإلكترونية ستؤدى إلى زيادة كبيرة في أعداد السائحين    حظك اليوم.. تعرف على توقعات الأبراج اليوم 5 مايو    جانتس: التأخير في تشكيل لجنة تحقيق رسمية بأحداث 7 أكتوبر يضر بأمن الدولة    حزب المؤتمر يدعو لتشريعات داعمة للتعليم الفني وربط حقيقي بسوق العمل    ما حكم نسيان البسملة في قراءة الفاتحة أثناء الصلاة؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    وضع السم في الكشري.. إحالة متهم بقتل سائق وسرقته في الإسكندرية للمفتي    محافظ كفرالشيخ: استمرار فعاليات اليوم التاسع من دورة الICDL بمركز استدامة بمشاركة 18 متدربا من الخريجين    سفيرة الاتحاد الأوروبي ومدير مكتب الأمم المتحدة للسكان يشيدا باستراتيجية مصر لدعم الصحة والسكان    حقيقة تعثر مفاوضات الزمالك مع كريم البركاوي (خاص)    الرئاسة الروسية: سننظر إلى أفعال المستشار الألماني الجديد    وزير التعليم العالي يُكرّم سامح حسين: الفن الهادف يصنع جيلًا واعيًا    «اللعيبة كانت في السجن».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على كولر    انهار عليهما سور جنينة.. الصور الأولى من موقع مصرع شقيقتين في قنا    مستقبل الذكاء الاصطناعي ضمن مناقشات قصور الثقافة بالغربية    لمدة 20 يوما.. علق كلي لمنزل كوبرى الأباجية إتجاه صلاح سالم بالقاهرة    العملات المشفرة تتراجع.. و"بيتكوين" تحت مستوى 95 ألف دولار    وزارة الصحة تعلن نجاح جراحة دقيقة لإزالة ورم من فك مريضة بمستشفى زايد التخصصي    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    «غير متزن».. وكيل «اتصالات النواب» تعلن رفضها صيغة مشروع قانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة    محمود ناجي حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    مقتل شاب على يد آخر في مشاجرة بالتبين    ارتفعت 3 جنيهات، أسعار الدواجن اليوم الإثنين 5-5-2025 في محافظة الفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر وأفريقيا.. دعم ثابت (تقرير)
نشر في صوت الأمة يوم 03 - 05 - 2025

- في أسبوع واحد.. الرئيس السيسى يزور جيبوتى.. والقاهرة تستقبل رئيسا أنجولا والسودان.. ومشاركة بقمة أوغندا عن الصومال
- اتفاق مصري أنجولى على أهمية «ممر لوبيتو الاستراتيجي» كنموذج طموح للتنمية العابرة للحدود
- تطوير التعاون الاستخباراتي وتبادل الخبرات بين الأجهزة الأمنية المصرية والجيبوتية وإنشاء برامج تدريبية مشتركة لمكافحة التطرف
- الوقوف خلف إقامة دولة صومالية موحدة ومزدهرة ومساندة الشعب الصومالي في مساعيه نحو تحقيق السلام والاستقرار
- المساهمة الفعالة في إعادة الإعمار وتأهيل ما دمرته الحرب في السودان.. والعمل على توفير الدعم للسودانيين المقيمين بمناطق الحرب


من جيبوتى إلى أنجولاً، مرورا بالسودان والصومال كانت مصر حاضرة كما كانت، تدرك التحديات وتجابه المخاطر، وتنقل التجارب بما يعزز التعاون، ضمن تحركات محسوبة جيدة، ضمن استراتيجية واضحة صاغها الرئيس عبدالفتاح السيسي، منذ توليه مقاليد الحكم في 2014، وهي استراتيجية يتم تعزيزها تلو الآخر، فطالما تشرق شمس القارة السمراء من مصر.

فعلى مدار الأسبوع الماضى، كانت القاهرة حاضرة بقوة في الملفات الأفريقية، مشتبكة معها، ومقدمة الكثير للأشقاء الأفارقة، سواء من خلال زيارات رئاسية او استقبال القاهرة لقادة القارة، أو تنفيذ الحكومة لتكليفات رئاسية لخدمة الاشقاء.

وتتبلور الرؤية المصرية في التعاطي مع القارة الأفريقية على أسس استراتيجية تتجاوز الطابع الدبلوماسي التقليدي نحو مسار أكثر تكاملًا يستند إلى ثوابت الجغرافيا والمصالح المشتركة، إذ تسعى القاهرة إلى إعادة بناء جسور الثقة والتعاون مع الدول الأفريقية استنادًا إلى إرث تاريخي من التضامن ومصالح أمنية واقتصادية لا يمكن إغفالها.

وفي هذا السياق، تركز السياسة المصرية تجاه أفريقيا على تعزيز التواصل السياسي عالي المستوى، وهو ما تجسّد بوضوح في زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى عدة دول أفريقية، ولقاءاته المكثفة مع مسؤولين أفارقة بهدف بلورة آليات تعاون ثنائي فاعل ومتنوع المجالات، يعكس رغبة مصر في ترسيخ حضورها المؤثر على الساحة القارية.

في الوقت ذاته، يظهر انخراط مصر في معالجة الأزمات الأفريقية كعنصر محوري ضمن توجهها الخارجي، إذ لا تكتفي القاهرة بموقع المراقب، بل تسعى إلى طرح رؤى متوازنة لتسوية النزاعات، كما في الأزمة السودانية التي تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي في محيطها الحيوي، وتأمين حركة الملاحة في البحر الأحمر، وتعزيز الأمن الإقليمي وتعزيز قدرات مؤسسات دول القرن الأفريقي، ويؤكد ذلك وعيًا مصريًا بأهمية الاستقرار في الدول المجاورة لأمنها القومي، وهو ما يدفعها للتحرك السياسي والدبلوماسي إزاء القضايا المشتعلة في أقاليم القرن الأفريقي، وغيره من أقاليم القارة المختلفة وفي القلب منها إقليم الساحل وشرق أفريقيا.

ولا تنفصل هذه الرؤية عن الأولوية القصوى التي توليها القاهرة لملف مياه النيل، إذ تمثل قضية سد النهضة جوهرًا استراتيجيًا في التحرك المصري تجاه القارة، وتحاول مصر استثمار علاقاتها الثنائية والمتعددة الأطراف لتشكيل رأي أفريقي داعم لموقفها، لاسيما مع الأدوار المحورية لبعض الدول مثل الصومال وجيبوتي وأوغندا، بما يعكس سعيًا مصريًا لإعادة تدويل الملف عبر المسارات الإقليمية، ناهيك عن كون مصر شريكًا فاعلًا في دعم الاستقرار عبر آليات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، ويبرز هذا الدور في مناطق القرن الأفريقي، حيث ترتبط التحديات الأمنية هناك بمخاطر أوسع تشمل الممرات البحرية والتجارة العالمية، وتدرك القاهرة أهمية مواجهة هذه التهديدات في مهدها قبل أن تمتد إلى نطاقات تؤثر على أمنها القومي، لا سيما في ظل ما تشهده بعض مناطق أفريقيا من انكشاف أمني متزايد بفعل تراجع الاهتمام الدولي وتنامي حضور الجماعات المسلحة.

وتكمل هذه الرؤية قناعة مصرية راسخة بأهمية نقل الخبرات وبناء القدرات للدول الأفريقية، باعتبارها ركيزة لأي نهضة تنموية حقيقية، ومن هنا، لا تقتصر الجهود المصرية على تقديم الدعم الفني أو التدريب في مجالات محددة، بل تشمل أيضًا المساهمة في إنشاء البنية التحتية الحيوية ونقل التكنولوجيا، في محاولة لتقديم نموذج تكاملي للتعاون الأفريقي-الأفريقي يعكس استقلالية القرار التنموي ويواجه محاولات بعض القوى الخارجية لاستخدام المساعدات كأدوات للنفوذ السياسي.

القاهرة وجيبوتي: توافق في وجه الأزمات الإقليمية

الأربعاء قبل الماضى، 23 أبريل شكلت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جيبوتي خطوة بارزة نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في وقت يتسم بالتحديات الجيوسياسية والإقليمية الكبرى، تعكس الوعي المشترك بين القاهرة وجيبوتي بأهمية تعزيز التعاون في مجالات متعددة لمواجهة الأزمات الأمنية والاقتصادية المتصاعدة في منطقة القرن الأفريقي والشرق الأوسط.

ومثّل البيان المشترك الذي صدر عقب الزيارة وثيقة تعكس توافقًا عميقًا بين البلدين في كيفية التعامل مع هذه الأزمات، ولا سيما في مجالات الأمن الإقليمي، التنمية الاقتصادية، واستقرار المنطقة ككل. وتحتل قضايا الأمن أولوية كبيرة في أجندة التعاون بين مصر وجيبوتي، ففي ظل التهديدات الإرهابية التي تواجه العديد من دول القرن الأفريقي، استعرضت الزيارة سبل تعزيز التنسيق الأمني بين البلدين في مواجهة الجماعات المتطرفة، والتي تسعى إلى زعزعة استقرار المنطقة، وكان من أبرز النقاط التي تم التركيز عليها تطوير آليات التعاون الاستخباراتي وتبادل الخبرات بين الأجهزة الأمنية المصرية والجيبوتية، بالإضافة إلى التأكيد على أهمية تعاون البلدين في مجال تدريب القوات الأمنية وتعزيز القدرات المحلية في مواجهة الأنشطة الإرهابية.

وتطرق الجانبان إلى سبل تعزيز التعليم والتوعية لمكافحة الفكر المتطرف. ومن المعروف أن مصر تلعب دورًا محوريًا في نشر الفكر الوسطي من خلال مؤسساتها التعليمية والدينية، مثل الأزهر الشريف؛ لذلك، تم الاتفاق على إنشاء برامج تدريبية مشتركة في مجال مكافحة التطرف، وكذلك تبادل الزيارات العلمية بين الجامعات والمراكز البحثية في البلدين، وهي خطوة تعد جزءً من استراتيجية أوسع تهدف إلى بناء مجتمعات مقاومة للفكر المتطرف، وتشكل حجر الزاوية في الاستقرار الأمني طويل الأمد.

وعلى الصعيد الاقتصادي، كانت زيارة السيسي فرصة لتطوير التعاون التجاري بين مصر وجيبوتي، حيث تم التباحث في عدد من المشاريع الاستراتيجية التي تساهم في تعزيز الاقتصادين. من أبرز المجالات التي تم التركيز عليها كانت مشاريع الطاقة المتجددة، لا سيما الطاقة الشمسية، فجيبوتي، التي تسعى لتعزيز مصادرها المستدامة للطاقة، وجدت في مصر شريكًا مهمًا في هذا المجال، حيث تم الاتفاق على إنشاء محطات للطاقة الشمسية لتلبية احتياجات جيبوتي المتزايدة للطاقة، فضلاً عن تعزيز قدرة البلدين على مواجهة تحديات التغير المناخي.

وفي هذا السياق، أكد الطرفان على ضرورة العمل المشترك في مجال تطوير البنية التحتية للطاقة والمياه، بالإضافة إلى التعاون في إنشاء محطات تحلية المياه لمواجهة قضايا نقص المياه في المنطقة، وهو تعاون يعتبر ذا أهمية خاصة في ضوء الظروف المناخية القاسية التي تؤثر على دول منطقة القرن الأفريقي، ما يرفع من حدة القضايا الإنسانية والاقتصادية التي تحتاج إلى حلول عاجلة.

كما شهدت الزيارة أيضًا تعزيز التعاون في قطاع النقل والموانئ، حيث تعتبر جيبوتي واحدة من أهم الموانئ في القرن الأفريقي. تم التباحث في تطوير هذه الموانئ لتحسين التبادل التجاري بين مصر ودول المنطقة، وتعزيز قدرة جيبوتي على استيعاب حركة السفن التجارية من مختلف أنحاء العالم، ومن المنتظر أن يسهم هذا التعاون في تطوير البنية التحتية للموانئ الجيبوتية، بما يضمن تسهيل حركة التجارة بين الدول المجاورة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي في المنطقة.

وعلى مستوى الاستثمارات، تم الإعلان عن إنشاء «مجلس الأعمال المصري الجيبوتي»، الذي يهدف إلى تعزيز التعاون التجاري بين البلدين في مختلف القطاعات الاقتصادية. يركز المجلس على توفير بيئة مناسبة للاستثمارات المصرية في جيبوتي، خاصة في قطاع التجارة والعقارات، مما يسهم في فتح أسواق جديدة للشركات المصرية في القرن الأفريقي، كما تم الاتفاق على إنشاء منطقة حرة للشركات المصرية في جيبوتي، ما يوفر فرصًا تجارية متميزة ويعزز الروابط الاقتصادية بين البلدين.

إلى جانب ذلك، كانت القضية الفلسطينية من القضايا الرئيسية التي تم تناولها في الزيارة، والتي حظت بتوافق من الجانبين، بما يظهر توافق الرؤى، حيث شدد الرئيس السيسي على موقف مصر الثابت في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وأكد على أهمية تحقيق حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية وفقًا لمبدأ حل الدولتين، وتبنى الطرفان مواقف موحدة في ضرورة الضغط الدولي على إسرائيل لإنهاء الاحتلال والعودة إلى طاولة المفاوضات، بما يعكس التوافق بين البلدين أهمية التنسيق بين الدول العربية في القضايا المركزية في المنطقة، وهو ما يساهم في تعزيز مواقفهم في الساحة الدولية.

وتطرقت المحادثات إلى التحديات التي تواجهها دول القرن الأفريقي، خاصة في ما يتعلق بالأزمات الإنسانية والصراعات الداخلية، وكانت الأزمة السودانية من أبرز القضايا التي تم تناولها في الزيارة، حيث أكد الرئيس السيسي على أهمية دعم وحدة السودان وضرورة إيقاف الصراع الداخلي من خلال الحلول السلمية، كما تم التأكيد على ضرورة تقديم الدعم الدولي لإعادة إعمار السودان واستعادة استقراره السياسي والاجتماعي، كذلك، تناولت المباحثات قضية الصومال، حيث تم التأكيد على ضرورة التنسيق بين مصر وجيبوتي في مواجهة تحديات الإرهاب في الصومال، وخاصة تهديدات حركة الشباب.

الصومال حاضرة في التحركات المصرية

وفي إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وأوغندا، شهدت القمة غير العادية للدول المساهمة بقوات في بعثة الاتحاد الأفريقي للدعم والاستقرار في الصومال AUSSOM التي انعقدت مؤخرًا، وخلالها أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على دعم مصر الثابت والواضح لإقامة دولة صومالية موحدة ومزدهرة، مشيرًا إلى أن إطلاق هذه البعثة يشكّل فرصة حقيقية أمام المجتمع الدولي لإعادة تركيز جهوده وتجديد التزامه بمساندة الشعب الصومالي في مساعيه نحو تحقيق السلام والاستقرار.

وشدد رئيس الوزراء على أن مصر أعربت مرارًا عن دعمها الكامل للرؤية التي طرحها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بشأن بناء دولة موحدة قوية، مؤكدًا أن هذا الدعم يندرج في إطار التزام مصري طويل الأمد بالوقوف إلى جانب الصومال، بالتعاون مع المجتمع الدولي. وأوضح أن هذا الالتزام قد تجسّد في مواقف واضحة، منها دعم قرار رفع حظر السلاح المفروض على الصومال منذ سنوات، والمشاركة في جهود تخفيف أعباء الديون، فضلًا عن عقد مؤتمر الأمن الصومالي في ديسمبر 2023، وهي خطوات ساهمت في خلق زخم سياسي وميداني داعم لبناء قدرات الجيش الوطني الصومالي.

وأشار الدكتور مدبولي إلى أن بعثة الاتحاد الأفريقي تمثل اختبارًا حاسمًا للعزيمة الجماعية للدول الأفريقية والداعمين الدوليين في تمكين الشعب الصومالي وقيادته من مواجهة الإرهاب وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية قوية وقابلة للاستمرار. وفي هذا السياق، جدد تأكيد التزام مصر الراسخ بدعم الصومال ووقوفها بجانب بعثة الاتحاد الأفريقي، انطلاقًا من إيمانها بضرورة تمكين الصوماليين من صياغة مستقبل مستقر ومزدهر يرتكز على السيادة والتنمية المستدامة.

وعلى هامش القمة، عقد مدبولى لقاء مع الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، نقل خلاله تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الرئيس موسيفيني، مع تهنئته على نجاح استضافة القمة الأوغندية، مشيداً بالزخم الذي شهدته العلاقات بين البلدين في عام 2024، ومشيرًا إلى سلسلة من الزيارات المتبادلة على أعلى مستوى، التي من شأنها أن تفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مختلف المجالات.

وأكد مدبولي حرص مصر على تحقيق نقلة نوعية في التعاون مع أوغندا، وهو ما ينعكس في استعداد مصر لمواصلة تطوير التعاون في مجالات متعددة، مثل الزراعة، والري، والصحة، والطاقة، والتعدين، وهو توجه يؤكد على رغبة القاهرة في نقل خبراتها وتجاربها للدول الشقيقة في حوض النيل، بما يعزز من الاستفادة المتبادلة في مجالات حيوية تساهم في تحقيق التنمية المستدامة.

الجانب الاقتصادي كان له نصيب كبير في اللقاء، حيث أشار رئيس الوزراء إلى وجود نحو 25 شركة مصرية تعمل حاليًا في أوغندا، باستثمارات تصل إلى 100 مليون دولار، كما تم تسليط الضوء على حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي بلغ حوالي 133 مليون دولار أمريكي في عام 2023، مع تطلعات مصر لزيادة هذا الرقم بشكل كبير في السنوات المقبلة. يعكس هذا الاهتمام المتزايد بين البلدين في تعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة حجم الاستثمارات بين مصر وأوغندا، وهو ما يُعتبر خطوة استراتيجية نحو تكامل اقتصادي أعمق.

من جانبه، أعرب موسيفيني عن تقديره الكبير للعلاقات بين البلدين، معبّرًا عن رغبة أوغندا في تعزيز التعاون مع مصر في مجالات اقتصادية متنوعة، وهو ما يعكس مدى التفاهم المشترك بين الجانبين، ويعزز من فرص التوسع في مشاريع اقتصادية مشتركة تصب في مصلحة كلا البلدين، فالعلاقات بين البلدين تشهد مرحلة من التحول النوعي، حيث يتجاوز التعاون الثنائي المجالات التقليدية إلى مجالات استراتيجية تشمل التنمية المستدامة، والتعاون في مجالات حيوية مثل الزراعة والري والطاقة. كما أن هذه العلاقات تتسم بالطموح والرغبة في تحقيق المنافع المشتركة، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، بما يعكس توافقًا قويًا في الرؤى والمواقف بين البلدين.

التكامل مع السودان ضرورة تفرضها التحديات

الإثنين الماضى، استقبل الرئيس السيسي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، في قصر الاتحادية، ضمن زيارة تأتي في توقيت بالغ الدقة، لتؤكد عمق الروابط الاستراتيجية بين البلدين، وتُعيد تسليط الضوء على الأهمية المتنامية للتنسيق الثنائي في ظل تطورات المشهدين الداخلي والإقليمي، كما يعكس استقبال الرئيس السيسي لنظيره السوداني في مطار القاهرة دلالة رمزية واضحة، تؤكد مكانة السودان لدى القيادة المصرية، وتبرز الدعم المبدئي والثابت الذي تُقدمه القاهرة للخرطوم، لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.

وعكست جلسات المباحثات، المغلقة والموسعة، حرص الجانبين على تحويل الروابط التاريخية إلى مشروعات ملموسة، تدعم مسار التكامل الفعلي، وتفتح مجالات جديدة للاستفادة المتبادلة، وتمثل الملفات التي جرى تناولها – من الربط الكهربائي والسكك الحديدية إلى التعاون في مجالات الصحة والزراعة والتعدين – تعبيرًا عن وعي الطرفين بالحاجة إلى تجاوز المفاهيم التقليدية للعلاقات، والانتقال نحو نموذج مستدام من الشراكة الاقتصادية والاستراتيجية.

ولعل التأكيد المصري على المساهمة الفعالة في إعادة الإعمار وتأهيل ما دمرته الحرب في السودان، يُبرز إدراكًا عميقًا بترابط الأمن والاستقرار بين الدولتين، كما يعكس محاولة لتوفير مظلة دعم سياسي وإنساني في مرحلة دقيقة من تاريخ السودان.

ولم تقتصر المباحثات على الشق الثنائي فقط، بل امتدت إلى تقييم التطورات الميدانية داخل السودان، حيث أشار البيان الرسمي إلى التقدم الذي أحرزته القوات المسلحة السودانية في استعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم، ومن خلال هذا التناول، تُبرز القاهرة تأييدها للجهود الرامية إلى استعادة الدولة الوطنية، والحفاظ على مؤسساتها، وهو ما ينسجم مع الرؤية المصرية الثابتة تجاه وحدة السودان واستقراره.

أما في الشق الإقليمي، فقد اتسعت دائرة المشاورات لتشمل الأوضاع في حوض نهر النيل والقرن الأفريقي، وهي مناطق لطالما كانت ذات أهمية مركزية في أولويات البلدين. ويُعد توافق الرؤى حول رفض الإجراءات الأحادية في ملف سد النهضة، والتأكيد على مبدأ تقاسم المنافع وفقًا للقانون الدولي، إشارة واضحة إلى استمرار التنسيق الوثيق بين القاهرة والخرطوم في هذا الملف الحيوي، الذي يشكل أحد أعمدة الأمن القومي لكلا البلدين، وهو ما يعكس رغبة في ترسيخ مقاربة تعاونية في إدارة الموارد المائية، تُوازن بين الحقوق التاريخية والتنمية المستدامة لجميع الأطراف.

مصر وأنجولا.. 50 عاما من الشراكة

والثلاثاء الماضي، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، في قصر الاتحادية، الرئيس جواو لورينسو، رئيس أنجولا، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، وتناول الرئيسان سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، كما ناقشا آليات دعم عمل الاتحاد الأفريقي وتعزيز التكامل القاري، إلى جانب الجهود المبذولة للحفاظ على السلم والأمن في القارة الأفريقية.

وبالاعتماد على الكلمة التي ألقاها الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفي مع نظيره الأنجولي، يمكن تحليل هذا اللقاء باعتباره خطوة متقدمة في سياق توجه مصري واضح نحو تعزيز الشراكة مع دول القارة الأفريقية، وتثبيت مكانتها كفاعل محوري في صياغة الرؤى القارية، وخاصة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، فقد اتسم اللقاء بين الرئيسين بطابع سياسي واستراتيجي يعكس توافقًا لافتًا في المصالح والتوجهات، كما أنه حمل رسائل متعددة الأبعاد تؤكد انخراط القاهرة النشط في الملفات الكبرى للقارة، سواء في أطر التعاون الثنائي أو في السياقات الأوسع مثل الاتحاد الأفريقي.

وبدأت زيارة الرئيس الأنجولى للقاهرة، برسائل رمزية قوية، تجلت في مراسم الاستقبال الرسمية في قصر الاتحادية، بما يعكس المكانة التي توليها مصر لعلاقاتها مع أنجولا، لاسيما في ظل رئاسة «لورينسو» الحالية للاتحاد الأفريقي، وهو ما أضفى على اللقاء بعدًا قاريًا يتجاوز الأطر الثنائية، كذلك تنوعت المباحثات بين الجلسات المغلقة والموسعة، ما يعكس الرغبة في التوصل إلى تفاهمات دقيقة حول سبل التعاون والتكامل، كما أن توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين الجانبين يشير إلى انتقال العلاقات من مرحلة التنسيق السياسي إلى الشراكة التنفيذية ذات الطابع التنموي والتطبيقي.

وأكد الرئيس السيسي، في كلمته، على الطبيعة التاريخية للعلاقات بين البلدين، والتي تعود إلى ستينيات القرن الماضي، مستحضرًا بذلك الرصيد السياسي الذي أسّس له دعم مصر لحركات التحرر الوطني في أفريقيا، وقد اعتبر هذا الإرث أساسًا متينًا لبناء شراكة حديثة تخدم أهداف التنمية والمصالح المشتركة، لا سيما مع اقتراب الذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات بين القاهرة ولواندا، ما يعزز من رمزية اللقاء وتوقيته السياسي.

وركزت المباحثات الثنائية على آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري، حيث عبّر الطرفان عن إرادتهما المشتركة لتوسيع مجالات التعاون، مع الإشارة إلى توقيع مذكرات تفاهم في مجالات تكنولوجيا المعلومات والإسكان والبنية التحتية، وهذا التوجه يعكس اهتمام مصر بالانخراط في مسارات التنمية بالقارة، وتعزيز تواجدها في القطاعات الحيوية التي تمثل ركيزة أساسية لبناء اقتصادات أفريقية أكثر قدرة على مواجهة التحديات الهيكلية.

من اللافت أيضًا ما أعلنه الرئيس السيسي بشأن استعداد مصر لتقديم الدعم للأشقاء في أنجولا في مجالات متشعبة، تبدأ من الأمن والدفاع ولا تنتهي بالطاقة والزراعة والسياحة، وهو ما يعكس تبني القاهرة لمفهوم «التمكين التنموي» المتكامل، الذي لا يقتصر على الجوانب الأمنية، بل يمتد إلى دعم القدرات المؤسسية والتنموية، في وقت تتسابق فيه قوى إقليمية ودولية نحو الاستثمار في النفوذ بالقارة.

ولعل أبرز ما ورد في هذا السياق هو ما أشار إليه الرئيس السيسى بخصوص «ممر لوبيتو الاستراتيجي»، باعتباره نموذجًا طموحًا للتنمية العابرة للحدود، بما يرسّخ من فكرة التكامل القاري الذي طالما دعت إليه مصر، ويُنظر إلى هذا الممر كمشروع محوري في ربط الموارد والبنى التحتية والطاقة والنقل في سياق قاري يعزز الترابط بين الدول الأفريقية بعيدًا عن التجزئة التي أضعفت مسار التنمية في العقود الماضية.

وعلى المستوى السياسي، حملت الكلمة إشادة مصرية واضحة بالدور الذي يلعبه الرئيس الأنجولي في قيادة الاتحاد الأفريقي، وبالأخص وساطته في أزمة شرق الكونغو الديمقراطية، وهو ما يكشف عن دعم القاهرة للمبادرات القارية التي تتأسس على الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية، كما تطرقت المباحثات إلى ملفات بالغة الحساسية مثل أزمة السودان، والأوضاع في القرن الأفريقي، ومكافحة الإرهاب، بما يعكس إدراكًا مشتركًا لحجم التحديات الأمنية التي تواجه القارة، وضرورة التنسيق لمواجهتها.

ولم تغب القضايا العالمية ذات الأثر على القارة، إذ ناقش الجانبان التغير المناخي، وندرة المياه، والأوضاع في غزة، كما توافقا على ضرورة ضمان التمثيل العادل لأفريقيا في المؤسسات الدولية، لاسيما في إطار مساعي إصلاح مجلس الأمن، بما يعزز حضور القارة في صنع القرار العالمي، ويعكس هذا التوافق بوضوح أن مصر تسعى إلى بلورة رؤية أفريقية موحدة في المحافل الدولية، من خلال شراكات ثنائية وثيقة تشكّل نواة لمواقف قارية مشتركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.