دراما الواقع احيانا أقوى من الخيال وأكثر قسوة ووحشية من الاعمال الدرامية، فمهما أوتى المؤلفون من موهبة لا يصل خيالهم لما جرى مع الفنانة «حبيبة» التى قضت وراء القضبان خمس سنوات، فضلا عن ثلاث سنوات قيد التحقيقات والمحاكمات. ومهما بحث المؤلفون عن شخصية شريرة لا يصل خيالهم الى رسم شخصية وحشية تمثل شخصية ضابط المباحث الذى قام بتعذيب حبيبة لاجبارها على اعتراف بقتل زوجها من أجل اغلاق ملف القضية والحصول على ترقية. ورغم تدخل الاقدار وظهور قتلة الدبلوماسى القطرى زوج حبيبة، مازال الضابط الذى لفق القضية لحبيبة حرا طليقا، ليس هذا فحسب بل هناك من اتصل بها تليفونيا وهددها لو حصلت على مبلغ التعويض وهو مليون جنيه، فإن مصيرها سيكون مصير سعاد حسنى. سجلت حبيبة التهديد، وقدمت بلاغا للنيابة، إلا أن النائب العام لم يحقق فى البلاغ، وهو ما يعنى أن هذا الشيطان مازال طليقا يحظى بحماية النيابة العامة، وهو ما يطرح سؤالا مهما: كم من القضايا لفقها هذا الضابط لضحايا أبرياء، وكم من ضحاياه مازالوا وراء القضبان؟! تعالوا إلى هذا الحوار الذى اجريته مع حبيبة بطلة أقسى دراما حقيقية يمكن ان تواجه انسانة فى الحياة: كيف تعرفت على زوجك ؟ - تعرفت عليه من خلال عملى فى مسرحية «بهلول فى اسطنبول» مع النجم سمير غانم كان من بين حضور العرض المسرحى من هنا جاء التعارف وعرض علىَّ الزواج فقبلت . يتردد ان الزواج تم دون علم اسرتك؟ - هذا ليس صحيحًا والدتى كانت تعلم وجيرانى كذلك وايضا اختى اما ابى فلم يكن موافقًا على الزواج فى البداية. قيل إنه كانت هناك خلافات قبل الحادث وانك طلبت منه الطلاق قبل قتله؟ - نعم كانت بيننا خلافات عادية مثل التى تحدث بين الازواج وكان السبب هو تأخرى فى العمل فى المسرح ولم يحدث ان طلبت منه الطلاق ابدا انا مدة زواجى كانت ثلاث شهور وقتل وانا زوجته. قلت ان الاسرة والجيران واهل المجنى عليه كانوا على علم بزواجك اذن لماذا كان الزواج عرفيًا وليس رسميًا؟ -لان زواج المصرية من اجنبى لا يتم على يد المأذون فى البداية، المفروض أن المحامى يوثق الزواج وبعدها يجئ دور المأذون وكان زوجى يستعد لتوثيق الزواج من عرفى الى رسمى. هل حقيقى ان مبلغ التعويض الذى حكم به لصالحك يعتبر هو الاكبر فى تاريخ القضاء المصرى ؟ - نعم صحيح ولكن المبلغ فى حد ذاته اذا كان كبيرًا فى نظر الناس إلا أنه لايمثل ولو جزءا بسيطا لما تعرضت له من تعذيب واهانة داخل اسوار السجن، خمس سنوات كاملة عقاباً على جريمة لم ارتكبها. لماذا اتهمك الضابط المكلف بالقضية مباشرة بقتل المجنى عليه ؟ - اسباب كثيرة اهمها أنه محبش يتعب نفسه بالبحث والتحرى طمعا فى غلق القضية سريعا كى يحصل على ترقية لأن المتهمين سرقوا كل شىء داخل الشقة وتركوا ورقة الزواج العرفى ولان هناك تعليمات جاءته من وزير الداخلية وقتها «حبيب العادلى» بإنهاء القضية سريعا لان المجنى عليه اجنبى وانا لم اعترف بشىء هما كتبوا الاعترافات اللى عايزنها واجبرونى على التوقيع عليها وعرفت من خلال النيابة اننى اعترفت بالجريمة وقتلته طعنا بالسكين مع ان الطب الشرعى اثبت انها 30 طعنة ولكى تتاكد ان كل شىء كان جاهزاً، لما المحامى الذى كان يدافع عنى وقف امام القاضى وقال له ان الطب الشرعى اثبت ان هناك جزم مقاس اربعين وسبعة واربعين واكثر فى مسرح الجريمة وان موكلتى مقاس حذائها 36 فكيف يعقل ذلك قال له «انهى يا استاذ الكلام ده مش عايز اسمع حاجة». عندما قضت المحكمة بحبسك 10 سنوات لم يصدقك احد فى سجن القناطر من النزيلات اللاتى كن معك فلماذا ؟ - هناك من صدقنى داخل اسوار السجن وهم قلة فعلا والكثير لم يصدقنى لانهم قالوا لى كيف تكونين بريئة وانت معترفة بجريمتك لم يصدقوا ولم يستوعبوا اننى وقعت على اعتراف كى احمى نفسى وكرامتى وشرفى واحمى شرف اهلى من هذا الضابط فهذا الضابط عذبنى لمدة ثمانية ايام شفت فيه العذاب الوان بكل اشكاله وكان من الممكن اصمد واستحمل هذا التعذيب النفسى والمعنوى وجرح كرامتى ولكن عندما يقال لك لو مااعترفتيش هجيب امك واختك وجدتك واعريهم وهنعمل فيهم كذا وكذا وانتى اولهم هتغتصبى قدامهم وقتها لم اتحمل وكنت سأموت لو شفت امى او اختى او أى فرد من عائلتى يحدث له ذلك فاعترفت بكل ما يريدونه وكان الضابط يذهب معايا للنيابة خايف إنى اغير اقوالى. كيف كان يتم التعذيب ؟ - عارفة اللى بتشوفيه فى الافلام والاعمال الدرامية اقل بكثير من الحقيقة انا كنت بانضرب باليد والرجل وانشتم بأهلى اوسخ الشتائم واعلق من يدى واصعق بالكهرباء كل شىء تتخيليه وآخرها التهديد باغتصابى وبعد تقفيل القضية تمت ترقية الضابط من رئيس مباحث الهرم الى الغردقة. بعد صدور الحكم كيف قضيت الخمس سنوات فى سجن القناطر؟ - فى حالة صمت ودموع لا احب ان اتذكر هذه الايام فكل يوم فيها بعمرى كله وفى السجن حكايات وماسئ كتير لا احب تذكرها بس هقولك على حاجة بسيطة فى يوم حدث حريق داخل العنبر اللى انا فيه والباب مغلق على ألف سجينة والنار بتزيد فى الاشتعال والتهمت السراير والمراتب كانت من الاسفنج وكان سبب الحريق ماس كهربائى وكنا خايفين نستخدم المياه فى الاطفاء عشان الكهرباء وفضلنا مدة طويلة ننادى بأعلى الاصوات ومعظمنا نطق الشهادة وفين وفين لما فتحوا الابواب. خمس سنوات فقدت فيها الامل بالبراءة ؟ - لا لان الامل فى ربنا كبير وثانيا كنت منتظرة النقض ومع ان والد زوجى ارسل فاكسًا الى الرئيس السابق مبارك دافع عنى وطالبه بالقبض على الجناة الحقيقيين حتى لا يذهب دم زوجى هدراً. وكيف علمت بخبر القبض على المتهمين؟ ولماذا لم يحكم عليهم بالاعدام ؟ - لم يبلغنى احد من المسئولين فى السجن ولا المحامى ولا اهلى انا عرفت من اللى كانوا معايا فى السجن هم اللى اخبرونى وقتها حدث لى ذهول وبعدها عرفت انهم قبضوا على احد المتهمين عندما ذهب لبيع ساعة الماظ بخمسمائة جنيه فقط بينما ثمنها مائتى ألف جنيه الجواهرجى شك فيه وابلغ المباحث واعترف على المتهمين اللى كانوا معاه بقتل زوجى وتمت اعادة المحاكمة ولم يحكم عليهم بالاعدام. لماذا لم تطلب ميراثك الشرعى من اهل زوجك ؟ - لا لن اطلب منهم شيئاً وهم لم يعرضوا على شيئا وكفاية اللى هما فيه لقد فقدوا ابنهم فى ظروف ليست سهلة على احد فكان الله فى عونهم وعونى وانا متنازلة عن كل شىء. بعدما تم الحكم لصالحك بالتعويض من الذى يهددك وبأى شىء ولماذا ؟ جاءتنى مكالمات تليفونية قمت بتسجيلها وسلمتها لمكتب النائب العام ولكنه لم يعيرها أى اهتمام ولا اعرف السر وراء ذلك، ولماذا لا يفتح التحقيق مع الذين يهددوننى بالقتل فهناك اشخاص اتصلت بى وقالت لى اذا لم تتنازلى عن التعويض ستكون نهايتك مثل «سعاد حسنى» وهذا كلام كله مسجل. نشر بالعدد 617 بتاريخ 8/10/2012