نائب محافظ سوهاج ووكيل وزارة الصحة يكرمان قيادات المديرية والمتفوقين من أبناء الصيادلة.. صور    «إكسترا نيوز»: دعم ذوي الإعاقة وتنسيق مع الصحة والبنوك استعدادًا للاستحقاق النيابي    لقاء مفتوح بين وزير السياحة ومستثمري الأقصر وأسوان لوضع خريطة استثمارية جديدة    بدر عبد العاطي وحديث ودي حول وقف الحرب في غزة وانتخابات اليونسكو    استشهاد 70 فلسطينيًا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    بايرن ميونخ يكتسح فرانكفورت بثلاثية ويواصل مطاردة الصدارة في البوندسليجا    ريال مدريد يواصل التألق بثلاثية في شباك فياريال ويعزز صدارته لليجا    سيراميكا يعبر الحدود بثلاثية مثيرة في الدوري    مصرع طفل وإصابة شخصين في حادث دراجة نارية بالفرافرة    حكاية ضابط بطل تصدى لقائد سيارة متهور ومنع كارثة    هاني رمزي يحتفل بزفاف ابنه بحضور أشرف صبحي والمشاهير | صور    متحدث اللجنة المصرية لإغاثة غزة: اكتبوا في التاريخ أن السيسي أكثر عربي وقف بجانبنا وكسر المجاعة وناصر قضيتننا    تتبقى فرصتان.. المغرب يتسبب في ضياع أولى هدايا تأهل مصر في كأس العالم للشباب    محمود مسلم: السيسي لم يتواصل مع قيادات إسرائيل منذ بدء حرب غزة.. ووصفهم ب«العدو» تطور خطير فى العلاقات    نشأت الديهي للمحافظين: كنتم فين والتعديات على النيل تحدث.. يجب إزالتها سواء عشة أو قصر    صادر له قرار هدم منذ 53 عامًا.. انهيار جزئي لعقار في جمرك الإسكندرية دون خسائر بشرية    مصرع 3 عناصر إجرامية شديدة الخطورة خلال مداهمة وكرهم ببني سويف    الري: أراضي طرح النهر تُمنح للأفراد بحق انتفاع وليس بعقود إيجار دائمة    ترتيب الدوري الإنجليزي بعد فوز تشيلسي ضد ليفربول.. أرسنال يخطف الصدارة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مظاهرات حاشدة تطالب برحيل بنيامين نتنياهو.. ترامب: لن أتهاون مع أى تأخير من جانب حماس وسأعامل الجميع بإنصاف.. الفنان فضل شاكر يسلم نفسه للجيش اللبنانى    لأول مرة فى تاريخها.. اليابان تختار سيدة رئيسة للحكومة    سعر الطماطم والخيار والخضار بالأسواق اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    شريف فتحي يشارك في اجتماع غرفة المنشآت الفندقية بالأقصر    ضحايا فيضان المنوفية: ندفع 10 آلاف جنيه إيجارًا للفدان.. ولسنا مخالفين    أخبار × 24 ساعة.. قافلة إغاثية لمتضرري ارتفاع منسوب نهر النيل في المنوفية    دوري أبطال أفريقيا.. قائمة بيراميدز في مواجهة الجيش الرواندي    بشير التابعى: مجلس الزمالك ليس صاحب قرار تعيين إدوارد ..و10 لاعبين لا يصلحون للفريق    المحافظات ترفع الطوارئ لمواجهة ارتفاع منسوب مياه النيل: «الوضع مطمئن»    «الهيئة الوطنية» تُعلن موعد انتخابات النواب 2025 (الخريطة كاملة)    «الأوقاف» تُطلق البرنامج التثقيفى للطفل    بداية فصل جديد.. كيف تساعدك البنوك في إدارة حياتك بعد الستين؟    قافلة عاجلة من «الهلال الأحمر» لإغاثة المتضررين من ارتفاع منسوب مياه النيل في المنوفية    أمطار واضطراب الملاحة.. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم الأحد    سطو مسلح على محل فوري في كرداسة.. المتهمون ارتدوا أقنعة واستخدموا بندقيتين خرطوش (تفاصيل التحقيقات)    تغيرات مفاجئة ونشاط للرياح.. تفاصيل حالة الطقس حتى يوم الجمعة المقبل    إعلام عبرى: إسرائيل تبلغ أمريكا نيتها الإبقاء على وجودها داخل المنطقة العازلة    تعرف على برجك اليوم 2025/10/5.. «الأسد»: تبدأ اليوم بطاقة عاطفية.. و«الحمل»: روح المغامرة داخلك مشتعلة    بعد الانتهاء من أعمال الترميم.. افتتاح تاريخي لمقبرة أمنحتب الثالث بالأقصر    رئيس قطاع الآثار: افتتاح مقبرة الملك أمنحتب الثالث فخر لمصر بعد 20 عامًا من الترميم    اللواء محمد إبراهيم الدويري: يجب إنقاذ غزة قبل الحديث عن المصالحة الفلسطينية    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    كيف نصل إلى الخشوع في الصلاة؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    ياسمين الخطيب تهاجم الساخرين من فارق العمر في زواج رانيا يوسف: الدين لم يحرّم ذلك    لمتابعة الأداء ومستوى الخدمات.. حملات مرور ميدانية على الوحدات الصحية في إهناسيا ببني سويف    «الصحة» تطلق النسخة الخامسة من مؤتمر «قلب زايد» بمشاركة نخبة من خبراء أمراض القلب في مصر    «مدبولي»: أراضي طرح النهر لا يجوز التعدي عليها بالزراعة أو البناء (تفاصيل)    غدًا .. عرض 4 أفلام نادرة مرمَّمة توثّق لنصر أكتوبر المجيد    شريف العماري: الزواج السري يجعل الزوجة تعيش في حالة خوف واختباء من أبنائها ومعارفها    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة لقبول الطلاب بالصف الأول الثانوي للعام الدراسي الجديد    المدير الرياضى للأهلى ل «الأخبار»: احتراف الشحات مرفوض وعبدالقادر يرحب بالتجديد    محافظ شمال سيناء يدعو المواطنين للاحتفال بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر    محافظ المنيا: الدولة تولي اهتماماً كبيراً بصحة المرأة ضمن المبادرات الرئاسية    حزب السادات يدعو لإحياء ذكرى نصر أكتوبر أمام ضريح بطل الحرب والسلام بالمنصة    "بداية أسطورية ل Kuruluş Osman 7" موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عثمان على قناة الفجر الجزائرية    مواقيت الصلاه اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    استقبل تردد قناة صدى البلد دراما 2025 الجديد على نايل سات    وكيل صحة سوهاج يتابع أعمال لجنة الكشف الطبي للمرشحين المحتملين لمجلس النواب    المتحف المصري بالتحرير يبرز دور الكهنة في العصر الفرعوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضد الحياة الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية يؤدي إلى الوفاة
نشر في صوت الأمة يوم 06 - 03 - 2021

الأرقام تكشف: تناول 285 مليون عبوة من الأنواع شائعة الاستخدام.. والأطباء يؤكدون: نقتل أنفسنا بأيدينا
الدكتور محمد عبدالرازق: التناول غير السليم للمضادات يزيد أنواع البكتيريا المقاومة ويحرم الجسم من الانزيمات النافعة
الدكتور على عوف رئيس شعبة الأدوية بالغرف التجارية: مطلوب زيادة وعي المواطنين بضرورة استخدام المضاد الحيوي في الوقت المناسب وليس في أوقات عشوائية
الدكتور عمر عزت أستاذ علاج الأطفال: ارتفاع درجة الحرارة وحدوث ألم في المعدة وحساسية الأنف والصدر والتهابات العين والأذن لا تستدعي استخدام مضاد حيوي


طفلٌ ست سنوات يُعاني من التهاب رئوي، وارتفاع مُستمر في درجة الحرارة، وصل أخيرًا إلى مستشفى خاص؛ بمصر الجديدة، بعد معاناته وأسرته مع رحلة المرض التي لم يستجب فيها للعلاج مع 3 أطباء، كل طبيب بأدوية مختلفة، إلا أن الحرارة لم تنخفض، والطفل في معاناة لم يساعده فيها أحد. الطبيب المتواجد في المستشفى- آنذاك - واسمه عُمر عزت أجرى فحصا طبياً على الطفل، وطلب من الأب إجراء تحليل دم ومزرعة بول، وظهرت النتيجة، وكانت مُرعبة.
التحاليل أثبتت أن الطفل مصاب ب"klebsiella" وهي أحد أعضاء عائلة البكتيريا المعوية، إلا أنها عند الطفل مقاومة لجميع المضادات الحيوية، الاستثناء الوحيد كان مضاد حيوي واحد ولا يوجد حينها في مصر، ولا يملك الطفل الوقت الكافِ للانتظار حتى يتم إرساله -الدواء- من الخارج، الأمل الوحيد كان أن تتحرك مناعة الطفل، لتقاوم البكتريا، وتنقذه من الموت "المُحقق".

والد الطفل- كغيره من ملايين المصريين، لم يستوعب فكرة أن البكتيريا الموجودة عند طفله مقاومة لأغلب المضادات الحيوية، ولماذا تقاوم أصلًا؟..
كان الأب دائم الاستفسار من الأطباء عن هذه الحالة، وأسبابها، خاصة أنه عاجز أمام تقديم الحلول التي من شأنها أن تُنقذ حياة نجله، وكان ينتظر أن ينتهي الكابوس، ويصطحب نجله مرة أخرى إلى المنزل، إلا أن القدر لم يتفق معه، وأخذ من الطبيب المُعالج تقرير الوفاة، لكنه كان قد استوعب الدرس وقال للطبيب: "أنا ابني مماتش النهاردة يا دكتور، ابني مات في كل مرة كنت بستستهل وأديله مضاد حيوي".

تحليل يثبت مقاومة البكتيريا لأغلب أنواع المضادات الحيوية
عدم الوعي بطريقة عمل المضاد الحيوي يسبب كوارث
طفلة أربع سنوات تعاني من التهاب بكتيري بمجرى البول، وهي الحالة التي يجب أن تأخذ معها "مضاد حيوي"، الطبيب المعالج طلب من والدها عمل مزرعة بول، ظهرت النتيجة، وكانت الصدمة. "البكتريا غير مستجيبة لجميع المضادات الحيوية المستخدمة للأطفال"، ومستجيبة فقط لثلاثة أنواع من المضادات الحيوية وهي: "سيبروفلوكساسين ولا يستخدم للأطفال، وتتراسيكلين ولا يستخدم للأطفال أقل من 12 سنة، ونيتروفيورانتوين وهو دواء لا يوجد منه شراب، وإنما كبسولات فقط، وبالتالي لن يناسب الطفلة". وذلك لنفس السبب، وهو الإسراف في استخدام المضادات الحيوية.

الأمر لا يتوقف فقط عند الأطفال في هذه المرحلة العمرية، ففي مارس 2017 أصيبت طفلة بعد ولادتها بأيام بالتهاب رئوي، وكان عمرها 10 أيام فقط في الوقت الذي أخذها والدها إلى معمل التحاليل بناء على طلب من الطبيب المعالج، وذلك لإجراء مزرعة؛ لتحديد نوع المضاد الحيوي المناسب للبكتريا الموجودة عندها، وكما هو متوقع نتيجة المزرعة كانت "مرعبة"- حسب رأي المتخصصين الذين اطلعوا على النتيجة، المزرعة كشفت أن البكتريا المتواجدة عند الطفلة مقاومة لكل المضادات الحيوية، ولا تستجيب إلا لمضاد حيوي واحد، وهو ما فسره الدكتور عمر عزت بأنه يمكن لشخص لم يأخذ مضاد حيوي في حياته، إلا أنه التقط بكتيريا من شخص آخر، وهذه البكتيريا متحورة وتقاوم جميع أنواع المضادات الحيوية، وبالتالي يعاني من نفس الأمر، مشيرًا إلى أنه يوجد العديد من المستشفيات التي تُنقل فيها العدوى، وذلك لوجود قصور في التعقيم والنظافة.

تحدثنا مع طبيب الأطفال عُمر عزت، والذي عايش الكثير من هذه الحالات، خاصة وأنه دائم التحذير من الاستخدام المفرط والخاطئ للمضادات الحيوية، على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، حيث أكد أن عدم الوعي بطريقة عمل المضاد الحيوي يسبب كوارث، خاصة في المجتمع المصري، الذي اعتاد معظم مواطنيه على الذهاب إلى الصيدلية دون اللجوء إلى طبيب، وصرف أدوية ومنها مضادات حيوية خطيرة دون روشة طبيب، وهو الأمر الذي يؤثر بالسلب على الجهاز المناعي، وكذا في بعض الحالات قد يسبب الوفاة.

إحصائيات استخدام المصريين للمضادات الحيوية
وفقًا لأرقام عام 2019 التي لم تختلف عن عام 2020 إلا في نسبة نمو مبيعات مضاد ال"أزيثرومايسين"، وهو الدواء الذي كان يُستخدم في بروتوكولات وزارة الصحة لعلاج أعراض "كوفيد 19"، حيث زادت نسبة النمو 30% تقريبًا. فإن مبيعات المضادات الحيوية الشائعة من أنواع ال" سيفالوسبورين، وبنسلين" حققت 285 مليون عبوة من مختلف الأنواع بين الحقن والأقراص والشراب-، وذلك حسب الدكتور محمد فهمي استشاري تسويق بإحدى شركات الأدوية.

وأضاف فهمي في تصريحات خاصة ل«صوت الأمة» إن وحدات الحقن وصلت إلى 150 مليون من بين العدد الإجمالي، بتكلفة قدرها 3 مليار جنيه، مشيرًا إلى أن تكلفة إجمالي عدد الوحدات تصل إلى 9.5 مليار جنيه تقريبًا، موضحاً أن سوق الدواء حقق في عام 2019 نسبة نمو بلغت 4%، وهي نسبة أقل من السنوات الماضية، التي كانت تصل فيها نسبة النمو إلى 8% تقريبًا.

وتستورد مصر أنواع قليلة من المضادات الحيوية بما يعادل 8% تقريبًا، بينما يتم تصنيع النسبة الأكر من الاستهلاك محليًا.
الصحة العالمية: مقاومة مضادات الميكروبات تهدد بإرجاع الطب الحديث عشرات السنين
منظمة الصحة العالمية أكدت أن مقاومة مضادات الميكروبات تهدد بإرجاع الطب الحديث عشرات السنين إلى حقبة ما قبل اكتشاف المضادات الحيوية عندما كانت العمليات الجراحية الروتينية محفوفة بالمخاطر.

وأضافت المنظمة في معرض حديثها عن "التحديات الصحية العالمية الملحة في العقد المقبل" أنه تعزى زيادة مقاومة مضادات الميكروبات إلى عدد لا يُحصى من العوامل المجتمعة لتكوين مزيج مرعب تشمل مكوناته عدم خضوع وصف المضادات الحيوية واستخدامها للتنظيم وعدم إتاحة أدوية جيدة وميسورة التكلفة والافتقار إلى المياه النظيفة وخدمات الإصحاح والنظافة العامة والوقاية من العدوى ومكافحتها، مشيرة إلى أنها تعمل مع السلطات الوطنية والدولية في قطاعات البيئة والزراعة والثروة الحيوانية للحد من خطر مقاومة مضادات الميكروبات من خلال التصدي لأسبابها الجذرية، بينما تدعو إلى البحث والتطوير من أجل استحداث مضادات حيوية جديدة.

وكشفت منظمة الصحة العالمية أنه بالكاد توجد مضادات جديدة للميكروبات قيد التطوير السريري. وحددت المنظمة في 2019، 32 مضادًا حيويًا قيد التطوير السريري لعلاج المُمرضات المدرجة في قائمة المُمرضات ذات الأولوية للمنظمة، منها 6 مضادات صُنفت على أنها مبتكرة. وعلاوة على ذلك، تظل صعوبة الحصول على مضادات الميكروبات الجيدة مشكلة رئيسية، فضلاً عن تأثر البلدان من جميع مستويات التنمية بنقص إمدادات المضادات الحيوية، ولا سيما في نظم الرعاية الصحية.

وأوضحت المنظمة العالمية أنه يتواصل بشكل متزايد فقدان المضادات الحيوية لمفعولها في ظل انتشار مقاومة الأدوية على الصعيد العالمي، ممّا يسفر عن زيادة صعوبة علاج حالات العدوى والوفاة. وثمة حاجة ماسة إلى إيجاد مضادات جديدة للبكتيريا - مثلاً لعلاج الالتهابات البكتيرية السالبة الغرام المقاومة للكاربابينيم، على غرار ما هو محدد في قائمة المُمرضات ذات الأولوية للمنظمة. ولكن إن لم يغير الناس طريقة استعمالهم للمضادات الحيوية الآن، فإن مصير هذه المضادات الحيوية الجديدة سيكون نفس مصير المضادات الحيوية الموجودة حالياً، وستفقد بالتالي مفعولها.
هل كل الميكروبات ضارة وتستدعي القضاء عليها؟
حسب الدكتور محمد عبدالرازق أستاذ الميكروبيولوجي بجامعة قناة السويس، فإن الحديث عن تأثيرات المضادات الحيوية، يجب أن يسبقه الحديث عن الميكروبات وطريقة عملها في جسم الإنسان، مشيرًا إلى أنها تنقسم إلى ثلاثة أنواع "الفطريات، والبكتيريا، والفيروسات"، النوعان الأول والثاني ليست كلها ضارة، بل إن هناك بكتيريا وفطريات نافعة، لا تتطفل على جسم الإنسان، أما النوع الأخير وهو الفيروسات وهي أصغر من حجم خلية الإنسان، ولا تُرى بالعين المجردة، وهي عبارة عن كبسولات تحتوي على المعلومات الجينية، ومن أجل أن تتكاثر تعمل على غزو خلايا الجسم، وهو ما يسبب الضمور والتلف.

وأضاف عبدالرازق في تصريح خاص ل«صوت الأمة»، أن البكتيريا منتشرة في كل مكان، فهي تعيش على أجسامنا من الخارج والداخل. والبكتيريا بمعظمها غير مضرّة، وبعضها مفيد، وبعضها الآخر قد يهدد حياة الإنسان إذا تواجد في أجزاء معيّنة من الجسم. ولا أحد يرغب في القضاء على البكتيريا النافعة، إلا أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية، أو تناولها بطريقة خاطئة يؤثر على الإنسان، خاصة وأنها لا تختار نوعية البكتيريا التي تقتلها، ويوجد منها أنواع مختلفة "ضيقة المدى وواسعة المدى"، فعند استخدام المضاد الحيوي واسع المدى فإنه يقضي على أغلب البكتيريا الموجودة النافعة والضارة، ومع الاستخدامات المتكررة، تتحور البكتيريا بعد معرفتها طريقة عمل المضاد، حتى لا يؤثر فيها مرة أخرى هذا المضاد والأنواع الأخرى القريبة منه، وهو ما يستدعي في بعض الحالات وصف أنواع مختلفة وباهظة الثمن من المضادات الحيوية.

د. محمد عبدالرازق
وأوضح الدكتور محمد عبدالرازق أنه بقتل البكتيريا النافعة، فإننا نحرم الجسم من إنزيماتها الجيدة والنافعة، مشيرًا إلى أنه كلما قلت تأثيرات المضاد الحيوي وكانت بعيدة عن توقيت استخدامه كل ما كان جيدًا، وكل ما زادت تأثيراته واقتربت من توقيت استخدامه كل ما كان ضارًا وخطيرًا، مشيراً إلى أن البكتيريا لديها قدرة على التكيّف مع البيئات الجديدة، وفي كلّ مرة تتعرض فيها البكتيريا للمضادات الحيوية، هناك احتمال أن تتكيّف معها، ومع انتشار المضادات الحيوية، توفرت الكثير من الفرص للبكتيريا لتعزيز مقاومتها. وأصبحت هذه المشكلة شديدة الخطورة والتعقيد، لوجود أنواع مختلفة وكثيرة من البكتيريا مقاومة لأنواع مختلفة من المضادات الحيوية.

تطبيق التأمين الصحي الشامل يساهم في التحكم باستهلاك المواطنين للمضادات الحيوية
من ناحيته قال الدكتور على عوف رئيس شعبة الأدوية بالغرف التجارية، إن المضادات الحيوية والتي تعمل على مواجهة الميكروبات، تواجه في الأساس كائن حي، يسعى للبقاء، ومن ثم يحاول أن يتعرف على طريقة عمل المضادات الحيوية، وهو ما يحدث بالفعل، وعند كثرة تناول المضادات الحيوية بشكل خاطئ تبدأ الميكروبات في التعرف عليها وتشكيل مناعة ومقاومة ضدها.

وأضاف عوف في تصريحات خاصة ل«صوت الأمة» أنه يجب زيادة وعي المواطنين بضرورة استخدام المضاد الحيوي في الوقت المناسب وليس في أوقات عشوائية، وهو ما يحدث في أغلب دول العالم، فلا يُستخدم المضاد الحيوي إلا بناء على «روشتة» من الطبيب وبعد إجراء تحليل مزرعة سواء بول أو دم للتعرف على نوع الميكروب، والعلاج المناسب له، وهو ما لا يطبق بشكل كامل في مصر، حيث نعاني من سوء استخدام المضادات الحيوية وفي أحيانا كثيرة جدا يتم صرف الطبيب للمضاد الحيوي بدون إجراء أي تحليل وكذلك المريض قد يصرف العلاج بنفسه من الصيدليات، مشيراً إلى أن تطبيق التأمين الصحي الشامل في مصر، قد يساهم في التحكم في استهلاك المواطنين للمضادات الحيوية، إلا أن هذا الأمر قد يأخذ وقتًا طويلًا، مطالبًا وزارة الصحة بالتعاون مع هيئة الدواء لبث حملات توعوية للمواطنين، وفي الوقت نفسه تفعيل الدور الرقابي على الصيدليات لمنع صرف المضادات الحيوية إلى ب«روشتة» طبيب، وكذا توجيه الأطباء بعمل مزرعة قبل وصف المضادات الحيوية.

نصائح لاستخدام المضاد الحيوي
هناك أنواع مختلفة من المضادات الحيوية، وليس من الضروري أن تكون البكتيريا مقاومة لها جميعها، ويمكن التحقق في معامل التحاليل من نوع البكتيريا التي تسبب العدوى، كما يمكن معرفة المضادات الحيوية غير النافعة لها، إلا أنه وتحقيقًا لمبدأ "الوقاية خير من العلاج"، حرصنا على معرفة النصائح الطبية لاستخدامات المضادات الحيوية.

النصائح قدمها الدكتور عمر عزت أستاذ علاج الأطفال، الذى قال "إن ارتفاع درجة الحرارة، وحدوث ألم في المعدة، وحساسية الأنف، وحساسية الصدر، والنزلات المعوية أو الشعبية، والسعال، وأي كدمة ينتج عنها ورم، والتهابات العين واحمرارها، والتهابات الأذن، كل هذه الحالات لا تستدعي استخدام مضاد حيوي".

وأضاف عزت: "جرعة المضاد الحيوي يجب أن يتم إكمالها للنهاية، والجرعات تُحسب على أساس الوزن، ولا يجب تناول المضاد الحيوي بالمعلقة، كما أن النتيجة والتحسن يجب أن تظهر خلال 48 ساعة، وليس من أول جرعة، وأي مضاد حيوي تأخذه الحالة ولم يظهر تأثيره بعد 48 ساعة، يجب إجراء تحاليل أو مزرعة، وممكن يتم اللجوء لتغيير المضاد الحيوي على حسب نتيجة التحاليل، كما أنه لا يجب إعطاء المضاد الحيوي لحالات وفقًا لنتيجتها مع حالات أخرى بأعراض مشابهة، وهو ما يحدث كثيرًا بين الأمهات التي تنصح بعضها بأنواع العلاج التي حققت نتيجية إيجابية مع أطفالها"، موضحاً أن تحليل ال"asot" أو سرعة الترسيب وألم الساقين، ليس معناه وجود حمى روماتيزمية تستدعي أخذ بنسيلين طويل المفعول، كما أن المضاد الحيوي الشراب لا يُستعمل بعد حله ب15 يومًا، ويجب حفظه فى باب الثلاجة، وكذا يجب رجه قبل الاستخدام.

أما في حالة تكملة مضاد حيوي شراب بعد الحقن، فيجب أن يكون نفس المادة، كما أن فكرة قوة الحقن وضعف الشراب غير صحيحة.
اكتشاف المضاد الحيوي وإنقاذه الملايين
لا شك أن استخدام المضاد الحيوي في سياقه يساهم في إنقاذ الأرواح، عن طريق قتله البكتيريا الضارة، وهو ما فعله هذا الاختراع منذ اكتشافه في بدايات القرن الماضي. في عام 1928 عاد ألكسندر فلمنج إلى مختبره بعد عطلة قضاها خارج المستشفى، فوجد مزارع البكتيريا التي تركها؛ يوجد بها هالة بيضاء، أدرك أنها كانت تقتل البكتيريا، وأن هذا العفن خلق دائرة خالية من البكتيريا حول نفسها، المفاجأة لم تمنعه من فحصها تحت المجهر، وهي الخطوة الأولى في عالم المضاد الحيوي، والتي أفرزت مادة "البنسلين" .

وعن هذا الأمر قال فلمنج: "عندما استيقظت بعد الفجر يوم 28 سبتمبر 1928م، بالتأكيد لم أكن أخطط لإحداث ثورة في الطب من خلال اكتشاف أول مضاد حيوي في العالم، أو البكتيريا القاتلة، لكن أعتقد أن هذا هو بالضبط ما فعلته".

ألكسندر فلمنج
وفي صيف عام 1941م، قبل فترة وجيزة من دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الثانية، حاول العلماء تطوير البنسلين، ومحاولة إنتاجه بكميات كبيرة، خاصة أن القاتل الفعلي في الحروب كانت "العدوى" وليس الإصابات في المعارك.

في الحرب العالمية الأولى، كان معدل الوفيات من الالتهاب الرئوي الجرثومي 18%، أما في الحرب العالمية الثانية، انخفض إلى أقل من 1% بفضل المضاد الحيوي، خاصة أنه من يناير إلى مايو 1942م تم تصنيع 400 مليون وحدة من البنسلين النقي، ومع نهاية الحرب كانت شركات الأدوية الأمريكية تنتج 650 مليار وحدة شهريًا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.