اشترك العالم المصري المغترب الدكتور محمود الشربيني أستاذ العناية المركزة وعضو الجمعية الأمريكية لمراحل الطب الحرجة ورئيس رابطة أساتذة وعلماء مصر في لندن مع فريق بحثي من العلماء السويديين والبريطانيين والأمريكيين في اكتشاف أدوية جديدة تنقذ البشرية من انهيار إمبراطورية المضادات الحيوية في الحرب ضد البكتيريا المعدية، حيث نجحت تلك الأدوية في علاج حالات العدوى الحرجة بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، والتي تسبب التسسم البكتيري. وصرح الشربيني بأن التجارب أجريت بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية بهدف اكتشاف أدوية جديدة تعمل كبدائل للمضادات الحيوية التي بدأت تفقد تأثيرها في علاج كل أنواع الالتهابات، نظراً لارتفاع مقاومتها لكافة المضادات الحيوية، الأمر الذي أصبح يهدد البشر، وفقاً لما ورد بوكالة "أنباء الشرق الأوسط". وأوضح أنه منذ اكتشاف "البنسيلين" منذ حوالي 90 عاماً والمضادات الحيوية تستخدم باعتبارها السلاح الوحيد في الحرب ضد البكتيريا المسببة للالتهابات والعدوى في سائر أجزاء الجسم، مشيراً إلى تحذير منظمة الصحة العالمية من سوء استخدام المضادات الحيوية في الحرب ضد الميكروبات، لأنها باتت خطراً يهدد حياة البشر في المستقبل القريب، بالإضافة إلى أن البكتيريا أصبحت مقاومة للمضادات الحيوية بشراسة، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى الوفاة بمجرد الإصابة بسعال بسيط. وقال الشربيني، "إنه يتم الآن تجربة عدة أسلحة جديدة في حرب الإنسان مع الميكروبات، حيث ثبت للعلماء أن هذه الأدوية الجديدة لا يمكن للبكتيريا مقاومتها بمرور الوقت كما هو الحال مع المضادات الحيوية التقليدية"، مؤكداً أن من بين هذه الأدوية الجديدة يوجد بديل للمضادات الحيوية تمت تجربته بالفعل على مرضى العناية المركزة المصابين بالتسمم الميكروبي، حيث أنه من المعروف في الطب أن غرف العناية المركزة تحتوي على أشرس أنواع البكتيريا. وأضاف الشربيني أن الدواء الجديد عبارة عن طعم يمكن بواسطته اصطياد سموم البكتيريا وإبطال مفعولها، لافتاً إلى أن تلك السموم تسبب الأمراض بدءاً من الالتهابات البسيطة إلى العدوى التي تهدد حياة الإنسان، موضحاً أن عملية الاصطياد تتم بدون استخدام أي مضادات حيوية مما يسهل على جهاز المناعة الطبيعي في الجسم عملية قتل البكتيريا بعد أن يتم تجريدها من سمومها وأسلحتها باستخدام الطعم الجديد، منوهاً إلى أن هذا الطعم يتم تصنيعه من جزئيات صغيرة من الدهون الموجودة داخل خلايا جسم الإنسان بواسطة تكنولوجيا "النانو". وأكد أن هذا الطعم يقضي تماماً على سموم البكتيريا ولا يمكن للميكروبات مقاومته مستقبلاً مما يعزز إنقاذ الإنسان من أخطر أنواع العدوى، مشيراً إلى أن فريق العلماء في طريقه للتوصل إلى سلاح آخر أقوى وأكثر فتكاً للميكروبات التي توحشت نتيجة مقاومتها المضادات الحيوية المعتادة والتي يسرف الأطباء في وصفها للمرضى. واستطرد أن الدواء الجديد "ستاف أفكت" يعتمد على استخدام فيروسات موجوة في الطبيعة يمكنها القضاء على البكتيريا الضارة فقط دون أن تؤثر على البكتيريا النافعة للإنسان، وذلك من خلال آلية جديدة تسمى "التحلل الداخلي" أي إفراز إنزيمات تسبب تحلل البكتيريا التي لا يمكنها مقاومتها مستقبلاً. وقال الشربيني إن الفريق الطبي توصل إلى اكتشاف هام جداً خلال تجاربه وهو استباط نوع جديد من المضادات الحيوية يستخرج من دواء قديم يستخدم حالياً في علاج نوبات الصرع، موضحاً أن هذا المضاد يقوم بمهاجمة جزء حيوي في خلايا البكتيريا "رايبوزومات"، والذي يقوم بتصنيع البروتينات اللازمة لحياة البكتيريا وبتدميره بلا مقاومة يتم القضاء عليها. وأشار إلى دراسة سويدية حديثة كشفت عن وجود 13 نوعاً من البكتيريا النافعة والفعالة ضد كثير من الميكروبات الفتاكة في عسل النحل الطازج والنقي، وليس المتداول في الأسواق، موضحاً أنه هذه الأنواع من البكتيريا تقاوم سائر أنواع المضادات الحيوية. واختتم الشربينى حديثه بأن جهود العلماء في هذه الصدد تعتبر قفزة ثورية في حرب الإنسان على البكتيريا والمضادات الحيوية وانتصاراً له على الميكروبات الشرسة التي بدأت تقاوم كافة أسلحة البشر في الحرب ضد الأمراض المعدية مما أدى إلى توحشها بصورة خطيرة هددت إمبراطوية المضادات الحيوية بالانهيار.