نجح في إنجاز أول قاعدة بيانات سليمة 100%.. مصر تودع المستشار لاشين إبراهيم رئيس الوطنية للانتخابات

"سمح لجميع منظمات المجتمع المدنى بمتابعة الانتخابات، و تصدى لكورونا لإتمام الجولة الأخيرة من انتخاب البرلمان"..إنه المستشار لاشين إبراهيم، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، نائب رئيس محكمة النقض أحد أيقونات العمل القضائى والانتخابى الذى وافته المنية داخل أحد المستشفيات الخاصة متأثرا بإصابته بفيروس كورونا منذ إعلان نتيجة إعادة المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب فى 30 نوفمبر الماضي.

رحل عن عالمنا اليوم الجمعة، المستشار لاسين إبراهيم لينعيه جميع أعضاء الهيئة الوطنية للانتخابات البالغ عددهم 9 قضاة من جميع الهيئات القضائية، الراحل المستشار لاشين إبراهيم داعين الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وغفرانه وأن يدخله فسيح جناته.

وعبر أعضاء الهيئة الوطنية للانتخابات فى تصريحات لهم عن حزنهم الشديد لفقدان الراحل، مؤكدا دوروه جهوده الكبيرة فى إتمام الاستحقاقات الدستورية لعام 2020 وهى انتخابات مجلسى الشيوخ والنواب.

المستشار لاشين إبراهيم، هو أحد أبرز قضاة محكمة النقض والذى يتمتع بالسمعة الطيبة والتزامه فى عمله واحترامه لمن خالطهم، وذيع صيته فى عام 2017 بعد توليه رئاسة الهيئة الوطنية للانتخابات بالقرار الجمهورى رقم 503 لسنة 2017، حيث أصبح أول رئيس لهيئة وطنية مستقلة لإدارة الانتخابات والاستفتاءات، بعد ان كانت تتولها لجان قضائية.

ونص الدستور فى مادته رقم 208 على أن تكون هناك هيئة وطنية للانتخابات هيئة مستقلة تختص دون غيرها بإدارة الاستفتاءات، والانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية بدءا من إعداد قاعدة بيانات الناخبين وتحديثها واقتراح تقسيم الدوائر، وتحديد ضوابط الدعاية والتمويل والانفاق الانتخابى والإعلان عنه والرقابة عليها، وتيسير إجراءات تصويت المصريين المقيمين فى الخارج وغير ذلك من الإجراءات حتى إعلان النتيجة.

وهو النهج الذى رسمه المستشار لاشين إبراهيم للهيئة الوطنية منذ حلوله رئيسا لها فقد بادر بتحديث قاعدة بيانات الناخبين من المتوفين وعمل على تنقيتها من جميع من صدرت ضده أحكام حتى تكون لدى مصر أول قاعدة بيانات رسمية سليمة بنسبة 100%، ثم بدأ بالتنسيق مع كافة جهات الدولة حتى يكون جاهز لأى استحقاق دستوري، حتى أن كثير من أجهزة الدولة ومنها وزارة الصحة استعانت بهذه القاعد المحدثة فى علاج مرضى فيروس سي.

وبعد وفاة عدد من أعضاء مجلس النواب 2015/2020، وتلقى الهيئة الوطنية للانتخابات خطابات البرلمان بخلو مقاعد المتوفين، حمل المستشار لاشين إبراهيم على عاتقه مسئولية إتمام الانتخابات التكميلية للدوائر الخالية، ونجح دعوة الناخبين بالنزول والاحتشاد امام صناديق الاقتراع.

وفى إبريل 2019 كان المستشار لاشين إبراهيم على موعد مع الاستحقاق الدستورى الخاص بالتعديلات دستور 2014، وشرع فى تجهيز المقار الانتخابية ووضع ذوى الاحتياجات الخاصة وكبار السن فى اللجان التى تقع فى الأدوار الأرضية تيسيرا عليهم وإنحاز إلى المواطنين فى اختيار مواعيد الاستفتاء على التعديلات الدستورية قبل شهر رمضان وقتها، وتمكن من إتمام الاستفتاء بشكل ناجح والذى لاقى إرشادات واسعة من منظمات المجتمع المدنية المحلية والدولية.

وفى 2020 حُمل المستشار لاشين إبراهيم بعظم الأمانة وثقل المسئولية وبضرورة الانتهاء من أهم استحقاقين دستوريين خلال هذا العام وهما انتخابات مجلس الشيوخ وانتخابات مجلس النواب، فقد بادر المستشار لاشين إبراهيم إلى وضع خطة محكمة وإجراءات صارمة لإتمام الانتخابات النيابة فى ظل ظروف استثنائية صعبة وانتشار الوباء العالمى فيروس كورونا.

وتأكيدا للنزاهة والشفافية، فقد قام بقبول جميع منظمات المجتمع المدنى المحلية والدولية وكذا وسائل الاعلام التى تقدمت لمتابعة الانتخابات ورصد كل ما يحدث، واظهاره للعالم فكان يؤكد دائما فى لقائته "معندناش حاجة نخبيها ومش بنخاف من حاجة".

وعمد المستشار لاشين إبراهيم الذى كان تمييز بالهدوء الشديد ورجاحة العقل فى اتخاذ القرار، حيث قسم الانتخابات الى مرحلتين وكل مرحلة تتضمن جولة أولى وإعادة، ثم قام بتجهيز كافة المتطلبات اللوجستية والفنية لإتمام الانتخابات، ووضع إجراءات صارمة مع المحاكم للوقاية من كورونا عند فتح باب الترشح لانتخابات، والزم جميع أطراف العملية الانتخابية بارتداء الكمامات الطبية.

وتعامل مع جميع المرشحين الذين بادروا بتقديم أوراق ترشحيهم على حدا سواء دون التفريق بينهم، ووقف على مسافة واحدة منهم، وفصل فى الأوراق والمستندات المقدمة منهم ثم أعلن القائمة المبدئية للمرشحين واعقبها الطعن عليها ونفذ جميع أحكام القضاء ثم أعلن القائمة النهائية وطبع أوراق الاقتراع وتيسيرا على المصريين بالخارج فى ممارسة حقهم الدستورى سمح لهم بالاقتراع عبر البريد لحمايتهم من كورونا وتسهيلا عليهم فى التنقل، ونجح نجاحا باهرا فى فى إتمام الجولات الأربعة للانتخابات مجلس الشيوخ.

وذات الأمر تعامل معه فى انتخابات مجلس النواب، حيث أمر بتعقيم اللجان قبل وبعد التصويت خلال أيام الاقتراع فى الجولات الأربعة لانتخابات البرلمان، ووفر الكمامات مجانا للمواطنين امام لجان الاقتراع لمن لا يحملها منهم، وحافظ على مسافات التباعد الاجتماعى فى الطوابير الانتخابية ووضع كافة الإجراءات التى تحفظ المواطنين المشاركين فى الانتخابات.

نجح المستشار لاشين إبراهيم فى التأثير على المواطنين، ودعوته لهم بالخروج والنزول والاصطفاف امام صناديق الاقتراع، من خلال رسائله اليومية للمرأة المصرية والشباب وجميع طوائف المجتمع لحثهم على المشاركة الفعالة وعدم السماع لشائعات أو الخوف من الوباء وتصدى بسجده خلال انتخابات جولة الإعادة للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب لهذا الوباء بعد إصابته بفيروس كورونا.

وظل المستشار لاشين إبراهيم رغم مرضه الشديد متابعا للإجراءات وإتمام الرسالة التى حملها ونجح فى توصيلها، وبعد أيام من اعلان نتيجة إعادة المرحلة الأخيرة من انتخابات البرلمان وفارقت روحه إلى بارئها وعادت الأمانة إلى خالقها.

المستشار لاشين إبراهيم تخرج من كلية الحقوق عام 1980، وعمل بالنيابة العامة فور تخرجه وتدرج بالسلك القضائى حتى وصل إلى منصب محام عام بنيابة الأموال العامة حيث حقق العديد من القضايا الهامة.

انتقل للعمل بنيابة النقض حيث ظل يتدرج حتى أصبح نائبا لرئيس محكمة النقض، وفى عام 2010 وافق المجلس الأعلى للقضاء على إعارته للعمل بدولة الكويت حيث ظل هناك لمدة 6 سنوات ليعود بعدها إلى مصر، ويواصل عمله كنائب لرئيس محكمة النقض لمدة عامين، حيث ترأس أحد الدوائر الجنائية بالنقض.

وفى عام 2017 تم رشحه من مجلس القضاء الأعلى برئاسة المستشار مجدى أبو العلا، ليترأس الهيئة الوطنية للانتخابات حيث تم التصديق على القرار من رئيس الجمهورية رقم 503 لسنة 2017 باختياره رئيسا للهيئة الوطنية للانتخابات.

من جانبه، نعت العديد من الهيئات القضائية المستشار لاشين إبراهيم، حيث نعى مجلس إدارة نادى قضاة مصر ببالغ الحزن والأسى المستشار لاشين إبراهيم، مؤكدا أن الراحل كان صاحب سيرة عطرة وجهود محمودة ؛ إذ أفنى الفقيد حياته فى خدمة القضاء وكان فيها مثالا يحتذى به للقاضى المصري.

كما نعى المستشار دكتور أبو بكر الصديق عامر رئيس قضايا الدولة ومستشارين الهيئة الراحل سائلين المولى عز وجل أن يتغمده الله برحمته وان يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أسرته وذويه الصبر والسلوان.