تعودت علي أن أقضي يوم الجمعة بصحبة ابنتي وأحفادي، ولأنها تسكن في مدينة نصر، وأنا أسكن المعادي، فمن الافضل لي أن أسلك طريق الاوتوستراد للوصول إليها، وما أراه في هذا الطريق من مأساة حقيقية وقبح لاحد له وانحطاط في سلوك البشر يجعلني أصل إلي بيت ابنتي دائما وأنا في حالة من العصبية والحزن والقهر يبدو علي ملامحي وينعكس في تصرفاتي فيسألني حفيدي وهو في التاسعة من العمر وهو مشروع لرجل ذكي ناضج دقيق الملاحظة: ماذا بك ياتيته؟؟.. ولأنني تعودت علي أن أعامله معاملة الرجال وأحاوره بما في قلبي وعقلي بصدق وأمانة، كان علي أن أجيب عن سؤاله بوضوح ودقة وجلس هو يستمع إلي وكله آذان صاغية.. وصفت له حالة هذا الطريق وأنا أطلق عليه «طريق الموت» لأن كل سيارة أو شاحنة تمر في هذا الطريق تترصد أن تقضي علي الأخري فأبدأ طريقي هذا بالتشهد علي نفسي وأبدأ الصراع مع الموت، ونهرني أحدهم بعد أن كسر بسيارته علي محطما مرآة سيارتي الجانبية دون اعتزاز.. وقال بانفعال: يامدام أريد أن ألحق بالصلاة - صلاة الجمعة - كتمت غيظي، ولم أملك سوي النظر إلي جبينه المصبوغ بزبيبة الصلاة، وكأنها علامة «ميتسوبيشي»، وهو يبادلني النظرة بنظرة تحقير، لأنني لم أرتد الحجاب، وكأن عينيه تقول لي: ابتعدي عن طريقي أيتها الزنديقة الكافرة.. وتحاصرني الشاحنات الكبيرة، والتي أقسم أن سائقيها لو تم فحصهم، لاكتشفوا أنهم يتعاطون سجائر الحشيش اثناء القيادة.. والعجيب والغريب أنني لم أجد أي شرطي مرور واحد في هذا الطريق، والذي أقصده - تقريبا - يوميا.. وحدث ولاحرج عن حالة السيارات التي تمر في الليل بدون أي اضاءة أو أي التزام بقوانين السرعة.. وأتساءل: أين المسئولون؟!.. وكيف ولماذا؟!.. ولكني لن أقول ربما.. فما يحدث في طريق الموت بمدينة نصر لا يحتمل كلمة ربما. أم القاسم