بدا غريبا بالنسبة لكثير من المتابعين لأحوال صناعة السيارات في العالم أن يختفي إسم فورد من بين اسماء الشركات التي تعاني من مصاعب إقتصادية طيلة الفترة الماضية. ودعمت أرقام المبيعات من موقف الشركة حيث بدأ أنها تسير بخطي ثابتة أبعدتها كثير عن شبح الإفلاس الذي عانت منه كلا من مؤسستي جنرال موتورز وكرايسلر الأمريكيتين. رغم ضعف مبيعات السوق الأمريكي خلال الفترة الأخيرة فإن مبيعات فورد لم تسجل سوي إنخفاض بلغت نسبته 21 % خلال الأشهر الخمسة الأولي من عام 2009 بينما وصلت نسب الإنخفاض بالنسبة لباقي الشركات الأمريكية إلي أكثر من 30% وهو مؤشر جيد لفورد التي سجلت أقل نسب للتراجع في المبيعات. وربما كان ذلك هو السبب في الموقف المالي الجيد للشركة والتي جعلها لا تحتاج لمساعدات مالية حكومية كما حدث مع الشركات الأمريكية الأخري. وحتي المخزون من سيارات فورد فورد يبدو منخفضا للغاية وبشكل يسمح بدوران عجلة الإنتاج بشكل طبيعي الأمر الذي يشير إلي أن الإقبال علي موديلات الشركة يبدو جيدا حتي الآن. وفي الوقت الذي تعاني فيه كثير من الشركات الأمريكية المنتجة للسيارات الفارهة ومنها كاديلاك وبويك، تتمتع لينكولن بمبيعات جيدة بفضل الموديلات الجديدة التي اطلقتها الشركة خلال الفترة الأخيرة وعلي رأسها موديلات MKZ وMKS وMKX أما مبيعات السيارات المهجنة فتتمتع بنمو هي الأخري حيث تحظي النسخة المهجنة من موديل فو رد فيوشن بإقبال كبير في أمريكا الشمالية. ولا يقتصر الأمر علي هاتين الفئتين، بل أن إنتاج موديلF-150 البيك أب يكاد يفي بإحتياجات السوق. والواقع أن تلك العوامل جميعا ساهمت في أن تتخطي فورد تويوتا ضمن قائمة أكبر منتجي السيارات في الولاياتالمتحدة خلال الفترة الأخيرة . ربما التفسير المنطقي لما تشهده فورد خلال الفترة الحالية هو أنها عانت من تلك الأزمة التي عانت منها جنرال موتورز وكرايسلر في وقت سابقولهذا تمكنت الشركة من جمع حوالي 23 مليار دولار أمريكي من بيع بعض الأصول والعلامات التجارية. وحدث ذلك في وقت كانت السيولة النقدية فيه متاحة. ومؤخرا قامت قورد ببيع شركات أستون مارتن وجاجوار وبنتلي وهو ما وفر لها السيولة النقدية التي تمكنها من إجتياز توابع الأزمة المالية العالمية دون الحاجة إلي المساعدات الحكومية الأمريكية. العنصر الثاني الذي ساعد فورد علي تجاوز المصاعب الأخيرة هو أن قيادات الشركة لم تسمح للديون بأن تخرج عن نطاق السيطرة عكس جنرال موتورز التي عانت خلال الفترة الأخيرة بسبب خدمة الدين الذي تبلغ قيمته 60 ميار دولار أمريكي. من المتوقع أن تعود فورد لتحقيق الأرباح في عام 2011 علي أقرب تقدير، وتشير الدراسات إلي أن الأرباح المتوقعة للشركة في ذلك العام ستصل إلي ملياري دولار. وبطبيعة الحال، سيكون عام 2011 عاما جيدا بالنسبة لفورد حيث سيظهر في هذا التاريخ الجيل الجديد من موديل فورد إكسبلورر والذي سيسهم في تعزيز مبيعات الشركة الإجمالية. والمعروف عن موديل إكسبلورر أنه حقق لفورد مبيعات قياسية وسمعة أسطورية عندما ظهر للمرة الأولي في منتصف التسعينيات ولكن خلال الأعوام الماضية، شهدت مبيعات هذا الموديل تراجعا كبيرا. موديل إكسبلورر الجديد سيعتمد علي قاعدة عجلات من إنتاج فولفو بدلا من قاعدة عجلات مستمدة من شاحنات فورد، كما تقول الشركة أنه سيتميز بإستهلاك أقل للوقود بنسبة 25% مقارنة بسيارة الجيل الحالي. وتبدو تلك التطورات التي سيشهدها الجيل القادم مناسبة لعودة الإقبال علي هذا الموديل الذي يعد محوريا بالنسبة لخطط فورد المتعلقة بالنمو. وتبدو فورد مستفيدة للغاية من المشكلات التي تعاني منها جنرال موتورز وكرايسلر حيث تشير الدراسات الأمريكية إلي أن كثير من عملاء الشركتين يشعرون بالغضب نتيجة الأحداث التي مرتا بها خلال الفترة الأخيرة، كما تشير تلك الدراسات إلي أن فورد ستستقطب حوالي 40% من هؤلاء الغاضبين بينما سيتم ستتوزع النسبة الباقية بين الشركات الكورية واليابانية. ويمكن ترجمة تلك النسبة إلي مئات الآلاف من المبيعات الإضافية لفورد. ولكن لا تبدو الصورة وردية تماما أمام فورد، حيث أنها لا تزال تعاني من ضعف ثقة المستهلك الأمريكي علاوة علي أن موردي مكونات سياراتها قد يدفع ماحدث لجنرال موتورز وكرايسلر بهم إلي حافة الإفلاس وهو ما سيؤدي إلي توقف الإنتاج في مصانع فورد. في الوقت ذاته، تبدو فورد في حاجة ماسة لمخاطبة فئة الشباب حيث ينقصها حاليا وجود موديلات تخاطب تلك الفئة رغم أنها تمثل قوة شرائية لا يستهان بها وشريحة تقدر بأكثر من 80 مليون نسمة في الولاياتالمتحدة وحدها. قد يبدو مستقبل فورد لأكثر إشراقا من باقي الشركات الأمريكية ولكن لا يزال أمامها كثير من التحديات التي يتعين عليها مواجهتها للوصول إلي بر الأمان.