نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. الأرصاد تعلن موعد انكسار الموجة الحارة وأحمد مجاهد يرد على اتهامات كهربا ب«تزوير عقده»    ارتفاع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 25 إبريل 2024    الشعب جاب آخره، المنوفية تنضم اليوم لحملة مقاطعة الأسماك بعد ارتفاع أسعارها    ب86 ألف جنيه.. أرخص 3 سيارات في مصر بعد انخفاض الأسعار    استشهاد فلسطيني برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحام مدينة رام الله    رئيس موريتانيا يعلن ترشحه لولاية رئاسية ثانية    شرطة لوس أنجلوس تعتقل عددا من طلاب جامعة جنوب كاليفورنيا المؤيدين لفلسطين    كلوب يعتذر لجماهير ليفربول وهذا ما قاله عن فرص الفوز بالدوري الإنجليزي    ميدو يطالب بالتصدي لتزوير أعمار لاعبي قطاع الناشئين    حزب المصريين: البطولة العربية للفروسية تكشف حجم تطور المنظومة الرياضية العسكرية في عهد السيسي    المنيا.. السيطرة على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بملوى دون خسائر في الأرواح    زوج بدرية طلبة لصدى البلد: ربيت بناتي على القديم..والفنانة: اديني في الشعبي    نقل الفنان الكويتي شعبان عباس إلى المستشفى بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجئة (فيديو)    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    عن تشابه «العتاولة» و«بدون سابق إنذار».. منة تيسير: التناول والأحداث تختلف (فيديو)    الرشفة ب3500 ريال وتصنيفاته ما بتخيبش، قصة شاب سعودي في مهنة تذوق القهوة    إصابة 9 أشخاص في حريق منزل بأسيوط    أبو رجيلة: فوجئت بتكريم الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    لتفانيه في العمل.. تكريم مأمور مركز سمالوط بالمنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بالمنيا.. صور    يحيى السنوار يشغل المتظاهرين أمام منزل نتنياهو.. ماذا حدث؟    طلاب مدرسة أمريكية يتهمون الإدارة بفرض رقابة على الأنشطة المؤيدة للفلسطينيين    تعديل موعد مباراة الزمالك وشبيبة سكيكدة الجزائري في بطولة أفريقيا لكرة اليد    توقعات ميتا المخيبة للآمال تضغط على سعر أسهمها    مستشار الأمن القومي الأمريكي: روسيا تطور قمرا صناعيا يحمل جهازا نوويا    بعد الصعود للمحترفين.. شمس المنصورة تشرق من جديد    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الخميس 25 إبريل 2024 بالصاغة    صندوق التنمية الحضرية يعلن بيع 27 محلا تجاريا في مزاد علني    الليلة.. أدهم سليمان يُحيي حفل جديد بساقية الصاوي    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    حصول 5 وحدات طب أسرة جديدة على اعتماد «GAHAR» (تفاصيل)    رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر: تخصصنا يحافظ على الشخص في وضعه الطبيعي    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    بعد نوى البلح.. توجهات أمريكية لإنتاج القهوة من بذور الجوافة    محافظ شمال سيناء: منظومة الطرق في الشيخ زويد تشهد طفرة حقيقية    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    كيف أعرف من يحسدني؟.. الحاسد له 3 علامات وعليه 5 عقوبات دنيوية    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    "مربوط بحبل في جنش المروحة".. عامل ينهي حياته في منطقة أوسيم    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    محافظ شمال سيناء: الانتهاء من صرف التعويضات لأهالي الشيخ زويد بنسبة 85%    الهلال الأحمر: تم الحفاظ على الميزانية الخاصة للطائرات التى تقل المساعدات لغزة    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    ميدو: لاعبو الزمالك تسببوا في أزمة لمجلس الإدارة.. والجماهير لن ترحمهم    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    تأجيل بيع محطتي سيمنز .. البنوك الألمانية" أو أزمة الغاز الطبيعي وراء وقف الصفقة ؟    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    إصابة أم وأطفالها الثلاثة في انفجار أسطوانة غاز ب الدقهلية    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    صور.. الطرق الصوفية تحتفل برجبية السيد البدوي بطنطا    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاتورة الصين تسددها كوريا.. بيونج يانج بين النوايا البيضاء والواقع الأسود
نشر في صوت الأمة يوم 23 - 07 - 2018

"عقلية أشبه بالعصابات، وعلى واشنطن تقديم تنازلات حقيقية".. بهذه العبارة الحادة نقلت كوريا الشمالية وجهة نظرها في الموقف الأمريكي منها عقب زيارة وزير خارجية واشنطن الأخيرة قبل أسابيع.

في الزيارة التي جرت خلال الأيام الأولى من الشهر الجاري، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن العقوبات الأمريكية على كوريا الشمالية ستظل قائمة حتى الانتهاء من نزع السلاح النووي بشكل كامل. كان صادما أن يأتي موقف بومبيو بهذه الصورة بعد أقل من شهر على قمة ترامب وكيم، والصدمة الأكبر أن تشعر كوريا الشمالية مبكرا جدا أنها في رهان خاسر.

وعود إيجابية ومناورات قاسية
مرت قمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الكوري الشمالي كيم جونج أون، التي استضافتها سنغافورة في وقت سابق من الشهر الماضي، بما أحاط بها من زخم وترقب وتوقعات إيجابية، ليعود "ترامب" سريعا إلى موقف قريب من تصريحاته السابقة، المتشددة للغاية تجاه بيونج يانج.

في الأيام التالية للقمة قال "ترامب" إن العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية ستظل قائمة حتى تنتهى من تفكيك ترسانتها النووية، وهو الموقف نفسه الذي أكدته الجارة الجنوبية عبر تصريحات عديدة لمسؤولين بارزين في "سول"، ثم أكده وزير الخارجية مايك بومبيو في تصريحات صحفية، وصولا إلى إعلانه بشكل مباشر خلال زيارته الأخيرة لبيونج يانج.

بجانب التصريحات، أعلن البيت الأبيض في 22 يونيو الماضي، وبعد أيام من قمة سنغافورة، أن الرئيس الأمريكي أقر تمديد العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية عاما جديدا، حتى يونيو 2019، وهي العقوبات القائمة بشكل مباشر منذ عشر سنوات، بعد سنوات كثيرة سابقة من الضغوط والحصار غير المُقنّنين بقرار، وقد فُرضت هذه العقوبات بمراسيم تنفيذية في 2008، و2010، و2011، و2015، و2016، و2017.

كوريا الشمالية من جانبها كان يبدو أنها تتعشم في تخفيف سريع لحدة العقوبات التي استنزفت اقتصادها في العقود الثلاثة الأخيرة، بينما مثّلت التصريحات المتوالية من واشنطن وسول نسفا مباشرا لهذه التطلعات، في وقت يتراجع فيه الدعم الصيني الذي كان الضمان المباشر لإفلاتها من الضغوط الأمريكية وقدرتها على مناورتها طوال سنوات من الترصد، ووسط هذا الحصار الخانق بدا أن خياراتها باتت آكثر ضآلة وقسوة، وأن الخسارة المتحققة من الإقرار بشروط اللعبة، ربما لا تكون أخف أثر وأقل إضرارا بها من العودة للحلبة وفق قانون اللعبة القديم.


صداقة الصين قد تسبب المتاعب
السنوات التي تمتعت فيها كوريا الشمالية بدعم كبير من الصين تقف الآن حائلا بين إنجاز تقارب جاد وعميق مع الولايات المتحدة، في وقت تتشارك فيه بكين وبيونج يانج الأيديولوجيا وكثيرا من الاعتبارات التاريخية، وتجمعهما روابط وعلاقات اقتصادية ما زالت الأقوى حتى الآن بالنسبة للبلد الصغير المتراجع اقتصاديا وتنمويا.

على الجانب المقابل يبدو أن الولايات المتحدة، بجانب عدم ثقتها في نوايا كوريا الشمالية، تتحسب من أن تكون الأخيرة منفذا جانبيا للتنين الصيني في صراعه التجاري المتصاعد مع واشنطن. من المهم حصار حلفاء الصين بالطبع، والأهم ضمان ألا يُوظّف أي تقليص للعقوبات أو منح لمزايا اقتصادية لبيونج يانج كمنفذ بديل للصين، بشكل قد يساعدها على تجنب الرسوم الحمائية وآثارها المباشرة.

الإدارة الأمريكية تعرف بالتأكيد أن الصين يمكنها اللجوء إلى آليات عدّة للالتفاف على خطوات واشنطن الجادة في الحرب التجارية، ومن المؤكد أيضا أنها تسعى لحرمانها من تحالفاتها المهمة، والأهم أن تستقطب محيطها الحيوي وفق شروط قاسية تنزع عن بكين أثرها السياسي الذي مثّل غطاء آمنا لهذا المحيط طوال سنوات، بشكل يدفع كوريا الشمالية وغيرها للإحساس بفداحة الالتحاق بالعربة الأخيرة في القطار الصيني، أو قبول أن يستبدل بها مقعدا في العربة الخلفية بالقطار الأمريكي.

الجارة تُشارك في إحكام الخناق
الموقف الأمريكي يبدو حاكما للمشهد بشكل كامل، مع تبنّي كوريا الجنوبية لمواقف واشنطن تجاه جارتها الشمالية. بدأ الأمر بتصريحات تالية لقمة "ترامب - كيم" تُعلّق رفع العقوبات على الانتهاء من تفكيك الترسانة النووية، ثم مطالبات مباشرة لبيونج يانج بإعادة توزيع قواتها المتمركزة بالقرب من الحدود المشتركة، وتحريك آلياتها ومنصات صواريخا عشرات الكيلو مترات باتجاه العمق الكوري الشمالي.

على المسار نفسه واصلت "سول" التعبير عن مواقفها، أو بالأحرى ضغوطها، وأعلنت عدم استعدادها لتوقيع اتفاقات اقتصادية أو منح مزايا للجارة الشمالية قبل التخلص من الترسانة النووية، وحتى مع تحركها مؤخرا باتجاه تطبيق بعض "الاستثناء في التبادل عبر الحدود" الذي رآه البعض اتجاها لتخفيف العقوبات، قالت كوريا الجنوبية إنه أمر لا يدعو للقلق، ولا يُعني رفع العقوبات، التي ستظل قائمة وفق الضوابط المعلن عنها.

وكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية نقلت عن وزيرة الخارجية كانج كيونج هوا، قولها اليوم الاثنين إن المرحلة الحالية "ليست مرحلة لتخفيف العقوبات، وإنما الحصول على استثناءات ضرورية للمشروعات المشتركة". الملفت في الأمر أن هذه التصريحات تأتي بعد ساعات من عودة الوزيرة الكورية من زيارة للولايات المتحدة، شهدت اجتماعات مع أعضاء بمجلس الأمن الدولي، طالبت خلالها واشنطن بتطبيق العقوبات على كوريا الشمالية بأقصى قوة.


كوريا تعود إلى قلب المفاعل
التحول المفاجئ في موقف كوريا الشمالية خلال الشهور الأخيرة، بدءا من إعلان زعيمها استعداده للتخلي عن البرنامج النووي، حتى لقاء الرئيس الأمريكي والاتفاق على تفكيك الترسانة النووية مقابل رفع العقوبات، كان الباعث الأكبر وراءه تطلع بيونج يانج للخروج من سجن العزلة السياسية والاقتصادية، بعدما تطورت معاناتها في ظل أداء اقتصادي صعب، وارتفاع في البطالة والتضخم، وتحرك الاقتصاد في اتجاه انكماشي.

وفق حسابات الجدوى يمكن القول إن اهتزاز الرهان الكوري الشمالي في ملف التخلي عن البرنامج النووي، لن يقود إلا إلى مسار من اثنين: إما أن تقتنع بيونج يانج بضعف موقفها وبأنها أضعف من المواجهة؛ فترضى بمنطق الأمر الواقع وفرض الهيمنة الأمريكية، أو أن تعود خطوة إلى الوراء لتمسك بالورقة التي كانت سببا في وصولها إلى طاولة التفاوض، أي العودة إلى البرنامج النووي.

الفترة الأخيرة تشير إلى أن كوريا الشمالية انحازت للخيار الثاني، ربما لأن فداحة الضرر الذي ستتعرض له متساوٍ في الحالتين، وهكذا فإن تضييع ورقة ضغط مهمة لا مبرر له، أو لأنها توقن تماما أن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لن تتخذا أي خطوة إيجابية ما لم تُكشّر بيونج يانج عن أنيابها. أيا كان السبب وراء الأمر فالمشهد الحالي يقول إن "كيم" اختار العودة لمربع المواجهة.

بحسب تصريحات للجنرال فنسنت بروكس، قائد القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية، فإن بيونج يانج تواصل في الوقت الحالي إنتاج المواد النووية وتشغيل مفاعلاتها ومراكزها البحثية، مؤكدا أنها "لم تُوقف الإنتاج بشكل كامل، ولم تُزل قضبان الوقود. وما زالت هناك خطوات جادة يتعين اتخاذها في ملف نزع الأسلحة النووية".

خطة المواجهة بالتقشف
ما يؤكد أن بيونج يانج ربما تكون قد تحركت بالفعل في اتجاه تنشيط برنامجها النووي، أو رفع وتيرة العمل في إنتاج المواد النووية، أنها اتخذت خطوات جادة مؤخرا على طريق الاستعداد لفترة من الضغوط الاقتصادية، وتعمل على حشد مواطنيها لتنفيذ خطة تقشف واسعة.

في رسالة حملتها وسائل الإعلام الكورية الشمالية للمواطنين اليوم، قالت الحكومة إنها بصدد خطة تقشفية، حسبما نقلت وكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية عن صحيفة "رودونج سينمون" الناطقة باسم حزب العمال الحاكم، التي ذكّرت في تقرير لها بالتجربة القاسية خلال تسعينيات القرن الماضي، وما شهدته البلاد من فقر وبطالة ومجاعة وتفشٍّ للأوبئة على خلفية انهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الشيوعي في أوروبا الشرقية.

"إذا اضطررنا لقضاء وقت طويلة وسط العواصف الثلجية ونحن نشد الأحزمة، سنصل إلى طريق الاشتراكية، وسنصل مباشرة لطريق الشعب، الذي ثبت لنا أنه خالد في صراع استمر 70 سنة".. بهذه الرسالة الواضحة اقتربت الصحيفة من الكورية الشمالية من الموقف الحالي في البلاد، الذي يمثل بصورة من الصور انعكاسا مباشرا لرؤية بيونج يانج لمسار التواصل والمباحثات مع الولايات المتحدة، ما يُعني أن قدرا من "يقين الفشل" بات حاضرا بقوة على أجندة النظام الشيوعي في كوريا الشمالية.

لجوء نظام كيم جونج أون لهذه الرسالة، وخطة الحشد الشعبي تحت شعارات الاشتراكية والصراع مع القوى الرأسمالية، يُعمّق المخاوف المتصاعدة بشأن فشل التوافقات الكورية الأمريكية، والعودة إلى المربع صفر في ملف الترسانة النووية، لكن العودة هذه المرة ربما تكون أكثر خطورة، أولا لأن الاقتصاد الكوري بات أكثر ضعفا، وثانيا لأن البلد العنيد الذي واصل مناطحته لوشنطن عقودا، يعود جريح الكرامة مُغلّفًا بشعور أنه كان كرة بين أقدام وواشنطن وكوريا الجنوبية، بشكل قد يرفع من حرارة المنطقة، ويفتح الباب على احتمالات أكثر جنونا في الصراع.

ارتباك في البيت الأبيض
الصورة من الضفة الأمريكية لا تقل ارتباكا عن المشهد في بيونج يانج، فبحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" أبدى الرئيس دونالد ترامب انزعاجه الشديد من "ممارسات مفاوضي كوريا الشمالية فيما يخص التأخير والتعتيم ومقاومة المطالب الأمريكية بشدّة" مشيرة إلى أن تصريحاته المعلنة بشأن التقليل من خطر التهديد النووي الكوري، تقابلها تصريحات في الخفاء تؤكد اعتباره ملف بيونج يانج "عصيا على الحل".
ونقلت الصحيفة عن 6 دبلوماسيين أمريكيين، لم تكشف هوياتهم، أن "بيونج يانج ألغت اجتماعات عدة لفريقي التفاوض، ورفضت الاستجابة لكل المطالب الأمريكية إلا مقابل مطالب أخرى مُبالغ فيها من جانبها" مشيرين إلى أن مسؤولي الاستخبارات أكدوا تعمد كوريا الشمالية إخفاء تفاصيل برنامجها النووي وجوانبه الأساسية.

المعلومات التي كشفها الدبلوماسيون تحدثت عن تصاعد التوتر في أروقة الإدارة الأمريكية، وأن "ترامب" تعامل مع عدد من مساعديه بقدر من الحدّة والغضب في ضوء التأخر في إحراز أي تقدم حقيقي على صعيد المفاوضات الجارية، وتهرب كوريا الشمالية من التزاماتها بشأن مراحل تفكيك الترسانة النووية، وعدم تنفيذها لوعد سابق بتفكيك محطة اختبار صاروخي.

"ترامب" خلال لقاءاته بمساعديه بدا غاضبا للغاية، بحسب ما نقلت "واشنطن بوست"، من سفيرته في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، التي رأي أن تصريحاتها أحد أسباب عرقلة المفاوضات، وأيضا كيم يونج تشول، قائد فريق المفاوضين الكوريين، معتبرا أنه شخص غير قابل للتفاوض، وسبق أن رفض مطالب أمريكية بلقاء وزير خارجية بيونج يانج، سيونج كيم، أو مسؤول الاستخبارات، آندي كيم.


واشنطن وخطة العلاج بالتصعيد
في وقت تتنامى فيه المخاوف الكورية، وتتواتر تصريحات مسؤولي بيونج يانج المعبرة عن صدمتهم من الموقف الأمريكي، كان الطبيعي أن تتجه واشنطن لتبديد هذه المخاوف، أو تقديم بوادر لحُسن النوايا، وتحركات عملية لتخفيف حدّة الاحتقان، لكن التحركات العملية جاءت عكس ذلك تماما.

قبل يومين دعت الولايات المتحدة إلى تشديد العقوبات المفروضة على بيونج يانج حتى تفي بتعهداتها وتنتهي من تفكيك ترسانتها النووية، مطالبة روسيا والصين تحديد بالإبقاء على العقوبات في مستواها الحالي، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في أكثر من موقف، آخرها قبل يومين أمام الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي.

في حديث للصحفيين بمقر الأمم المتحدة، الجمعة الماضية، دعا "بومبيو" إلى تطبيق جاد للعقوبات على كوريا الشمالية وفرض حزمة جديدة "أكثر صرامة"، مشيرا إلى تفاؤل الإدارة الأمريكية بشأن إمكانية التوصل لاتفاق حاسم في مسألة تفكيك الترسانة النووية الكورية، رغم أنه يخشى من بعض الإحباط في مسار التفاوض، لكن الغريب أنه أردف: "الرئيس متفائل بشأن قضية نزع السلاح النووي، لكن من أجل هذا يجب إدراج العقوبات".

حزمة العقوبات التي قصدها "بومبيو" اتجهت بشكل مباشر إلى قطاع الطاقة، إذ انتقد استمرار تجارة كوريا الشمالية في النفط والفحم، أو تهريبهما بحسب تعبيره، بمستوى أكبر مما حددته الأمم المتحدة، وأن هذا التهريب يحدث عبر سفن أجنبية وكورية في المياه الإقليمية والدولية، وهو ما حدث 89 مرة في الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري، وما زالت مستمرة، مشددا على ضرورة وقف هذه العمليات وإحكام الحصار على النظام الكوري.

حديث وزير الخارجية الأمريكي لا يمكن فصله عن مطالبة سابقة من واشنطن لمجلس الأمن الدولي، وصلت إلى لجنة العقوبات خلال الأسبوع الماضي، بإيقاف تصدير النفط وكل المشتقات البترولية، وهو الأمر الذي عرقلته روسيا والصين، وهذا التصدّي الصيني المباشر للأمر يشي بأن الصورة تحمل بُعدا أعمق من كونها خلافات على إقرار السلام والهدوء في شبه الجزيرة الكورية، أو تخليص المنطقة من الترسانة النووية غير المأمونة لدى بيونج يانج.


ساحة جديدة للحرب التجارية
العقوبات القاسية المفروضة على بيونج يانج كانت تستهدف بالأساس برنامجها النووي والصاروخي، إضافة لقائمة أخرى من التجاوزات تشمل غسيل الأموال والهجمات الإلكترونية وانتهاك حقوق الإنسان، ورهنها بالملف النووي فقط، وهو أصعب هذه الملفات وأكثرها احتياجا إلى وقت لإنجاز عملية تفكيك شاملة له، يُعني أن الولايات المتحدة غير مستعدة، أو غير مُرحّبة، بتقليص العقوبات أو رفعها من الأساس.
ما يُغذي التفسيرات المتجهة إلى قراءة المشهد باعتباره معركة فرعية ضمن الصراع الأمريكي الصيني المحتدم حاليا، والمنتظر تطوره خلال السنوات المقبلة، مع تنامي المدّ الصيني واقتراب التنين الآسيوي الأصفر من عرش القوة الاقتصادية الأولى عالميا، هو أن موقف واشنطن المتشدد من كوريا يتزامن مع تقارب واستفزاز يقترب من التحرش لبكين على جبهة تايوان، التي تعترف بها أمريكا وتراها الصين إقليما تابعا لها.
يمكن القول أيضا إن الحصار المضروب حول كوريا الشمالية، والضغوط الأمريكية لتشديد العقوبات وجعلها أكثر قسوة، خصوصا فيما يخص واردات الطاقة والمشتقات البترولية، يشمل بصورة من الصور الدولة الصينية، التي تحضر في المشهد الكوري الشمالي بوحدات عسكرية وقوات وقواعد برية وجوية، إضافة إلى حضور قوي على صعيد الاستثمار والمنشآت الاقتصادية، وأيضا التبادل التجاري، وكل نفخ في نار الصراع أو تصعيد للضغوط، يُعني بالضرورة قدرا من الضغط على بكين.
الصين من جانبها لن تُخلي هذه الساحة المهمة، وكما توظّفها الولايات المتحدة في الضغط غير المباشر عليها، فمن المؤكد أن تسعى بكين للاستفادة من وقع كوريا الشمالية وقدراتها العسكرية وأوراق التفاوض المهمة التي تقبض عليها، لإجبار الولايات المتحدة على تغيير استراتيجيتها في المنطقة، أو تعديلها، أو على الأقل تكبيدها خسارة في الوقت والجهد، وقدرا من الانزعاج والتوتر.
لن يتطور الأمر إلى نزاع عسكري، سيظل في حدوده الاقتصادية وضمن نطاق المناورة المفتوحة دائما على مسارات جانبية أو خطوط للتراجع، لكن كل احتدام مستقبلي في الحرب التجارية الأمريكية الصينية سينعكس بالضرورة على بيونج يانج وترسانتها النووية ومفاوضاتها والعقوبات الخانقة التي تعانيها. واشنطن لن تقدم شيئا على ما يبدو، وبيونج يانج لن تبيع بالمجان، والصين لن تسمح بإتمام هذه الصفقة ما لم تكن شريكا ورابحا.. والأرجح وسط هذه التشابكات أن كوريا الشمالية أصبحت ساحة جديدة من ساحات الحرب التجارية.
ومبيو: "العقوبات على بيونغ يانغ ستبقى حتى نزع السلاح النووي بالكامل"
من جهة أخرى، أكد بومبيو الأحد من طوكيو، أن العقوبات المفروضة على بوينغ يانغ ستبقى سارية حتى إخلاء كوريا الشمالية من السلاح النووي بالكامل.
وقال بومبيو في مؤتمر صحافي إثر محادثات مع نظيريه الياباني والكوري الجنوبي إنّ العقوبات ستبقى سارية على كوريا الشمالية حتى "نزع السلاح النووي بالكامل وعلى نحو يُمكن التحقق منه بشكل تام".
وأضاف بومبيو أنه "بالرغم من أننا نرى التقدم الذي تحقق خلال هذه المحادثات مشجعا، فهو لا يمكن أن يبرر وحده تليين نظام العقوبات القائم". وشدد بومبيو على أهمية مراقبة إتمام نزع السلاح النووي.
وبالنسبة إلى وزير الخارجية الأمريكي، فإنّ الأمر يتعلق ب"نزع السلاح النووي بالمعنى الواسع"، أي بما يشمل المجموعة الكاملة للأسلحة، و"الكوريون الشماليون يفهمون ذلك، ولم يُعارضوه" على حدّ قوله.
وسيلتقي بومبيو في طوكيو رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي فضلا عن وزيري خارجية اليابان وكوريا الجنوبية، في بادرة لقيت تقديرا من جانب حلفاء واشنطن الأساسيين في آسيا.
والجدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عقد لقاء قمة مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، في سنغافورة، وصف بالتاريخي، وأعلن ترامب عقب القمة، توقيع وثيقة مفصلة مع كوريا الشمالية، مؤكداً أن عملية نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية سيبدأ تنفيذها بشكل سريع جدا. ومن جانبه وصف كيم جونغ أون التوقيع على الوثيقة الختامية للقاء مع ترامب ب"الانطلاقة الجديدة" في العلاقات بين الدولتين، بل وتعهد بأن المستقبل سيشهد "تغييرات كبيرة".


طالب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أمس الأمم المتحدة ب«تطبيق كامل للعقوبات» على كوريا الشمالية لحين التوصل إلى نزع أسلحتها النووية، وقال إثر لقاء مع أعضاء مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إن «تطبيقا صارما للعقوبات أمر أساسي، ولابد من وقف عمليات النقل غير القانونية للنفط التي تسمح لبيونج يانج، بتجاوز الحصص التي تفرضها الأمم المتحدة».
وكان مجلس الأمن قد صادق العام الماضى إثر مبادرة من الولايات المتحدة،على سلسلة عقوبات اقتصادية ضد كورية الشمالية تمنع خصوصا الدول الأعضاء من شراء الفحم والحديد والنسيج والمنتجات المتعلقة بصيد الأسماك من بيونج يانج، وتم وضع حد لصادرات النفط والمنتجات النفطية المكررة إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.