منذ تولي الدكتور خالد العناني منصب وزير الآثار، وهو يفاجئنا بين الحين والآخر باكتشافات أثرية جديدة، تؤكد على أن نهر الآثار المدفونة تحت أرض الكنانة لم ينضب بعد. كان آخر تلك الاكتشافات، ما أعلن عنه الدكتور خالد العنانى صباح اليوم السبت الموافق 14/7/2018 عن نجاح البعثة الأثرية المصرية الألمانية التابعة لجامعة توبنجن فيي الكشف عن ورشة كاملة للتحنيط ملحق بها حجرات للدفن بها مومياوات تعود إلى عصر الأسرتين السادسة والعشرين والسابعة والعشرين (404-664)، وذلك أثناء أعمال المسح الأثرى بالمقابر الموجودة جنوب هرم أوناس بسقارة. وفقاً لما أعلنه الوزير في مؤتمر صحفي عالمي، فإن الكشف الذي تحقق في منطقة جبانة سقارة، عثر بداخله على أكثر من 5 توابيت حجرية، كما عثرت البعثة على قناع مومياء مذهب ومطعم بأجحار نصف كريمة كان يغطى وجه إحدى الموامياوات الموجودة بإحدى حجرات دفن الملحقة، إضافة إلى ثلاث مومياوات ومجموعة من الأوانى الكانوبية المصنوعة من الكالسيت وعدد من الأوشابتى، مشيراً إلى أنه لازال هناك 55 مومياء لم يكتشفوا بعد. أشاد عدد من الخبراء الأثريين بأهمية الاكتشاف الذي عثرت عليه البعثة الألمانية بجامعة توبنجن، فقال الدكتور حسين بدرى الأستاذ والباحث فى الآثار المصرية بجامعة توبنجن ورئيس البعثة المصرية الألمانية العاملة فى جبانة سقارة، إن ورشة التحنيط المكتشفة اليوم ذات تخطيط معماري مستطيل ومدخل فى الركن الجنوبى الغربى، ومشيدة من الطوب اللبن وأحجار جيرية غير منتظمة الشكل، وتشمل مبانى بئر خبيئة التحنيط، بعمق 13 متر وينتهى بحجرة أسفل الأرض، وضعت عليها أوانى فخارية مدون عليها بالخط الهيراطيقى والديموطيقى أسماء لمواد وزيوت التحنيط، وتضم حوضين محاطين بجدران من الطوب اللبن. وأشار إلى أنه من أهم عناصر ورشة التحنيط البئر المعروف اصطلاحاً ب K24، ويقع فى منتصف ورشة التحنيط، وتبلغ أبعاده حوالي3 م× 3.50م، ويصل لعمق 30 م. وهو بئر ذو طبيعة خاصة، حيث يشمل على عدة حجرات دفن منقورة فى الصخر على أعماق متباعدة، بالإضافة إلى مومياوات وجدت فى منتصفه. الدكتور رمضان بدرى حسين، رئيس البعثة والأستاذ والباحث فى الآثار المصرية بجامعة توبنجن، قال إن القراءات المبدئية للكتابات المتهالكة على القناع المكتشف فى جبانة سقارة كشفت أنه يخص كاهناً من العصر الصاوى بالأسرة ال26، ومن بين ألقابه الكاهن الثانى للإلهة موت، وكاهن الإلهة نيوت شا إس، وهى إلهة على هيئة ثعبان وذات صلة عقائدية بالإلهة موت، موضحاً أنه يوجد على القناع طبقة من الاتساخات والتكلسات، وتبين أنه مصنوع من الفضة المغطاة بطبقة بالذهب وعيونه مطعمة بحجر أسود ورخام مصرى، وزجاج بركانى، وتبلغ مقاساته حوالى 23× 18.5 سم، ووزنه قبل تنظيف العوالق 267.96 جرام. وقال خبير الآثار عماد مهدي إنه يختلف مع وزارة الآثار فيما ذهبت إليه إلى أن الاكتشاف يخص ورشة أثرية، موضحاً أن الورشة مكان لتصنيع أدوات التحنيط، وليس مومياوات مثلما وجد اليوم، فوجود مومياوات يدل على أنه معمل تحنيط. وأضاف«مهدي» في تصريح خاص ل«صوت الأمة» قائلاً: «جبانة منف جبانة قديمة جداً، فهي أول عاصمة لمصر، وكان يدفن فيها ملوك الدولة القديمة من الأسرة الخامسة والسادسة، ولكن ملوك الدولة الحديثة التي يرجع إليها اكتشاف جبانة سقارة اليوم كانوا يتبركون بأجدادهم المصريون القدماء، ويحبذون أن يدفنوا في هذا المكان، ولكن الراجح أن المومياوات المكتشفة اليوم تخص مجموعة من النبلاء وليس الملوك، وذلك بدليل وجود عدد من المومياوات، فالملوك كانوا يحنطون بمفردهم في مقبرتهم أو داخل قصورهم، فوجود أكثر من مومياء يدل على أنهم ينتسبون لطبقة النبلاء التي كانت تضم كبار موظفي الدولة، أو عامة الشعب القادرين على تكلفة الدفن في هذه المنطقة نظراً لتكلفتها العالية». وتابع «مهدي»: «من الآثار المكتشفة اليوم أيضاً الآواني الكانوبية لأبناء الملك حورس، وهذه الأواني كانت تستخدم في تحنيط أحشاء الجسد، فكانت تخرج الأحشاء من الجسد وتوضع في هذه الأواني باستثناء اللسان والقلب لأمور في عقيدة المصريين القدماء، وما زال هناك مومياوات حجرية سيتم الكشف عن هويتها قريباً بمعرفة الوزارة، واللجنة الألمانية».
