عاد الحديث مجددًا عن صفقة القرن في اليومين الماضيين، لاسيما مع انتهاء الزيارة التي أجراها صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومبعوثه الخاص للسلام للشرق الأوسط جاريد كوشنر، وعودته إلى الولاياتالمتحدة خالي الوفاض بعد رفض عربي فلسطيني لما طرحه من بنود منحازة لإسرائيل، في الوقت ذاته كشفت تصريحات رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة محمد العمادي عن دور الدوحة لإجراء مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، دور يبدو إنه لإحياء الصفقة الأمريكية الميتة من جديد. تصريحات المسئول القطري محمد العمادي التي تحدث فيها عن دور بلاده في صفقة بين «حماس» و«إسرائيل»، تشمل إجراء مباحثات غير مباشرة للتوصل ل «صفقة» حول أوضاع غزة، أغضبت حركة فتح وبعض القيادات الفلسطينية التي اتهمت الدوحة بتحقيق مآرب سياسية في القضية الفلسطينية من البوابة الإنسانية والاقتصادية، لكسب الود الأمريكي في ظل العزلة والقطيعة التي تعيشها على المستوى السياسي والدولي، من خلال إنهاء القضية الفلسطينية بأي ثمن كان. وجاء طرح هذه الصفقة من قبل قطر التي شكك الكثير في أهدافها، في وقت بدا فيه واضحًا رفض الدول العربية والقيادة الفلسطينية لأطروحات الولاياتالمتحدةالأمريكية الأخيرة، حيث أكد جاريد كوشنر خلال حوار لصحيفة القدس الفلسطينية أن هناك إجماع بين الزعماء والقادة العرب وفي المقدمة منهم مصر والسعودية الأردن على أمر واحد، هو التمسك بدولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية، في إشارة إلى رفض الطرح الأمريكي الذي يحرم الشعب الفلسطيني من حقوقه التاريخية في استرجاع أرضه المحتلة بما يشمله (الطرح) من تغييرات جوهرية في وضع القدسالمحتلة، لكن يبدو أن الدوحة التي زارها كوشنر ضمن جولته للمنطقة لها رأي أخر لإحياء هذه الصفقة عبر مفاوضات جديدة. وانتقدت حركة فتح على لسان المتحدث باسمها أسامة القواسمي رعاية النظام القطري لصفقة بين حماس وإسرائيل تحت شماعة الأوضاع الإنسانية في غزة، مؤكدًا أن هذا الأمر بات يكشف عن نوايا خطيرة، تكمن بفصل غزة عن التراب الوطني الفلسطيني، فيما وجه الكثير من القيادات الفلسطينية رسالة إلى رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار القطاع محمد العمادي، جاء فيها أن «دماء أبناء شعبنا الفلسطيني أغلى من مشاريع العمادي». وفي معرض تعليق القواسمي على تحركات العمادي، قال إن فتح ترفض رفضا قاطعا كافة الجهود المشبوهة المسيرة والموجهة «إسرائيلياً» وأمريكياً لمعالجة احتياجات الشعب الفلسطيني من بوابة المساعدات الإنسانية. المحللون والسياسيون الفلسطينيون كانوا لهم رأي مماثل لتعليق القواسمي فذهب أحدهم لتأكيد أن الدوحة تحاول تمرير صفقة القرن بصورة أو بأخرى من خلال التلاعب بورقة الأوضاع الإنسانية، فبعد تعثر الصفقة الأمريكية بعد رفض عربي وفلسطيني واضح جاء العمادي مسئول قطر بالقطاع ليمارس دورًا غريبا لإحياء خطة واشنطن مرة أخرى على حساب الشعب الفلسطيني. وربط البعض بين المقاطعة العربية للدوحة و محاولة الأخيرة أن تثبت لواشنطن إنها لها تأثير في المنطقة، فالواضح أن قطر بعد عزلتها عربيًا ودوليًا تريد أن تقدم للولايات المتحدة شيكًا على بياض لإرضائها من خلال إحياء صفقتها المشبوهة على حساب القضية الفلسطينية مقابل أن تغبير أمريكا موقفها من أزمات النظام القطري مع دول الجوار. لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية هي الأخرى استنكرت تصريحات العمادي، معتبرة أنها «تساوق مشين» مع صفقة ترامب التي تهدف إلى «تصفية القضية الفلسطينية»، قائلة في بيان لها: «على العمادي ومن يسير في الركب الأمريكي أن يعي جيدًا أن شعبنا الفلسطيني البطل لديه مشروعه الوطني التحرري الذي يسعى خلاله تحرير الأرض وتطهير المقدسات».