أهم حاجة فى حياتنا هذه الأيام أن ترضى عنا «الست» آن باترسون والأخت «هيلاري» وأخونا فى الله الرجل البركة باراك أوباما! الأخت «هيلاري» حلت أو ستحل علينا بطلعتها البهية فى زيارة رسمية لتفقد أحوال الرعية والتأكيد من ان الديمقراطية فى مصر تطبق على الطريقة الأمريكية! ولو سألتنى عن المعنى والمقصد من هذا الكلام.. وهل هى مثلا تختلف عن مفهومى ومفهومك وهل الديمقراطية الأمريكية لها اسرار خاصة ونكهتها على شاكلة الخلطة السرية للوجبات السريعة للمطاعم هنا وهناك! أقولك ياسيدى حدوتة الديمقراطية ما هى الا حجة أو ذريعة للتدخل فى شئون الغير! وبالتالى لا يخرج التصريح الذى أدلت به «الست» سفيرة أمريكا فى مصر والذى يقول «عودة مجلس الشعب خطوة جيدة جدا على الطريق» عن هذا السياق! وأظن وليس كل الظن آثم -ان الست السفيرة تعلم تمام العلم ان مجلس الشعب لم تحله الحكومة أو المجلس العسكرى وانما قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية ببطلان القانون الذى اجريت على اساسه الانتخابات البرلمانية! واظن ايضا ان الست السفيرة تعلم ان المحكمة الدستورية المصرية مصنفة على انها من أكبر ثلاث أو أربع من المحاكم الدستورية العالمية! وبالتالى يعتبر تصريحها حول هذا الشأن تدخلاً فى شئون مصر! فهل انا «غلطان» عندما أقول ذلك! فإذا ما قلته «خطأ» فليدلنى من يتهمنى بذلك على الرأى الصحيح! انا لا ألوم الست السفيرة على تصريحها ولكن ألوم السلطات المصرية التى سمحت لها بتفقد اللجان الانتخابية وكأنها أصبحت «المندوبة» السامية لامريكا فى مصر! والتغيير الوحيد الذى حدث فى المحروسة بعد سبعين عاماً هو المكان فقط لينتقل مقر المندوبية التى كان يمثلها المندوب السامى البريطانى من قصر عابدين إلى المقر الجديد الذى تسكنه السفيرة الأمريكية فى جاردن سيتي! الديمقراطية على الطريقة الأمريكية تسمح للأمريكيين بالتدخل فى شئون غيرهم والحديث فى أى موضوع حتى لو كان حكما قضائيا! وغير مسموح لاى شخص ايا كان وصفه الحديث عن أى موضوعات تتعلق بامريكا وقراراتها وقوانينها! فعندما ذكر الرئيس المصرى محمد مرسى جملة واحدة تتحدث عن نيته فى بحث موضوع الدكتور عمر عبدالرحمن المحبوس فى امريكا على ذمة إحدى القضايا قامت الدنيا هناك فتحدث الرئيس الامريكى ووزيرة الخارجية وكان خلاصة كلامهما ان موضوع عمر عبدالرحمن شأن امريكى خالص لا ينبغى لأحد التحدث فيه وان الدكتور عمر محبوس بحكم قضائى والقضاء الأمريكى مستقل ولا يسمح لاحد بالتعليق على احكامه! يا سبحان الله هل الممنوع والمسكوت عنه فى امريكا مسموح ومتاح الحديث عنه فى مصر والدول الأخري! خلاصة القول.. ماذا كانت نتيجة التدخل الأمريكى لتطبيق الديمقراطية على طريقتها فى بعض الدول مثل افغانستان والعراق! ليس خافيا على احد ما يحدث فى افغانستان من اقتتال وتطاحن وسقوط ضحايا من المدنين المسالمين بسبب الاعتداءات المتكررة من جانب الجنود والآله العسكرية الامريكية! وليس خافيا ما يحدث فى العراق من تفجيرات وهجمات انتحارية والصراع الدامى بين السنة والشيعة وكل هذه المآسى تحدث تحت بند الديمقراطية على الطريقة الامريكية! على بلاطة وبدون لف ودوران أمريكا لا يهمها الا مصالحها وهيمنتها وسيطرتها على المناطق الحيوية فى العالم! ولا يخفى على أحد أن مصر هى رمانة الميزان فى الشرق الأوسط كله بموقعها الاستراتيجى وحضارتها وعدد سكانها وجيشها الذى يعتبر من أقوى الجيوش فى العالم ولا يخفى على أحد ايضاً ان مصر هى وحدها القادرة بشعبها وجيشها على مواجهة اسرائيل الحليف والحبيب الأول والأخير لأمريكا! والمطلوب ان تظل مصر مشغولة بمشاكلها الداخلية لتنعم اسرائيل بالهدوء وهى تنفذ حلمها ومخططها التوسعي! وعلى امريكا ان تعرف ان مخططها معروف ومكشوف! وعليها ان تدرك ان الشعوب وفى مقدمتها الشعب المصرى قد بلغوا سن الرشد، فالنوايا معروفة والحيل مكشوفة! وكل ديمقراطية وأنتم بخير نشر بالعدد 605 تاريخ 16/7/2012