مما لا شك فيه ان قرار المحكمة الدستورية العليا الذي اصدرته يوم السبت الماضي الموافق 7 مارس 2015 اثار ارتباكا كبيرا في الشارع المصري ، حيث انه بموجب هذا الحكم الذي اصدرته اعلي هيئة قضائية في البلاد قد اعطي الحق لمزدوجي الجنسية في الترشح للانتخابات البرلمانية والوصول الي عضوية البرلمان المصري . وانا هنا لست بصدد انتقاد هذا الحكم لانه في حقيقة الامر جاء متوافقا مع مواد وبنود الدستور المصري في هذا الخصوص ، لكنني هنا بصدد انتقاد ذلك الدستور المعيب والمهترئ الذي افرته وصاغته لجنة من اصحاب المصالح عديمة الخبرة تقدم مصالحها الضيقة علي المصلحة الوطنية دخلت في مساومات ومفاضلات من اجل اضافة مادة هنا وبند هناك بخدم مصالحها الضيقة دون وجود اي بعد من شانه حماية الوطن من اي اختراق خارجي. ان هذا الحكم الدستوري قد جاء كاشفا وفاضحا لذلك الفخ الدستوري المنصوب لافشال الدولة المصرية سواء كان ذلك عن قصد او من دون قصد فقد افرزت لنا هذه اللجنة دستورا معيبا مليئا بالثغرات التي من شانها هدم وافشال الدولة المصرية وما خفي كان اعظم. علي اي حال فان هذا الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا يلزمنا جميعا بالتريث وعدم التعجل في الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق وينبغي احالة الدستور بجميع مواده الي لجنة فقهاء متخصصون في القانون الدستوري رفيعة المستوي تقوم بدراسة مستفيضة لجميع مواد وبنود هذا الدستور ، ولمناقشة هذا الموضوع من خلال المحاور التالية: علي اي حال علينا التريث واعادة النظرولمنافشة اخطار هذا الدستور المهترئ من خلال المحاور التالية: المحور الاول : المخاطر الناجمة عن تلك المادة التي تسمح لمزدوجي الجنسية الوصول الي البرلمان المحور الثاني : لجنة المصالح الخاصة ورطت مصر في دستور معيب المحور الثالث : طريق النجاة من ذلك الفخ الدستوري دعنا عزيزي القارئ الخوض في بحار من الرمال المتحركة التي اغرقتنا فيها لجنة مكونة من اصحاب المصالح وبعضا من محدودي الخبرة وجميعهم لم يشاركوا من قبل عام 2012 في اي عمل سياسي او دستوري ، وسوف نوضح فيما يلي كل هذا واكثر من خلال مناقشة المحاور الثلاث السابق ذكر بنودها: المحور الاول : مخاطر وصول مزدوجي الجنسية للبرلمان المصري: دعنا عزيزي القارئ نستلهم من مشاكل الاخرين ذلك المستقبل الذي ينتظرنا في حال الابفاء علي ذلك الدستور المصري من دون تعديل ، ولنتخذ من تلك المشكلة التي تعاني منها دولة لبنان الشقيقة نبراسا يضئ لنا الطريق ويكشف لتا مانحن مقبلين عليه في حالة بقاء هذا الدستور بما يحويه من مواد هدامة: اولا - عندما نجد في دولة لبنان حكومة تم تشكيلها من البرلمان اللبناني ونجد في هذه الحكومة مايسمي بالثلث المعطل وهذا الثلث يمتلك الفيتو لتعطيل اي قرار للحكومة اللبنانية اذا كان هذا الثلث يري في هدا القرار او ذاك مالايخدم مصالحه الخاصة او مصالح تلك الدولة التي يدين لها بالولاء ، الامر الذي ساهم في اكثر من مناسبة الي سقوط الحكومة وحلها وتفشل الدولة اللبنانية في تشكيل حكومة جديدة الا بوساطة قطرية ومباركة سعودية وايرانية وبدون هذا تظل لبنان دولة بلا حكومة ، وهنا نجد في البرلمان اللبناني الولاءات ليست للدولة اللبنانية بقدر ماهي للنفوذ الايراني والنفوذ السعودي والمال القطري ، فهل تريدون لمصر برلمان ولاء اعضاؤه لدول اخري بعيدا عن المصلحة الوطنية المصرية؟؟ ثانيا- منذ اكثر من عام وحتي يومنا هذا والدولة اللبنانية بلا رئيس للدولة والسبب في ذلك انه لم تتوافق المصالح السعودية الايرانية حول تسمية رئيس جديد في لبنان وبطبيعة الحال فان اعضاء البرلمان اللبتاني ليس لديهم اي ولاء للدولة اللبنانية بل انهم لا يخدمون غير المصالح الايرانية والسعودية ويتلقون اومرهم من طهران والرياض وطالما لم تتفق الدولتان علي اسم رئيس للبنان فلن يكون هناك رئيسا للبنان ، وتعيش لبنان مند اكثر من عام وحتي يومنا هذا بدون رئيس للجمهورية والشعب اللبناني المغلوب علي امره في انتظار اتفاق ايراني سعودي علي اسم الرئيس الجديد بعد ان قرانا التحربة اللبنانية ، دعنا عزيزي القارئ نقيس علي المعضلة اللبنانية الواقع المصري من خلال هذا الدستور: اولا- اعطي الدستور المصري للبرلمان صلاحيات واسعة في تشكيل وحل الحكومات المصرية من خلال تحالفات حزبية متباينة ، كما اعطي الدستور المصري لتلك الحكومة التي سوف يتم تشكيلها بمعرفة البرلمان صلاحيات واسعة تفوق صلاحيات رئيس الجمهورية ، فاذا اخترقت بعضا من الدول المحيطة ذلك البرلمان بتجنيس وشراء ذمم الاعضاء فلمن تكون ولاءاتهم اذن ؟ طبعا ستكون الولاءات لدول بعينها استطاعت استخدام النال السياسي في اختراق البرلمان المصري وقد يفرز لنا حكومة مليئة بالصراعات بين اصحاب الولاءات المختلفة وعندها قد نجد دولا خارجية كقطر او تركيا او غيرهما تتمكن من فرض السيطرة علي البرلمان المصري وندخل في نفس الصراع اللبناني وتفشل الدولة المصرية بسبب دستور هدام ثانيا - هناك من ينادون ببفاء تلك المادة المعيبة في الدستور وان يتم سحب الجنسية المصرية من اي مرشح يحمل جنسية لدولة اخري ، فماذا الدولة فاعلة اذا تقدم للتزشيح الف مرشح ،من مزدوجي الجنسية ، هل ستقوم الدولة بحرمان الف مواطن مصري من جنسيته المصرية في ظل قانون يسمح للمواطن المصري بحمل اكثر من جنسية ؟ ، اعتقد ان ذلك دربا من دروب المستحيل ثالثا - منذ اكثر من شهر شاهدنا دولة قطر التي لا تاريخ لها في لعبة كرة اليد تصل الي المباراة النهائية في كاس العالم في اللعبة دون ان تحقق اي انجاز علي المستوي القاري والفضل يعود الي انها استقدمت فريق كامل منتقي من جميع دول العالم منحتهم الجنسية القطرية ، ونجحت في ان تحقق هذا الانجاز التاريخي ، ونحن جميعا نعرف مدي التدخل القطري في الشان المصري ، فماذ لونجحت قطر في استقطاب اكثر من ثلث البرلمان المصري واغدقت عليهم بالمال ومنحتهم الجنسية القطرية ، ودخلت دولة ثانية في منافسة مع قطر علي امتلاك والسيطرة علي القرار المصري ، واتبعت نفس الاسلوب القطري ، هل ستنجح مصر بعد هذا الاختراق ام اننا سنكون امام برلمان يمكنه اقصاء رئيس الدولة وترك مصر في حالة فراغ دستوري سوف يؤدي حتما الي فشل الدولة المصرية وسقوطها المحور الثاني : لجنة المصالح الخاصة ادخلت مصر تحت مظلة دستور من شانه هدم الدولة المصرية: من خلا متابعاتنا لسير اعمال تلك اللجنة التي افرت الدستور المصري وجدنا لجنة تضم ممثلين لمختلف الطوائف في المجتمع المصري ، ممثلوا كل طائفة منهم لايرونسوي مصالح الطائفة التي يمثلونها ، في الوقت الذي نري فيه الليبراليين يحاربون من اجل ادراج مصر دولة مدنية في بند وصف الدولة نجد السلفيين يتربصون ويبذلون فصاري جهدهم من اجل منع كلمة مدنية من اي مادة او بند او فقرة في الدستور المصري وقد نجحوا في هذا ، اما الكنيسة المصرية فقد كان كل همها ان تصاغ مادة تعطيها حق الهيمنة علي الاحوال المدنية للاقباط وتفوز ايضا بكعكة الاقباط من خلال مادة دستورية تتمكن فيها الكنيسة من الهيمنة والتحكم في شئون الاقباط المدنية لاتنازعها الدولة في هذا الشان القبطي ومن خلال هذا الصراع كان للخبثاء الدور في التدخل وارضاء جميع الاطراف وتحقيق انتصارات لجميع ممثلي الاطراف المتصارعة علي مائدة المصالح وفي مقابل تحقيق مطالب جميع الفرقاء تم وضع بعض الفقرات المبهمة حمالة الاوجه وقد قبلها الجميع طالما هي بعيدة عن مصالحهم الخاصة . بعد طول انتظار بين الشد والجذب خرجوا علينا بدستور مشوه روجوا له وخدعوا الشعب المصري في نقاشات تبتعد كل البعد عن تلك الافخاخ وقبله الشعب المصري ليس حبا في الدستور بقدر حاجته للانتهاء من هذا الاستحقاق من خارطة الطريق ، وشربت مصر المقلب الفادح. المحور الثالث: طريق النجاة من هذا الفخ الدستوري: من خلال هذا المحور الثالث والاخير بنبغي اولا توضيح الموفف المصري خلال فترة اعداد الدستور من خلال النفاط التالية: اولا- كان الدستور هو الاستحفاق الاول من خارطة الطريق وجميع اطياف الشعب المصري كانت في حاجة ماسة للانتهاء من هذا الاستحقاق في وقت كانت فيه مصر تتعرض لانتفادات دولبة واسعة قادتها الولاياتالمتحدة وصفت من خلالها ماحدث في 30 بونيو بانه انقلاب ولايرقي الي ان يكون ثورة شعببة ساندها الجيش المصري تلبية لمطالب الشعب المصري وفي ضوء هذا قام الاتحاد الافريقي ايضا بتجميد عضوية مصر. ثانيا- علي ضوء الهجوم الامريكي علي مصر وحاجة الشعب المصري الي النجاح في انجاز خارطة الطريق كان هناك من بعملون علي دس تلك المواد الهدامة في الدستور المصري وفد نجحوا في الهاء الجميع في صراعات اصحاب المصالح . ثالثا - حتي نبرئ ساحة الرئيس السيسي من هذه الخطيئة الدستورية فان الرجل كان وقتها وزيرا للدفاع ولم تتدخل المؤسسة العسكرية في عملية صياغة الدستور الا فيما بخص شئون الجيش المصري من مواد ففد كان هناك تربص اعلامي جاهزا لاتهام المؤسسة العسكرية بالتدخل في صياغة الدستور بهدف ابعادها نهائيا عن اي شبهة تدخل في صياغة الدستور ونجحوا في تحييد المؤسسة العسكرية بعيدا عن التدخل في تلك الصياغة الدستورية وانفرد الخبثاء باصحاب المصالح واخرجوا لنا مواد دستورية كارثية وللخروج من هذا النفق الدستوري : اولا - الدستور ليس قران او انجيل بل هو نصوص صاغها مجموعة من البشر لهم اخطاؤهم وهفواتهم واي نص بشري قابل للتعديل او التغيير فلا بوجد اي مستيحل ، لذلك اناشد السيد رئيس الجمهورية بان يصدر اوامره بتكليف لجنة مكونة من كبار الففهاء الدستوريين لفحص جميع مواد وبنود وففرات وديباجة هذا الدستور واعداد ملاحظاتهم وتوصياتهم حول تلك الثغرات التي من شانها الاضرار بالامن القومي المصري ثانيا- يتم طرح هذه الملاحظات للحوار المجتمعي من خلال جميع وسائل الاعلام لشرح خطورة بقاء هذه الثغرات في الدستور المصري ثالثا- يعلن السيد رئيس الجمهورية دعوته للشعب المصري للاستفتاء علي بقاء هذه الثغرات او تعديلها. رابعا - اذا وافق الشعب من خلال الاستفتاء الشعبي علي تعديل هذه الثغرات الدستورية ، يتم تكليف لجنة من كبار الففهاء في التشريع الدستوري وعقب الانتهاء من الحوار المجتمعي حول هذه التعديلات يتم دعوة الشعب المصري للاستفتاء علي هذه التعديلات الدستورية اخيرا عندما نلقي نظرة سريعة علي بعض الديموقراطيات الرائدة في العالم نجد : النظام الفرنسي هو نظام رئاسي وتعد فرنسا اعرق دول العالم في الديموقراطية ، نظام الحكم فيها هو نظاما رئاسيا ولم يخل ذلك بالديموقراطية الفرنسية ، وتظل فرنسا اكثر دول العالم استقرار في ظل نظام حكم رئاسي راسخ اما فيما يختص بنظام الحكم في الولاياتالمتحدةالامريكية ، فبالرغم من تلك التعددية التي تتميز بها الولاياتالمتحدة الا ان نظام حكمها الراسخ هو النطام الرئاسي ، ومن المصادفة نجد ان رئيس الدولة في الولاياتالمتحدةالامريكية هو رئيس ينتمي الي الحزب الديموقراطي الامريكي فان الغالبية في الكونجرس الامريكي هي للحزب الجمهوري الامريكي وعلي الرغم من هذا التباين فاننا نجد عدم اهتزاز نظام الحكم في الولاياتالمتحده وثباته وقدرته علي ادارة شئون البلاد دون حدوث اي انشقاقات في الحكومة الامريكية ولم نجد ثلث معطل ولم نجد تخبط في قرارات الدولة والفضل يرجع في ذلك لوجود نظام حكم رئاسي قوي وقادر علي الحكم واستيعاب الاغلبية التي حصل عليها الجمهوريين بعد ان سقنا تلك الامثلة عن انظمة الحكم سواء كان النظام رئاسي او شبه رئاسي او برلماني فاننا نجد ان النظام الرئاسي الاكثر ثباتا واستقرارا حتي ولو كانت اغلبية البرلمان جائت بمعارضي الرئيس وما احوجنا نحن الي الاستقرار. مما لاشك فيه ان مصر والمنطقة المحيطة بها لا تمتلك رفاهية الخوض في تجربة النطام البرلماني او شبه الرئاسي ........ مصر الان في حاجة الي نظام رئاسي فوي