سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 11-5-2025 مع بداية التعاملات    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية اليوم الأحد 11 مايو 2025    متصل يفاجئ عمرو أديب: شقة 4 غرف بتدفع إيجار 4.75 جنيه في الشهر (فيديو)    بيسكوف: تحقيق سلام مستدام في أوكرانيا يتطلب مفاوضات جادة    بوتين: عاجلا أم آجلا سيتم استعادة العلاقات بين روسيا والدول الأوروبية    رئيس الوزراء الباكستاني: قواتنا اسكتت الجيش الهندي في ساعات    ماذا قال دونالد ترامب عن إعادة ضبط العلاقات مع الصين؟    هزة أرضية بقوة 4.1 درجات تضرب البحر المتوسط قبالة طرابلس    قمة الدوري الإسباني.. قائمة ريال مدريد لمواجهة برشلونة في الكلاسيكو    محافظ القاهرة: تشكيل لجنة هندسية لبيان تأثير الحريق على عقار تريمف المحترق    الأرصاد تكشف موعد انتهاء الموجة الحذر وتُحذر من ظاهرة جوية: «شغلوا الكشافات»    صنع الله إبراهيم يمر بأزمة صحية.. والمثقفون يطالبون برعاية عاجلة    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    بالتردد.. تعرف على مواعيد وقنوات عرض مسلسل «المدينة البعيدة» الحلقة 25    في ظل ذروة الموجة الحارة.. أهم 10 نصائح صحية للوقاية من ضربات الشمس    وزيرة التضامن: وقف دعم «تكافل وكرام» لرب الأسرة المدان جنائيًا واستقطاعه للمخالفين    شفافية في الذبح والتوزيع.. الأوقاف: صك الأضحية يصل كاملًا للمستحقين دون مصاريف    إخلاء عقار بالكامل بعد الحريق.. إصابات وحالة وفاة في حادث مصر الجديدة    تامر أمين بعد انخفاض عددها بشكل كبير: الحمير راحت فين؟ (فيديو)    تعليق مثير من نجم الأهلي السابق على أزمة زيزو والزمالك    ديروط يستضيف طنطا في ختام مباريات الجولة ال 35 بدوري المحترفين    سهير رمزي تكشف مفاجأة عن زواج بوسي شلبي ومحمود عبد العزيز    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    موعد مباراة برشلونة وريال مدريد في الدوري الإسباني    إخلاء عقار من 5 طوابق فى طوخ بعد ظهور شروخ وتصدعات    كارثة منتصف الليل كادت تلتهم "مصر الجديدة".. والحماية المدنية تنقذ الموقف في اللحظات الأخيرة    إصابة شاب صدمه قطار فى أبو تشت بقنا    وزير التعليم: إجراءات مشددة لامتحانات الثانوية العامة.. وتعميم الوجبات المدرسية الساخنة    سامي قمصان: احتويت المشاكل في الأهلي.. وهذا اللاعب قصر بحق نفسه    "التعليم": تنفيذ برامج تنمية مهارات القراءة والكتابة خلال الفترة الصيفية    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 11 مايو 2025    غلطة غير مقصودة.. أحمد فهمي يحسم الجدل حول عودته لطليقته هنا الزاهد    ورثة محمود عبد العزيز يصدرون بيانًا تفصيليًا بشأن النزاع القانوني مع بوسي شلبي    أحمد فهمى يعتذر عن منشور له نشره بالخطأ    مثال للزوجة الوفية الصابرة.. نبيلة عبيد تدافع عن بوسي شلبي    إنتهاء أزمة البحارة العالقين المصريين قبالة الشارقة..الإمارات ترفض الحل لشهور: أين هيبة السيسى ؟    انطلاق النسخة الثانية من دوري الشركات بمشاركة 24 فريقًا باستاد القاهرة الدولي    وزير الصحة: 215 مليار جنيه لتطوير 1255 مشروعًا بالقطاع الصحي في 8 سنوات    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي وطريقة استخراجها مستعجل من المنزل    حكام مباريات الأحد في الجولة السادسة من المرحلة النهائية للدوري المصري    محافظة سوهاج تكشف حقيقة تعيين سائق نائباً لرئيس مركز    مصابون فلسطينيون في قصف للاحتلال استهدف منزلا شمال غزة    انتهاء هدنة عيد النصر بين روسيا وأوكرانيا    «التعاون الخليجي» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    راموس يقود باريس سان جيرمان لاكتساح مونبلييه برباعية    «أتمنى تدريب بيراميدز».. تصريحات نارية من بيسيرو بعد رحيله عن الزمالك    ضع راحتك في المقدمة وابتعد عن العشوائية.. حظ برج الجدي اليوم 11 مايو    وزيرة التضامن ترد على مقولة «الحكومة مش شايفانا»: لدينا قاعدة بيانات تضم 17 مليون أسرة    أمانة العضوية المركزية ب"مستقبل وطن" تعقد اجتماعا تنظيميا مع أمنائها في المحافظات وتكرم 8 حققت المستهدف التنظيمي    في أهمية صناعة الناخب ومحاولة إنتاجه من أجل استقرار واستمرار الوطن    أبرزها الإجهاد والتوتر في بيئة العمل.. أسباب زيادة أمراض القلب والذبحة الصدرية عند الشباب    تبدأ قبلها بأسابيع وتجاهلها يقلل فرص نجاتك.. علامات مبكرة ل الأزمة القلبية (انتبه لها!)    منها «الشيكولاتة ومخلل الكرنب».. 6 أطعمة سيئة مفيدة للأمعاء    بعد انخفاضه.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الأحد 11 مايو 2025 (آخر تحديث)    عالم أزهري: خواطر النفس أثناء الصلاة لا تبطلها.. والنبي تذكّر أمرًا دنيويًا وهو يصلي    رئيس جامعة الأزهر: السعي بين الصفا والمروة فريضة راسخة    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ننشر فصلاً من رواية «مشروع روزي» ل جرايم سيمسيون
نشر في صوت الأمة يوم 20 - 08 - 2017

ينشر موقع «صوت الأمة» فصلاً من رواية «مشروع روزي» للكاتب جرايم سيمسيون، والصادرة عن دار العربي للنشر، في القاهرة، ونقلها إلى اللغة العربية المترجم محمد عثمان خليفة.
فصل من رواية مشروع روزي ل جرايم سيمسيون
بعد نحو ساعتين من مغادرة "جين" مكتبي ومعه الاستبيانات المكتملة لمشروع الزوجة، سمعتُ من يطرق الباب. كنت أعاير مقالات الطلبة بميزان دقيق، وهو نشاط ليس محظورًا، ولكن هذا الشك الذي لديَّ نتيجة أن أحدًا لا يعلم أنني أقوم بذلك. فهو جزء من مشروع غرضه تقليل مجهودات التقييم، من خلال البحث عن عمليات سهلة القياس مثل إدراج جدول المحتويات، أو الغلاف المكتوب بخط اليد في مقابل المطبوع بالكمبيوتر، وعوامل يمكن أن تعتبر مؤشرًا معتبرًا على جودة العمل ككل، بدلًا من خوض تلك المهمة المملة وقراءة العمل بأكمله.
وضعتُ الميزان أسفل مكتبي، والباب ينفتح. نظرت ناحيته لأجد سيدة لا أعرفها واقفة عنده. قدَّرت أن عمرها ثلاثون، ومؤشر كتلة جسدها عشرون.
- بروفيسور "تيلمان"؟
سؤال ساذج بالتأكيد، فاسمي معلق على باب المكتب.
- أيوة.
- بروفيسور "بارو" طلب مني إني أقابلك.


لقد دُهشت من كفاءة "جين"، ونظرت إلى السيدة بعناية أكثر وهي تقترب من مكتبي. لم تكن هناك علامات واضحة على عدم ملاءمتها. ولم أتبين أي ماكياج. قوامها ولون بشرتها يتسقان مع صحتها ولياقتها البدنية. كانت ترتدي نظارة إطارها سميك جدًّا، أعاد لي ذكرياتي السيئة مع سيدة آيس كريم المشمش، وتي شيرت أسود طويل ممزق في عدة أماكن، وحزام أسود له سلاسل معدنية. من حسن الحظ أن سؤال المجوهرات قد حُذف، لأنها كانت ترتدي أقراطًا معدنية كبيرة وقلادة مثيرة حول عنقها.
وعلى الرغم من أنني عادة لا ألقي بالًا للملابس، فإن ملابسها بدت متناقضة مع توقعاتي لما ترتديه أي أكاديمية ذات درجة عالية من الكفاءة أو المهنية في الصيف. فلم يسعني سوى أن أخمِّن أنها تعمل لحسابها الخاص أو أنها في إجازة، وتحررت من قواعد العمل، واختارت ملابسها بشكل عشوائي. هذا تخمين يريحني.
مر وقت ليس بقصير من الصمت، فأدركت أنه لا بد دوري أنا للكلام. نظرت إليها وأنا أتذكر تعليمات "جين".

- إيه رأيك نتعشى سوا الليلة؟
بدت مندهشة من طلبي:
- آه.. طبعًا. إيه رأيك نعمل العشا؟ إيه رأيك في "لو جافروش" والحساب عليك؟
- ممتاز. يبقى أحجز على الساعة 8 بليل.
- بتهزَّر أكيد.
رد غريب. ما الذي يدفعني إلى المزاح مع شخص بالكاد أعرفه؟
- بتكلم جد. الساعة 8 بليل الليلة دي مش مناسب؟
- خليني أفهم أكتر. أنت عازمني على العشا الليلة في "لو جافروش"؟
عندما أضفت هذا الرد إلى سؤالها في البداية عن اسمي، بدأت أعتقد أن هذه المرأة كانت من النوع الذي يسميه "جين" "أداة صدئة". فكرتُ في أن أتخلص من هذه الورطة، أو على الأقل المماطلة حتى أتمكن من التحقق من استمارة استبيانها، ولكنني لم أتوصل إلى أي وسيلة مقبولة اجتماعيًّا للقيام بذلك، وهكذا أكدتُ لها فحسب أنها فسَّرتْ عرضي على نحو صحيح. وعندئذٍ، دارت على عقبيها وانصرفت. لحظتها أدركت أنني نسيت أن أسألها عن اسمها.
بادرت بالاتصال ب"جين". وظهرت الحيرة على صوته في البداية، أعقبتها بهجة. ربما لم يكن يتوقع أن أتعامل مع هذه المرشحة بهذه الدرجة من الكفاءة.
- اسمها "روزي". ودا كل اللي لازم تعرفه عنها حاليًا. عيش حياتك معاها. وافتكر قلت لك إيه عن الجنس.
من سوء حظي أن "جين" رفض تزويدي بمزيد من التفاصيل عنها؛ لأن هناك مشكلة ظهرت. فقد عرفت أن "لو جافروش" ليس لديه ترابيزة متاحة في ذلك التوقيت الذي اتفقنا عليه. حاولت أن أعثر على ملف "روزي" على جهاز الكمبيوتر، ولحظتها أدركت أهمية الصور. فالسيدة التي جاءت إلى مكتبي لا تبدو مثل صورة أي مرشحة يبدأ اسمها بحرف الراء. فلا بد أنها واحدة من الاستمارات الورقية إذن. عرفت أن "جين" غادر مكتبه، وأن موبايله مغلق.
اضطررت إلى اتخاذ إجراء غير مشروع، ولكنه أخلاقي بلا شك. وقد بررته على أساس أنه سيكون من غير الأخلاقي ألا أفي بالتزامي مع "روزي". كنت قد وجدت أن نظام الحجز الإلكتروني في "لو جافروش" عبر الإنترنت يحتوي على قسم لكبار الشخصيات، وهكذا قمت بالحجز باسم العميدة بعد تسجيل الدخول في الموقع باستخدام برنامج قرصنة غير متطور نسبيًّا.
***
وصلت إلى المطعم في الساعة 7:59 مساءً. المطعم في فندق كبير. وهكذا ربطت دراجتي بالسلسلة في ممر المدخل، حيث كانت السماء تمطر بشدة في الخارج. ولحسن الحظ أن الجو لم يكن باردًا، وأن سترتي "الجورتكس" تحميني بدرجة ممتازة. حتى إن ال"تي شيرت" أسفلها لم يبتل.
اقترب مني أحد العاملين. وأشار إلى الدرَّاجة، ولكنني بادرته قبل أن يجد فرصة للاحتجاج:
- اسمي بروفيسور "لورانس" وأنا اتعاملت مع نظام الحجز الخاص بيكم الساعة 5:11 بليل.
يبدو أنه لا يعرف العميدة، أو ربما اعتقد أنني بروفيسور "لورانس" آخر، لأنه اكتفى بإلقاء نظرة على الدفتر الذي يحمله. أعجبتني كفاءتي، فعلى الرغم من أن الساعة قد أصبحت 8:01 مساءً، ولكن "روزي" لم تكن قد حضرت بعد. ربما هي من النوع (ب) الذي يحضر مبكرًا قليلًا، ولذلك فهي بالداخل فعلًا.
ولكن في تلك اللحظة ظهرت مشكلة.

- متأسِّف يا فندم، بس المكان له قواعد خاصة في نوعية اللبس. "دريس كود".
أعرف هذا. كان مكتوبًا بالبنط العريض في الموقع: "على السادة ارتداء سترة".
- مفيش بدلة، مفيش أكل، صح؟
- تقريبًا كده يا فندم.
ماذا يمكنني أن أقول عن هذا النوع من الشروط؟ كنت على استعداد لارتداء سترتي طوال وجودي داخل المطعم. فالمفترض أن المطعم مكيف الهواء على درجة حرارة متوافقة مع هذا الشرط.
هكذا أخذت طريقي نحو داخل المطعم، ولكن المسؤول وقف في طريقي:
- متأسِّف، واضح إن كلامي مكنش واصل لحضرتك. لازم بدلة.
- بس أنا لابس بدلة فعلًا.
- أقصد بدلة "فورمال" أكتر شوية يا فندم.

أشار المسؤول على سترته كمثال. وأنا من جانبي، ودفاعًا عمَّا سأحكيه لك مما جرى بعد ذلك، أستعين بمعجم "أكسفورد" للغة الإنجليزية (المختصر، الطبعة الثانية) في تعريف كلمة jacket: (1) لباس خارجي للنصف العلوي من الجسد.
أنوه أيضًا إلى أن هذه الكلمة مطبوعة في التيكت الذي تم تخييطه في السترة من الداخل وبه تعليمات أخرى، فهي سترة "جورتكس" جديدة نسبيًا ونظيفة تمامًا. ولكن يبدو أن تعريفه هو لكلمة سترة مقتصر على ذلك النوع الرسمي البحت.

- شرف لينا إن حضرتك تأجر بدلة من عندنا يا فندم بنفس الستايل ده.
- عندكم ستوك بِدَل؟ بكل المقاسات؟
لم أضف أن وجود مثل هذا المخزون من السترات دليل كافٍ على فشلهم في تعريف ضيوف المكان بمفهومهم الخاص عن شكل السترة، وأن الكفاءة تكمن في تحسين صياغتهم اللغوية لهذه القاعدة أو التخلي عنها من الأصل. كما لم أذكر له أنهم لا بد سيضيفون تكلفة شراء سترة وتنظيفها على الفواتير التي يدفعها الزبائن مقابل وجباتهم. فهل يعلم زبون المكان أنه يشارك في تحمل تكاليف مخزن السترات هذا؟
- معنديش خلفية عن الموضوع، يا فندم. بس أوعدك هحاول أخلي حضرتك تلاقي بدلة مناسبة.
غني عن القول إنني لم أكن مرتاحًا لفكرة أن أرتدي ملابس يختارها لي غيري، ولا أثق في مستوى نظافتها. وبقيت لبضع دقائق مستغرقًا في لا منطقية هذا الموقف. كنت متوترًا بالفعل، وأنا أستعد لثاني لقاء مع امرأة ربما تكون شريكة حياتي. والآن أجد هذه المؤسسة التي سأدفع لها مقابل أن تزودنا بوجبة طعام – مزود الخدمة الذي من المحتم أن يقوم بأي شيء ممكن حتى أكون مرتاحًا – تضيف المزيد من العوائق التعسفية في طريقي. وسترتي "الجورتكس"، هذه القماشة عالية التقنية والتي حمتني دومًا في المطر والعواصف الثلجية، صارت في موضع مقارنة غير عادلة وغير موضوعية مع سترة صوفية شكلية وحسب. أنا دفعت 1015 دولار ثمنًا لها، شاملة 120 دولار لاختيار درجة اللون الأصفر التي أريدها. أنا من حددت ملامح سترتي.
- بدلتي أحسن من بدلتك في كل حاجة. دي ضد المية، ولونها قوي حتى في الضوء الخفيف، ومريحة في تخزينها.
فتحت سوستة السترة حتى أريه الجيوب الداخلية، وأنا أردف:
- وبتنشف بسرعة، وضد بقع الأكل، وليها غطا عالراس و...
لم يتغير تعبير وجهه الجامد، حتى بعد أن ارتفعت نبرة صوتي.
- متانة فظيعة...
حتى أثبت له كلامي، أمسكت بتيكت السترة التي أحضرها المسؤول لي. من الواضح أنني لم أكن أنوي تمزيقها، ولكن هناك من بادر بجذبي من الخلف، وحاول أن يلقي بي على الأرض. وغريزيًّا، دافعت عن نفسي بتسديد لكمة محدودة، حتى أبعده عني من دون أن تقع نظارتي. ولكن مصطلح "لكمة محدودة" ينطبق على لاعب الفنون القتالية الذي يعرف كيف يقع. أما هذا الشخص فلا يعرف، وبالتالي سقط على الأرض بكل قوة.
استدرت لألقي عليه نظرة – وجدته ضخم الجثة، وغاضبًا. ومنعًا لمزيد من العنف، لجأت للجلوس فوقه.
- ابعد عني.. أنا هقتلك.
على هذا الأساس، كان من المنطقي ألا أوافق على طلبه. وفي تلك اللحظة، حضر رجل آخر، وحاول أن يجرني. كنت قلقًا من أن يبدأ الفتوة رقم واحد في تنفيذ وعيده، فلم يكن لي خيار سوى أن أبطل مفعول الفتوة رقم اثنين أيضًا. لم يتأذَ أحد بمعنى الكلمة، ولكنه كان موقفًا اجتماعيًّا غريب للغاية، وشعرت أن عقلي ينغلق.
ومن حسن حظي أن حضرت "روزي".

- "روزي"!
بادرها رجل السترة بنبرة دهشة واضحة.
واضح أنه يعرفها. نظرت له ثم لي:
- بروفيسور "تيلمان" – "دون"... إيه اللي بيحصل؟
- اتأخرتي. فيه مشكلة اجتماعية هنا.
سألها رجل السترة:
- تعرفيه؟
- أنت شايف إيه؟ يعني خمنت اسمه؟!

كانت نبرة صوتها متحفزة، وقلت لنفسي إن هذا ليس مناسبًا. مؤكد أن من الأفضل أن نعتذر وننصرف. فمن غير الممكن أن ندخل المطعم ونأكل فيه بعد كل ما جرى.
تجمَّع حولنا بعض الناس، وتوقعت حضور فتوة جديد، ففكرت في طريقة تجعلني أحرر إحدى يديَّ الممسكتين بالفتوتين الآخرين. وفي أثناء محاولتي ذلك، وجه أحدهما لكمة ولكنها استقرت في عين الآخر، فجن جنونهما بدرجة واضحة. وعلَّق رجل السترة على المشهد:
- ده ضرب "جيسون".
ولكن "روزي" سخرت منه:
- معاك حق. مسكين يا "جيسون". دايمًا الضحية.

كانت ترتدي فستانًا أسود من دون رسوم أو زركشة، وحذاءً ثقيلًا أسود له نعل عريض، وكثير من الإكسسوارات الفضية في ذراعيها. شعرها الأحمر مصفف على الطريقة السبايكي، فكأنها نوع جديد من الصبَّار. سمعت كلمة "مذهلة" وهي تقال في وصف المرأة، ولكن هذه هي أول مرة أصاب فيها بالذهول عند رؤية امرأة. لم يكن السبب هو الفستان أو الإكسسوارات وحدها، أو أي صفة بعينها في "روزي" نفسها: هو تأثيرها كله على بعضه. لم أكن متأكدًا من أن مظهرها يصنَّف على أنه جميل بالمعنى التقليدي للكلمة، أو حتى مقبول وفق معايير المطعم الذي رفضني لسترتي. "مذهلة" هي الكلمة المناسبة جدًّا لوصفها. ولكن ما فعلته كان أكثر ذهولًا. فقد أخرجت موبايلها من حقيبتها، وصوَّبته نحونا. أضاء الفلاش مرتين. وتحرك رجل السترة ليأخذه من يدها.
- اوعى تفكر مجرد تفكير تاخده من إيدي. أنا هعرف بالصور دي أخليهم ما يشتغلوش في أي مكان تاني. والعنوان... "بروفيسور يلقن فتوات درسًا".
وبينما كانت "روزي" تتكلم، حضر شخص يبدو أنه الشيف. تحدث في أذن رجل السترة، وبكلمتين ل"روزي"، مفادهما أن ننصرف من دون أي مشكلات أخرى، فطلبت مني "روزي" أن أترك الفتوتين. وقف ثلاثتنا على قدميه منتصبًا، ووفقًا للتقاليد، انحنيت أحييهما، ثم مددت يدي نحو الفتوتين، اللذين يبدو أنهما فردا أمن. كانا يقومان بما تقتضيه الوظيفة، وخاطرا بإصابة جسدية لأجل لقمة العيش. ويبدو أنهما لم يتوقعا مني هذه الخطوة، ولكن أحدهما ضحك وصافحني، ثم قلده الآخر. نهاية جيدة للموقف، ولكن لم تعد لديَّ رغبة لتناول الطعام في هذا المطعم.
أخذت درَّاجتي ومشينا في الشارع. توقعت أن تكون "روزي" غاضبة مما جرى، ولكنني وجدتها تبتسم. سألتها عن معرفتها برجل السترة.

- كنت شغَّالة هناك.
- اخترتي المطعم لأنك تعرفيه؟
- ممكن تقول كدا. كنت عايزة أغيظهم. لكن مش بالطريقة دي أبدًا.
كانت تضحك.
أخبرتها أن حلها للموقف كان رائعًا.
- أنا شغَّالة في بار. مش مجرد بار... "ماركيز أوف كوينسبرى". فبتعامل طول الوقت مع ناس وقحة.
علّقت بأن قلت لها أنها لو كانت وصلت في الميعاد لكانت استخدمت مهاراتها الاجتماعية، وعندئذٍ لم يكن أي عنف قد وقع.
- كويس إني اتأخرت. جودو دا، صح؟
- آيكيدو.
مع عبورنا الشارع، جعلت الدرَّاجة بيني وبين "روزي":
- أنا شاطر في الكاراتيه بردو، بس الآيكيدو كانت الأنسب في الموقف دا.
- إنك تتعلم الفنون القتالية موضوع صعب جدًّا، ومحتاج وقت، مش كدا؟
- بدأته وأنا عندي سبع سنين.
- كم مرة بتتدرب؟
- تلات مرات في الأسبوع، إلا إذا كنت عيان، أو في الأجازات الرسمية، أو وقت السفر لمؤتمرات.
- وايه سبب حبك ليها؟
أشرت إلى نظارتي.
- آه.. انتقام العباقرة.
- أول مرة ألجأ ليها عشان أدافع عن نفسي من أيام المدرسة. أنا بتدرب على اللياقة البدنية أساسًا.
كانت أعصابي قد ارتاحت بعض الشيء، وأتاحت لي "روزي" أن أدس في الكلام سؤالًا من أسئلة الاستبيان:
- بتتدربي بشكل منتظم؟
ضحكت:
- على حسب معنى كلمة منتظم. أنا أقل واحدة لياقة بدنية في العالم.
- التدريب مهم جدًّا عشان نحافظ على الصحة.
- بابا كان بيقولي كدا. هو مدرب خاص. جابلي عضوية في جيم في عيد ميلادي. في الجيم بتاعه. كان حابب دايمًا نتدرب "ترايثلون" مع بعض.
- لازم تسمعي كلامه.
- بعد إيه، أنا قربت على التلاتين. عديت مرحلة إني أمشي ورا كلام بابا. اسمع، أنا جعانة. تعالى ناكل بيتزا.
لم أكن مستعدًا لفكرة المطعم مرة أخرى الآن. فقلت لها إنني أنوي العودة إلى أجندتي الأصلية لهذا المساء، هي أن أطهو في المنزل.
- عندك أكل يكفي اتنين؟ لسة العشا عليك.
كلامها صحيح، ولكن يومي شهد حتى الآن العديد من الأحداث التي لم تكن في الأجندة الأصلية بالفعل.
- ماتخافش. مش هعلَّق على طبخك. أنا نفسي مابعرفش أطبخ.
لم أكن أفكر في أن تنتقد الطهي. ولكن افتقارها إلى مهارات الطهي كان الخطأ الثالث حتى الآن، على أساس استبيان مشروع البحث عن زوجة، بعد حضورها المتأخر وعدم لياقتها البدنية. ومن المؤكد أن هناك خطأ رابعًا: فعملها جرسونة في بار لا يتسق مع مستوى فكري معين أصر عليه. فلا جدوى من الاستمرار معها.
ولكن قبل أن أبدي لها كل هذه الأسباب، وجدتها تستوقف تاكسي من النوع الميني فان، الذي يمكن أن يسع مكانًا لدراجتي.
- أنت ساكن فين؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.