شدد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني اليوم الثلاثاء على أنه قد آن الآوان للتفكير في المستقبل والالتفات إلى أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر سيولد مزيدا من الكراهية والعنف والإرهاب في جميع أنحاء العالم.. منوهًا في هذا الإطار بأن السلم والوئام العالميين يشكلان منظومة دولية تكفل الحقوق والاحترام لجميع الشعوب. وقال العاهل الأردني - في خطابه أمام البرلمان الأوروبي والذي وزعه الديوان الملكي الهاشمي اليوم الثلاثاء على وسائل الإعلام - "إنه مرة تلو الأخرى تنتكس عملية السلام لتتوقف وتتجمد بسبب تزايد بناء المستوطنات الإسرائيلية وتراجع في احترام حقوق الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال". وأضاف "إن هذا الفشل يبعث برسالة خطيرة إذ يؤدي إلى تآكل الثقة بالقانون والمجتمع الدولي ويهدد ركائز السلام العالمي أي حل الصراعات بالوسائل السياسية والسلمية وليس بالقوة أو العنف..كما يمنح المتطرفين حجة تساعدهم على حشد الدعم والتأييد ذلك أنهم يستغلون الظلم والصراع الذي طال أمده لبناء الشرعية وتجنيد المقاتلين الأجانب في جميع أنحاء أوروبا والعالم". وتساءل كيف يمكننا خوض المعركة الأيديولوجية ضد الإرهاب دون أن نرسم مسار التحرك إلى الأمام أي نحو تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟، قائلا "يجب على بلداننا أن توحد جهودها ورسم الطريق التي ستقودنا إلى تسوية شاملة نهائية". وقال إن التطرف يتغذى على انعدام الأمن الاقتصادي والإقصاء ومن أجل إيجاد مزيد من الشركاء في بناء السلام العالمي تحتاج الشعوب إلى فرص لتحقيق إمكاناتها وبناء حياة كريمة ، فتمكين الناس أقوى رسالة تعبر عن الاحترام.. مشددا في الوقت ذاته على أن حياة الناس تزدهر حيث يزدهر الاحترام المتبادل وتقوم الحضارة الإنسانية على هذا المبدأ والمستقبل الأفضل يتحقق به. وأضاف الملك عبدالله الثاني: "إننا في الأردن وعلى الرغم من التحديات الإقليمية إلا أننا مضينا قدما في الجهود التنموية وكافحنا لتلبية الاحتياجات الملحة وخلق فرص العمل وتحسين نوعية الحياة، وذلك عبر المضي قدما في إصلاحاتنا المستمرة والشراكات التي نقيمها ومثالها شراكتنا مع الاتحاد الأوروبي". ونوّه بأن الأردن يأخذ التزاماته الأخلاقية تجاه الآخرين بمنتهى المسئولية ، فعلى الرغم من الموارد الشحيحة فتح الشعب الأردني ذراعيه لاستقبال اللاجئين الفارين من العنف في المنطقة وقد استقبل آلاف المسيحيين العراقيين السنة الماضية فضلا عن توفير المأوى لحوالي 4ر1 مليون سوري خلال السنوات القليلة الماضية والذين يشكلون 20% من السكان. وقال: "إن هذا الواقع يماثل قيام فرنسا باستضافة كل سكان بلجيكا، فبلدي الصغير، الأردن، قد أضحى الآن ثالث أكبر مضيف للاجئين في العالم ، ونقدر عاليا جهد كل أولئك الذين يعينوننا في أداء هذه المسئولية الدولية".. مضيفًا "إن دعمكم رسالة ليس فقط لشعبي الأردني بل لجميع المؤمنين ببناء المستقبل عبر نهج السلام والاعتدال ومفادها أن أوروبا معكم". واختتم ملك الأردن خطابه قائلًا: "لا يمكن لمنطقتنا وشعوبنا أن تحظى بشركاء وجيران أفضل مما يمكننا أن نوفره لبعضنا البعض، إن التاريخ والجغرافيا والمستقبل المشترك يربطنا، ولن ندع أحدا يفرق بيننا، ومعا يمكننا بناء ركائز الاحترام المتبادل التي من شأنها ضمان المنفعة المشتركة للأجيال القادمة".