كنت أتابع من بعيد كل عام جوائز الصحافة العربية التي تنطلق كل عام منذ 8 سنوات من دبي التي يقدمها سنوياً نادي الصحافة. و خلال الشهر الحالي شاركت عن قرب في هذه الاحتفالية السنوية المتميزة التي يسبقها منتدي الإعلام العربي. و بداية يجب المقارنة و هي مقارنة إيجابية في صالح المنتدي الإعلامي لدبي بالمنتدي الاقتصادي العالمي الذي يعقد سنويا في منتجع دافوس بسويسرا منذ أكثر من 30 سنة. فمنتدي دبي بلا منازع يتميز عن منتدي دافوس في عدة جوانب، الجانب الأول هو الشفافية، فلم تضع الهيئة التنظيمية قواعد تمنع بعض المشاركين من حضور جلسات و إقفال جلسات أخري أمامهم، فكل المدعوين علي قدم المساواة في الحضور و المشاركة. ثانيا فإن انعقاد كافة الجلسات في مكان واحد مع إقامة المشاركين هو عنصر إيجابي آخر لأنه لا يفقد المشاركين الوقت أو العناء في التواصل مع الفعاليات أو الوصول إلي مكان المنتدي. ثالثا فإن علي الإعلاميات في العام العربي أن يفخرن اليوم أن ثلاث إعلاميات من دولة الإمارات العربية المتحدة يقدن هذا الجهد المتميز بما فيه حركة مهمة من حركات التنوير في عالمنا العربي. و الإعلاميات الثلاث هن رئيس نادي دبي للصحافة مني المري، و المدير التنفيذي للنادي مريم بن فهد الرئيس، و مني بوسمرة، نائب مدير جائزة الصحافة العربية. و رابعا فإن منتدي الإعلام العربي ملتقي لأبرز الإعلاميين العرب يجدد بينهم الحوار و يثري الفكر و يفتح المجال لتقديم الجديد. ثم نأتي إلي جلسات المنتدي و أخص بالحديث ورشة عمل ضمن فعاليات الدورة الثامنة لمنتدي الإعلام العربي ناقشت النمو الكبير الذي تشهده الساحة الإعلامية المصرية من حيث النمو المتزايد لأعداد القنوات الفضائية الخاصة، وما إذا كانت تلك الزيادة التي يبدو أنها ترسم شكلاً جديداً للعمل الإعلامي في مصر والمنطقة، ستساهم في إعادة المجد للإعلام المصري. و هنا لابد من كلمة فمع إبداع الفضائيات العربية و شد المشاهد إلي سلسلة المسلسلات العربية و المصرية الرائعة و برامج الحوار إلا أن هناك خصوصية لهذه القضية بالتحديد. فمثلاً برنامج "البيت بيتك" يشاهده كم كبير من المشاهدين المصريين داخل مصر و خارج مصر مما قد يرشحه لأن يكون أحد البرامج التي لها أعلي المشاهدات في العالم العربي رغم أن جمهوره مصري أكثر منه عربي. و مثلاً فإن أخبار مصر كما تنقلها قناة الجزيرة و بالتحديد رئيس مكتبها حسين عبد الغني الذي أدار هذه الجلسة ربما تكون أكثر البرامج الإخبارية مشاهدة في العالم العربي، و السبب بسيط فالمصريون 80 مليونا و من بينهم نحو 5 ملايين في الخارج. نعم كانت هناك مشكلة للمشاهد المصري قبل برامج حوارات دريم 2 و المحور و الحياة و أو تي في و كان المشاهد المصري يتجه إلي الجزيرة و لكنه الآن يشاهد أخبار مصر كما تحدث علي فضائياته. فالقضية هي هل تقدم الفضائيات المصرية الجرعة التي يبحث عنها المشاهد العربي؟ لا أجد إجابة علي هذا السؤال غير القول بأن ميزة الفضائيات أنها قنوات مفتوحة يختار منها المشاهد بين ما يشبع احتياجاته. ثم أنتقل للورشة الثانية التي أعتبرها من أهم ورشات عمل المؤتمر و هي ورشة "غزة:مكاشفة إعلامية!"، و هنا لابد من تحديد الأمور فالمشاهد لا يهمه سياسات الدول و إنما يهمه التغطية الإخبارية المتواصلة لحرب غزة و قد وفرتها الجزيرة بشكل أساسي و وفرت الجزيرة و ال ال-بي-سي خلال حرب لبنان صيف 2006 و بتواصل مباشر. فماذا قدمت الفضائيات العربية خلال حروب إسرائيل ضد غزة 2006، لبنان 2006 و غزة 2008-2009؟ لقد قدمت رؤية عربية لهذه الحروب من داخل مواقع الأنين و الدمار، و ربما تكون الفضائيات الأجنبية قد لعبت ما يسمي "بالحياد" بالهرولة إلي إسرائيل لتغطية قصف بالصواريخ الورقية نسبة إلي عدم فاعليتها، و إنما الحق يقال فإن الفضائيات العربية وفرت للمشاهد العربي عرضاً لهذه الحروب يفي بشغف الإنسان العربي من المحيط إلي الخليج ليتابع حال شعبه المأساوي في الأرض الفلسطينية المحتلة و لبنان. و حين نناقش قضية الحياد، فإنني و بصراحة شديدة لا أجد أهمية لذلك و تضييع جهد فرق التغطية العربية فدورها الأول هو تغطية ما يحدث من مآس في الجانب العربي من الحدث و القصف الوحشي الإسرائيلي للمدنيين العزل. و عودة إلي نادي دبي للصحافة فإن هذه الفعاليات السنوية و غيرها التي ينظمها النادي علامة تنوير في العالم العربي بقيادة نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي تأسس نادي دبي للصحافة بتوجيهاته. و أقتبس من كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم "إن الإعلام واجهة الأمة و خط الدفاع الأول عن قضاياها" و هذه الكلمات تكرم دور الإعلام و الإعلاميين العرب من المحيط إلي الخليج. و جوائز النادي تمثل تشجيعاً للإبداع الصحفي في العالم و العربي و تقدم دفعة قوية للحاصلين عليها من أجل المزيد من الإبداع. و هنا أقتبس تصريح لمني بوسمرة "إلي أن حجم المشاركات الكبير من بعض الدول العربية قد انعكس علي حجم المرشحين للفوز، ويظهر ذلك واضحا من خلال أسماء 13 مرشحاً من جمهورية مصر العربية من إجمالي 36 مرشحاً، حيث شكلت المشاركة المصرية في وقت سابق 32% من حجم المشاركات الذي تجاوز 3000 عمل من 19 دولة عربية". و هنا لابد من تعقيب فسواء نتفق أو لم نتفق فإن مدارس الصحافة العربية قد بدأت في مصر، و الغريب أن مصر التي اشتركت بنسبة أعمال بلغت 36 بالمائة لم تحصل علي غير 3 جوائز. ألا يعكس هذا تراجعا للصحافة المصرية؟ و ذلك رغم حرية الانفتاح علي الرأي و الرأي الآخر داخل مصر و مناخ الديمقراطية الصحفي. و حين يكون الأمر متعلقاً بدبي فلا يفوتني أن أقتبس مقطعاً من كلمة أمين عام الجامعة العربية عمرو موسي إلي المنتدي الإعلامي بدبي: "وبهذه المناسبة أود أن أشيد بنشاط وحيوية وانطلاقة دبي، علي خلاف ما هو متداول في الصحافة والإعلام، فإنني أري وألمس إيجابية واستمرارية في نشاط هذه المدينة وأهنئ سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم علي ذلك". و تبقي دبي حتي وسط الأزمة الاقتصادية العالمية علامة بارزة علي الحركة و التقدم و هنا أشيد بافتتاح نافورة دبي أو دبي فاونتن و هي أطول النوافير الاستعراضية للتشكيلات المائية و الموسيقية في العالم.