"ثورة الجياع" ذلك المصطلح الذي يرتبط في اذهاننا بمجاعات افريقيا، فمن منا لايتذكر مشاهد الامهات وهن تحاولن أن تطعمان اطفالهن ولكن دون جدوي والاطفال التي ذبلت اجسادهم ووهنت عظامهم واصبحوا كالهياكل العظمية تلك المشاهد جميعها هي باختصار "الجوع "، فتخيلوا معي هل من الممكن أن تكون هذه هي مصائرنا نحن المصريين، خاصة بعد زيادة نسبة البطالة وارتفاع نسبة الفقر الي25.2% بحسب "احصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء"، بخلاف الارتفاع الجنوني في اسعار السلع الغذائية في الاشهر القليلة الماضية. وجاءت الطامة الكبري في الانهيار الكبير في قيمة الاحتياطي من النقد الاجنبي والذي نستورد من خلاله 60% من احتياجاتنا من الغذاء والذي لم يعد يكفي سوي ثلاثة اشهر فقط والحد الآمن لها من 7 إلي 9 أشهر، وبلغ الاحتياطي الآن حسب تصريحات موقع البنك المركزي 15.7 مليار دولار بعد أن كان 36.5، ويعني ذلك اننا فقدنا 21 مليار دولار في عام واحد..فهل من الممكن أن ينهار كل هذا الاحتياطي؟..وكم من الوقت نحتاج لحدوث هذا الانهيار؟.. وفي حالة انهيار الاحتياطي وعدم قدرتنا علي سداد ديوننا فهل تعلن مصر افلاسها ويتم الحجز عليها من قبل الدول الدائنة؟..وما هي الحلول لهذا الموقف الصعب؟..وإلي اين نحن ذاهبون؟ "الصحافة ملهاش دعوة بالموضوع ده، ده امن قومي يا استاذ والكلام فيه بيعمل بلبلة وعدم استقرار في البلد" هكذا قال عضو مجلس ادارة البنك المركزي محمود عبدالفضيل، وعندما سألناه عن انهيار الاحتياطي النقدي ووجود احتمالات قوية بانهيار الجنيه المصري رد قائلا: "يقولوا اللي هما عايزينه احنا ملناش دعوة بيهم" ورفض اكمال الحوار، الامر الذي اشعرنا بأن الثورة بمفهومها الصحيح لم تصل الي البنك المركزي بعد وذلك بسبب حالة التعتيم المعلوماتية التي مازالوا يعيشون فيها!. الدكتور عبدالعزيز حجازي رئيس وزراء مصر الأسبق أوضح أن السبب في انهيار الاحتياطي النقدي الاجنبي هو انخفاض المدخلات من العملة الصعبة، حيث انخفضت عائدات السياحة والتصدير، وعلي الجانب الآخر تقوم الحكومة بسداد مديونيات الدولة واستيراد السلع الغذائية من هذا الاحتياطي. اما عن المشكلة وطرق حلها فقال د.حجازي إن الموقف سيكون صعبا ومحرجا للغاية في حالة استمرار الاوضاع كما هي فلن تكون الدولة قادرة علي سداد مديونياتها، واتمني ألا يحدث ذلك، وعن حل المشكلة أضاف بداية لابد من توفير الامن في الشارع، الامر الذي سيعود بالايجاب علي كل القطاعات فتعود حركة السياحة والاستثمار الاجنبي، وتشجيع المصريين بالخارج علي الشراء والاستثمار في مصر. وبخصوص مقترح تم طرحه في الفترة الاخيرة للحفاظ علي الجنية المصري من الانهيار عن طريق جعل قناة السويس بالعملة المحلية اوضح حجازي انه يرفض هذا المقترح بشكل قاطع وذلك لأن العملة الأجنبية أكثر ثباتا من الجنيه المتأرجح، اضافة لتناقص الاحتياطي النقدي كما أن لدينا دينا خارجيا يقدر ب 36مليار دولار. واذا استمرت الاحوال علي ما هي عليه الآن فانتظروا "ثورة الجياع" وذلك لاننا لن نكون قادرين علي استيراد غذائنا وسيصبح الوضع اكثر سوءا هذا ما قالته الدكتورة عالية المهدي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابق، وأردفت لم يمر شهر اغسطس حتي يكون الاحتياطي "صفر" وفي هذه الحالة ستعلن مصر افلاسها وستكون العواقب سيئة جدا.. واوضحت المهدي أن مصر احتاجت خمس سنوات لزيادة الاحتياطي الاجنبي، حيث إن قيمته في عام 2001 بلغت 15 مليار دولار وفي عام 2006 وصل الي 34 مليارا، ولكن ما تم في خمس سنوات خسرناه في عام واحد.. وحول الاسباب التي ادت الي انهيار الاحتياطي النقدي اوضحت د.عالية أن المشكلة سياسية اكثر منها اقتصادية، بمعني أن الاداء السياسي للمجلس العسكري يسير في الاتجاه الخطأ وابسط دليل علي ذلك.. أن نبدأ بالانتخابات التشريعية قبل الدستور وهو ما نتحمل تبعاته الي الآن. أما الحل من وجهة نظر د.المهدي فيتمثل في مجموعة من الاجراءات اهمها سرعة تسليم السلطة، وعلاج عجز الموازنة، وشعور المصريين بصعوبة المرحلة التي تمر بها البلاد حتي يبتعدوا عن الاعتصامات الفئوية ورفع سعر الفائدة الي 20% ولكن لفترة محددة، ثم اخفضها تدريجيا لتصل الي 12%. "قلقان علي البلد جدا" هكذا بدأ الدكتور حازم الببلاوي نائب رئيس الوزراء السابق حديثه حول الاوضاع السياسية وانهيار الاحتياطي من النقد الاجنبي حيث قال: نحن نتراجع والمسألة دقيقة وصعبة للغاية ونحتاج الي دعم بكل الوسائل من زيادة الموارد في الداخل والخارج وعلاج عجز الموازنة. وعن رأيه في انهيار الاحتياطي النقدي قال الببلاوي: في حالة استمرار الوضع الحالي من الممكن ان يكون الاحتياطي " صفر " ويجب بذل كل المجهود من اجل الحفاظ عليه ، اما عن الاقتراض من الخارج ، فأكد انه حل مقبول لان البديل اصعب فكلما مر الوقت ازدادت الضغوط علينا . نشر بتاريخ 26 / 3/ 2012