سئلت لمن أمنح صوتي في انتخابات الرئاسة، فقلت من دون تردد: للأخ «الحرامي» الذي رشح نفسه لرئاسة المحروسة، وأسبابي في ذلك موضوعية! ومبدئياً ارجو الا يفهمني احد غلط، فأنا ولسوء الحظ لست لصاً، وليس في ذلك تعالياً علي الاخوة الحرامية المحترمين، ولا أدعي شرفا، كل ما في الامر أنني حاولت تسلق المواسير صعوداً لاعلي السلم الاجتماعي والوظيفي والمالي، وفشلت، ولا القي بأسباب الفشل علي شماعة الآخرين، غاية ما في الامر أن مهاراتي في تسلق المواسير وسرقة حبال الغسيل وكسر الخزائن ونشل الفرص معدومة، أما أسبابي الموضوعية وسط مسرح العبث السياسي، الذي دفع لصدارة المشهد اراجوزات وبهلوانات ولصوصاً من ذوي الياقات البيضاء، والبلوفرات المزركشة والسيجار الكوبي واللحي البيضاء والسوداء والتكني كلر!. اسبابي في تأييد المرشح الحرامي منطقية، فهو يمثل شريحة اجتماعية من اللصوص المسحوقين، الذين بدأوا حياتهم العملية كحرامية فراخ وغسيل وتدرجوا في السلم الوظيفي حتي وصلوا لدرجة نصابين محترمين! فهذا المرشح الحرامي افضل من بعض المرشحين الفاخرين من حيث المصداقية والشجاعة والشفافية ومصارحة الشعب بالحقيقة في دولة كرست لمدة ثلاثين عاماً شعار يا عزيزي كلنا لصوص!. ولو أننا جردنا المشهد العبثي من ظواهره، واستبدلنا ملابس المرشحين الفاخرين بملابس حرامية الغسيل وفعلنا العكس، فلن يكون الفارق كبيراً، ولن يكون التمييز سهلا! بذمتك، مع من تتعاطف؟! مع كبار اللصوص الذين نهبوا ثروات البلاد وافقروا العباد وسحقوا الفقراء، أم مع ضحاياهم من صغار اللصوص الذين دفعتهم الظروف الاجتماعية والسياسية لسرقة أقواتهم وأقوات أولادهم؟ مع من نتعاطف مع لصوص الأراضي والبنوك والمليارات والصفقات المشبوهة وعمولات المطارات وتصدير الغاز لإسرائيل أم مع لصوص الدجاج وأنابيب البوتاجاز؟ مع رموز النظام الذي هدم القيم الاجتماعية، وجعل هرم القيم مقلوبا، وجعل الرشوة إكرامية، ونهب أراضي الدولة مهارة وسرقة البنوك شطارة، وشفط ثروات البلاد رياضة بدنية؟ ولو أننا أخضعنا المرشح «الحرامي» لمعمل التحليل النفسي للزميل فرويد، لما استغربنا موقفه! فالمؤكد أنه طوال ثلاثين سنة كان يشعر بالغبن في دولة أفسدت معايير الترقي الاجتماعي والوظيفي والسياسي ولم يعد فيها لمعايير الكفاءة موقع من الاعراب، فالمعايير فاسدة، وفرص الترقي لمن هم أكثر فساداً وانحطاطاً! والمؤكد أن الأخ الحرامي كان ينظر لصفوة اللصوص في صدارة المشهد، من ذوي الياقات البيضاء والطائرات الخاصة والمليارات ويتحسر علي حظه المهبب وفي يقينه أنه أكثر كفاءة وخبرة من أولئك اللصوص الذين هبطوا علي السلطة بالبراشوت وتحولوا الي حرامية ونصابين من دون خبرات كافية! سبب آخر لتعاطفي وتأييدي للأخ الحرامي المرشح للرئاسة هو أن الحاجة أم الاختراع، فماذا كانت حاجة لصوص الياقات البيضاء للسرقة إلا استغلال نفوذهم، وتسلق المواسير السياسية لزيادة كروشهم ! ، لهذه الاسباب امنح صوتي للمرشح الحرامي الذي وعد الشعب بالقضاء علي اللصوص واهتف ورائه :بالروح والدم هنكمل المشوار . نشر بتاريخ 19 /3/2012