على جانب احدى الاحتفالات الرسمية التقيت الفنان عمرو دياب وشاءت الصدف أن أهديه نسخة من كتابي " الاخوان المسلمون فضائحهم باقلامهم " وقادتنا هذه الصدفة أن نكمل حديثنا في كثير من الشئون السياسية أو الدينية الفكرية .. عرفت وقتها في عمرو سعة اطلاع واتزان فكر وحسن تحليلات سياسية والأكثر أنه ذو اطلاع ديني أيضاً .. كما عرفت منه أن والده رحمه الله كان ذا علم شرعي والتزام . لا أحكي هذه القصة لمجرد "الحكاية" ولا تزلفاً للفنان عمرو دياب، بل أحكيها لمسألة فكرية نفسية مهمة تعاني منها كل مجتمعاتنا، وهي تلك الصورة السوداء السيئة التي ترسمها للشخص لمجرد أننا سمعنا عنه خبراً أو لمجرد أنه يمارس عملاً أو مهنه، فللأسف ترتسم في ذهن أغلب مجتمعاتنا تلك الصورة السيئة عن الاشخاص، فكل فنان فاسد !! وكل تاجر حرامي !! وكل مسئول مرتشي !! وبالمقابل كل ملتحي صالح !! وكل مصلي عفيف شريف!! كتبت عدة مقالات قبل فتره كيف أن التاريخ ظلم أناس كثر بسبب تناقل الروايات دون تمحيص أو قراءتها دون عدل وانصاف وكأننا نغمض عينا ونفتح أخرى، نرى السيء فقط ونحن عمي عن الجيد، كتبت وقتها كيف ظلم التاريخ الحجاج بن يوسف الثقفي ومثله فعل بقراقوش، وللأسف حتى الحاضر يظلم أحياناً كثيرة بضحالة أفكارنا وسطحية عقولنا. نحن لا نرى في مثل "عمرو دياب" إلا هذه الصورة الذهنية التي نرسمها له ولاقرانه، مجرد مطرب، وكثير منا يذهب أبعد من هذا بلصق كل موبقات الدنيا بأي فنان، لا لشيء إلا لان حالتنا الذهنية الفاسده تستدعي ذلك!! نحن أمة شكلية فقط، لنا شكل الأمة لكننا نفقد كيانها، لنا شكل التدين لكننا أضعنا جوهر الدين، نمارس التعلم شكلياً أيضاً وليس لنا منه الا مجرد الشكل !! حتى الثقافة والتطور والرقي والاخلاق والسماحه والمودة في كل هذا لنا الشكليات فقط، ولهذا نحن أمة شكلية، ولهذا أيضاً فان الصورة الشكلية تسيطر على كل مجريات عقولنا ومعتقداتنا وحكمنا على الآخرين، بالشكل نفعل هذا !!