قال حمد بن سيف الهمامي، مدير مكتب اليونسكو الأقليمى للتربية، خلال مؤتمر العربى الأقليمى بمحافظة الأسكندرية، إن قضية القرائية وتعلم الكبار شكلت الأولوية الكبرى لمنظمة اليونسكو طوال السبعين سنة الماضية كونها الركيزة الأساسية للتنمية البشرية، وهي الأداة التي يتمكن بها الأفراد من الفهم الجيد لكل ما يحيط بهم ومساعدتهم على التأثير الإيجابي في بيئاتهم الصغيرة ومجتمعاتهم الكبيرة. علاوة على كون القرائية وتعليم الكبار حق أساس من حقوق الإنسان، فإن القرائية وسيلة لتحقيق الحقوق الأخرى السياسية والإجتماعية والإقتصادية. ولكن رغم الجهود المبذولة إقليميًا ووطنيًا، لا يزال أكثر من 50 مليون شخص بالغ في منطقتنا العربية يفتقرون إلى أدوات التعلم الأساسية التي تخولهم اتخاذ قرارات في حياتهم والمشاركة في تنمية مجتمعاتهم بشكل كامل، وكذلك مايزيد عن 5 مليون طفل خارج مقاعد الدراسة ويتضاعف هذا العدد مع الأزمات التي تمر بها المنطقة. وما من شك أن قضية الأمية وتعليم الكبار باتت تؤرق الدول والمجتمع الدولي، الأمر الذي جعل من منظمات الأممالمتحدة تضاعف من جهودها وخططها من أجل سد منابع الأمية وتشجيع الدول على ضمان إلزامية التعليم، والتأكد أن المحررين من الأمية لا يمكن بأي حال من الأحوال الإرتداد إليها. وهذا بالطبع لن يتأتى في هذا العصر إلاّ إذا تغيّرت النظرة القديمة لمحو الامية الى مفهوم التعلم مدى الحياة، وعدم الإكتفاء بمحو الأمية الأبجدية البسيطة. إن مفهوم القرائية أو محو الأمية الذي أكد عليه مؤتمر كونفينتيا لا يركز على مهارة القراءة فحسب بل يشمل إكساب الدارس المهارات والكفايات اللازمة له والتي من المؤمل أن تجعل الفرد أبًا أو أمًا فعالًا في تربية الأبناء ومواطنًا صالحًا بنّاءً وموظفًا منتجًا مساعدًا في دفع عملية التنمية في بلاده. ونلاحظ أن في منطقتنا العربية هناك معرفة وإدراك للمفهوم الجديد لمحو الأمية إلى حدٍ ما، ولكن لم يصل المفهوم لمعناه الكامل فما زالت الممارسات والبرامج تركز على الأبجدية في معظمها. ويجب أن يؤخذ المفهوم بجدية من قبل المخططين وراسمي سياسة التعليم وأن ينظر إليه على أنه جزء لا يتجزأ من تطوير المنظومة التربوية. وهذا يتطلب اهتمام أكبر ببناء الكوادر الوطنية من مخططين واداريين ومعلمين يعملون في مجال تعليم الكبار، وكذلك القائمين على التعلم الأساسي حتى تكون المقاربة شاملة: وقائية وعلاجية. الحضور الكريم، يكتسب إجتماعكم اليوم أهمية خاصة في ضوء ما تشهده المنطقة العربية من أزمات وتحولات خطيرة إبرزها أجيال كاملة من الأطفال والشباب توقفوا عن التعليم، في دول اللجوء أو داخل دولهم، بالرغم من الجهود المبذولة. وفي خضمّ هذا الواقع المرير، يمكن أن يكون للتعليم عمومًا وتعليم الكبار فرصةً حقيقيةً لإعادة البناء والتنمية. وعليه وقبل أن أنهي كلمتي وفي إطار هذا الإجتماع ومقاربة CONFINTEA VI من مجال التعليم مدى الحياة Learning Lifelong أود أن أشارككم بعض النقاط وأواكد على: أولًا: يتطلب بناء مجتمعات المعرفة إرادة وإدارة سياسية تجعل من القرائية عنصرًا استراتيجيًا للتنمية المستدامة وتؤسس لإصلاحات عميقة في التعليم ليكون القوة الراسخة للتنمية المجتمعية. ثانيًا: أن يعتمد نهج التعلم مدى الحياة على إحداث ترابط بين حلقات التعلم المختلفة من رياض الأطفال الى الجامعة وما بعدها. ثالثًا: ان تعتمد منهجية التعليم مدى الحياة على نظرة جديدة للتعلم المقدم من مؤسسات التعليم غير النظامي.