فازت أوروجواى بالكأس الأولى بعد أن هزمت الأرجنتين 4/2. وكانت المباراة النهائية معركة حقيقية لتزداد الخصومة بين البلدين.. لماذا كانت الخصومة شديدة بين أوروجواى وبين الأرجنتين. وكيف لمست ذلك شخصيا فى مطار مونتيفيديو قبل 34 عاما؟ •• أولا: لا تنفصل كرة القدم عن تأثيرات التاريخ والسياسة والحروب. فكل مباراة للعبة أصبحت حربا مشروعة أو بديلا مشروعا للحرب. الحرب من أجل إعلاء الكلمة أو إعلاء صورة حضارية أو رفع راية كبرياء أمة. لقد تعدت كرة القدم حدود الساحة الخضراء وعكست كل أشكال الصراع وهى اللعبة التى سيطرت على النفوس وخلبت الألباب، وتعد جزءا من الثقافة الغربية وآدابها ففى الأرجنتين، كان اتحاد كرة القدم، والذى أسس فى 1893، يحظر الكلام بالإسبانية، وقضى بألا يقبل اللاعب المتضرر اعتذار المعتدى إلا إذا صاغه صاحبه، واضحا وجليا، باللغة الإنجليزية وعلاقة كرة القدم بالهوية الوطنية متناقضة فقد ولدت وتطورت عندما نشأت الدول فى أوروبا وترسخت وحملت تلك الرياضة مهمة ترسيخ الهوية الوطنية فعن طريق الاحتشاد والاحتفال بفريق يشعر أنصاره بالانتماء المشترك ويقال إنه ظهرت بوادر تصدع الاتحاد اليوغوسلافى فى أثناء مباراة كرة قدم بين فريقى زغرب المدينة الكرواتية الأولى وبلجراد المدينة الصربية فى مارس 1990 وحصدت المشادات بين مناصرى الفريقين نحو 60 إصابة خطيرة وتكرر الأمر بين فريقى سلوفاكيا وتشيكيا، جناحى تشيكوسلوفاكيا سابقا. •• ثانيا: هناك تاريخ طويل من العداء والحروب بين البلدين، واندلعت الحرب بين البلدين عام 1839 واستمرت 13 عاما ووصفت بالحرب العظمى.. وكان ذلك فى إطار معارك عاشتها المنطقة فى إطار مقاومة احتلال الإسبان ورسم خريطة جديدة لدول أوروجواى والبرازيلوالأرجنتين والأخيرتان قامت بينهما حروب ومنها حرب استمرت 500 يوما.. •• وعندما كنت فى أوروجواى عام 1980 عرفت سر الخصومة الكروية والكراهية الشديدة بين مشجعى أوروجواى والأرجنتين، فالبلدان متجاوران، يفصل بينهما نهر ديلابلاتا، وكان لقاء البلدين فى نهائى كأس العالم الأولى ثأريا، فقد سبق أن فازت أوروجواى على الأرجنتين فى نهائى دورة أمستردام الأوليمبية 2/1 فى مباراة الإعادة بعد تعادلهما 1/1 فى المباراة الأساسية. وقبل المباراة النهائية للمونديال الأول زحف أكثر من 20 ألف مشجع أرجنتينى بالقوارب وعبروا النهر وهم مسلحون بالعصى والحجارة، والحماس الطاغى وتلقى نجوم أوروجواى تهديدات بالقتل لو فازوا بالمباراة، وعاشت مونتيفيديو ساعات صعبة وعصيبة، وكانت المباراة النهائية معركة حقيقية انتصرت فيها أوروجواى لتزداد الكراهية بين البلدين، خاصة أن الأرجنتينيين هاجموا قنصلية أوروجواى فى بوينس ايريس وكادوا يحطمونها لأنهم خسروا فى النهائى.. •• فى مطار مونتيفيديو عام 1980 لمح أحد رجال الجوازات مجلة أجنبية فى يدى وعليها صورة مارادونا الأرجنتينى، فتقدم إلى وسألنى وعلى وجهه ابتسامة غير مفهومة المعنى: هل تحب هذا؟. هل أنت معجب بهذا الأرجنتينى قلت: نعم مثل كل عشاق اللعبة فى العالم إنه لاعب عظيم، وهو خليفة بيليه تجمع زملاؤه وقال أحدهم: يبدو أنك ستنتظر فترة طويلة معنا هنا بالمطار قبل أن تدخل مونتيفيديو، ونتمنى أن تجد سنيور مارادونا مسليا لك، وأنت تمسك بصورته، سعيدا بها. ولم ينقذنى سوى أننى صحفى، وأنى قادم من آخر بلاد الدنيا لتغطية البطولة، وأننى الصحفى العربى الوحيد الحاضر فى كأس العالم المصغرة.. وكان ذلك من حسن حظى، فقد استغرقت رحلتى إلى الأوروجواى ثلاثة أيام مابين سفر وترانزيت ومرور على البرازيل وفنزويلا ثم إلى مونتيفيديو فى تلك الأيام..