ألقى الدكتور محمد زهران، عضو هيئة التدريس في قسم علوم الكمبيوتر بمعهد كورانت للعلوم الرياضية بجامعة نيويورك، محاضرته اليوم الأحد، والتي تحدث فيها عن تاريخ ومراحل تطور معمار الحاسب الآلي وتعريفه ومستقبله. وأوضح الدكتور زهران خلال المحاضرة، الدور الذي يلعبه معمار الحاسب الآلي في بناء أجهزة الكمبيوتر المختلفة وتاريخ هذا المجال ومستقبله والتحديات التي تواجهه وكيف يمكن دراسة هذا المجال والعمل به في مصر، موضحا أن الكثيرين يختلط عليهم الأمر بين هندسة معمار الحاسب الآلي وبين كل من هندسة الإلكترونيات والبرمجة.
وتناول الدكتور محمد زهران خلال محاضرته، شرحا ووصفا تفصيليا للمكونات الرئيسية للحاسوب، كما تحدث عن «instruction» وهي التعليمات التي تنتقل من خلال أجهزة الحاسوب، مشيرا إلى أن معظم الناس في مصر تنصب اهتماماتهم الرئيسية على تنزيل البرامج دون محاولة التعرف على تواصل علوم الحاسب الآلي مع بعضها، وكذلك Hardware Improvement. وأوضح مدى التطور الذي يشهده العالم في مجال تحسين الأجهزة Hardware improvement، والذي ينعكس بدوره على هندسة معمار الحاسب الآلي من خلال التعمق في الدراسة ومعرفة مدى تفاعل أجزاء الحاسب الآلي مع بعضها البعض.
وسرد الدكتور زهران خلال محاضرته تاريخ مراحل تطور معمار الحاسب الآلي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى وقتنا هذا، مضيفا أنه أثناء الحرب المذكورة كانت القوات تنتج القنابل وكذلك الصواريخ الحربية وكانت في أمس الحاجة لمعرفة قياسات وحسابات مدار الصاروخ وسرعته، ولذلك سارع البشر لإنشاء ماكينة بمثابة حاسب آلي بدائي، تستغرق 18 ساعة من العمل وكانت سرعة الكمبيوتر تقدر بحوالي «1800 إنستركشن»، فضلا عن أن البرامج المتبعة في تلك الآلة هي عبارة عن أوامر بلغة برمجة عالية ويقوم الحاسب الآلي وقتها بتشغيل حوالي 1800 أمر في الثانية، وتقدر مساحته بما يشبه نصف مساحة استاد القاهرة، ولم تكن هناك وقتها لوحة مفاتيح «كيبورد»، وكان المتاح «بيور هارد»، كما لم يكن هناك سوفت وير، حسب المحاضرة. وأشار الدكتور محمد زهران إلى أن السير موريس ويلكس، وهو عالم الحاسوب البريطاني والذي اشتهر بعمله في مجال الحوسبة، والفائز بجائزة تورنج عام 1967، كان يسعى في هذا الوقت لعمل ذاكرة بداخل الكمبيوتر تسمى «Memory» والتي تمثل بداية مرحلة السوفت وير، مضيفا أنه التقى به وقت أن كان طالبا في مرحلة الدكتوراه، مشيرا إلى أن هذه المرحلة لم تشهد وجود كابلات للحاسب الآلي كما كان في السابق فيما بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت السعة التخزينية للذاكرة تقدر ب650 إنستركشن في الثانية، ثم اضطر القائمون على علوم الحاسب الآلي للتضحية بالسرعة في سبيل المرونة «وهذا يعني أن السوفت وير أصبح أبطأ من الهارد وير وأصبحت الذاكرة تمثل نقلة نوعية كبيرة في تاريخ معمار الحاسب الآلي ولم يكن هناك لغات للبرمجة».
وسلط الدكتور محمد زهران الضوء أثناء محاضرته على روبرت نورتون نويس الحاصل على الدكتوراه في معهد ماساتشوستس للتقنية عام 1953، «وشارك في تأسيس فيرتشايلد لأشباه الموصلات في 1957، وشركة إنتل في عام 1968. وله الفضل أيضا (مع جاك كيلبي) في اختراع الدائرة المتكاملة». وأوضح الدكتور زهران الدور الذي لعبه نويز في تأسيس شركة إنتل والتي تعد أكبر الشركات الأمريكية المتخصصة برقاقات ومعالجات الكمبيوتر، وهي التي اخترعت المعالج الدقيق x86، الموجود في معظم الحواسيب الشخصية، وتأسست الشركة عام 1968 كشركة للإلكترونيات المتكاملة ومقرها في (سانتا كلارا، كاليفورنيا، أمريكا).
وأضاف الدكتور محمد زهران في محاضرته أن «شركة إنتل تنتج العديد من قطع الحاسوب منها اللوحة الأم (Motherboard)، قطعت الشبكات (Network cards)، ذاكرة الفلاش (Flash memory)، وكارت الشاشة، والمعالجات (CPU)، وغيرها من الأجهزة والقطع التي تستخدم في الحاسوب. كان أول معالج (رقاقةَ المعالج الدقيقِ التجاريةِ) تم صنعه في عام 1971»، وأضاف أن إنتل من الشركات التي أسهمت في تطوير بروتوكولات الشبكات. وأشار إلى أنه خلال مراحل تطور معمار الحاسب الآلي، «تحديدا في 20 أكتوبر لعام 2015 قرر البيت الأبيض طرح تحد من خلال إنتاج نوع جديد من الكمبيوتر يستطيع بمفرده أن يستوعب ويفهم كمية كبيرة من البيانات، ويستطيع أن يعمل بإمكانيات على مقربة من إمكانيات المخ البشري من حيث التعلم والسرعة والقوة». يذكر أن الدكتور محمد زهران، حاصل على ماجيستير في هندسة الحاسبات من جامعة القاهرة، والدكتوراه في الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات من جامعة ميريلاند عام 2003، ويكتب مقالا أسبوعيا في جريدة «الشروق».