• الأخبار: يتم أمة.. النهار: إبعاده عن السلطة جعلنا نكسبه كمؤرخ ولو خسرناه كصحفى.. • السفير: كتب تاريخنا ومضى نعت الصحافة اللبنانية، أمس، الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل، الذى تصدرت صوره ونبأ رحيله صفحاتها الأولى، فيما تبارى كبار كتابها ومفكريها فى رثاء فقيد الصحافة العربية، لافتين إلى مكانته الرفيعة كصحفى بارع ومؤرخ وسياسى محنك. وتحت عنوان «محمد حسنين هيكل الشاهد الملك» جاء ملف صحيفة الأخبار اللبنانية عن وفاة هيكل، والذى أفردت له 6 صفحات فى عددها الصادر، أمس، زاخر بعدد وافر من المقالات التى تناولت مسيرة الكاتب الكبير من أبرزها مقال بعنوان «يتم أمة» لمدير مركز دراسات الوحدة العربية فى بيروت كمال خلف الطويل، الذى نعى هيكل قائلا: «عرفت سياسيين ومثقفين بالمئات، لكن ما استوقفنى فيه بثباتٍ عنصرٌ أعتبره فيصلا فى التقييم: نهم المعرفة واتساع قاعدتها عرضا وعمقا. كان لا يدخر جهدا فى التهام آخر ما صدر، وثائقَ كانت (وفق قانون حرية المعلومات الأمريكى) أم كتبا أم نشرات». وأضاف أن «هيكل كان يغتاظ، بتحرق المجتهد، إنْ علم بإصدار عن غير طريقه كما فى مرة ذكرت له كتابا أمريكيا عن علاقة بين الصين والقاعدة/ طالبان (صدر أواخر 2011 وذكرته له صيف 2002)». وأوضح الطويل أنه كان لهيكل اجتهاده فى النهج الناصرى، اجتهاد مردّه مركزية الثقافة الغربية فى تفكيره.. والثابت أنه راسخ الإيمان بقسمات نهج عبدالناصر الرئيسة، ومنها: التطبيق العربى للاشتراكية، وعروبة مصر، وقضية الوحدة العربية، ومركزية الصداقة العربية السوفيتية. غلاف الاخبار اللبنانية وجاء العنوان الرئيسى لصحيفة السفير اللبنانية «هيكل الصحافة العربية».. كتب تاريخنا ومضى، تحت هذا العنوان كتب رئيس تحرير الصحيفة طلال سلمان قائلا: «لقد حول هيكل الصحافة من وسائل إعلام وإخبار وتعليقات سريعة ومحاورات مع المسئولين غالبا بشروطهم منعا للإحراج إلى منتدى ثقافى رفيع المستوى يجمع بين كبار الكتاب والمثقفين المختلفين فى المنطلقات ومنابع معرفتهم. وأضاف سلمان أن «الأهرام قبل هيكل كان يديرها ورثة لبنانيون تمصروا ولكنهم كانوا فرنسيى اللغة وبالتالى لا يعرفون قراءة مادتها وإن ظلوا مخلصين لمصر، وحريصين على التقدم بالصحافة، أما معه فقد غدت صحيفة العرب جميعا، وليس لمصر وحدها». وأشار رئيس تحرير السفير إلى أن هيكل أفاد من قربه من القائد الراحل جمال عبدالناصر ومن إيمانه برسالة الصحافة لتحويل الأهرام إلى أهم وأخطر مؤسسة صحفية ثقافية، فيها مركز للدراسات ولديها القدرة على استضافة كبار المفكرين مثل سارتر وبرتراند راسل. وأفردت السفير ثلاث صفحات فى الداخل تتضمن العديد من الموضوعات عن هيكل تصاحبها صور تاريخية، من ضمنها مقال للكاتب والوزير اللبنانى السابق الفضل شلق بعنوان «محمد حسنين هيكل: شاهد العصر»، قال فيه إن هيكل «من القلة بين النخبة العربية الذين حافظوا على مستوى من التعقل ووضوح الرؤية فى عصر سادت فيه أفكار لا تستحق الاسم». وتابع: «تقدمت عنده العقلانية على انتمائه الطبقى. الوطنية المصرية ذات أولوية أولى لديه. تتماهى هنا الوطنية مع الموقف. كأن ينظر باستعلاء تجاه الرؤساء المصريين الذين عاصرهم، وتجاه مختلف الملوك والرؤساء العرب الذين التقاهم. ربما ذلك بسبب ما تمتع به من ذكاء يفوقهم جميعا، إضافة إلى المعرفة التى يخلو منها معظمهم. فالمنطقة هى الأهم جيوستراتيجيا، وهم الأجهل بذلك. وبالتالى فهم الأسوأ فى استغلال موارد منطقتهم». أما صحيفة النهار فقد كان عنوان مقالها على الصفحة الأولى «لمن المستقبل أستاذ هيكل؟»، للكاتب الصحفى جهاد الزين الذى تساءل: ماذا سيستمر من هيكل.. المؤرخ أم السياسى أم الصحفى؟، مشيرا إلى أن هيكل بذلك التواضع المتعالى الذى يلجأ إليه كبار الصحفيين الأذكياء وهو كبيرهم فى الشرق الأوسط، لم يكن يقبل لقبا غير لقب «صحفى». غلاف السفير البنانية وقال الزين إن إبعاد هيكل عن السلطة.. جعلنا نكسبه كمؤرخ ولو خسرناه كصحفى، مضيفا أن هيكل بدأ منذ النصف الثانى من السبعينيات بوضع سلسلة كتب لم يعد ممكنا فهم الستين عاما التى انقضت بعد الحرب العالمية الثانية دون العودة إليها بل البدء بقراءة «خريف الغضب» و«القنوات السرية للمفاوضات العربية الإسرائيلية» ووثائق معارك السويس وحربى عام 1967 و1973 والثورة الإيرانية وغيرها العديد من المؤلفات التى كانت ما إن تنفد نسخها حتى تُطبع من جديد. وختم الزين قائلا: «لم يكن محمد حسنين هيكل يمنحنا متعة القراءة بل وبالتوازى أيضا يمنحنا الفائدة السياسية سواء أكنا متفقين أم مختلفين معه، وهذا فعلا ديْنٌ علينا أستاذ هيكل». وجاء عنوان صحيفة الديار اللبنانية، «وفاة محمد حسنين هيكل أبرز أعلام الصحافة العربية»، حيث استعرضت الصحيفة السيرة الذاتية للكاتب الكبير ومشواره فى بلاط صاحبة الجلالة. «يتمنى أحدنا لو كان ظلا له، ظلا لأصابعه، ظلا لعقله»، بتلك الكلمات استهل الكاتب الصحفى اللبنانى نبيه البرجى مقاله فى رثاء فقيد الصحافة العربية الذى جاء تحت عنوان «غيبوبة الجمر وغيبوبة الرماد». وقال البرجى إن «دبلوماسيين وسياسيين ومخططين كبارا فى الشرق والغرب كانوا يقبلون على مقالاته، ومقابلاته لأنه كان يقرأ بعينى الزمن لا بعينى قارئى الفنجان الذين يغطون الشاشات»، مضيفا: «هو الذى فى غيبوبة الجمر لأنه طوال عمره المهنى كان مشعا، وعميقا، ورؤيويا. أما نحن ففى غيبوبة الرماد. داخل هذا الخواء ماذا بقى منا سوى الرماد؟». أما صحيفة اللواء اللبنانية فكان عنوانها رحيل هيكل ذاكرة قرن عربى، مشيرة إلى أنه واكب الأحداث السياسية فى مصر والمنطقة منذ نكبة 1948 إلى أحداث وتداعيات الربيع العربى.