- تجار: جزء كبير من الاحتياطيات المحسوبة لا يزال خارج البلاد في شحنات قد يتم رفضها وسط قلق من قواعد الاستيراد الجديدة المشددة في مصر، قاطع موردو القمح بشكل جماعي مناقصة طرحتها الحكومة لشراء القمح أمس، وهو ما يدفع أكبر بلد مشتر للقمح في العالم صوب أزمة قد تهدد احتياطياته الاستراتيجية من الحبوب. وأكدت الهيئة العامة للسلع التموينية المصرية أنها لم تتلق أي عروض في المناقصة التي طرحتها أمس وقالت إنها تبحث الآن استيراد ثلاثة ملايين طن من القمح بالأمر المباشر وهو ما وصفه بعض التجار بأنه غير واقعي. وقال ممدوح عبد الفتاح نائب رئيس الهيئة لرويترز "المباحثات جارية لاستيراد ثلاثة ملايين طن خارج نظام المناقصات." وأحجم التجار عن المشاركة في المناقصة مع تنامي القلق من رفض شحناتهم في الموانئ المصرية بسبب معايير الاستيراد الجديدة المشددة. وقال تاجر في أوروبا "لا أتذكر قط مناقصة للهيئة ألغيت لعدم تقديم عروض.. وبالتأكيد ليس في السنوات الأخيرة." ويأتي إلغاء المناقصة بعد أن رفضت الهيئة هذا الأسبوع شحنة تزن 63 ألف طن لاحتوائها على طفيل الإرجوت الذي ينتشر في الحبوب رغم عدم تجاوزه النسبة التي تسمح بها مواصفات الهيئة والبالغة 0.05%. واعتبر التجار الشحنة التي وردتها بونجي اختبارا مهما لمدى تمسك مصر بالقواعد الجديدة التي تشترط خلو الشحنات تماما من طفيل الإرجوت والتي قالوا إنها ترفع تكلفة التوريد للبلاد. وقال التاجر الأوروبي "توقع الناس قبول شحنة بونجي وأثار رفضها قلقا كبيرا." وأدت التصرفات المتباينة للسلطات إلى تصاعد حدة القلق. فقد أكدت وزارة التموين المصرية التي تتبعها هيئة السلع التموينية أنها ستسمح بشحنات القمح المستورد التي تحتوي على نسبة تصل إلى 0.05% من الإرجوت. لكن إدارة الحجر الزراعي التابعة لوزارة الزراعة قالت إنه لن يتم السماح بأي نسبة من الطفيل، إلا أن وزارة الزراعة تراجعت وأعلنت أنها ستقبل شحنات القمح التي تحتوي على نسبة تصل إلى 0.05% من الإرجوت. وقال متحدث باسم وزارة الزراعة لرويترز أمس، إن مصر رفضت حتى الآن ثلاث شحنات من القمح المستورد لاحتوائها على هذا الطفيل. ويقول تجار إن من المستحيل ضمان خلو القمح تماما من الإرجوت. وقال تاجر آخر "ينطوي التقدم بعروض في مناقصات هيئة السلع التموينية في مصر الآن على مجازفة كبيرة. فلا يمكن ضمان أن تكون الشحنات الواردة من أي منشأ خالية تماما من الإرجوت كما أن احتمال رفض الشحنات كبير جدا بحيث لا يمكن معه إضافة علاوة مخاطرة." وقال التاجر الأوروبي "إذا لم تغير مصر قواعدها فقد تواجه مشكلات في الاستيراد." وتستورد مصر نحو عشرة ملايين طن من القمح سنويا يذهب معظمها لتوفير الخبز المدعم لسكانها البالغ عددهم نحو 90 مليون نسمة. وقالت مصر إن لديها إمدادات استراتيجية من القمح تكفي حتى 11 مايو لكن تلك الإمدادات تتضمن شحنات لم تتسلمها بعد بما فيها الشحنة التي رفضتها والبالغ وزنها 63 ألف طن. وقال تجار إن جزءا كبيرا من الاحتياطيات التي حسبتها مصر لا يزال خارج البلاد في شحنات قد يتم رفضها وهو ما يزيد احتمالات وصول تلك الاحتياطيات إلى مستويات حرجة في وقت أقرب من المتوقع. وقال تاجر من القاهرة "يظهر ذلك أن السجال الدائر بين الوزارتين يشكل خطرا على إمدادات سلعة استراتيجية مثل القمح." وأضاف "عليهم أن يفكروا في احتياطياتهم.. إذا حسبوا الشحنات المنطوية على مشاكل ضمن الاحتياطيات فسيكون الرقم مضللا." وأطلق تاجر آخر من القاهرة تحذيرا أشد قائلا "هذه مسألة أمن قومي لمصر... لا يمكن ترك البلاد بدون القمح اللازم لصناعة الخبز."