خاص| كريم عبد الباقي: تحرك نقابي عربي للدفاع عن السعودية في لجنة المعايير    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. ثالث أيام العيد    لولا دا سيلفا يقترح مبادرة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية    شهيد ومصابون برصاص الاحتلال في الضفة الغربية    "لن آخذ على عاتقي التزامات".. ممدوح عباس يُفاجئ الزمالك بهذا القرار    تريزيجيه: هددت طرابزون لأعود إلى الأهلي.. ولم أحصل على حقي إعلاميا    خوسيه ريفيرو: مباراة باتشوكا فرصة للتعرف على اللاعبين    زيزو يكشف سر رقم قميصه مع النادي الأهلي.. ويختار اللاعب الأفضل في مصر    أوليه: ريفر بليت حاول ضم رونالدو لأجل كأس العالم للأندية    دي لا فوينتي: هذا ما يفاجئنا في يامال.. ومستعد للهزيمة    تريزيجيه: هددت طرابزون بعدم اللعب مجددا حال عدم الانتقال للأهلى    خلافات عائلية تتحول إلي شروع في قتل ببولاق الدكرور    مصرع طفل وإصابة آخر دهستهما سيارة ربع نقل في قنا    مصرع عامل وإصابة 9 آخرين في انهيار سقف مخزن جلود بالبحيرة    إصابة أسرة كاملة في تصادم سيارة بموتوسيكل أعلى دائري الهرم    محمد عبده يتألق في حفل عيد الأضحى بحفل كامل العدد في دبي (صور)    عرض مسلسل فهد البطل على قناة MBC1    نسرين طافش جريئة وميرنا نور الدين أنيقة..لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    بسبب بكتيريا السالمونيلا.. سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق الأمريكية    محافظ الغربية: ذبح 1168 أضحية مجانًا داخل المجازر الحكومية خلال العيد    صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    أصابوه بعاهة.. التعدي على مسؤول حماية الأراضي خلال تنفيذ إزالة بأرض زراعية بسوهاج "فيديو"    «صندوق المكافحة»: أنشطة بالمناطق «بديلة العشوائيات» للتوعية بأضرار المخدرات    "بوليتيكو": من المُتوقع أن يتهم الاتحاد الأوروبي إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة    إعلام فلسطيني: جيش الاحتلال يقصف خيمة للنازحين في المواصي غربي خان يونس    الخارجية الروسية: نرفض استهداف منشآت إيران النووية ونسعى لحل بين واشنطن وطهران    «المشروع إكس» يتصدر إيرادات أفلام عيد الأضحى    معتز التوني: الإخراج أقرب لقلبي.. وأتمنى تقديم مسلسل اجتماعي بعيدا عن الكوميديا    الشناوي: ودية باتشوكا أفضل استعداد قبل مواجهة إنتر ميامي.. وصفقات الأهلي قوية    إقبال كبير من المواطنين في الدقهلية على الحدائق ثاني أيام عيد الأضحى.. صور    تعرف على الخطأ الطبي الجسيم وفقا للقانون    في ذكرى وفاة المشير الجمسي، تعرف على آخر وزير حربية بمصر والمصنف ضمن أبرع 50 شخصية عسكرية بالعالم    «باعتبرها أمي».. شريف منير يوجه رسالة مؤثرة إلى زوج ابنته أسما (فيديو)    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأحد 8 يونيو 2025    إقبال كثيف على «مصايف الغلابة» بدمياط وكفرالشيخ والدقهلية    أخبار × 24 ساعة.. النقل: غرامة لمن يستخدم حارة الأتوبيس الترددى على الدائرى    في لفتة إنسانية.. الرئيس يطمئن على أحد الأئمة ويكلف بعلاجه فورًا    سعر الذهب اليوم الأحد 8 يونيو محليًا وعالميًا.. عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة (تفاصيل)    «ماسك» يتحدى «ترامب» ب«حزب جديد» ينافس «الديمقراطيين» و«الجمهوريين»    وزير الخارجية يُندد بمواصلة إسرائيل «انتهاك القانون الدولي»    تصويت ساحق ل«عضوية فلسطين» كمراقب في «منظمة العمل الدولية»    مجلس الوزراء: التوجيه بالمتابعة المستمرة لذبح الأضاحي بالمجازر الحكومية    تعرف على برجك اليوم 2025/6/8.. «الثور»: تمل من العطلة.. و«العذراء»: تمر بحالة من الهدوء والتأني    81 عاما من العطاء.. قضتها "نفيسة" في محو الأمية وتحفيظ القرآن للأهالي مجانا    ظاهرة جوية وصفتها الأرصاد ب «الخطيرة».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحذر»    «الرعاية الصحية»: جولات ميدانية مكثفة لمتابعة سير العمل    قد تتحول إلى سموم ..تجنب وضع هذه الأشياء داخل الميكروويف    قوافل ومبادرات صحية تجوب المنوفية في ثاني أيام العيد.. صور    استمرار أعمال التجميل ورفع المخلفات بميادين الإسماعيلية    الحجاج يخلدون رحلتهم الإيمانية في مشاهد مصورة.. سيلفى فى الحرم بين لحظة الخشوع وذاكرة الكاميرا    كل عام ومصر بخير    البابا تواضروس يلتقي شباب الإسكندرية بمنتدى كنيسة العذراء بسموحة يوليو المقبل    فى موسم الرحمة.. مشاهد البر تتصدر مناسك الحج هذا العام.. أبناء يسيرون بوالديهم نحو الجنة بين المشاعر المقدسة.. كراسى متحركة وسواعد حانية.. برّ لا يعرف التعب وأبناء يترجمون معنى الوفاء فى أعظم رحلة إيمانية    "أكلات العيد".. طريقة تحضير الأرز بالمزالكيا    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في عيون فاتن.. سيدة الشاشة العربية تروي قصة حياتها - (الأخيرة)
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 01 - 2016

فى الحلقة السابقة من حوار سيدة الشاشة العربية، مع الصحفية زينب عبدالرازق مؤلفة كتاب فاتن حمامة الصادر عن دار الشروق خصصت جزءًا لحوار عاصف مع صديقها الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس، وفي الحلقة الأخيرة تواصل فاتن حمامة سرد سيرتها من خلال أعمالها السينمائية.
اقرأ أيضًا:
«فاتن» حكاية العمر كله.. سيدة القصر تروى قصة حياتها - (الحلقة الأولى)
فاتن حمامة.. أيامنا الحلوة - (الحلقة الثانية)
فاتن.. دعاء الكروان - (الحلقة الثالثة)
«فاتن الساحرة» تروي قصة حياتها: طلبت من إحسان عبدالقدوس مسرحية للتليفزيون.. فانفجر صارخًا: «إنت حمارة» - (4)
• سلاح المرأة:
أحيانا قوة الشخصية لدى المرأة إذا لم تستعملها بشكل حكيم تأتى بنتائج ضدها. الرجل دائما يريد أن يشعر بأن زوجته محدودة الذكاء! وعليها أن تقنعه بذلك. وإذا وجدت اثنين متزوجين والزوجة هى صاحبة الشخصية القوية وليس الرجل.. تجد هنا قبحا ما!
وفى رأيى، أن ذكاء المرأة الحقيقى هو أن تستعمل هذا الذكاء بشكل إيجابى وليس سلبا، أن تسعى وتفهم كيف تقدم فكرة ما أو رأيا ما أو نصيحة ما أو طعاما ما. أنا تعلمت عندما أكون فى مناقشة لا أقول أبدا لمن أناقشه: «رأيك غلط».. بل أقول له: «نعم مضبوط لكن»، ووراء «لكن» أسرد كل ما أريد ولا أدخل فى صراع مع الشخص الذى أمامى. لا بد أن يستمر الحوار بشكل متحضر وهادئ. وفى رأيى أن أهم سلاح للمرأة هو المرونة والحكمة والفهم الجيد لمن تتعامل معه.
فمثلا عندما تتعاملين مع ابنكِ لا تأمريه وإنما تفاهمى معه واجعليه يقترب منكِ واعرضى عليه وجهة نظركِ. وقولى ما تريدينه فى صورة حكاية متعلقة بأشخاص آخرين. هنا يكون أمل فى أن يستعيد الكلام مرة أخرى بمفرده وقد يقتنع!
• الصيادة فاتن:
حبى للصيد ليس الهدف منه السعادة التى نشعر بها عند خروج السمكة من الماء وموتها.. إنما للصيد جمال وأهداف أخرى.. فطلعة الصيد هذه من أجمل ما يمكن.. والاستعداد والتحضير لها شيئان رائعان. أن تكونى وسط الطبيعة البديعة والطيور تطير بجوارك هنا وهناك، وأن تتعاملى مع البحار والبحارة؛ فهؤلاء البحارة لهم عالم خاص جدا، وقد تجدين كلامهم وأفكارهم شديدة البساطة ولكنها عميقة فى الوقت ذاته وممتلئة بالحكمة العفوية السمحة.. تجدين نفوسهم تتمتع بنقاء عذب وجميل، لم تلوثهم حضارة المدنية، ولا حياة المدينة بعد.
والطريف.. أنك لا تجدين الصياد سعيدا إلا وهو داخل البحر. أحب فى الصيد أنه يمرن الإنسان على الصبر ويجعله قريبا من الطبيعة الساحرة.. البحر والسماء والنجوم والجبال والأسماك. وهذه الهواية تمتص منك كل التوتر وتقدم راحة نفسية وهدوءا، وأيضا الصيد يجعلك تقتربين من الله.. فأنت طوال الوقت تقولين فى أعماقك: الله.. وتسبحين بجلاله.. وتقتربين من عالم الروحانيات الجميل.
• الرومانسية:
أعتقد أن الناس تريد أن تعيش هذه الرومانسية على الأقل عند مشاهدة الأفلام، لكننى بصراحة لا أدرى الشباب الآن ماذا يريد. لكن لو سألتنى عن ماذا أحب أن أشاهد: أفلاما للحركة، أو أفلاما رومانسية؟ أنا بلا جدال أحب الأفلام الرومانسية لأننى أعيش مع الفيلم لحظات جميلة!
بالنسبة لى الرومانسية لن تموت، كل واحد فينا بداخله عشق وحنين للرومانسية والمشاعر الجميلة والأحاسيس الحلوة. وفى رأيى أن المشاعر الإنسانية الجميلة هى التى تدفع صاحبها لتحمل الصعاب واجتياز الأزمات والصبر على المشكلات. ولا بد أن نبعد من وقت إلى آخر عن العالم المادى الملىء بالحسابات والصراعات والماديات.
للأسف، المحطات التلفزيونية فى العالم كله تعرض طول الوقت العنف سواء فى نشرات الأخبار أو معظم الأفلام وحتى كارتون الأطفال. هذا العنف المستمر على الشاشة الصغيرة أو الكبيرة وفى الحياة دمر المشاعر الإنسانية؛ ولهذا نجد أحداث عنف رهيبة تقع بشكل عجيب. مثلا تلميذ فى أمريكا يذهب إلى مدرسة ويفتح النار على زملائه فى فناء المدرسة. ما هذا إلا خلل بسبب العنف المستمر! لا شك فى أن هذا الطفل يقلد ما يراه حوله فى التلفزيون! قديما كان الشباب والمراهقون يقلدون النجوم فى الرقص، رقص الفالس والتانجو والكلاكيت.. الآن العنف هو السائد للأسف!
• رفيق المشوار يتحدث: فقدت جزءًا منى:
لم يكن الدكتور محمد عبدالوهاب يوما ميالا للظهور عبر وسائل الإعلام، ربما لطبيعته الخاصة الميالة إلى الحياة بعيدا عن الصخب والأضواء، إلا أن العلاقة القوية الممتدة على مدى نحو عشرين عاما بين الكاتبة الصحفية، زينب عبدالرازق، وسيدة الشاشة العربية، شجعته على الحديث عن «فاتن حمامة الزوجة والإنسانة»، ليكون هذا الحوار المطول، والذى اقتطفنا منه فقرات تلقى الضوء على جانب من حياة فاتن، قد لا يعرفه الكثيرون، جانب امتد لنحو 40 عاما، منذ أن تزوجا فى أغسطس 1977، وحتى وافتها المنية فى يناير من العام الماضى.
- اللقاء الأول:
فى بداية السبعينيات، كان أول لقاء فى عيادتى.. جاءت فاتن حمامة، تشتكى من أعراض مرضية بسيطة وكانت معها صديقة عمرها؛ والدة السيدة منى ذو الفقار، وعندما سألتنى عن الأتعاب.. رفضت وقلت لها: كثيرا ما غمرتنا بفنك.
أما اللقاء الثانى فتم فى فرح نهى كريمة الرئيس السادات وابن سيد مرعى، وهو ابن عم والدتى وكانت فاتن من الحضور.. الحفل كان فرصة كبيرة لتبادل الحديث. ثم تكررت اللقاءات فى نادى الجزيرة أو على شواطئ المنتزه بالإسكندرية، وكانت المقابلات عابرة جدا.. لكن المعرفة الحقيقية والمقابلات المتكررة كانت فى لندن.. فى هذا الوقت، ذهبت مع صديق لى يجرى جراحة.. فتقابلنا بالصدفة عند صديق اسمه رشدى صبحى فى منزله وتجاذبنا أطراف الحديث، وكان هناك تقارب فى الفكر ووجهات النظر وتحدثنا عن المسرح الإنجليزى.. وفى اليوم الثانى أرسلتْ إلي دعوة لحضور مسرحية موسيقية (South Pacific)؛ كانت المسرحية رائعة، وبدأ نمو صداقة وألفة بيننا، وتقابلنا كثيرا مع الأصدقاء.. وبعد ذلك عدت إلى مصر.
- الغيرة:
عشنا معا فى سن النضج، وكنا نحتوى مسألة الغيرة تماما، وكانت تصرفات كل منا متزنة وراقية.. لكن هذا لا يمنع من وقت إلى آخر كل يوم الصبح أن تسألنى: لماذا أنت شديد الأناقة اليوم؟ فأقول لها: ذاهب إلى عملى، فتقول: لكن الشياكة زايدة شوية، وبلطف تشير إلى أنها ستتصل بى وسط النهار.. هذا نوع من الغيرة اللطيفة.
فاتن لم تعطنى فرصة أبدا أغير عليها؛ كانت تصرفاتها دائما مريحة وراقية.
- ملك وخمسة رؤساء:
عند قيام ثورة 1952 كان عمرها 21 سنة، كانت تشعر أن فترة الملكية تحمل بعض الوفاء والتقاليد الراقية. عندما قامت الثورة وحكم جمال عبد الناصر سعدنا جدا بفكرة الثورة والعمل والعدالة الاجتماعية إلى أن بدأت المضايقات والاتصالات بها والضغط عليها، فاضطرت إلى ترك البلد. هى كانت تحب الأفكار الجيدة فى عهد عبد الناصر، وكانت ترفض الظلم والديكتاتورية.
كانت فاتن سعيدة بحكم الرئيس السادات وبانتصار حرب أكتوبر، وبسياسة الانفتاح فى البداية، ومحاولته تحسين حياة الشعب. وفى بداية فترة حكم الرئيس مبارك، كانت ترى أنه يحاول النهوض بالوطن، إلى أن انتشر الفساد فى سنوات حكمه الأخيرة. وعند قيام ثورة 25 يناير، كانت قلقة على البلد من عدم وضوح الرؤية، أما فى فترة حكم الإخوان ومحمد مرسى فقد كانت حزينة جدا وخائفة على مصر من هذه الهجمة الشرسة،. وعند قدوم الرئيس السيسى، شعرت فاتن بالأمان وقالت للرئيس السيسى فى أثناء حملته الانتخابية: «أنا مصدقاك».
- دنو الأجل:
كانت هادئة.. ورافضة إجراء أى جراحة.. فقط فى أغسطس 2014، تم تركيب منظم لضربات القلب، وعلمت بعد وفاة فاتن أنها اتصلت بمنى ذو الفقار وذهبت إلى مكتبها، وكتبت وصيتها.. أوصت ببعض الأموال ل«محمود السفرجى» الذى لازمها وقتا طويلا، ولأشخاص آخرين خصصت لهم بعض الأموال.. وهذا معناه أنها كانت تشعر بدنو الأجل.
- اليوم الأخير:
يوم السبت 17 يناير 2015، كان لديها ميعاد مع الطبيب المعالج وكان الضغط مرتفعا قليلا، وكتب بعض الأدوية، وعدنا معا الساعة الثالثة والنصف ظهرا وتناولنا الغداء فى النادى، وعدنا إلى المنزل.. وقالت لى: سأستريح قليلا، وقدمت لها الدواء الخاص بالقلب، وبعد قليل وجدتها تتألم جدا ومصابة بأزمة قلبية، وألم فى الصدر، فأخذتها إلى صدرى لأهدئ من هذه الآلام.. وفى خلال دقائق توفيت فاتن. أنا غير قادر على الحديث عنها بضمير الغائب، وبفقدان فاتن؛ فقدت أشياء كثيرة شديدة الأهمية؛ فقدت الأنيس، وفقدت الحبيب، وفقدت نصفى الآخر، وفقدت الرفيق، وفقدت الصديق. فقدت جزءا منى.
• فى عيون فاتن:
- مصطفى وعلى أمين:
علمانى كثيرا.. وكان بيت على أمين وزوجته خيرية خيرى ملتقى للأصدقاء، وكنت كل يوم أربعاء أذهب لأتناول الغداء معهما، وكان هناك دائما أحمد بهاء الدين وكامل الشناوى.
وكانت هذه الجلسات غنية جدا بالتعليقات السياسية والثقافة والكلام عن الحياة الأدبية. كانت جلسات رائعة وعظيمة. وكان دائما مصطفى أمين وعلى أمين حريصين على أن يتصديا لأى شخص يهاجمنى؛ لأنهما كانا مؤمنين بما أقدمه من فن.
وأتذكر أن فى عهدهما لم تكتب ضدى كلمة واحدة. إن مصطفى وعلى أمين من الشخصيات المصرية العظيمة، وهما من أصحاب مدرسة الصحافة الحديثة المصرية وبناة هذا الصرح المسمى بأخبار اليوم، ولهما فضل كبير لما وصل إليه الصحفى فى مصر من قيمة ومكانة فى المجتمع.
- أم كلثوم:
أم كلثوم هى مصر.. أم كلثوم وهى تغنى شعر حافظ إبراهيم تشعر بأنها مصر. وقد تقابلت مع أم كلثوم مرة أو مرتين وكم هى شخصية قوية وعظيمة وذات حضور قوى! وكم هى شديدة الذكاء والدبلوماسية!
- إحسان عبدالقدوس:
إحسان كان فنانا عظيما فى مشاعره وكان لا يتكلم بطلاقة مثلما يكتب. كانت كل قوته فى قلمه. وإحسان عبدالقدوس بجانب قوته وعبقريته فى كتابة الروايات الطويلة، أيضا هو عظيم فى القصة القصيرة والمقال السياسى.
- أحمد بهاء الدين:
أحمد بهاء الدين رحمه الله كان صديقا عزيزا جدا سنوات طويلة وكنت دائما أستشيره وآخذ رأيه وأسأله فى كل شىء، وكنت قارئة دائمة لما يكتب. وكم كان أحمد بهاء الدين شخصا رقيقا جدا، وصادقا جدا مع نفسه ومع الآخرين ومع ما يكتبه.
- يوسف إدريس:
كان فنانا شديد الجموح.. لا يهمه أحد، وثائرا جدا، وروايته سابقة وقته وعصره.
وأتذكر أن زوجة أحمد بهاء الدين مدام ديزى قالت لى: إن يوسف إدريس كتب رواية عظيمة اسمها «الحرام»، وفى اليوم نفسه اشتريت الرواية وقرأتها فى ليلة واحدة.. وأحببت جدا أن أقوم بدور عزيزة الفلاحة.
واستمرت معى شخصية عزيزة مدة طويلة.. فهى فلاحة مصرية بسيطة، الظروف والضغوط هى التى جعلتها تخطئ.. وهى تحمل عبء كل العائلة. وعبقرية يوسف إدريس أنه صور طبقات الفلاحين بشكل بديع وكيف أن فلاحين فقراء يتعالون على فلاحين آخرين أفقر منهم! فهناك الفلاحون الذين ينظرون إلى عمال التراحيل باعتبارهم الأدنى ولكن عند المصائب والشدائد الكل يكون يدا واحدة وهذه هى طبيعة المصريين. وهذه الأفلام «الحرام» و«دعاء الكروان» و«أريد حلا» أفلام تعيش طويلا؛ لأنها تخلق حوارا مع النفس ومع الآخرين، حوارا دائما ومستمرا ولابد أن تؤثر فى المشاهد بشكل ما.
- توفيق الحكيم:
قدمت له روايات قصيرة للتليفزيون. وأهم ما يميز أدب توفيق الحكيم هو الفكر العميق والحوار الذكى، ولابد أن يفهم الممثل المعنى جيدا؛ لأن كل كلمة وكل حرف لهما مغزى ومدلول فى الحوار؛ ولذلك كنت حريصة على الحفاظ على حواره الأصلى. وتوفيق الحكيم شخص شديد الجمال.
وأنا فى حياتى لم أقرأ حوارا مسرحيا مثل حوار توفيق الحكيم. «الكلمة لديه منسوجة بشكل خرافى»، الكلمة متركبة على الكلمة وكانت دائما أعماله تقدم بكثير من التحريف، ولكن الأعمال التى قدمتها له نجحت نجاحا كبيرا فى رأيي؛ لأننى التزمت أنا وفريق العمل بالنص ولم نغير الحوار.. نفس تركيبة الجمل والكلمات ولهذا نجحنا.
وأتذكر أننى بالمصادفة شاهدت توفيق الحكيم يتحدث فى التليفزيون، وكان رأيه «محدش نجح رواياتى إلا فاتن حمامة»! وكانت هذه الشهادة وساما أعتز به جدا على صدرى.
- عبد الوهاب:
الموسيقار محمد عبدالوهاب شخصية لا تتكرر. هو قمة شامخة جدا. وفنان عظيم. كان يتحدث دائما بلباقة وله سحر جميل فى أسلوبه وكان مثقفا جدا ثقافة رفيعة المستوى وعلى دراية بكل شىء فى الحياة. وكان يقول إنه تعلم كل شىء من جلساته الطويلة فى شرخ صباه مع كبار القوم وعلى رأسهم أستاذه أحمد شوقى، وإنه كان يجلس صامتا لا يتحدث يستمع إلى الكل ويتعلم فى هدوء وصمت. وأذكر أنى فى إحدى الجلسات كنت أنا وزوجى الدكتور محمد عبدالوهاب والموسيقار محمد عبدالوهاب والسيدة نهلة القدسى حرمه. جلسنا من الساعة الثامنة إلى الساعة الواحدة صباحا. وكان يحكى حكايات وأحداثا من أمتع ما يمكن وكنا كلنا منصتين له.
وقد كان محمد عبدالوهاب يحبنى تقديرا لما أقدمه من فن. وأتذكر أنه بعد أن شاهد فيلم «الخيط الرفيع»، اتصل بى وامتدح المشهد الأخير من الفيلم وأنه عمل فنى متميز. وكنت فى منتهى السعادة. وعبدالوهاب عبقرية فنية مصرية بلا جدال. فهو صاحب نقل الموسيقى الشرقية نقلة وقفزة هائلة، وهو مدرسة موسيقية وصوته من أعذب الأصوات.
ولا أنسى يوم وفاة الفنان عبدالحليم حافظ كلنا ذهبنا إلى منزل عبدالحليم، وكان هناك عبدالوهاب ووضع شريطا لإحدى أغانى عبدالحليم بصوت مرتفع جدا وكان يمشى ذهابا وإيابا فى المنزل، ويقول: «يا خسارة الطرب، يا خسارة على الطرب.. كان حزينا على فقد الطرب لعبدالحليم وجمال صوته الذى ذهب وراح.. وظل طوال الليل يدندن على العود وكأنه يبكى الفن ويبكى عبدالحليم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.