• درسنا جميع المخاطر قبل اتخاذ القرار والطعن على الغرامة «سهل» • شركة كهرباء إسرائيل لم ترفع دعوى تحكيم كما يعتقد البعض • هناك قضايا أخرى مرفوعة دوليًا تستهدف توريط الحكومة فى النزاع • رفعنا دعوة تحكيم ضد «شرق المتوسط» فى «القاهرة الإقليمى».. ولا تزال قيد النظر فى 19 إبريل من عام 2012 اتخذت الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» قرارا بإنهاء التعاقد مع شركة غاز شرق المتوسط، ووقف تصدير الغاز الطبيعى المصرى إلى إسرائيل، واعتقد المصريون آنذاك أن ملف تصدير الغاز المصرى لإسرائيل قد أُغلق للأبد. لكن، ومع حصول شركة كهرباء إسرائيل على حكم من غرفة التجارة الدولية بجينيف، يقضى بأن تدفع هيئة البترول وإيجاس نحو 1.76 مليار دولار للشركة الإسرائيلية كتعويض عن وقف إمدادات الغاز، أعيد فتح الملف مرة أخرى، واختارت «الشروق» الحوار مع محمد شعيب، رئيس الشركة القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» أثناء قرر وقف تصدير الغاز المصرى، وهو أحد أبرز المسئولين عن القرار، لمعرفة رؤيته للحكم وتبعاته. «فى البداية يجب عدم الربط بين حصول شركة الكهرباء الإسرائيلية على حكم يقضى بتعويضها، وقرار الهيئة العامة للبترول والشركة القابضة للغازات الطبيعية إيجاس بوقف تصدير الغاز الطبيعى لشركة غاز شرق المتوسط».. هكذا بدأ شعيب حديثه، موضحا أنه فى أكتوبر 2011، رفعت شركة غاز شرق البحر المتوسط دعوى تحكيم فى غرفة التجارة الدولية بجنيف، وقالت إن الهيئة وإيجاس لا يمدانها بالكميات المنصوص عليها فى تعاقد وُقِّع فى الأول من يوليو 2008 لضخ الغاز لصالح الشركة. وكانت الهيئة العامة البترول وإيجاس، قد وقعتا اتفاقا مع شركة غاز شرق البحر المتوسط كشركة وسيطة، فى مايو 2005 لتصدير الغاز المصرى إليها لمدة تتراوح بين 15و20 عاما، حيث تلتزم الهيئة وإيجاس بتصدير 1.7 مليار متر مكعب سنويا من الغاز إلى إسرائيل عن طريق الشركة الوسيطة، على أن يبدأ التصدير فى منتصف 2008. وبحسب شعيب، فقد تضمنت الدعوى المقامة، أن الهيئة العامة للبترول وإيجاس لم ينتظما منذ بداية عام 2011 فى إمدادات الغاز، «بالإضافة إلى ادعاء أن الشركات المصرية تقاعست فى حماية خط الأنابيب الذى ينقل الغاز لصالح شركة الشرق المتوسط»، وفقا لشعيب، مشيرا إلى أن الشركة طالبت من خلال دعواها بزيادة كميات الغاز المتفق عليها فى التعاقد. «غاز شرق المتوسط» أخلت ببنود التعاقد «إيجاس والهيئة العامة للبترول قررتا فسخ التعاقد مع شركة غاز شرق المتوسط فى 19 إبريل عام 2012، أى بعد 6 أشهر من قيام الشركة الوسيطة برفع دعوى التحكيم، وهو ما يؤكد أن حكم التحكيم سبق قرار إنهاء التعاقد»، كما يقول شعيب، مشيرا إلى أن شركة غاز شرق التوسط توقفت عن سداد قيمة الغاز المورد لها منذ فبراير 2011، بالتزامن مع الاضطرابات السياسية التى تعرضت لها مصر وتفجير خط الغاز فى سيناء عدة مرات، «كنا نخطر الشركة الوسيطة بعمليات التفجير، بالإضافة إلى إخطارها بعمليات إصلاحات الخط وما يؤكد حسن نيتنا وإصرارنا على إصلاحه». وقد تعرض خط الغاز الواصل بين مصر وإسرائيل منذ ثورة 25 يناير من عام 2011 إلى التفجير لنحو 22 مرة. «ووفقا للفقرة 252 من العقد المبرم بين الشركات المصرية وشركة غاز شرق المتوسط، والتى تنص على أنه عند عدم سداد شركة غاز شرق المتوسط لقيمة الغاز لمدة 4 أشهر متواصلة يحق للبائع إنهاء التعاقد، بشرط إخطار المشترى بعد تلك الفترة ومطالبته بسداد المبالغ المستحقة»، كما يقول شعيب، مشيرا إلى أن تلك الفقرة المنصوص بها فى العقد، تُمهل شركة شرق المتوسط 30 يوما لسداد المبالغ المتأخرة، وبعدها يحق للبائع إنهاء التعاقد، «أنذرنا شرق المتوسط عدة مرات بدفع المتأخرات المستحقة عليها، ولم تستجب، لذلك قمنا فى 19 أبريل 2012 بإنهاء التعاقد معها»، تبعا لرئيس الشركة القابضة للغازات «إيجاس» الأسبق. وأوضح: «العقد ينص على أنه فى حالة وجود بند يمنح حقا لأحد الطرفين ولم يستخدمه، يعتبر الطرف متنازلا عن ذلك الحق، لذلك فضلنا فسخ التعاقد لنحفظ حقنا فى استخدام هذا البند». ويشير شعيب، إلى أن هيئة البترول وإيجاس درستا جميع المخاطر الناتجة عن قرار إنهاء التعاقد مع غاز شرق المتوسط، «كنا نعلم أن التحكيم الذى لجأت الشركة إليه لا يخلو من المخاطر علينا، لكننا درسنا جميع المخاطر قبل اتخاذ القرار». وفى نهاية إبريل 2012، رفعت الهيئة وإيجاس دعوى تحكيم فى مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم الدولى، لمطالبة «شرق المتوسط» بسداد المبالغ المستحقة عليها، وفقا لمحمد شعيب، مشيرا إلى أن التعاقد المبرم بين الهيئة وإيجاس وشركة غاز شرق المتوسط، ينص على أنه فى حالة اللجوء إلى التحكيم، فإن المركز وصاحب الاختصاص فى نظر دعاوى التحكيم هو مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم الدولى. «العقد شريعة المتعاقدين، والعقد ينص على التحكيم فى مركز القاهرة، مما يؤكد أن شركة غاز شرق المتوسط ذهبت لجهة غير مختصة بنظر تلك الدعوى مما يسهل عملية الطعن على الحكم»، كما يقول رئيس إيجاس الأسبق، مضيفا أن شرق المتوسط اختصمت الهيئة وإيجاس، وأضافت كهرباء إسرائيل إلى دعوى التحكيم كخصم، «وذلك حتى تتمكن من ضم كهرباء إسرائيل لصالحها ضد الشركات المصرية، وهو ما يشير إلى أن شركة كهرباء إسرائيل لم ترفع قضية تحكيم كما يعتقد البعض»، تبعا لشعيب. ولاتزال دعوى الهيئة وإيجاس قيد النظر فى مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم الدولى. حُكم متناقض وفى يناير 2012 انضمت شركة كهرباء إسرائيل لشركة غاز شرق المتوسط لتختصم الشركات المصرية، كما يقول شعيب، مشيرا إلى أن غرفة التجارة الدولية بجنيف أصدرت حكمها، الذى تضمن رفض جميع الطلبات المقدمة من شركة غاز شرق المتوسط ضد الهيئة وإيجاس، والخاصة بعقد بيع وشراء الغاز الطبيعى من مصر، «وهو ما يشير إلى أن الغرفة أدركت أنها ليست جهة اختصاص للنظر فى القضية، إلا أن حكمها الأخير بتغريم الشركات المصرية وتعويض شركة كهرباء إسرائيل وشركة غاز شرق المتوسط يتناقض مع موقفها الأول». وقد قضى الحكم الصادر من غرفة التجارة الدولية (ICC بجنيف) بتعويض شركة غاز شرق المتوسط ب288 مليون دولار من أصل 1.5 مليار دولار كانت تطالب بها، (ويمثل 19.2 % من إجمالى التعويض المطلوب) وبقيمة 1.76 مليار دولار لشركة كهرباء إسرائيل من أصل 3.8 مليار دولار كانت شركة كهرباء إسرائيل قد طالبت بها (يمثل نحو 39.5 % من التعويض المطلوب). «حتى تتمكن هيئة التحكيم من تنفيذ الحكم، عليها تسليمه إلى المحاكم السويسرية»، تبعا لشعيب، مشيرا إلى أن هيئة البترول والشركة القابضة للغازات سيطعنون على الحكم أمام المحاكم السويسرية وليس أمام الغرفة. وقد أعلنت هيئة البترول وإيجاس، أنهما اتخذا جميع الإجراءات القانونية للطعن على الحكم بتعويض شركة الكهرباء الإسرائيلية، وشركة غاز شرق المتوسط، أمام المحاكم السويسرية طبقا لإجراءات التقاضى، وبالتعاون مع مكتب المستشار القانونى شيرمان آند سترلينج. موقفنا قوى عند الطعن على الغرامة وبحسب شعيب «يجب أن يستند الطعن المقدم على حكم مركز التحكيم بجينيف، إلى أن المركز ليس جهة اختصاص للفصل فى التعاقد»، بالإضافة إلى أن المركز تجاهل العقد المبرم بين هيئة البترول وإيجاس وشركة غاز الشرق المتوسط، وأصدر حكمه على الاتفاق الثلاثى المبرم بين الجانب المصرى والشركة والوسيطة وشركة كهرباء إسرائيل، مشيرا إلى ضرورة إدراج بند القوة القهرية فى الطعن والذى ينص على أنه فى حال تعرض الدولة المُصدِّرة للغاز لاضطرابات تمنع التصدير، فمن حقها وقف عمليات ضخ الغاز،«ومصر تعرضت منذ عام 2011 لعمليات إرهابية ساهمت فى تفجير خط الغاز عدة مرات». ويضيف شعيب: «عند الطعن.. يمكننا أيضا الاستفادة من رفض هيئة التحكيم الاستماع لشهادة أحد أعضاء مجلس اللوردات الإنجليزى لتفسير العقد المبرم بين الشركات المصرية والشركة الوسيطة.. لاسيما أن العقد تم إبرامه وفقا للقانون الإنجليزى». ولفت شعيب إلى أن شركة كهرباء إسرائيل لا تعتمد على الغاز بشكل كبير لإنتاج الكهرباء، وهو ما يمكن الاستناد إليه فى الطعن، لأنها بذلك تكون غير مضارة بشكل كبير. وتعتمد «كهرباء إسرائيل» بالأساس على الفحم، حيث إنه خلال عام 2010 تم الاعتماد على إنتاج الكهرباء من الفحم بنسبة 77.5% بالإضافة إلى 21% من الغاز، وجزء كبير من هذا الغاز يأتى من حقل تمارا. قضايا أخرى «يوجد قضايا أخرى مرفوعة كنزاع استثمارى»، وفقا لشعيب، مشيرا إلى أن من بين تلك القضايا واحدة مقامة فى مركز التحكيم أكسيد بأمريكا من قبل المساهمين فى شركة غاز شرق المتوسط، بالإضافة إلى قضية أخرى فى لاهاى بهولندا. وبحسب رئيس إيجاس الأسبق، فقد قام المستثمرون بشركة غاز شرق المتوسط، برفع قضية نزاع استثمارى ضد الحكومة المصرية وليس هيئة البترول وإيجاس، «وذلك لعدم حماية الحكومة المصرية الاستثمارات الخاصة بشركة شرق المتوسط».. وفقا لشعيب، مشيرا إلى أن المساهمين ادعوا أن الدولة المصرية أجبرت شركة غاز شرق المتوسط على تعديل سعر الغاز المتعاقد عليه حيث تم تعديل سعر الغاز خلال عام 2009، وبأثر رجعى منذ بدء عمليات ضخ الغاز فى عام 2008، حيث وقعت الشركة على اتفاق لتعديل السعر. وقد ادعى المساهمون أن الدولة المصرية ألغت الإعفاءات الضريبية المقررة لشركة غاز شرق المتوسط، كما ادعوا أن الحكومة تقاعست عن حماية خط الغاز بعد تفجيره عدة مرات، بالإضافة إلى إنهاء التعاقد، «يسعون إلى إدخال الدولة المصرية فى التعاقد والحصول على تعويض منها على الرغم من أن التعاقد تجارى ومبرم بين شركات وليس حكومات»، وفقا لشعيب، مشيرا إلى أن هيئة قضايا الدولة تتولى الدفاع عن الحكومة المصرية.