قال الخبير الأثري عبد الرحيم ريحان، إن "المحمل الشريف وكسوة الكعبة عبر العصور الإسلامية رسالة أمان من أرض الأمن والسلام (مصر) عبر سيناء أرض الوادي المقدس إلى البلد الأمين مكةالمكرمة، وقد تحمل خلفاء المسلمين هذه الأمانة عبر العصور الإسلامية المختلفة وكانوا أهلاً لها". وأوضح «ريحان»، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء ووجه بحري بوزارة الآثار، في تصريح صحفي، أن "الاحتفال الرسمي الأول بموكب الحجيج والمحمل كان في عهد شجرة الدر، وأن أعظم ما فيه هو كسوة الكعبة بما تشمله من كسوة مقام الخليل إبراهيم عليه السلام وبيارق الكعبة والمنبر"، مضيفا: "كانت الكسوة تعرض فترة عشرة أيام في الحرم الحسينى ثم تخرج في احتفال رسمي حتى تصل إلى بركة الحاج بداية انطلاق الموكب من القاهرة". وتابع أن "سلاطين المماليك اهتموا بطريق الحاج اهتماما كبيرا، ففي عام 1319 خصص المنصور سيف الدين قلاوون (678-689ه / 1279-1290) إيراد بعض القرى المصرية والسورية لصالح شريف مكة، ووقعت معاهدة تعهد فيها شريف مكة بأن يعلّق على الكعبة الكسوة الشرعية الواردة من مصر فقط دون غيرها وألا يذكر في الخطبة إلا اسم السلطان المصري. واستطرد «ريحان» قائلا إن "عدد الحجاج الذين كانوا يعبرون سيناء يتراوح ما بين 50 ألفا و300 ألف، مما يدل على مقدار النشاط الذي كان يجري في سيناء، وعلى اهتمام السلاطين المماليك بشؤونها، وكان العلم المصري يرفرف فوق المحمل في عهد المماليك، وكان لونه أصفر"، لافتا إلى أن قيمة الكسوة المرسلة سنويا من مصر قدرت بثلاثمائة دينار، وفي أيام الناصر محمد بن قلاوون في الفترة الثانية (698-708ه / 1299-1309م) أقام الأمير ملك الجوكندار صهاريج وآبار بطول الطريق". وأوضح أن "القافلة كانت تغادر مصر على النظام الآتي، الرسميون ثم الأعيان، فالحجاج، وأما صندوق المال والمؤن والنساء والبضائع الثمينة فقد كانت توضع في وسط القافلة ويتبعها ركب الحجاج العاديين من غير الرسميين والأعيان، وقد تقرر راتب خاص لرئيس المحمل قدره 18 ألف دينار وألف أردب من القمح وأربعة آلاف أردب من الفول"، مشيرا إلى أنه كان يرافق أمير الحاج عددا من الموظفين والخدم والحاشية. وأكد الخبير الأثري، أن سوق التجارة في مكة كان أعظم سوق في العالم في الأيام العشرة التي يقضيها الحجاج في المدينة المقدسة، وكان تبادل تجارة الهند ومنتجات الشرق يقدر بملايين من الدينارات، وترسل تلك البضائع مع المحمل أو إلى جدة رأساً لنقلها من هناك إلى السويس، وأما جدة فهي الميناء التي تتجمع فيها غلال مصر وخضرواتها وتجارة الهند والقهوة اليمنية.