• سيرف: بعض الحكومات لا تشعر بالراحة تجاه الآراء المفتوحة وعليها إتاحة المعلومة الصحيحة بدلًا من منعها على الإطلاق • على الدول تطوير نظامها التعليمى وليس تتبع الأشخاص إذا كانت تشك فى قدرة مواطنيها على التقييم أمن الإنترنت، والحرب على الإرهاب فى مصر، والخصوصية، كان محاور الحوار مع الدكتور فينت سيرف، الملقب ب«أبى الإنترنت»، الذى التقت به «الشروق» فى ألمانيا، على هامش المنتدى العلمى بهايدلبرج، العالم الأمريكى الذى يشغل نائب رئيس شركة «جوجل»، زار مصر عدة مرات، ولديه أصدقاء مصريون منهم مدير مكتبة الإسكندرية، الدكتور إسماعيل سراج الدين، لذلك فهو متابع جيد للأحداث فى المنطقة. وساهم سيرف بشكل كبير فى تطوير الإنترنت منذ أكثر من 3 عقود، وله دور بارز فى تطوير بروتوكول الإنترنت TCP/IP البنية التصميمية التى تقوم عليها الشبكة، ضمن برنامج وكالة مشرعات أبحاث الدفاع المتقدمة إدارياDARPA، فى أواخر الثمانينيات، وكان له دور فعال فى تطوير أول نظام بريد إلكترونى تجارى «إم سى أى». قبل الإنترنت كانت هناك شبكة محدودة تسمى Arpanet، وكان يلزم أن تستخدم أجهزة الكمبيوتر نفس المعدات الداخلية hardware، وكذلك برامج software لنقل البيانات عبر تلك الشبكة، ثم أمكن عبر صيغة TCP/IP التى طورها سيرف مع عالم يدعى بوب تحويل Arpanet إلى الإنترنت، بما أتاح لمستخدمى الكمبيوتر مع اختلاف البرامج الاتصال لتناقل المعلومات. حصل «أبو الإنترنت» على العديد من الجوائز، بما فى ذلك الميدالية الوطنية للولايات المتحدة فى التكنولوجيا، وميدالية الحرية الرئاسية وهى أرفع وسام أمريكى، فضلا عن جائزة الملكة إليزابيث للهندسة. فى بداية الحوار، أعرب سيرف عن تعاطفه مع التحديات التى تواجهها مصر فى الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أنه كان على علم بما يحدث لحظة بلحظة فى ميدان التحرير، وكان منبهرا بالطريقة التى استخدم فيها الشباب المصرى الإنترنت، ويرى أن ثورة يناير تعتبر درسا للشباب، إلا أنه كان ينبغى عليهم إعداد خطتهم المستقبلية وطرح البديل المناسب بعد سقوط النظام، بحسب تأكيده، وكان هذا نص الحوار: * كيف وصلت لهذا المستوى من التميز؟ حينما كنت شابا كان دافعى الأول للنجاح حل المشكلات التى تواجهنى فى عملى، وليس تغيير العالم، فلم اتخيل أن الأبحاث التى نجريها ستتسبب فى اتساع نطاق الانترنت على مستوى الأفراد، وجعله أكثر رخصا وسريعا وسهلا فى التعامل، ليصل إجمالى مستخدمية 4 مليارات شخص. * وكيف ترى تزايد عدد المصريين مستخدمى الإنترنت إلى نحو 34 مليون شخص؟ الإنترنت يتيح وينشر المعلومات بسهولة، وله خدمات مفيد جدا مثل خرائط جوجل التى تسهل تنقل الأفراد، وحتى الوجه الآخر السلبى بنشر الشائعات والمعلومات الخاطئة يمكن التحكم فيه عبر ما نسميه التفكير النقدى الذى نعلمه لأطفالنا فى المدارس منذ الصغر، حتى نجعله قادرا على تمييز المعلومة الصحيحة، فأحيانا تخطئ وسائل الإعلام فى نشر معلومة معينة وليس معنى ذلك أن نغلقها. * وكيف ترى سياسة بعض الحكومات فى حجب المواقع؟ الحكومات الديمقراطية تنتخب من الشعب، ولدينا مثلا الولاياتالمتحدة مجتمع مفتوح يقبل الأفكار ويشجعها، لذلك لا يوجد اعتداء على الحريات بحجب المواقع، وفى الوقت نفسه تعمل الحكومة على توفير جو من الأمان لحماية مواطنيها، لذلك لدينا قوانين، وإذا شعر المواطنون بأى تهديد يمس حياتهم مثل الاستيلاء على حساباتهم فى البنوك، على الحكومة أن تهب لحمايتهم بمنع تلك الأعمال لكن دون الاعتداء على الحريات. لكن بعض الحكومات لا تشعر بالراحة تجاه الآراء المفتوحة، لذلك تمنع جوجل وتويتر على سبيل المثال، وأرى أن الأفضل أن تتيح الحكومة المعلومة الصحيحة بدلا من منعها على الإطلاق، وإذا كانت الحكومة تشك فى قدرة مواطنيها على تقييم المواقع، فعليها أن تبادر بتطوير نظامها التعليمى، بدلا من سياسة تتبع الأشخاص والقبض عليهم، علما بأن هناك وسائل تكنولوجية يستخدمها العديد من الأفراد في الصين تسمح لهم بالدخول إلى المواقع الممنوعة، وعمل حسابات مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعى لمقاومة ديكتاتورية الحكومات. * أحيانا تتأثر خصوصية بعض الأفراد فيما يتعلق بالبريد الإلكترونى، كيف يمكن توفير الحماية لهم؟ البريد الإلكترونى لجوجل يضمن تشفير استخدام الأفراد حساباتهم، بحيث يمنع التعرف على مراسلات الشخص، ونتمنى أن يكون هناك قانون عام لحماية المستخدمين لضمان الخصوصية. * ما الأبحاث التى تهتم بها حاليا؟ أنظر إلى حفظ المعلومات والبيانات فى مكان آمن، فمن المتوقع أن يحدث تغيير هائل فى الإنترنت ووسائل التكنولوجيا بعد عشرات السنوات، ما دفع العلماء للتفكير فى حفظها على شبكة الإنترنت بحيث تكون متاحة للجميع، فمثلا فى عام 3000 لن يكون ويندوز 3000 قادرا على فتح ملفات ويندوز 97، فلا يوجد نظام يصمد ألف عام. وأنا أتساءل دوما عن مقاومة الزمن وحفظ البيانات، مع مراعاة حقوق الملكية الفكرية للغير، والحل هو وجود نظام «SOFT WARE» مناسب للحفاظ على المحتوى المعلوماتى عبر السنوات، ما يؤكد ضرورة وجود أفكار خلاقة تضمن تفسير البيانات بعد ألف عام، وهذا ما أفعله حاليا قبل عرضه على الشركات التجارية.