• المشروع مخالف للمادة 124 من الدستور لعدم عرضه على المجلس القومى رغم تعلقه بالحقوق والحريات • المجلس يصف مواد حرية الرأى والصحافة بالكارثية.. وينتقد إعطاء صلاحيات استثنائية للرئيس.. ويؤكد: كثير من مواده مخالفة للدستور حصلت «الشروق» على نسخة من الملاحظات الأولية للمجلس القومى لحقوق الإنسان، على مشروع قانون الإرهاب، والذى اعتبره المجلس انتهاكا لأحكام الدستور، لافتا إلى أن مشروع القانون الذى أطلع عليه المجلس من وسائل الإعلام لم يعرض على المجلس بشكل رسمى بالمخالفة للدستور فى مادته 124، رغم تعلقه بالحقوق والحريات. وتناولت أبرز ملاحظات المجلس المواد المتعلقة بحرية الصحافة والنشر، وضمانات المحاكمة العدالة، وسلطة رئيس الدولة فى اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على الأمن، والعقوبات الموقعة على الجماعات الإرهابية، والدفاع الشرعى لمنفذى القانون، وسلطة مأمورى الضبط. ووصف المجلس الفقرة الثانية من المادة 26، والفقرة الأولى من المادة 27، المتعلقة بحرية الرأى والتعبير، وحرية الصحافة ب«الكارثية»، لأنه وحسب الملاحظات «سيكون مقالات الرأى ووجهات النظر المنتقدة للسلطة، تحريضا على الأعمال الإرهابية». واعتبر المجلس عبارة «تضليل السلطات الأمنية»، الموجودة فى القانون، مبهمة ومطاطة لا تحتمل معنى محددا، ومن ثم يمكن تطويع النص ليمتد إلى أى كلمة لا ترضى السلطات ليعاقب القائل أو الناشر بتلك العقوبة المغلظة، والتى تقضى بالسجن المشدد مدة لا تقل عن 5 سنوات. وأكدت الملاحظات أن نص المادة 29 من مشروع القانون، انتهكت أحكام الدستور وتحديدا المواد 65، 70، 71، المعنيين بالحق فى حرية الفكر والرأى والتعبير، وحرية إصدار الصحف، وحظر الرقابة على الصحف من قبل السلطة التنفيذية أو إيقاع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية. وأشارت ملاحظات المجلس إلى أن القانون لم يحدد الأفعال التى تمثل فعلاً مجرما بشكل مباشر، وإنما حددها بالوصف من خلال عبارات مطاطة أيضا مثل عبارة «بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية»، بالإضافة إلى انتهاك المادة 33 من مشروع القانون، الحق فى إصدار الصحف والحصول على المعلومات. واعتبر الجلس المادة 33، «عصفاً كاملاً لحرية الصحافة، وتحديدا فى نقل وتداول المعلومات والأخبار، وحصرها على بيانات الجهات الرسمية، بالمخالفة للمادة 65، و68، و70 المتعلقين بحرية الرأى والتعبير، وإتاحة البيانات وملكية الوثائق للشعب والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، وحرية النشر الورقى والالكترونى، وإصدار جميع أشكال وسائل الإعلام». وأكد المجلس أن المادة 37 من القانون تخالف مبدأ العلانية فى المحاكمات، حيث قضت المادة بحظر قيام أى فرد أو جهة بتسجيل أو تصوير وقائع جلسات المحاكمة بأية وسيلة كانت أو بثها عبر جميع وسائل الإعلام، ومعاقبة مرتكبى ذلك بالغرامة التى لا تزيد على عشرة آلاف جنيه. وأضافت الملاحظات «أن تلك المواد تعنى أن السلطة التنفيذية ستصبح رقيبا على الصحافة، وهو ارتداد واضح لحرية الرأى والتعبير»، موضحة أن القانون يعاقب بالحبس الوجوبى لعامين على نشر ما يخالف البيانات الرسمية وذلك بالمخالفة للمادة 71 من الدستور التى تحظر العقوبات المقيدة للحرية فى قضايا النشر، مشيرة إلى أن الاستثناء فى فرض الرقابة على الصحف فى حالة إعلان الدولة للحرب أو التعبئة العامة فقط وفقا للدستور. وشددت الملاحظات على أن المواد المتعلقة بضمانات المتهم أمام القضاء وهى «48،50،51»، أنشأت محكمة استثنائية خاصة للنظر فى قضايا الإرهاب، وفقا للمادة 48، ووضع لها نظام قضائى استثنائى، وطريقة خاصة للطعن على أحكامها، تمثل نموذج لا يختلف كثيرا عن محكمة أمن الدولة العليا طوارئ، وعلى الرغم من أن المحكمة منشأة بقانون ويحدد عملها المجلس الأعلى للقضاء، إلا أن إجراءات العمل بها والطعن على أحكامها تعد فى حد ذاتها إخلالاً جسيماً بالحق فى محاكمة عادلة ومنصفة، وكذا بضمانات الدفاع التى كفله الدستور. وأعرب المجلس عن تخوفه من المادة 50، التى اعتبرت الحكم الصادر فى أى من القضايا الواردة فيه حضوريا فى حق المتهم إذا حضر وكيل عنه وأبدى دفاعه، وذلك استثناء من أحكام المادة (388) من قانون الإجراءات الجنائية والتى ترفض رفضا مطلقا حضور محام وشخص ينوب عن المتهم الغائب، ومن ثم فتح المشروع الباب أمام المحاكم لانتداب المحامين عن المتهمين الغائبين، دون موافقتهم ومفاجئتهم بصدور حكم جنائى فى مواجهتهم وتفويت درجة تقاضى عليهم. وأشارت الملاحظات إلى أن المادة 51 قلصت من مواعيد الطعن بالنقض من 60 إلى 40 يوما، فيما يخص الجرائم الإرهابية، وهو ما يعد إخلالا أخر بحق الدفاع، فبموجب قانون الإجراءات الجنائية يلتزم القاضى بإبداء أسباب الحكم وكتابته فى غضون 30 يوما من صدوره، والتالى فإنه لم يتبقَ للمتهمين سوى 10 أيام لدراسة أسباب الحكم وإيداع مذكرة النقض. وتابعت الملاحظات أن المادة 52 أهدرت درجة من درجات التقاضى أمام محكمة النقض، لنصها على الطعن مرة واحدة فقط، ويعد استثناء لا يكتسب خطورته فقط فى تفويت درجة من درجات التقاضى فقط، بل مكمن الخطورة هو فرط عقوبة الإعدام فى هذا المشروع، مما يعنى سرعة تنفيذ تلك الأحكام دون دراسة موضوع القضية بشكل مستفيض. ولفتت الملاحظات إلى المادة 6 من القانون المتعلقة بالدفاع الشرعى ومدى جواز إساءة استخدام القوة، حيث اعتبرتها مكررة فى قانون العقوبات الذى ضمن حق الدفاع الشرعى عن النفس، ورغم محاولة الدولة من توفير حماية للموظفين القائمين على إنفاذ القانون فإنها هبطت بالحماية بهم من أسباب الإباحة إلى موانع المسئولية، مما يعد خطأ قانونيا، كما سمحت للقوات إساءة استعمال القوة لمجرد الشك. وانتقدت التعديلات المادة 38، حيث أعطت المادة سلطة التحفظ على المتهمين دون استئذان النيابة فى غير حالة التلبس، فى ضوء قيامها بجمع الاستدلالات والبحث عن مرتكبى الجرائم الإرهابية. المجلس انتقد فى ملاحظاته، بعض التعريفات غير المنضبط فى مشروع القانون، مثل «العمل الإرهابى»، والمادتين (26، و27) المتعلقتين بحرية الرأى والتعبير وحرية الصحافة، فمثلاً استخدام ألفاظ «التهديد»، و«الترويع»، بالمخالفة لما أقرته المحكمة الدستورية العليا حول ضرورة ضبط التعاريف لمنع التعسف فى استخدام السلطة من قبل منفذى القانون. كما اعتبر المجلس الفقرة الثانية من المادة 4، والمتعلقة بالاتفاق الجنائى الذى لم يؤدِ للجريمة، تعاقب على مجرد الأفكار والنوايا، مؤكدا أن أوامر القانون ونواهيه لا تُنتهك بالنية وحدها، وإنما بالأفعال التى تصدر عن إرادة آثمة. وذكرت الملاحظات أن المادة 54 من مشروع القانون تعطى لرئيس الجمهورية صلاحيات استثنائية، تسمح له بإعلان حالة الطوارئ بشكل رسمى بما يمثل إلتفاف على الوثيقة الدستورية التى أقرها الشعب المصرى، وهو ما يعد مخالفة لنص المادة 154 من الدستور، التى لم تجز لرئيس الجمهورية إعلان حالة الطوارئ إلا لمدة لا تجاوز 3 أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة أغلبية أعضاء البرلمان. وقال المجلس فى ملاحظاته إن «الحكومة لم تقدم حلولاً جذرية لمكافحة الإرهاب بخلاف الآليات الأمنية وتغليظ العقوبات»، مؤكدا أن الحلول الأمنية مطلوبة طالما لم تنتقص من الحقوق والحريات المحصنة دستوريا.