• الشروق تصدر «الصرخة».. الجزء الثانى من سيرتها الذاتية الذى يحكى عودة المرض وما جرى فى مصر بعد الثورة • إعادة طبع أعمالها.. «الرحلة» و«حجر دافئ» و«خديجة وسوسن» و«رأيت النخل» لأن هذا الجيل دائما مدهش، يضيفون بعد رحيلهم، كما فى حياتهم، شيئا من العظمة لكل ما يرتبط بأسمائهم. وجوه أدبية مركبة وآسرة شكلت جيل الستينيات الأدبى، وكانت «رضوى عاشور» زهرة ذلك الجيل التى رحلت ديسمبر الماضى، تاركة وراءها تاريخا مملوءا مجدا من الأدب والثقافة والنضال. وهذه الأيام تحل ذكرى ميلادها. فى هذه الذكرى، تخرج علينا رضوى عاشور بنص جديد «الصرخة» لتستكمل جزءها الأول من سيرتها الذاتية «أثقل من رضوى». «الصرخة» عنوان اختارته رضوى عاشور قبل الرحيل بل اختارت غلاف الكتاب أيضا للفنان النرويجى «إدفارد مونتش»، إلا أنها لم تستطع استكمال تأملاتها فى فصول تركتها هى بيضاء، وأخرى بها بعد الإشارات لعناوين صغيرة «معركة تميم»، و«الرحلة إلى باريس»، و«بدء العلاج بأشعة جاما». وفى مقدمة «الصرخة»، تقديم يخبر القارئ بأن:«هذا هو الجزء الثانى من كتاب «أثقل من رضوى» الصادر عن دار الشروق فى القاهرة عام 2013 والذى روت فيه الكاتبة تجربتها مع المرحلة الأولى من المرض والعلاج وما كان يجرى فى مصر من أحداث بين عامى 2010 و2013. فى هذا النص تكمل رضوى عاشور رواية تجربتها مع عودة المرض ومع ما جرى فى مصر، وقد توقفتْ عن الكتابة فى سبتمبر 2014 ووافتها المنية فى 1 ديسمبر من العام نفسه. وقد قمنا بنشر النص كوثيقة، كما هو، بدون تدخل من جانبنا، إلا من بعض الحواشى التى تشرح إشارات فى النص تحيل إلى كتاب «أثقل من رضوى»، كما قد يجد القارئ والقارئة، رءوس أقلام أو عناوين فصول، بعدها صفحة بيضاء، كانت الكاتبة تتأمل تتبعها أو الكتابة عنها ولم تفعل. كانت الكاتبة اختارت عنوان هذا الكتاب، وعينت الفصل الختامى منه كما يرى القارئ والقارئة، وإن كان تأملها لإضافة فصولٍ داخليةٍ فيه ظاهرا. وعلى غير العادة، لم تسمح الكاتبة لأسرتها وأصدقائها بالاطلاع على النص أثناء كتابته». ومع حلول ذكرى ميلاد رضوى عاشور (26 مايو 1946 – أول ديسمبر 2014)، أصدرت الشروق بجانب «الصرخة» عدة طبعات جديدة من أعمالها: «رأيت النخل»، و«حجر دافئ»، و«الرحلة»، و«خديجة وسوسن». عن الصرخة.. وأثقل من رضوى يبدو الآن أن سيرتها الذاتية «أثقل من رضوى»، دار الشروق 2013، كانت المأدبة التى قررت رضوى أن تجمع حولها أحباءها تمهيدا لرحيلها، الذى كانت تعلم بحدسها أنه سيكون بالغ الألم، فاستبقت الألم بوقفة «لا أحتاج فى حالة كتابة السيرة، الصريح الذى أكتبه سوى النظر حولى وورائى وفى داخلى لأرى أو أتذكر». ولعل أرادت رضوى عاشور أن تستكمل جمع الأحبة حول جزئها الثانى «الصرخة» الذى لا يستقيم قراءته إلا بقراءة الجزء الأول «أثقل من رضوى». والسيرة الذاتية لرضوى عاشور، برغم ما يعج فيها من حكايات عن المرض، وعمليات جراحية صعبة، ولحظات ضعف، إلا أنها فى مجملها معركة تفاؤل تطل بوجه صبوح، معركة تصلح؛ لأن تقتدى بمفرداتها النضالية «هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة، ما دمنا قررنا أننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا». للمرء نصيب من اسمه. اختار اسمها جدها لأمها على اسم جبل «الرضوى» الكائن بالقرب من المدينةالمنورة، وهو الذى كان العرب يضربون به المثل فى الرسوخ فيقولون «أثقل من رضوى» تتوارى على مدى السيرة الذاتية قصة الجبل، تتماهى فى قصة رسوخ موازٍ بطلته سيدة «تستيفظ فى الصباح مرهقة كأنها فى نهاية يوم عمل مضن، تظن أنها غير قادرة على مغادرة الفراش والذهاب إلى عملها، ولكنها فى نهاية المطاف، تقوم وتستعد للخروج إلى العمل وتخرج، تذهب إلى الجامعة تدرس، تحتفى بطلابها وزملائها، تبدو مشرقة ومقبلة، تمنح الأمل، كأنما بدأت يومها بقطف ثماره وأودعتها سلتين كبيرتين خرجت بهما لتوزيع ما فيهما على من يطلب ومن لا يطلب». وتقاطعت فى سيرة رضوى عاشور تجربتا المرض والثورة، تراها تستقبل زلزال الثورة التونسية وهى لا تزال رهينة المشرط «تصادف إذن أن أكون فى مسرح العمليات بين أيدى جراحين يُعملان مشارطهما ومعارفهما فى رأسى، وتونس تشتعل بعد أن أحرق البوعزيزى نفسه»، عز عليها كثيرا أن تكون فى بلد بعيد يصعب أن تجد فيه قناة إخبارية تواكب تفاصيل ما يحدث، عز عليها أنها لم تستطع أن تستمع جليا لذلك الهتاف الأثير «الشعب يريد إسقاط النظام». استدعت رضوى حسب الزميلة منى أبو النصر رائعتها «ثلاثية غرناطة» التى انتهت بالمقولة الآسرة «لا وحشة عند قبر مريمة»، استدعاء وإحالة لعالم بطلتها «مريمة»، التى خصصت جزءا كاملا من ثلاثيتها باسمها (غرناطة مريمة الرحيل)، «مريمة» المفعمة بالحكايات، والمسكونة بثنائى الحكمة والضمير الحى، مريمة التى عاشت منسية وماتت حسرة خلال ترحيل العرب من غرناطة «قام على، أدار ظهره للبحر، وأسرع الخطى ثم هرول ثم ركض مبتعدا عن الشاطئ والصخب والزحام.. التفت وراءه فأيقن أن أحدا لم يتبعه، فعاد يمشى بثبات وهدوء، يتوغل فى الأرض، يتمتم: لا وحشة فى قبر مريمة». وفى جزئها الثانى «الصرخة» تحاول رضوى إشراك القارئ فى التفاصيل، ثم كتبت وكأنها متوقعة أنها لن تعيش حتى صدور جزئها الثانى: «قلت هل يقبل الناشرُ فكرةَ استنساخِ هذه الصورة (تقصد لوحة الصرخة) على غلافِ الجزءِ الثانى من «أثقلُ من رضوى»؟ هل تُعجبه أم يرى فيها رسالة قاتمة؟ هل يفضل النسخةَ المُلَونَة على نسخة الليتوجراف المرسومةِ بالأسود؟ والأهم، هل أتمكنُ من كتابةِ جزءٍ ثانٍ من «أثقلُ من رضوى»؟ قلت ربما أتراجع عن العنوان وشكل الغلاف حين أتمُ الكتاب. نعم كنتُ منشغلة بالكتابة، ولكننى لا أعرف إن كنتُ قادرة عليها. ها أنا ذى المُغْرَمة بالمتاحف، أسافر من مكان إلى مكان لمشاهدة لوحة أُحِبُها، غيرُ قادرة على زيارةِ متحفٍ على بُعد خمس دقائق من الفندق الذى نقيم فيه!». وعبر فصول هذا الجزء الثانى: «تعديل على عبارة سعد الله ونوس»، «زحمة سير. اختناق مرورى»، «سرير فى ممر»، و«كن جديرا برائحة الخبز»، و«الصرخة»، و «عن السيارات الزرقاء مرة أخرى»، و«يوميات موت مُعْلَن»، و«حرصا على التوازن والسيمِتْرِية»، يكتشف القارئ كيف كانت الراحلة الروائية الكبيرة رضوى عاشور تحب الكتابة، حيث تنشغل بها أكثر من متابعة طبيب هنا وعملية جراحية هناك. وننشر فى السطور التالية جزءا من «الصرخة» الصادرة عن الشروق، ليستمتع القارئ بآخر ما كتبته زهرة الستينيات رضوى عاشور. إقرأ أيضًا : زمانٌ فى مكان، مكانٌ فى زمان عن رضوى عاشور تميم ومريد البرغوثى يوقعان أول رواية لرضوى عاشور بعد الرحيل