النقاش الذى أثير فى مواقع التواصل الاجتماعى عقب الكشف عن التحفظ على شركة سياحية يمتلكها لاعب كرة القدم السابق فى النادى الأهلى محمد أبوتريكة، يكشف أن أمامنا سنوات طويلة جدا حتى نتعلم كيف نتناقش ونتجادل ونحترم بعضنا البعض، ونتحدث فى الموضوع الأصلى وليس الفرعى. زميل صحفى يعمل فى الشأن الرياضى كتب على صفحته على الفيس بوك تعليقا مساء الخميس يبدو منه أنه غير متعاطف مع أبوتريكة ملمحا أنه ينتمى سرا إلى جماعة الإخوان. بعد نحو ساعة كانت هناك مئات التعليقات، أقل من خمسة فى المائة منها موضوعى ومحترم ومهذب، والباقى يبدأ بسب الأم وينتهى بسب الدين والعياذ بالله. زميل آخر كتب تعليقا لكن فى الاتجاه الأخر أى الدفاع عن أبوتريكة، واتهام الحكومة بتلفيق القضية للاعب، وحصل نفس الأمر لكن مع الفارق، غالبية التعليقات هاجمت الزميل واللاعب والإخوان وانتقدت الحكومة أنها تأخرت كثيرا فى تحركها. غالبية الذين دافعوا عن أبوتريكة نسوا تماما أنه مواطن ويجب أن يتم تطبيق القانون عليه إذا أخطأ، وأن نجوميته لا تعنى إعفاءه من المساءلة، وغالبية الذين هاجموا اللاعب وشمتوا فيه نسوا تماما أنه مواطن وينبغى أن تتوافر له كل ضمانات العدالة، وأن تعاطفه مع شخص أو فكرة أو حزب أو جماعة هو حقه الأصيل طالما أنه لم يخالف القانون. لم يكلف الكثيرون أنفسهم ليسألوا عن أصل الموضوع وتفاصيله قبل أن يصدروا أحكامهم النهائية، لم يسألوا هل الخبر دقيق أم لا، وهل التحفظ على حصة اللاعب فى شركة «أصحاب تورز» أم على كل أمواله وممتلكاته، وهل الشبهة تطال الشركة بتمويل أنشطة غير قانونية، أم أنه توافر لأجهزة التحقيق أدلة قاطعة تربط بين اللاعب والشركة من جهة وبين عضوية الجماعة وممارسة أنشطة مشبوهة. شخصيا أحب محمد أبوتريكة لأنه أمتعنا كثيرا بلعبه الجميل وأخلاقه العالية، وأدين له كمصرى أنه كان سببا رئيسيا فى سعادة الملايين، عندما كان يحرز الأهداف لمصر فى بطولات إفريقيا، ولم أكن أتعاطف معه بطبيعة الحال عندما يحرز أهدافا فى مرمى الزمالك! أبوتريكة اللاعب والنجم ينبغى أن ينال احترام الجميع، وأبوتريكة المواطن ينبغى أن يتم معاملته مثل بقية المواطنين. الطريقة الكارثية فى النقاش الراهن تفرز عقليات كارثية، مثال ذلك الذين اعترضوا على فرض التحفط على أسهم أبوتريكة، يقولون: «طيب هو إحنا حاكمنا مبارك وأنجاله ورموز عهده وفرضنا التحفظ على أموالهم، حتى نتحفظ على أموال هذا اللاعب الخلوق؟!». ومن الناحية الأخرى يقول أنصار الفريق الذى يؤيد التحفظ على أموال أبوتريكة: «لازم كان ده يتم من زمان لأن اللاعب إخوانى وأمد المعتصمين فى رابعة العدوية بالمال والغداء». مرة أخرى الطرفان مخطئان، المطلوب فقط أن نتحدث عن ضرورة تطبيق القانون على الجميع بغض النظر عن الأشخاص سواء كانوا وزراء أو خفراء. نحن ننسى أن هناك مئات الأشخاص والشركات والجمعيات تم التحفظ على أموالهم وممتلكاتهم منذ صدر حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة فى 23 سبتمبر 2013، والذى قضى بحظر أنشطة جماعة الإخوان، والتحفظ على جميع أموالها السائلة والمنقولة والعقارية، بعد أن تم تصنيفها كجماعة إرهابية بقرار بدأ من مجلس الوزارء. أفضل ما يمكن أن نفعله الأن أن نتوقف عن حالة الاستقطاب فى كل المجالات ونركز على ضمان وجود تحريات وتحقيقات ومحاكمات عادلة وشفافة ونزيهة للجميع، سواء كانوا من أنصار حسنى مبارك أو أنصار الإخوان. لا يصح أن نطالب القضاء باتخاذ إجراءات ثورية ضد مبارك وأنصاره ثم نطالب بمحاكمات طبيعية لمرسى وإخوانه، أو العكس. المحزن أن هذه الحالة العبثية يبدو أنها سوف تستمر لفترة من الزمن.. نسأل الله ألا تطول.