أعلنت مجموعة من الحركات العلمانية المصرية التي نمت على مدى السنوات القليلة الماضية، بعد ثورة يناير مثل «علماني» و«علمانيو سيلنترو»، عزمها تأسيس حزب علماني لأول مرة في مصر. "كنا مجرد مجموعات متفرقة فكرنا في جمع أنفسنا في حزب سياسي وتيار يتم تمثيله حتى وإن كان صغيراً". كانت تلك البداية كما يرويها، هشام عوف وكيل مؤسسي «حزب مصر العلماني»، الذي يصف الخطوة بأنها صعبة في ظل الأفكار الاجتماعية التي رسخها السلفيون بالمجتمع حول العلمانية، على حد قوله. "ولكنه يثق بأن المجتمع سيفهم ويتقبل حين يشرح له". يدافع «عوف» في حديث للشروق، عن مبادئ «الحزب العلماني المصري» الذي يسعى لتأسيسه، بأنهم لا ينادون بالإلحاد، كما أشيع حول الحزب منذ انطلاق صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، والتي تضم قرابة 20 ألف مشترك، وقال: "حرية العقيدة.. حق كل شخص في أن يمارس شعائره الدينية بالطريقة التي يريد سواء كان مسلما، سنيا، شيعيا، مسيحيا أو حتى لا ديني فهو لا يخص الدولة في أي شيء طالما يؤدي دوره كمواطن بالخدمة العسكرية ودفع الضرائب"، واصفا ما نشر حول الحزب بأنه للملحدين ب"الكلام الفارغ" موضحا أنه "حزب سياسي ليس هدفه أن يناقش الناس في عقائدهم ولن يلتفت لديانة الراغبين في الانضمام له". ويرى أن مؤسسي الحزب لم يأتوا بشيء جديد، مدللاً على ذلك بأن "الدستور المصري يتضمن موادا تضمن حرية العقيدة، ولكن المبادئ العلمانية تقتضي فصل الدين عن الدولة، بمعنى أن الحزب يرفض تماما أن يكون هناك سلطة دينية تحكم باسم الدين، وحين هتفت مصر "يسقط حكم المرشد" إبان حكم جماعة الاخوان المسلمين كان ذلك مطلب علماني". وعن الأسباب التي دفعتهم لتأسيس الحزب في الوقت الحالي، قال إنهم حاولوا في وقت سابق الإعلان عن الحزب ولكن الرؤية لم تكن محددة، ولكنه يرى أن كل الظروف مواتية لتأسيس الحزب الذي سيحدث "توازنا" بالمجتمع. فيقول إن "دول الجوار جميعها تعاني بسبب المجموعات التي تريد أن تحكم الشعوب باسم الدين في سوريا والعراق وليبيا واليمن. ويضيف أن "الأزهر الازهر قام بتوقيف برامج تليفزيونية كبرنامج إسلام البحيري وفيلم نوح، وبدأ التحول إلى أن يكون دولة داخل الدولة". مصر بلا مسميات يشرح «عوف»، الأسباب التي تجعله هو ومؤسسي الحزب يودون أن تصبح مصر دولة علمانية في العودة للجملة القديمة "الدين لله والوطن للجميع". ويوضح: "لما نقول مصر دولة إسلامية تأتي النقطة اللي بعد كده هل هو الإسلام الشيعي أم السني أم الاثنا عشري أم أنها سنية أم سلفية". ولكي يكون لدينا مساواة وحقوق مواطنة يجب أن يلغى تحديد دين بعينه خاص بالدولة، كذلك المادة الثانية من الدستور التي يرى أنها مادة مستحدثة وكانت مصر تعيش بدونها قبل عام 1980. وقول وكيل مؤسسي الحزب، أن لهم توجه اقتصادي وأفكار في مجال التعليم وبرنامج مفصل ورؤية سياسية للواقع في مصر وموضوعات مكملة للمشروعات التي تقوم بها الدولة. "العلمانية أصلا ليست ضد الدين ولا معه" بذلك يدفع، مؤمن المحمدي، أحد وكلاء مؤسسي الحزب والمتحدث باسمه بما أثير حول الحزب من اتهامات بمعاداة الأديان وهو لا يزال في طول جمع التوكيلات. ويضيف «المحمدي»، أنه ليس علمانيا، لأن العلمانية تدعم الحرية ولا سعيا وراء مزيد التحرر الشخصي، بل أن العلمانية آلية تساعد الدولة والمواطنين بدءا من السلفيين حتى الملحدين، ومن البرجوازية الكبيرة للبروليتارية الرثة، وكافة أطياف المجتمع على أداء أدوارهم بصورة أفضل، والوصول لاختياراتهم بشكل أسهل". ويشرح أن العلمانية في فهمه تعني تقليص تدخل العقيدة، أي عقيدة سواء دينية أو غير ذلك، في الشأن العام للحد الأدنى، وتوسعة ممارستها على المستوى الشخصي للحد الأقصى. ويعتبر «المحمدي» أن تلك العملية ليست سهلة على الإطلاق وأن الطريق فيها طويل، وخاصة في مجتمع له سياقه وخصوصيته وليس مجتمعا يتم بناءه في دولة جديدة. الصفحة التي حملت عنوان «الحزب العلماني المصري.. تحت التأسيس»، نشرت 5 أهداف للحزب منها «اعتماد دستور علماني يتوجه إلى المستقبل ولا تكبله قيود الماضي»، واجتذبت الآلاف خلال الأسبوع الجاري من المنقسمين حول أهداف الحزب وفكرته ومن المستعلمين عن كيفية التوجه لعمل توكيل رسمي للحزب من داخل مصر وخارجها. أحمد حسن، أحد الذين قرروا عمل توكيل للحزب بالشهر العقاري قال ل«الشروق»، إنه لم ينضم لأي حركات علمانية سابقا وليس من الناشطين العلمانيين أو الساعين لنشرها كفكرة، ولكنه بادر بعمل توكيل للحزب قيام الأحزاب على أساس ديني، ولدعمه الفكرة القائم عليها بعدم التمييز بين المواطنين على أساس ديني أو عرقي أو طائفي. ويضيف أن هناك مشكلة كبيرة بالشارع المصري حول كلمة علمانية، ويرى أن تشكيل حزب يحمل راية الفكرة العلمانية سيكون له أثر في تعريف الناس بماهية العلمانية وتصحيح الكثير من المفاهيم التي رسخت على مدى سنوات في أنها لا تهدف إلى هدم الدين بل تعيد ترتيب الأوضاع والمهام ما بين الدين والدولة، مشيرا إلى أنها سمات الدول الأوروبية التي أحرزت تقدما كبيرا على كل الأصعدة.